تشكل المادتان الرابعة والخامسة في معاهدة حلف شمال أطلسي (الناتو) ركائز أساسية لضمان أمن الحلفاء واستقرار منطقة شمال الأطلسي منذ تأسيس الحلف عام 1949.

وتمنح المادة الرابعة الدول الأعضاء آلية للتشاور السريع والتنسيق المشترك عند مواجهة أي تهديد على أمنها الإقليمي أو استقلالها السياسي، بينما تمثل المادة الخامسة جوهر مبدأ الدفاع الجماعي، الذي يلزم جميع الأعضاء بالدفاع عن أي دولة تتعرض لهجوم مسلح، وفق ما تحدده إمكاناتهم وظروفهم.

المادة الرابعة "زر إنذار مبكر وتشاور جماعي"

تتيح المادة الرابعة لأي دولة عضو في الناتو تستشعر أن سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو أمنها معرض للتهديد طلب التشاور مع الحلفاء من أجل اتخاذ قرار بشأن سبل مواجهة ذلك التهديد.

وتنص المادة على "تشاور الأطراف معا عندما تتعرض السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي أو أمن أي من الأطراف للتهديد، في رأي أي منهم".

وتطرح القضية أمام مجلس شمال الأطلسي -الهيئة السياسية الأساسية لصنع القرار في الناتو- لمناقشتها مع الحلفاء، وبمجرد تفعيلها تناقش وقد تؤدي إلى قرار مشترك أو إجراء نيابة عن الحلف.

ويضطلع الأمين العام، باعتباره رئيس مجلس شمال الأطلسي، بدور أساسي في قيادة عملية التشاور. وإلى جانب المجلس، تُجرى مشاورات منتظمة عبر لجان ومجموعات عمل مختلفة داخل الحلف، وجميعها تعمل بتفويض مباشر منه.

التفعيل

منذ إنشاء الحلف عام 1949 حتى عام 2025، فعلت المادة الرابعة 8 مرات، وفق التالي:

في 10 فبراير/شباط 2003: دعت تركيا إلى مشاورات في الناتو طلبا لمساعدات دفاعية تحسبا لتهديدات محتملة من الحرب في العراق. وقد أقر الحلف حزمة من التدابير الدفاعية وأطلق عملية "إظهار الردع". في 22 يونيو/حزيران 2012: طلبت تركيا عقد جلسة تشاورية بعد إسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة مقاتلة تركية. في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2012: لجأت تركيا إلى المادة الرابعة عقب مقتل 5 مدنيين أتراك بقصف سوري. وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، طلبت نشر صواريخ باتريوت عند الحود، فوافق الناتو لدعم دفاعاتها وخفض التوتر الحدودي. في 3 مارس/آذار 2014: فعّلت بولندا المادة بسبب تصاعد التوترات في أوكرانيا نتيجة التحركات الروسية. في 26 يوليو/تموز 2015: طلبت تركيا اجتماعا عاجلا على خلفية "هجمات إرهابية"، بهدف إطلاع الحلفاء على إجراءاتها الأمنية، وأقر الحلف سلسلة تدابير لتعزيز أمن تركيا حيال المخاطر التي مصدرها سوريا. في 28 فبراير/شباط 2020: تقدمت تركيا بطلب مشاورات إثر مقتل جنودها جراء غارات شنّها النظام السوري بدعم روسي في محافظة إدلب. في 24 فبراير/شباط 2022: فعّلت ثماني دول في أوروبا الشرقية (بلغاريا والتشيك وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا) المادة بعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا. في 10 سبتمبر/أيلول 2025: طلبت بولندا إجراء مشاورات بموجب المادة الرابعة من ميثاق الحلف، عقب انتهاك طائرات مسيرة روسية مجالها الجوي. إعلان المادة الخامسة "خط الدفاع المشترك"

تعد هذه المادة جوهر المعاهدة المؤسسة لحلف الناتو، فعند توقيع المعاهدة عام 1949، كان الهدف الأساسي منها إقامة ميثاق للمساعدة المتبادلة ضد أي محاولة من الاتحاد السوفياتي لتوسيع نفوذه في أوروبا.

وبموجب المادة الخامسة اتفق الأطراف على أن "أي هجوم مسلح يقع على أحدها في أوروبا أو أميركا الشمالية، يعدّ هجوما على جميع الأطراف".

وبناء عليه اتفق الموقعون على أنه عند وقوع مثل هذا الهجوم، فإن كل عضو سيساعد الطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم باتخاذ الإجراءات اللازمة فورا بشكل فردي وبالاتفاق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة، لاستعادة الأمن وضمانه في منطقة شمال الأطلسي.

وعقب تفعيل المادة يلزم كل عضو في الحلف بتقديم نوع المساعدة المناسب له وحسب موارده وظروفه، فإما تكون مساعدة عسكرية وإما استخباراتية أو لوجستية أو سياسية.

وعند صياغة المادة في أواخر أربعينيات القرن الـ20، شدد الأوروبيون على ضرورة ضمان تدخل الولايات المتحدة الأميركية تلقائيا في حال تعرض أي عضو لهجوم، لكن واشنطن رفضت الالتزام الكامل، فصيغ النص بمرونة تسمح لكل دولة بتحديد شكل ومضمون مساهمتها بحسب ظروفها وإمكاناتها.

وتكمل المادة السادسة المادة الخامسة بتوضيح نطاق تطبيقها، ويشمل ذلك:

أراضي الدول الأعضاء في أوروبا وأميركا الشمالية، إضافة إلى أراضي تركيا والجزر الواقعة شمال خط الاستواء المداري (مدار السرطان). القوات المسلحة، السفن والطائرات التابعة للأعضاء عند وجودها في هذه الأراضي أو في البحر المتوسط. التفعيل

فعلت المادة الخامسة مرة واحدة فقط منذ تأسيس الحلف في 11 سبتمبر/أيلول 2001، عندما أعلنت الولايات المتحدة تعرضها لـ"هجمات إرهابية"، وبعد أقل من 24 ساعة، فعّل الحلفاء المادة الخامسة.

في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2001، وبعد مراجعة نتائج التحقيقات، قرر المجلس اعتبار الهجمات مشمولة بالمادة الخامسة. وعقبها بيومين أقر الناتو حزمة من 8 إجراءات للدعم، تضمنت تعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية، ومنح تصاريح مرور جوي للقوات الأميركية، وإتاحة الموانئ والمطارات لاستخدامها في العمليات ضد الإرهاب.

أطلق الناتو أول عملياته ضمن المادة الخامسة، وسماها عملية "مساعدة النسر"، بمشاركة طائرات الإنذار المبكر لحماية الأجواء الأميركية من منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2001 حتى منتصف مايو/أيار 2002، وكانت هذه المرة الأولى التي تنشر فيها قدرات عسكرية تابعة للحلف بهدف دعم عملية بموجب المادة الخامسة.

تلتها العملية البحرية "المسعى النشط" في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2001 في البحر المتوسط لمكافحة الإرهاب والتهريب، واستمرت حتى عام 2016.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أکتوبر تشرین الأول المادة الرابعة المادة الخامسة شمال الأطلسی فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

الشؤون الخارجية للبرلمان الإستوني: الحرب الروسية في أوكرانيا تمثل اختبارا قويا لحلف الناتو

أكد ماركو ميكلسون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإستوني، إنّ الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا مستمرة منذ 4 سنوات، مؤكدًا أن الهدف الاستراتيجي لموسكو هو تدمير الدولة الأوكرانية وسيادتها وسلامة أراضيها.

وأضاف في تصريحات عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن روسيا تسعى أيضًا إلى تفكيك خط الدفاع الأوروبي وتقويض الوحدة الغربية، لافتًا، إلى أنّ ما حدث مؤخرًا من تحليق للطائرات الروسية في أجواء إستونيا يأتي ضمن محاولات اختبار جاهزية الناتو وقدرته على الردع.

وأشار إلى أنّ روسيا تنكر اختراقها للأجواء الإستونية رغم امتلاك بلاده أدلة وصورًا من الرادارات تثبت هذا التوغل الذي استمر أكثر من 12 دقيقة، واصفًا ذلك بـأنه أكاذيب.

وشدد على أن تلك الأفعال تمثل تصعيدًا متعمدًا ضد الحلفاء الغربيين، ما يستوجب ردود فعل سريعة وواضحة من الناتو لتكثيف إجراءات الردع والحفاظ على أمن أوروبا الشرقية.

وفي تعليقه على استعدادات حلف الناتو ودول أوروبا الشرقية لأي تصعيد عسكري محتمل، أكد ميكلسون أن الطائرات المسيّرة الروسية، رغم عدم تسليحها، تسببت في أضرار للبنية التحتية الجوية، معتبرًا ذلك خطوة متهورة وعدوانية من الجانب الروسي.

وذكر أن الناتو اليوم أكثر قوة وتماسكًا من أي وقت سابق، إذ يعمل على تعزيز قدراته الدفاعية وردعه العسكري لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

واختتم ميكلسون بالتأكيد على أن اختراق المجال الجوي لأي دولة عضو في الناتو أمر غير مقبول مطلقًا، وأن على موسكو أن تدرك أن الحلف لن يتسامح مع أي انتهاك من هذا النوع مستقبلًا، مشددًا على ضرورة فرض عواقب حازمة في حال تكرار هذه الحوادث مرة أخرى.

اقرأ أيضاًترامب يكشف موعد لقائه مع بوتين وانتهاء الحرب الروسية الأوكرانية

الخارجية الأمريكية تؤكد حرص ترامب على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في أقرب وقت

خبير عن تصرفات موسكو: ستجعل مهمة «ترامب» في وقف الحرب الروسية الأوكرانية صعبة

مقالات مشابهة

  • الجزائر وتونس يُمضيان على الإتفاق الحكومي المشترك للتعاون في مجال الدفاع
  • تكالة يبحث مخرجات اللجان ويؤكد أهمية التشاور السياسي
  • الشؤون الخارجية للبرلمان الإستوني: الحرب الروسية في أوكرانيا تمثل اختبارا قويا لحلف الناتو
  • لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإستوني: روسيا تسعى إلى تفكيك خط الدفاع الأوروبي
  • هجوم جديد للانتقالي يستهدف سلطة حضرموت وقبائل الحلف
  • تركيا تبرم مذكرة لتدريب القوات السنغالية في المراقبة البحرية
  • رئيس شمال قبرص يرد على زعيم القبارصة اليونانيين: “تركيا لا تُقصى”
  • الدفاع الجوي المصري أصبح القوة الرابعة بعد إعادة البناء عقب نكسة 67
  • تركيا: اتفقنا مع سوريا على إنشاء مركز عمليات مشترك
  • قوات أبو علي الحضرمي تتوغل في حضرموت وسط استنفار عسكري لقبائل الحلف