ألقى الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله -عز وجل-، والحذر من اقتراف الشرور والأكدار، والسعي لكل صلاح وإعمار.
وقال: في هذا العصر الزاخر بالصراعات المادية والاجتماعية، والظواهر السلوكية والأخلاقية، والمفاهيم المنتَكسَة حيال الشريعة الربانية، لا بد من الرجوع إلى هدايات القرآن وآدابه، ففيه حقائق التربية الفاضلة، وأُسس المدنية الخالدة، ولذلك كانت سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثرة موعظة النَّاس بالقرآن، بل كان كثيرًا ما يخطب النَّاس به”.


وأضاف يقول: “اشتملت سورة الفاتحة على أمهات المطالب العالية، فلا يقوم غير هذه السورة مقامها، ولا يَسُدُّ مَسَدَّهَا، ولذلك لم يُنزل الله تعالى في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها، جمعت أصول القرآن، ومعاقد التوحيد، ومجامع الدعاء، وهي رقية فيها الشفاء، واشتمالها على التوحيد وأصول الدين وقواعده ومقاصده، والحمد والثناء والدعاء، وعلمتنا هذه السورة الدعاء والثناء، والتوسل والعبودية والولاء والبراء، كما اشتملت على آداب الطلب، وثبوت أوصاف الكمال والجلال والعبودية والاستعانة بالله رب العالمين وحده لا شريك له”.
وشدد الشيخ عبدالرحمن السديس على احتياج الأمة إلى تأمل هدايات كتاب ربها ومقاصده في عصر عمت فيه الفتن، وكثرت فيه المحن، وتَنَكَّبَ فيه بعضهم صراط الله المستقيم بموجات تشكيك وإلحاد، وضروب إشراك وبدع ومحدثات، ونيل من مقامات الأنبياء والرسل، ووقيعة بالصحابة والآل الكرام، وتوسيع هوة الخلافات، وهم يكررون هذه السورة عدة مرات، ولا سيما في زمن أصيبت فيه الأمة بفقد علمائها الربانيين، وفقهائها الراسخين، سائلًا الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، ويجعلنا من أهل إياك نعبد وإياك نستعين، ويجنبنا طريق المغضوب عليهم والضالين، إنه جواد كريم.
ولفت فضيلته النظر إلى أنه لا بد أن تُربّى الأجيال والمجتمعات على هدايات القرآن الكريم قولًا واعتقادًا، وعملًا وانقيادًا علميًا، وخلقيًا واجتماعيًا، لأنها ملاك الحفاظ على الهوية الإسلامية، والحصن المكين دون تسلل ذوي الأفكار السلولية شطر ديار المسلمين الأبية، وبذلك تعز الأمة وترقى، وتبلغ من المجد أسمى مرقى، مؤكدًا أن الحاجة ماسة لهدايات القرآن في هذه الحقبة، ذلك أن العالم اليوم يعيش الفتن والقلاقل، ويحيى على كثير من الزعازع والبلابل، مبينًا أن واجبنا أن ننهل من معين القرآن الكريم ونرتوي منه لنحقق سعادة الدنيا والآخرة.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى خطبة الجمعة اليوم فضيلة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله وطاعته. قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
وبيّن فضيلته أن أنفع العلوم وأشرفها العلم بأسماء الله الحسنى الدالة على أحسن المعاني وأكمل الصفات وأجلها وأعظمها، وأعظم ما يستنير به القلب وينشرح به القلب والصدر معرفة أسماء الله الحسنى، مشيرًا إلى أن من تلقى أسماء الله الحسنى بالقبول والرضا والتسليم والإذعان لها بالانقياد والاطمئنان إليها وتعبد الله بها ازداد إيمانًا.
وأكّد أن المعرفة بأسماء الله والحاجة إليها تملأ القلب بمراقبة الله مراقبةً تامة في الحركات والسكنات والمسارعة إلى الطاعات والبعد عن المنهيّات، وزاد الإيمان بالله والعبودية، قال تعالى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن لله تسعًا وتسعين اسمًا، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لله تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دخل الجنة».
وأشار فضيلته إلى أن العبد يجب عليه إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، ونفي ما نفاه عن نفسه في نصوص القرآن والسنة من غير تحريف ولا تمثيل ولا تعطيل، قال جل من قائل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وأوضح تقسيم الدعاء إلى دعاء عبادة بالعلم بأن الله هو القوي المتين، فهو يقوي التوكل على الله والركون إليه، ويقطع الالتفات إلى غيره من المخلوقات. ودعاء المسألة والطلب فهو دعاء العبد بما يتوافق مع حاجته.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية

إقرأ أيضاً:

ملتقى الجامع الأزهر: القرآن في مقدمة المعجزات الخارقة للعادة لرسول الله

عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان "خوارق العادات.. رؤية إسلامية"، بحضور كل من د. محمد عبد المالك نائب رئيس جامعة الأزهر، ود. عبد الرحمن فوزي فايد، وأدار الملتقى سعد المطعني، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.

نائب رئيس جامعة الأزهر يوضح معجزات سيدنا محمد

في بداية الملتقى، أكد الدكتور محمد عبد المالك، أن الله تعالى أظهر على يدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الكثير من المعجزات الحسية الخارقة للعادة لتأييده وتصديقه، فمن هذه المعجزات الثابتة تواتراً في كتب السنة: حنين الجذع، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب متكئاً على جذع نخلة، فلما صنع له المنبر وترك الجذع، صدر عن الجذع أنين شوقاً وفراقاً لرسول الله، فنزل النبي واحتضنه حتى سكن. 

وأضاف "ثبتت له صلى الله عليه وسلم معجزات تكثير الطعام القليل ببركة دعائه حتى كفى أعداداً عظيمة من الصحابة وشبعوا منه، و نبع الماء من بين أصابعه الشريفة كالعيون الجارية في مواقف متعددة، ليشرب ويتوضأ منه مئات الصحابة في أوقات الحاجة والشدة، ومن دلائل نبوته كذلك تسبيح الحصى بين يديه صلى الله عليه وسلم، وقد سمعه بعض الصحابة، وهذه المعجزات الكونية هي تصديق إلهي لنبوته، وتعد دليلاً عقلياً واضحاً على أنه رسول من عند الله، القادر على خرق نواميس الكون والطبيعة".

وأوضح الدكتور محمد عبد المالك، أن هناك ثلاث أنواع لخوارق العادات، فبينما يقصد بـالإرهاص ما يقع من خوارق قبل البعثة كنبوءة الرهبان بحق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإن المعجزة هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد نبي مصحوباً بالتحدي لإثبات صدق نبوته، كما حدث مع الأنبياء السابقين وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أما الكرامة. 

وتابع “وهي النقطة التي تحتاج إلى الانضباط في تناولها، فهي ثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتعرف بأنها أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد ولي صالح غير مصحوب بالتحدي، مثل قصة مريم عليها السلام ورزقها بفاكهة الصيف في الشتاء، وقد أجمع العلماء على أن كل كرامة لولي هي في حقيقتها معجزة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الولي لم ينلها إلا بفضل استقامته وشدة اتباعه لمنهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسنته، فالكرامة تعد ثمرة لاتباع النبي، لذلك، لا يجوز الإفراط في الحديث عن الكرامات أو المبالغة فيها بما يخالف العقيدة، بل يجب التأكيد على أن الاستقامة واتباع الشريعة هي الغاية، والكرامة مجرد عطاء إلهي للولي لا ينقص من شأنه عدم وقوعها”.

نائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود القوات المسلحة في غرس قيم الانتماءالبحوث الإسلامية: قافلة واعظات الأزهر بسيوة وصلت لشرائح واسعة من السيداتأكاديمية الأزهر ومركز الإمام الأشعري يعقدان ندوة حول تجديد الفكر العقديالأزهر للفتوى: المسلم الحق دائم الصلة بربه فى السراء والضراء

من جانبه قال الدكتور عبد الرحمن فايد، إن القرآن الكريم هو في مقدمة المعجزات الخارقة للعادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لكونه يمثل التحدي الأبدي للعرب الذين نزل فيهم، وهو تحد جاء من جنس ما برعوا فيه وأتقنوه، وهو اللغة والبلاغة والفصاحة، فعلى الرغم من أن العرب في ذلك الوقت كانوا بارعين في فنون القول والبيان، بجميع صوره الشعرية والنثرية، إلا أنهم عجزوا تماماً عن أن يأتوا بمثل هذا الكتاب المبين، أو حتى بسورة من مثله، قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} ولذلك، يظل القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى والباقية على مر الزمان والمكان، شاهداً على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وتفوقه في كونه كلام الله الذي لا يدانى، وهو ما يؤكد أن مصدره إلهي وليس بشري.

وبين الدكتور عبد الرحمن فايز، إن صورة الإسلام والمسلمين في نظر الغرب والعالم تبنى من خلال سلوكيات المنتسبين لهذا الدين، وهذا يضع على عاتق كل مسلم مسؤولية جسيمة تتمثل في أن يكون سلوكنا اليومي انعكاساً حقيقياً ومنضبطاً للقيم والمبادئ السامية للإسلام، ولتحقيق هذا الهدف، يجب علينا أولاً وقبل كل شيء أن نخلص النية لله، قال تعالى: {إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} في كل تصرفاتنا. 

ونوه بأن نجعل منهجنا هو الانضباط في كل جانب من جوانب حياتنا، سواء كان ذلك في الالتزام بأخلاق المهنة، أو في التعاملات المالية، أو في العلاقات الاجتماعية، أو في احترام القانون والنظام، لأن السلوك المنضبط في الدنيا ليس فقط وسيلة لتقديم صورة مشرقة وحقيقية للدين، بل هو السبيل الأساسي للفوز في الآخرة ونيل رضا الله وجنته، قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.

طباعة شارك الجامع الأزهر الأزهر ملتقى الأزهر ملتقى الجامع الأزهر معجزات سيدنا محمد خوارق العادات القرآن

مقالات مشابهة

  • أبواب التوبة لا تغلق.. رسالة ربانية في أول آية في القرآن (فيديو)
  • إقبال كبير على التسجيل في مسابقة الشيخ جاسم للقرآن الكريم
  • ما ينتظر أهل القرآن الكريم من جزاء
  • هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب
  • هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة ومعنى واضربوهن؟ خالد الجندي يجيب
  • وهب حياته لكتاب الله.. وفاة أشهر محفظي القرآن الكريم بكفر الشيخ
  • تعرف على الأحرف السبعة والقراءات العشر فى القرآن الكريم
  • متعة المطلقة ومقدارها في القرآن الكريم
  • ملتقى الجامع الأزهر: القرآن في مقدمة المعجزات الخارقة للعادة لرسول الله