هل يحتفظ الاحتلال بعصاباته المسلحة في غزة؟
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
غزة- مع تواتر الأخبار حول قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، يسيطر التوتر على العصابات المسلحة التي أشرف جيش الاحتلال على تشكيلها وحمايتها في عدة مناطق بمحافظات قطاع غزة.
وتخشى تلك العصابات على مصيرها حال انسحب الجيش من داخل المناطق السكنية وأعاد انتشاره قرب الحدود، لأنها ستفقد الحماية التي يمنحها لها، حيث يقيم عناصرها حاليا في المناطق الأقرب إلى الحدود الشرقية للقطاع.
وجندت قوات الاحتلال عناصر محلية مسلحة وكلفتها بمهام أمنية لملاحقة عناصر المقاومة وتنفيذ عمليات خاصة بدلا منها.
أدوار أمنيةبدأت تظهر تشكيلات العصابات المسلحة في نهاية عام 2024 في إطار بحث الاحتلال عن بدائل للحكم في غزة، لكن الرفض المجتمعي لظهور مثل تلك التشكيلات دفع الجيش الإسرائيلي إلى منحها أدوارا أمنية، يلخصها مصدر في أمن المقاومة للجزيرة نت، في التالي:
سرقة المساعدات الإنسانية الواردة إلى سكان القطاع بحماية جيش الاحتلال بهدف تجويع أكثر من مليوني فلسطيني. تأمين وتمشيط بعض المناطق خشية وجود عناصر من المقاومة الفلسطينية، والعمل كخطوط أمامية للقتال وتعريضهم للخطورة بدلا من قوات الجيش. تنفيذ عمليات خاصة داخل المناطق السكنية واختطاف عناصر مطلوبة للاحتلال الإسرائيلي. زعزعة الأمن من خلال إطلاق النار المباشر على المواطنين بشكل مفاجئ، والتسبب بحالة من الهلع في صفوفهم. تأمين نقاط دخول قوات الاحتلال والتحرّك في محيطها قبل دخول الكلاب البوليسية المدربة. حماية مواقع تمركز جيش الاحتلال مؤقتا، والعمل كطبقة "حراسة مسبقة" محلية تسمح للاحتلال بخفض تعرض قواته المباشرة. أداء مهام استخبارية محلية ومحاولة عرقلة تحرك المدنيين والمقاومة.وبحسب أمن المقاومة، فإنه مع الحديث عن قرب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، طلب 5 عناصر من العصابة التي يقودها ياسر أبو شباب وساطة عائلاتهم لدى أمن المقاومة للحصول على عفو مقابل تسليم أنفسهم وذلك بعد شعورهم بالتخلي الكامل عنهم من قِبل قادة العصابة.
فيديو يظهر العملاء من جماعة "أبو شباب" يمشطون الطريق تمهيدًا لتقدم جيش الاحتلال في غزة.
لاحظوا لا توجد لديهم وسائل حماية ويلقون بهم في المقدمة ليتلقوا الخسائر وتقل الخسائر في صفوف جيش الاحتلال.
هكذا هم العملاء دومًا رخاص وبلا ثمن pic.twitter.com/HkholoxkmF
— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) October 1, 2025
ملاحقة ميدانيةوتفيد الصورة الميدانية لدى الأجهزة الأمنية في غزة بوجود 4 تشكيلات إجرامية في مرحلة التأسيس والتجنيد، نجحت الأجهزة الأمنية خلال جهود مكافحة الجريمة بتفكيك وتصفية اثنتين منها، وبقيت عصابتان ترافقان قوات الاحتلال وتوجدان في محاور تمركز الاحتلال ومحيط نقاط دخوله، ويوفر لهما حماية بطائرات مسيّرة.
إعلانويقدّر مصدر أمني رفيع المستوى في الأجهزة الأمنية بغزة -في حديث للجزيرة نت- عدد عناصر العصابتين بنحو 80 فردا لكل منهما، جلّهم ذوو سوابق جنائية في قضايا مخدرات وقتل وسلب وجرائم مجتمعية. وأوضح أن تعاملهم مع تلك التشكيلات كان حازما ومبدئيا وتمثل في:
إعدام وتصفية مجموعة من أفراد هذه العصابات، وكان آخرها في مدينة غزة. إجراءات استخباراتية دقيقة أسفرت عن تفكيك واعتقال وتصفية عناصر من تشكيلتين مسلحتين. فتح ملفات قضائية ضد الموقوفين، مع مراقبة دائمة لبقية الشبكات للقبض عليهم في الوقت المناسب.وشدد المصدر نفسه على أن الأجهزة الأمنية لم تتردد في العمل القانوني والتحري والاعتقال، وتوازن بين الحزم في الميدان والحفاظ على الأمن العام وحقوق المدنيين، والاستمرار في ملاحقة العصابات المسلحة المدعومة إسرائيليا حتى اجتثاث آخر عنصر فيهم.
ويتوقع أن يستمر الاحتلال على المدى القصير في استغلال هذه العصابات كأدوات مؤقتة لحماية مصالحه أو لملء فراغ أمني في مناطق سيطرته، لكن هذه الشراكة ستنتهي بعد استنفاد مهامهم "ما يعرّض المجتمع المحلي لموجات عنف وفوضى لاحقة".
حسب مصادرخاصة، قام عدد كبير من العملاء والتجار يتبعون للاحتلال وياسر أبو شباب والاحتلال بتسليم أنفسهم لوزارة الداخلية بغزة.
— محمود العيلة (حساب جديد) (@mahmoudaleila) October 6, 2025
إستراتيجية مجتمعيةووفقا للمصدر الأمني رفيع المستوى، فإنه خلال الفترة الماضية سلّم أكثر من 45 عنصرا من هذه التشكيلات أنفسهم طواعية للأجهزة الأمنية، وبعضهم قدّم معلومات استخبارية جوهرية عن طبيعة عمل العصابات ومصادر تمويلها وطرق تحرّكها.
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تتعامل مع حالات التسليم وفق القانون من خلال استجواب وتقديم الأدلة للجهات القضائية، والموازنة بين تحقيق العدالة ومصلحة الأمن العام، وفي حالات التعاون القيم قد تُدرس برامج عدالة أو إجراءات تخفيف عقوبات بشرط تعاون حقيقي وكشف كامل للشبكات، بينما تُحال الجرائم الجسيمة إلى المحاكمة دون تساهل.
وحذّر من خطورة سياسة الاحتلال الاستعانة بعصابات محلية ومن "تأثيرها طويل المدى على النسيج الاجتماعي والأمني في القطاع، لذلك تعمل الأجهزة الأمنية بمبدأ المعاقبة والمحاسبة وليس التساهل مع من اقترف جرائم ضد المدنيين أو نهب المعونات أو ارتكب جرائم".
وأكد المصدر ذاته أن الأجهزة الأمنية أعدت خطة أمنية وإستراتيجية مجتمعية وقضائية للتعامل مع السيناريوهات المتعددة بعد أي تسوية أو اتفاق، و"سيرى الشارع الفلسطيني ماذا سيحل بهؤلاء المجرمين".
وشدد على ضرورة أن يعرف المجتمع الدولي والقوى المؤثرة أن أي دعم أو إشراف قوى احتلال على تشكيلات مسلحة محلية يُعد سياسة خطيرة تُصنّف كمسؤولية عن الانتهاكات الناتجة.
وتعمل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة وفق خطة استباقية لاستيعاب عناصر عملت مع العصابات الإجرامية سلمت نفسها وقدمت معلومات خطيرة ومهمة، وتتعامل معهم وفق برامج تحقيق ومتابعة قضائية مع توفير آليات لإعادة الإدماج المشروطة للكشف الكامل عن الجرائم، واستثمار هذه المعلومات لمواجهة العصابات والقضاء عليها تماما.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الأجهزة الأمنیة جیش الاحتلال من المقاومة فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف أفشلت المقاومة أهداف الاحتلال في غزة على مدار عامين؟
غزةـ تطوي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عامها الثاني ولا تزال المقاومة الفلسطينية توقع جنود الاحتلال في كمائن محكمة رغم استخدام الاحتلال كل أنواع الأسلحة الفتاكة، واتباع سياسة الأرض المحروقة للقضاء على الخلايا الفلسطينية المسلحة.
ومنذ الأيام الأولى لاندلاع العدوان على غزة حددت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) 3 أهداف أساسية، يتمثل أولها في القضاء على حركة حماس سياسيا وعسكريا، واستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، وثالثها تغيير الواقع الأمني والسياسي في غزة بما يمنع أي تهديد مستقبلي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الإبادة التي تُغيّر العالمlist 2 of 2كوابيس طوفان الأقصى لاتزال تطارد الإسرائيليين بعد عامينend of listومنذ ذلك الحين لم تحقق أي من أهداف نتنياهو، رغم أن جيش الاحتلال اتخذ من قتل عشرات آلاف المدنيين وتدمير مئات آلاف المباني السكنية والإجهاز على مقومات الحياة طريقا لإخضاع فصائل المقاومة، فكيف أفشلت المقاومة الفلسطينية أهداف الاحتلال العسكرية في قطاع غزة؟
خطط ميدانية
يكشف قيادي ميداني في فصائل المقاومة الفلسطينية للجزيرة نت عن الخطوات التي اعتمدتها المجموعات المسلحة لمجابهة الاحتلال وإيقاع جنوده بين قتيل وجريح داخل قطاع غزة، مستخلصة العبر من المعارك التي دارت في جميع المحافظات والتي تتمثل في:
امتصاص صدمة كثافة الغارات الجوية التي اعتمدها الجيش الإسرائيلي من خلال الأحزمة النارية التي استخدمها مبكرا في أول عملياته البرية بمدينة غزة بهدف تدمير المباني والطرق قبل الدخول لأي منطقة. اعتماد الخطط الدفاعية التي كانت معدة مسبقا، وتشمل جميع السيناريوهات التي يمكن أن ينفذها الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة. مهاجمة العدو بعد استقراره داخل المناطق، وذلك بعد اعتقاده أنه فرض سيطرة نارية تحول دون مهاجمته. الاعتماد على الكمائن التي تنفذها مجموعات مركزة بهدف إيقاع أكبر عدد من الجنود في مقتلة. الاعتماد على الأنفاق الهجومية لمباغتة العدو، وإصلاح ما تم تدميره منها خلال العدوان. تقنين استخدام الأسلحة وتوجيهها لكمائن مركزة تماشيا مع طول أمد المعركة. استنزاف الجيش الإسرائيلي في معركة طويلة يصعب عليه أن يحسمها في الميدان. الاعتماد على العقيدة القتالية للمقاومين، المبنية على المواجهة حتى اللحظات الأخيرة، وعدم وجود أي معنى للاستسلام في قاموسهم. الاستفادة من المعرفة الجيدة بطبيعة ميدان القتال وفهم تضاريسه حتى لو حوّل الاحتلال المناطق التي يتوغل بها إلى ركام. توثيق جميع المعارك لضرب الروح المعنوية لجنود الاحتلال، وإبراز شجاعة المقاتلين الفلسطينيين في المواجهة.ويقول المحلل السياسي الفلسطيني ياسر أبو هين إنه بعد مرور عامين على الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة، لا يمكن القول إن الاحتلال الإسرائيلي قد حقق أهدافه المعلنة في بداية الحرب، على الرغم من الأضرار الجسيمة والخسائر الفادحة التي لحقت بالشعب الفلسطيني وببنية المقاومة في غزة بما في ذلك استهداف القيادات العسكرية وإلحاق دمار واسع في مقدراتها.
إعلانوأوضح أبو هين، في حديث للجزيرة نت، أن أهداف الاحتلال كانت تتضمن القضاء على المقاومة الفلسطينية، وفرض تهجير وتفريق سكان قطاع غزة، واستعادة الأسرى المحتجزين لدى المقاومة، إضافة إلى محاولات طمس هوية قطاع غزة وفصلها عن المشروع الوطني الفلسطيني، لكن عند فحص هذه الأهداف بدقة، يقول، نجد أن الاحتلال فشل في تحقيق أغلبها بشكل حاسم.
وأضاف "طالما أن المقاومة لا تزال قائمة وتستمر في المواجهة، وطالما أن قيادة المقاومة موجودة رغم الخسائر التي تعرضت لها، فهذا يدل على أن هدف الاحتلال الأكبر المتمثل بالقضاء التام على بؤرة المقاومة وسلخ غزة عن المشروع الوطني الفلسطيني لم يتحقق".
وأشار أبو هين إلى أن استمرار مفاوضات الاحتلال مع قيادة المقاومة وحركة حماس يعد دليلا آخر على أن ملفات مهمة لا تزال مفتوحة وأن الاحتلال لم يبلغ مبتغاه النهائي، ورغم الأضرار المادية والبشرية الهائلة، تبقى القدرة على المقاومة والصمود عوامل تحول دون تحقيق أهداف الاحتلال المعلنة بالكامل.
وبحسب المحلل السياسي، فإنه رغم الهجمة الطاحنة والحرب الشرسة التي شنت على المقاومة، فإنها استطاعت تجاوز كل الظروف الصعبة، وهو ما أهلها لقيادة وخوض معركة طويلة لم يكن أحد يتوقع أن تستمر لعامين كاملين.
وأكد أبو هين أن أداء المقاومة خلال هذين العامين، بالنظر إلى الإمكانات المحدودة والمخاطر الكبيرة والتهديدات المستمرة وحجم الاستهداف، يمكن وصفه بأنه أسطوري بكل المقاييس، فلم يكن متخيلا أن مقاومة محاصرة منذ أكثر من 20 عاما في غزة، وبإمكانات محلية بسيطة، ورغم الاستهداف والحصار وتجفيف منابع الدعم المالي والعسكري ومنع التهريب، تستطيع أن تدير معركة بهذا الحجم، وتوقع الخسائر بالاحتلال، وتفشل الكثير من مخططاته المتعلقة بقطاع غزة.
ولفت إلى أن حجم ونوعية الفعل العسكري، والأداء المخطط والمنظم والمحكم، وضبط الإيقاع الميداني، والتحكم في ساعات الذروة والتصعيد، تعطي جميعها مؤشرا واضحا على الأداء الإيجابي للمقاومة وقدرتها على إفشال أهداف الاحتلال.
وتشير الوقائع الميدانية إلى أن المقاومة الفلسطينية في غزة لا تزال قائمة، وتمكنت من إفشال أهداف الاحتلال المعلنة، كما يقول رامي خريس مدير المركز الفلسطيني للدراسات السياسية.
ونوه خريس، في حديث للجزيرة نت، إلى أن المقاومة لا تزال موجودة على الأرض، وتحتفظ بملف الأسرى الجنود لديها، وتمكنت من هز صورة الجيش الإسرائيلي داخليا وخارجيا.
ولفت خريس إلى أنه رغم مرور عامين على الحرب لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من تغيير الواقع الأمني، فالمستوطنون في غلاف غزة يعيشون قلقا دائما، مع استمرار إطلاق الصواريخ، ولا يستطيعون العودة إلى حياة طبيعية.
وأضاف أنه رغم الضربات القاسية التي أصابت المقاومة وكوادرها، فإنها أثبتت قدرتها على الصمود أمام آلة عسكرية متطورة ومدعومة أميركيا وغربيا، ونجحت في الحفاظ على بنيتها الأساسية، كما واصلت تكتيكاتها العسكرية من أنفاق وعبوات وغيرها، وأجبرت الاحتلال على دفع خسائر بشرية وعسكرية كبيرة.
إعلانمن جهة أخرى، أوضح خريس أن الاحتلال نجح في تحقيق أهداف غير معلنة تمثلت في الدمار الواسع وقتل المدنيين وتجويع السكان وتهجيرهم، وهو ما شكل وسيلة لمحاولة ضرب صمود الشعب الفلسطيني والتأثير على وعيه تجاه المقاومة.
وفي السياق ذاته، يقول الكاتب السياسي ماجد الزبدة إنه بعد مرور 24 شهرا على حرب الإبادة الجماعية غير المسبوقة والتطهير العرقي في قطاع غزة، واضح أن حكومة نتنياهو فشلت في تحقيق الأهداف الإستراتيجية المعلنة لهذه الحرب، بما فيها "النصر المطلق" الذي طالما كرره نتنياهو رغم استخدامه كل أدوات القتل والتدمير والإبادة الجماعية في محاولة الوصول إلى هذه الأهداف.
وأضاف الزبدة، في حديث للجزيرة نت، "اليوم يحاول الاحتلال عبر المكر والدهاء السياسي ومن خلال الإدارة الأميركية وضغوطها، أن ينتزع من المقاومة الفلسطينية ما عجز عن تحقيقه في الميدان، وذلك بعدما وقع جيش الاحتلال فعليا في شراك القطاع، وبات يعيش حالة استنزاف مستمرة".
واستشهد الزبدة بعمق الأزمة التي يعيشها الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة، و بالمناشدات من داخل المؤسسة العسكرية لحكومة نتنياهو بضرورة إنهاء الحرب، والتوصل إلى مخرج سياسي يحقق بعض المكاسب عبر السياسة بعدما فشلوا في تحقيقها عسكريا.