عندما خرج جهاد شلوف من خيمته قبل 4 شهور بحثا عن حزمة حطب، لم يكن يعلم أنه سيكون هدفا لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي أطلقت عليه الرصاص فأصابت قدمه إصابة بالغة.

ومنذ 16 يونيو/حزيران الماضي، يحتاج شلوف جراحة في الساق لمعالجة كسر حاد وأخرى لاستخراج شظايا لم يتم استخراجها منذ إصابته.

وبسبب عدم قدرة مستشفيات القطاع على تقديم العلاج اللازم، كونت الإصابة سموما في ساق شلوف، وهو ما يتطلب تسفيره للخارج لتلقي العلاج.

وإلى جانب الحصول على العلاج المطلوب، يحلم الشاب الفلسطيني برؤية الشارع الذي حرم منه بسبب ملازمته الفراش، وحمل طفلتيه التوأم، اللتين لم يعد قادرا على حملهما، كما قال في مقابلة مع الجزيرة.

ولم يكن شلوف الوحيد الذي لم يجد علاجا في غزة، فقد أكدت مسنة فلسطينية أن الأطباء اضطروا لبتر أصبع ابنها بسبب عدم قدرتهم على مداواته ثم اضطروا لبتر قدمه، وهو لا يزال طريح الفراش بسبب نفاد الأدوية.

واشتكت المسنة من عدم قدرتها على توفير العلاج لابنها، حتى إنها لا تستطيع توفير سرير أو كرسي متحرك له، فضلا عن الهزال الشديد الذي أصابها، وسقوطها أرضا مرات عدة بسبب الجوع.

ولم يكن أحمد أكثر حظا من الشابين السابقين، فقد كان يخرج للحصول على مساعدات تسد رمق عائلته يوما بيوم، وانتهى به الأمر مصابا بشلل نصفي بعدما أصيب بطلق في رأسه.

وبسبب خطورة حالته، رفض الصليب الأحمر التعامل معه وحوَّله إلى مستشفى ناصر الطبي الذي لا يستطيع توفير ما يلزم له من رعاية، حسب ما أكدته والدته.

وتمثل هذه الحالات غيضا من فيض الحالات التي تعج بها مستشفيات القطاع العاجزة عن تقديم أي شيء بسبب عدم إيصال الأدوية والمستلزمات رغم وقف إطلاق النار.

عشرات آلاف الجرحى بلا علاج

وقالت منظمات صحية فلسطينية إن أكثر من 17 ألف مريض وجريح، بينهم 5 آلاف و500 طفل، بحاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي الفوري من القطاع مع انهيار المنظومة الصحية بعد عامين من الحرب وإغلاق المعابر، في حين تواصل إسرائيل عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

إعلان

وفي وقت سابق اليوم السبت، أعلن مكتب الإعلام الحكومي استشهاد 38 فلسطينيا وإصابة 143 بجراح متفاوتة، جرّاء خروقات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة.

وحمل المكتب الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، ودعا الأمم المتحدة والجهات الضامنة للاتفاق إلى التدخل العاجل لإلزام الاحتلال بوقف عدوانه المستمر، وحماية السكان المدنيين العزل في قطاع غزة.

كما قال مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة الدكتور محمد أبو عفش، إن وضع القطاع الصحي لم يتغير منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل نحو 10 أيام.

ولم يسمح الاحتلال حتى الآن بإدخال أي من الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية المتراكمة على الجانب المصري من معبر رفح البري، حسب أبو عفش، بينما ترفض إسرائيل إعادة تشغيل المعبر.

يذكر أنه يوجد نحو 170 ألف مصاب يحتاجون لعمليات داخل القطاع، وفق أبو عفش، الذي أكد عدم وجود إمكانيات لإجراء هذه العمليات، فضلا عن غياب الأدوية اللازمة لمرضى السرطان والأمراض المزمنة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

اليوم التالي والتحديات المذهلة!

«ما عشناه أصعب ممّا يمكن لإنسان أن يراه في حياته، لكننا ثابتون على أرضنا»! بهذه الكلمات اختصر مواطن فلسطيني من غزة ما وقع في القطاع لعامين متواليين ودون توقف، ليلا ونهارا، بآلة الحرب والموت «الإسرائيلية»!

وعندما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حَيّز التنفيذ يوم العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2025 صار العالم بأجمعه في حالة هادئة، وكأنه دخل، دون وعي، مرحلة الاحتفال والسعادة والفرح ليقينهم التام أن كل دقيقة تَمُرّ يقتل فيها بريء جديد في غزة، ولهذا كانت السعادة ومظاهر الاحتفال المحلي والعالمي!

ومع الدقائق الأولى لوقف إطلاق النار بدأت الأمواج البشرية لمئات آلاف الغزيين بالهجرة من الجنوب نحو الشمال، رغم أن الأجواء والأرجاء مليئة بآثار وصور القتل والدمار أينما التفتوا، ولكنهم مع ذلك أَصرّوا على العودة لبيوتهم وذكرياتهم!

هذا الإصرار والعشق للأرض، والتمسّك بالوطن رغم الدروب المدمّرة وغير المهيئة للسير يُدلل على أن الفلسطينيين شعب نادر ليس هنالك مثلهم في الأرض اليوم!
عاد الناس لأحيائهم رغم الركام والقنابل، والصواريخ غير المنفلقة، والبيوت الملغمة، عادوا لمنازلهم سيرا على الأقدام ومعهم الكثير من المعوقين، والشيوخ، والأطفال، والنساء لأنهم يعرفون قيمة وطنهم، وأرضهم، وتاريخهم!

ومع هذه المخاطر القاتلة يفترض الآن ادخال فرق خاصة لتخليص القطاع من المخلفات المهلكة لتفادي فقدان المزيد من الأبرياء!

في اليوم التالي للاتفاق بدأت مرحلة جديدة خالية من أصوات المدافع، وأزيز الطائرات لكنها مليئة بالأمل الذي سيُعيد بناء غزة بسواعد أهلها!

في الدقائق الأولى للاتفاق انتشر المئات من عناصر الأمن الداخلي على مفترقات غزة لتأمين الأوضاع، وحماية الناس، وكأنهم استعدوا بعناية لهذه اللحظة!
وشرعت بلدية غزة بفتح الطرقات وبإمكانيات بسيطة، لتُسَهِّل على الناس عودتهم السلسة لأحيائهم المدمرة!

ومع الساعات الأولى للاتفاق بدأ مجاهدو الدفاع المدني بالبحث عن الشهداء بين الركام، وانتشلوا جثامين 150 شهيدا في أول يومين، ويقال بأن هنالك آلاف الجثث المتحلّلة تحت أطنان الحديد والاسمنت!

غزة اليوم مدينة خاوية، تَفتقر للماء والكهرباء والطرقات، والجامعات، وقد أعدم الاحتلال 193 أكاديميا جامعيا وعالما، وهي بلا مدارس حيث دُمّر فيها 670 مدرسة، وبلا مستشفيات، وقد قتل الاحتلال أكثر من 1,700 من العاملين الصحيين، وبلا مخابز، وبلا أسواق، ولكنها مليئة بالإيمان، والأمل، والحب، والاستعداد للتضحية، وإعادة الإعمار!

ونتيجة لهذه الأوضاع المعقدة ينبغي بداية توفير الطعام والمياه الصالحة للشرب، والمستشفيات الميدانية والعلاج داخل القطاع، وكذلك تأمين العلاج خارج غزة، لأكثر من 17 ألف جريح حالتهم خطرة، وتوفير الأطراف الصناعية لخمسة آلاف طفل وفقا لتصريحات «أمجد الشوا»، رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية!
بعد وقف إطلاق النار، ولأول مرة منذ عامين، رأينا مراسلي القنوات الفضائية يتكلمون دون دموع وخوف ودروع وخُوَذ واقية!
الآلاف من أهالي غزة صُدِمُوا، حينما عادوا، من هول الخراب الذي خَلّفه الاحتلال إلا أنهم لم يَنْكَسِروا، وهم ثابتون رغم أن هنالك 2700 عائلة غَزّية أُبيدت بكامل أفرادها، وأكثر من مليونيّ شخص بلا مأوى!

وهنالك مئات الأدلة على ثبات الغَزّيين وصمودهم، وننقل هنا شهادة لوالد شهيدين من القطاع: «غزة مدرسة للعالم في الرجولة والشجاعة والثبات، وسنبقى مرابطين، وغزة لا تَستسلم رغم الدمار»!
وهكذا سَطّرت غزة انتصارها أمام العالم أجمع، وخير الشهادات تلك التي يُثْبتها العدو، ومنها شهادة الكاتب «نداف هعتسني»، يوم الاتفاق، بصحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية:»بخلاف الفرحة الآنية (بإطلاق المُختطفين)؛ لا يوجد سبب للاحتفال، بل العكس تماما. وفقا للمخطّط الغامض الذي يبدو أنه يَتبلّور، ليس فقط أن حماس انتصرت ونحن خسرنا، بل المستقبل يبعث على قلق أكبر بكثير»!

بعد وقف إطلاق النار، ولأول مرة منذ عامين، رأينا مراسلي القنوات الفضائية يتكلمون دون دموع وخوف ودروع وخُوَذ واقية!

لا شك بأن اليوم التالي لغزة اختبار كبير لإرادة البناء والإعمار والتلاحم المجتمعي والتعايش الإنساني!
وهكذا فإن أهل غزة، المدينة الساحلية على البحر الأبيض المتوسط، تَتَجدد فيهم الحياة والطموح والتمسك بالمبادئ مثلما تَتجدد أمواج البحر الذي عَلّمهم التوكل والصبر والصمود والتمسك بالأمل والمستقبل!


الشرق القطرية

مقالات مشابهة

  • المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: توثيق 47 خرقًا إسرائيليًا لوقف إطلاق النار منذ سريانه
  • 34 شهيدا و122 جريحاً بسبب 129 انتهاكاً إسرائيلياً لوقف النار في غزة
  • الجنائية الدولية ترفض طلب “إسرائيل” إلغاء مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت
  • اليوم التالي والتحديات المذهلة!
  • الأونروا: ارتفاع الأسعار بغزة بسبب تدمير إسرائيل الأرض الزراعية
  • افتتاح مركز أمريكي في إسرائيل لتنسيق وقف إطلاق النار بغزة
  • إسرائيل تنفي مسؤوليتها المركزية عن ضياع جثث أسراها في غزة
  • قيادي بفتح: أطفال غزة يواجهون إبادة صامتة بعد وقف إطلاق النار
  • جنوب أفريقيا: مستمرون في دعوانا ضد “إسرائيل” رغم وقف إطلاق النار في غزة