طهران- بعد عقد من توقيعها الاتفاق النووي عام 2015 مع القوى العالمية الكبرى، أعلنت إيران أن جميع القيود المفروضة على برنامجها النووي قد انتهت رسميا بحلول اليوم السبت، مما أثار تساؤلات عن مدى تشكيل انقضاء المدة الزمنية المحددة في القرار الأممي 2231 خطوة مفصلية في ملف طهران النووي.

وبعد يومين من تأكيد أكثر من 121 من الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز -التي اجتمع وزراء خارجيتها بالعاصمة الأوغندية كمبالا يومي 15 و16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري- على ضرورة إنهاء القرار رسميا، كشف كاظم غريب آبادي نائب وزير الخارجية الإيراني، عن عزم طهران وروسيا والصين توجيه رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن بخصوص إنهاء القرار 2231.

من ناحيتها، اعتبرت الخارجية الإيرانية -في بيان لها- كل التدابير الواردة في الاتفاق، بما يشمل القيود على برنامجها النووي والآليات ذات الصلة، "منتهية"، مؤكدة أنه ينبغي التعامل معه مثل البرنامج النووي لأي دولة غير حائزة للأسلحة النووية طرف في معاهدة حظر الأسلحة النووية.

القرار الأممي

في غضون ذلك، وجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، اتهم فيها الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) "بشن حملة تلاعب سياسي وقانوني تهدف إلى تفعيل آلية الزناد عبر اللجوء إلى المجلس، وبتجاهل مسار تسوية الخلافات المنصوص عليه في الاتفاق النووي".

واعتبر في رسالته التي نشرها بمناسبة حلول يوم النهاية في الاتفاق الموافق لليوم السبت، أن محاولات تفعيل الآلية "باطلة شكلا وجوهرا وتفتقر لأي صلاحية قانونية أو اعتبار رسمي"، مضيفا أن القرار 2231 لا يمنح الأمين العام أو أمانة الأمم المتحدة صلاحية "إحياء" أو "إعادة العمل" بالقرارات السابقة المنتهية، وأن أي إخطار أو تأكيد من الأمانة في هذا الشأن يعد باطلا قانونيا ويفتقر إلى أي سند قانوني، ولا يمكن أن يُنتج أثرا ملزما.

إعلان

وكان مجلس الأمن قد أصدر في 20 يوليو/تموز 2015، القرار رقم 2231 كجزء من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، التي أبرمتها إيران مع القوى الكبرى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا)، حيث يحدد 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025 فترة زمنية لتنفيذ القيود والآليات الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني.

يأتي ذلك بعد مضي 3 أسابيع من تفعيل الترويكا الأوروبية آلية الزناد في اتفاق 2015 والتي تقضي بإعادة جميع العقوبات الدولية ضد إيران. وبينما تعتبر طهران وموسكو وبكين الإجراء الغربي بلا قيمة قانونية، تطرح الأوساط الإيرانية تساؤلا عن قدرة طهران على تحييد القيود الدولية المفروضة على برنامجها النووي، أم تندرج البيانات والتصريحات الرسمية الرافضة لعودة العقوبات عليها في سياق المناورات السياسية.

ويرى مراقبون في إيران أنه استنادا إلى البند المسمى "يوم النهاية" في القرار الأممي، تنقضي تلقائيا بحلول 18 من الشهر الجاري جميع القيود المرتبطة بالملف النووي الإيراني، ما لم يتخذ مجلس الأمن قرارا جديدا.

استمرار العقوبات

من ناحيتها، تعتقد الباحثة في الشؤون السياسية عفيفة عابدي أن طهران توظف "مجموعة من الأدوات والمسارات السياسية والقانونية والاقتصادية على مختلف المستويات، ردا على المحاولات غير القانونية من بعض الأطراف الدولية لإعادة العقوبات الدولية عليها"، وعبرت عن أملها في أن تترك رسائل الخارجية الإيرانية لدى الأوساط الأممية آثارا قانونية وسياسية فعالة في تفسير وتطبيق القانون الدولي.

وفي حديثها للجزيرة نت، رأت عابدي أن النظام العالمي المتجه نحو تعدد الأقطاب بات يخلق "فرصا للفاعلين الذين يتعرضون لضغوط أميركية"، معتبرة أن إيران يمكنها استغلال هذه المعادلة الجديدة لخلق مسارات دبلوماسية بديلة تخفف من وطأة "الأحادية الغربية" والضغوط الأميركية.

ودعت الباحثة طهران إلى تعزيز مسار التعاون الإستراتيجي مع الدول الحليفة مثل روسيا والصين والفاعلين المستقلين الآخرين كحلقة أساسية في إستراتيجية البلاد لمواجهة الضغوط الغربية، مؤكدة أن هذا المحور يمكن أن يشكل مسارا فعالا للحد من تأثير الأحادية الغربية ومواجهة عقباتها السياسية والاقتصادية.

وأشارت إلى إمكانية تحول الملف النووي الإيراني إلى جزء من تعاون طهران مع القوى النووية في الشرق بما يحقق المصالح المتبادلة للطرفين، مستدركة أن ذلك سيكون محفوفا بالتحديات حيث ستواجه إيران "أنواعا من العراقيل الأميركية والأوروبية والإسرائيلية في هذا المسار".

من جانبه، يرجح الباحث السياسي سعيد شاوردي استمرار العقوبات الأميركية والأوروبية على إيران رغم حلول يوم النهاية في الاتفاق النووي لعام 2015. وعزا سبب ذلك إلى رغبة الدول الغربية في إبقاء عصا العقوبات مرفوعة لحث طهران على تقديم تنازلات وفق الإرادة الغربية.

تعزيز الردع

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف شاوردي أن إيران ستكون منفتحة على روسيا والصين وأي دولة أخرى تظهر رغبة للتعامل معها اقتصاديا وتجاريا إذا ما كان ذلك سيؤدي إلى مكاسب ملموسة للجانبين، موضحا أن بلاده سوف تلجأ إلى سبلٍ سبق أن جربتها من قبل لمقايضة السلع وبيع الطاقة بأسعار منخفضة، مما سيشجع العديد من الدول على تجاوز المخاوف من العقوبات الغربية.

إعلان

وتوقع أن تُقدم طهران على تطوير برنامجها النووي لا سيما في مجال تخصيب اليورانيوم مستعينة بتقنيات حديثة سواء عبر الكشف عن أبعاد جديدة من المعرفة النووية التي توصلت إليها خلال السنوات الماضية، أو عبر الاستعانة بدول صديقة أخرى.

وقد ترى إيران نفسها مضطرة إلى تعزيز قوتها الردعية -وفق الباحث شاوردي- بعد استشعارها بأنها أضحت في حل من جميع العقوبات بعد حلول يوم النهاية في الاتفاق النووي في ظل تعنت الجانب الغربي في إلغاء العقوبات الدولية ضدها.

وخلص إلى أنه لا يستبعد حصول طهران على معدات عسكرية نوعية أو تكنولوجيا عسكرية متطورة من حلفائها الشرقيين، لا سيما روسيا والصين، ستؤدي الى قفزة نوعية في قدراتها الدفاعية.

ويرى مراقبون في إيران أنه رغم تأكيدها التحرر من القيود الأممية مع حلول يوم النهاية، فإن التحديات أمامها ستبقى قائمة خاصة ما يتعلق باستعادة الثقة الدولية بها، وبناء ترتيبات جديدة تحفظ حقها في برنامج نووي سلمي يأخذ مخاوف دول الجوار والدول الغربية بعين الاعتبار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الخارجیة الإیرانی فی الاتفاق النووی برنامجها النووی طهران على

إقرأ أيضاً:

طهران: نرفض قبول شروط واشنطن لبدء المفاوضات بشأن البرنامج النووي

الثورة نت /..

أكد النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، اليوم الجمعة، رفض بلاده للشروط التي تضعها الولايات المتحدة الأمريكية لبدء المفاوضات معها.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، عن عارف خلال لقائه صناعيين ورواد أعمال في محافظة يزد، قوله إن “واشنطن تقول إنّها تتخذ موقفاً مؤيداً لحقوق الإنسان والحوار، لكنها هاجمت إيران خلال المفاوضات لإجبارها على الاستسلام”.

وشدد على أن “إيران دائماً مستعدة للتفاوض مع جميع الدول باستثناء الكيان الإسرائيلي”، مؤكداً أن “الحكومة تدعو إلى الحوار لكنها لا تستسلم للمطالب المفرطة، وأن الشعب الإيراني أيضاً لن يقبل الاستسلام”.

وفي أواخر سبتمبر الماضي، دعا وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إيران إلى الدخول في مفاوضات مباشرة بشأن الاتفاق النووي، وذلك عقب إعلان دول الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إعادة فرض العقوبات على طهران.

وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد أبلغت مجلس الأمن الدولي ببدء تفعيل آلية إعادة العقوبات الدولية ضد إيران، والتي تم رفعها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وتحظر العقوبات أي تعاملات مرتبطة بالبرنامجين الإيرانيين، النووي والصاروخي الباليستي.

مقالات مشابهة

  • إيران : قيود البرنامج النووي لم تعد ملزمة
  • اتصالات مكثفة لوزير الخارجية لمتابعة الملف النووي الإيراني
  • إيران تعلن التحرر من القيود الدولية على برنامجها النووي بعد انتهاء القرار 2231
  • وزير خارجية إيران لمجلس الأمن: القرار الخاص بالاتفاق النووي انتهى مفعوله
  • إيران: انتهاء الاتفاق النووي ورفع القيود على برنامجها النووي
  • وزير خارجية إيران ينتقد سلوك الترويكا وأمريكا في الملف النووي
  • طهران: نرفض قبول شروط واشنطن لبدء المفاوضات بشأن البرنامج النووي
  • نيوزيلندا تعيد فرض عقوبات على إيران بسبب عدم الالتزام النووي
  • حل معضلة النووي الإيراني ضروري لنجاح خطة ترامب للسلام في غزة