هل يجب على المقاومة الانسحاب من المشهد الفلسطيني؟
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
هل يجب على المقاومة الفلسطينية الانسحاب نهائيا من المشهد بعد تعرضها لنكسات خطيرة، في ظل اتهامها بأنها السبب في الكارثة التي حلّت بغزة، وكان يجب قبل اتخاذ قرار إطلاق طوفان الأقصى إجراء تقدير موقف موضوعي ودقيق للتداعيات المحتملة؟ وبما أن الأمور تُقاس بالنتائج المتحقّقة، فإن الفعل المُقاوم بات عبئا على الشعب الفلسطيني وقضيته، فبالتالي هل الواجب الوطني بات يُحتّم على المقاومة مغادرة المشهد وترك إدارة الشأن الفلسطيني لجهات تستطيع العبور به إلى احتمالات أفضل؟
ثمة معطيان هامان عند إجراء أي تقييم للمقاومة، سواء تم هذا التقييم من داخل أطر المقاومة أم من جهات خارجية؛ المعطى الأول: أن إسرائيل لن تدع للمقاومة فرصة لالتقاط الأنفاس والتفكير بما حصل وما يجب أن يكون عليه الوضع في المستقبل، وإسرائيل تستخدم وضعية فائض القوّة الذي تملكه الآن لفرض رؤاها على المنطقة بمجملها، وليس على الساحات الفلسطينية فقط، والمعطى الثاني: عدم وجود مشروع دولي حقيقي لبناء السلام، فما تم التوصل له ليس سوى وقف إطلاق للنار، تحت طائلة تجدّد القتال، مع عدم وجود أفق لحل سلمي يقوم على حل للدولتين.
المقاومة باتت أمام استحقاقات ضاغطة تتمثل مداواة جراح حواضنها الشعبية والمساعدة على إخراجها من الوضع الكارثي الذي وصلت له بعد حرب مدمّرة أتت على البشر والحجر
من جهة ثانية، لا تملك المقاومة خيارات ذات قيمة، أو بدائل يمكن الركون إليها، حتى الانسحاب من المشهد الفلسطيني لم يعد ممكنا، ليس فقط لأنه يساوي الانتحار، بل كونه سيعني القضاء حتى على الانتصار السياسي الذي حققته المقاومة، عبر إعادة القضية الفلسطينية إلى قائمة أولويات واهتمامات العالم، وهو انتصار كلّف الشعب الفلسطيني غاليا؛ دع عنك ما يُقال عن أن أهل غزة قد سئموا المقاومة ويتطلعون إلى غد أفضل يعيشون فيه بسلام وأمان، لكن الحقيقة أن أهل غزة باتوا يدركون سوداوية الأفق في ظل الانزياح الإسرائيلي صوب اليمين وإعلان قيادات الصهاينة عزمهم إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم في أقل تقدير.
لا شك أن وضع المقاومة الفلسطينية سيئ إلى درجة كبيرة، بعد تدمير مقدراتها ومقتل قياداتها الميدانية، وعودة الاحتلال الإسرائيلي، وما يعنيه ذلك من إضعاف، بل إلغاء لهامش الحركة والمناورة عبر تضييق الجغرافيا إلى حد كبير، ما يُحتم على المقاومة إعادة صياغة أساليبها وأنماط مقاومتها والتكيّف بأسرع وقت مع هذا المتغير، وإلا فإنها ستواجه خطر الزوال، أو الاستسلام بدون شرط أو قيد، كما أن المقاومة باتت أمام استحقاقات ضاغطة تتمثل مداواة جراح حواضنها الشعبية والمساعدة على إخراجها من الوضع الكارثي الذي وصلت له بعد حرب مدمّرة أتت على البشر والحجر.
أظهرت حرب السنتين وجود مشاكل بنيوية خطيرة في أسلوب عمل المقاومة وطرائق تفكيرها، وقد كشفت الحرب الفوارق الكبيرة بين ما وصلت له إسرائيل من قوّة تقنية واستخباراتية وأساليب قتالية، في حين بقيت المقاومة مقيمة ضمن الأنماط والأساليب القديمة، مع تغيرات طفيفة لم تؤثر بشكل كبير في مسارات الحرب، ولا في نتائجها؟ ورغم ما حقّقته المقاومة من خسائر في صفوف العدو وتدمير لعدد كبير من معداته، إلا أنها بقيت في إطار المحتمل بالنسبة لإسرائيل، ما يعني أن قدرات المقاومة كانت محسوبة ومدروسة بالنسبة للطرف الآخر، وهذه إشكالية كان لا يجب أن تقع بها حركة تحرر، المطلوب الآن هو الصمود في المفاوضات، وفي مرحلة لاحقة يجري إعادة بناء المقاومة، لكن وفق طرائق وأساليب جديدةحيث غالبا ما تنجح حركات التحرر في التغلب على اختلال موازين القوى وحجم إمكانيات الطرف الآخر عبر إبداع أنماط وأساليب تنطوي على المفاجأة، والأهم أنها تحقق نتائج لا يستطيع العدو تحمّلها؛ ما يدفعه إلى التنازل والبحث عن مخارج عبر التفاوض.
لكن السؤال المهم هو: هل تملك المقاومة الفلسطينية ترف تغيير أساليبها وأنماط تفكيرها من أجل تحقيق جدوى أكبر وهي تحت حمم النار الإسرائيلية؟ الجواب بالطبع نعم، إذ إن تاريخ المقاومة يؤكد أنها طالما كانت تعمل ضمن واقع صعب ومعقّد، وإن الإبداع تمثّل دائما بالقدرة على إنتاج المقاومة واستمرارها في ظل هكذا ظروف، والمطلوب الآن هو الصمود في المفاوضات، وفي مرحلة لاحقة يجري إعادة بناء المقاومة، لكن وفق طرائق وأساليب جديدة، إذ لم يعد مجديا استخدام نمط الحروب الكلاسيكية في ظل موازين قوى لم يعد ممكنا إحداث توازن فيها، والتركيز، بدلا من ذلك، على إبداع أفكار جديدة، فالحروب اليوم باتت تُخاض بأساليب وحيل وفرتها التطورات التقنية الهائلة، والتي يملك الشعب الفلسطيني الكثير منها.
المقاومة الحقيقية اليوم مسؤولية الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، من خلال الصمود في وجه سياسات الاقتلاع وقضم الأراضي التي تمارسها إسرائيل بلا هوادة، وقد شاهدنا حجم التلاحم الفلسطيني للدفاع عن المسجد الأقصى، وصمودهم في وجه سُعار المستوطنين، ومن شأن هذ الصمود والمواجهة توليد ديناميكيات جديدة للمقاومة يستطيع من خلالها الشعب الفلسطيني تحصيل حقوقه، وهنا يجب الاستفادة من الدعم الدولي للحق الفلسطيني، وهذه مهمة المثقفين والمجتمعات الفلسطينية في بلاد المهاجر.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المقاومة الفلسطينية إسرائيل غزة إسرائيل فلسطين مقاومة غزة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی على المقاومة
إقرأ أيضاً:
عاجل: وصول الطائرة السعودية الـ70 لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة
وصلت إلى مطار العريش الدولي بجمهورية مصر العربية اليوم، الطائرة الإغاثية السعودية الـ(70)، التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بالتنسيق مع وزارة الدفاع وسفارة خادم الحرمين الشريفين في القاهرة.
وتحمل الطائرة السعودية الـ(70) على متنها سلالًا غذائية وحقائب إيوائية، تمهيدًا لنقلها إلى المتضررين من الشعب الفلسطيني الشقيق داخل قطاع غزة.
أخبار متعلقة جدة تحتضن مؤتمر ومعرض الحج بمشاركة 137 دولة وهاكاثون أنسنة المشاعرعاجل: عسير.. ضبط وافد لممارسته أفعالًا تنافي الآداب العامة في مركز مساج .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } وصول الطائرة السعودية الـ70 لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة - واسإغاثة الشعب الفلسطينيوتأتي هذه المساعدات في إطار الدعم السعودي المقدم عبر مركز الملك سلمان للإغاثة للشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة للتخفيف من الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } وصول الطائرة السعودية الـ70 لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة - واس