يواصل صحفيو الجزيرة في غزة دفع أثمان باهظة لا تُحصى في سبيل توثيق واحدة من أبشع المذابح في التاريخ الحديث، وتتساقط الأرواح والأحلام، لكن الكاميرات لا تتوقف، والحقيقة تظل أقوى من كل محاولات طمسها.

في قلب هذه المأساة المتواصلة، رصد الجزء الثاني من برنامج "الجزيرة بتوقيت غزة" -المكون من 3 أجزاء- استمرار النزيف في صفوف طواقم القناة العاملة في القطاع، إذ تحولت الكاميرا إلى شاهد على استشهاد من يحملونها، والميكروفون إلى وسيلة لنقل أخبار موت الأحبة.

وواجه صحفيو الجزيرة استهدافات ممنهجة ومباشرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي رغم ارتدائهم الشارات والسترات الصحفية الواقية.

فقد بدأ الفصل الدموي الجديد فجر السادس من ديسمبر/كانون الأول 2023، عندما تلقى المراسل مؤمن الشرافي أثقل أخبار حياته بينما كان يستعد للظهور على الشاشة.

وفي التفاصيل، استهدفت غارة إسرائيلية منزلا في مخيم جباليا نزحت عائلته إليه قبل ساعات قليلة فقط، لتبيد 22 فردا من عائلته في لحظة واحدة، من بينهم والده ووالدته وإخوته.

"وكيل الموت"

وفي هذا السياق المأساوي، اعترف مراسل الجزيرة هشام زقوت بأنه يشعر أحيانا أنه "وكيل الموت لزملائه وأصدقائه"، مضطرا لإخبارهم بمصائر عائلاتهم على الهواء بسبب طبيعة عملهم الصحفي.

ويصف الشرافي كيف كان يبكي دون سبب واضح قبل ساعات من استشهاد عائلته، كأنه كان يشعر بشيء ما، لكنه لم يكن يعرف ماهيته، متمنيا لو استشهد قبل أن يتلقى خبر استشهاد والدته التي كانت "كل شيء بالنسبة له".

من مأساة إلى أخرى أشد قسوة، ففي 15 ديسمبر/كانون الأول 2023، وقع الاستهداف الأخطر بحق طواقم الجزيرة، حيث يرافق مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح والمصور سامر أبو دقة فريق الدفاع المدني في مهمة إنقاذ منسقة مسبقا وموافق عليها من جيش الاحتلال في خان يونس جنوبي القطاع.

إعلان

واستهدف الاحتلال الطاقم بصاروخ مباشر في أثناء عودتهم، ليستشهد أبو دقة بعد أن كرس نفسه للمونتاج والتصوير، في حين أصيب الدحدوح بشظايا في الكتف والذراع والفخذين.

استشهاد أبو دقة

ووسط هذا المشهد المروع، اتخذ الدحدوح قرارا مصيريا بالسير وسط الركام وأسلاك الكهرباء رغم النزيف الشديد للوصول إلى الإسعاف، إذ وضع يده على الجرح النازف، وطلب من المسعفين إنقاذ زميله سامر أولا، لكنهم لا يستطيعون الوصول إليه.

وودع طاقم الجزيرة زميلهم "صاحب النكتة الذي يخفف الأجواء المتوترة"، قبل أن يعود الدحدوح للتغطية مباشرة بعد التشييع رغم الألم والجروح.

بعد هذه المحنة الصعبة، غادر الدحدوح إلى قطر لتلقي العلاج، خاصة بسبب إصابته البالغة في يده، في حين تولى الشرافي التغطية من مجمع ناصر الطبي، كما انضم صحفيون جدد للفريق من مناطق مختلفة في القطاع لسد الثغرات.

استهداف مباشر

لكن سلسلة الاستهدافات لم تنته بعد، ففي 26 فبراير/شباط 2024،استهدف الاحتلال مراسل الجزيرة إسماعيل أبو عمر والمصور أحمد مطر بصاروخ مباشر من مسيرة إسرائيلية رغم ارتدائهما السترات والخوذ الواقية.

وجراء ذلك، بترت ساق أبو عمر اليمنى على الفور وأصيب في ساقه اليسرى وأنحاء مختلفة من جسده، بينما تعرض مطر لإصابات خطيرة في الرأس واليدين والساقين.

وفي تطور دراماتيكي جديد وتحديدا يوم 18 مارس/آذار 2024، اقتحمت قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبي للمرة الثانية، واعتقلت المراسل إسماعيل الغول مع العشرات في باحة المستشفى.

وقضى الغول 12 ساعة مكبل اليدين في برد قارس، يُستجوب، ويُتهم بأنه "إرهابي ومخابراتي" لأنه مراسل الجزيرة، قبل أن يطلق سراحه بعد ساعات، لكنه يكتشف لاحقا أن شقيقه خالد استشهد في المذبحة التي ارتكبها الاحتلال داخل المجمع.

ورغم هذا السجل الدموي الطويل، فإن الرسالة بقيت واضحة على لسان الغول -الذي استشهد لاحقا- "رغم كل المخاوف، نصر على إكمال إيصال رسالتنا الإعلامية بكافة حذافيرها، من كل نقطة وكل زقاق سندخل وننقل رسالة كل مواطن فلسطيني".

أما وائل الدحدوح، فلخص الموقف بكلمات ثابتة: "طالما احنا على قيد الحياة، احنا مكملين، لازم نواصل الطريق بغض النظر عن الوجع والألم والتكاليف".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

استشهاد شاب فلسطيني في نابلس واعتقالات واسعة بالضفة الغربية

صراحة نيوز- استشهد الشاب محمد أحمد خميس أبو حنين (18 عامًا) صباح الجمعة، متأثرًا بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء الخميس، خلال مواجهات في مخيم عسكر الجديد شرق نابلس.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن قوات الاحتلال اقتحمت المخيم مساء الخميس، واندلعت مواجهات أطلق خلالها الجنود الرصاص الحي تجاه الفلسطينيين، ما أدى لإصابة أبو حنين في الظهر بجروح خطيرة، قبل أن يُعلن عن استشهاده صباح الجمعة.

وفي سياق متصل، شنت قوات الاحتلال صباح الجمعة سلسلة اقتحامات في مدن وبلدات الضفة الغربية، واعتقلت أربعة فلسطينيين من محافظة الخليل بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها، وهم: قصي منجد القصراوي التميمي، ومؤمن منقذ القصراوي التميمي، وبسام الأطرش، وعطاف الأطرش.

كما فتشت قوات الاحتلال منازل عائلتي الأطرش والرجبي في الخليل، ونصبت حواجز عسكرية على مداخل المدينة والبلدات، وأغلقت طرقاً رئيسية وفرعية باستخدام البوابات الحديدية والمكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية.

وفي طولكرم، اعتقلت قوات الاحتلال الأسير المحرر مالك سعادة جلاد (50 عامًا) من ضاحية ارتاح جنوب المدينة بعد مداهمة منزله وتخريب محتوياته.

اقتحامات في طوباس وبيت لحم
اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الفارعة جنوب طوباس، ودهمت عدة منازل قبل الانسحاب باتجاه حاجز الحمرا دون تسجيل اعتقالات.
كما اقتحمت بلدة الخضر جنوب بيت لحم، وفتشت شققًا سكنية دون اعتقالات.

اعتداءات المستوطنين في رام الله ونابلس
أضرم مستوطنون فجر الجمعة النار في مركبات مواطنين في دير دبوان شرق رام الله، بعد مهاجمتهم منطقة التل.
كما هاجم مستوطنون قاطفي الزيتون في بيت دجن شرق نابلس، ومنعوهم من استكمال القطف في منطقة خلة القتيل شمال البلدة.

وتتعرض أراضي الفلسطينيين في محافظات مختلفة لاعتداءات متكررة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، حيث سجلت إحصاءات الشهر الماضي 490 اعتداءً على القرى والتجمعات البدوية، توزعت بين الخليل (127)، رام الله (122)، ونابلس (115).

مقالات مشابهة

  • استشهاد فلسطينيان جراء قصف الاحتلال دير البلح
  • المنظمات الأهلية: الاحتلال يتحدّى قرار العدل الدولية بشأن إدخال المساعدات لغزة
  • استشهاد شاب فلسطيني في نابلس واعتقالات واسعة بالضفة الغربية
  • استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال شرق نابلس
  • بين الكاميرا والموت.. صحفيو الجزيرة يدفنون زملاءهم ويواصلون التغطية
  • ما خفي أعظم يفتح جبهة جديدة بين الاحتلال وقطر.. وملف الجزيرة يعود للواجهة
  • الجزيرة بتوقيت غزة: وائل الدحدوح ورفاقه أي ثمن دفعوه؟
  • غزة.. سرايا القدس تعلن استشهاد حنجرة المقاومة
  • مختصّ جنائي للجزيرة نت: الجثامين التي سلَّمها الاحتلال مُشوَّهة وعُذِّبت حتى الموت