دراسة جديدة: صحة الأسنان السبب الخفي وراء خطر السكتة الدماغية
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
يحذر علماء من أن إهمال نظافة الأسنان قد يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تصل إلى 86 في المائة، وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة Neurology.
وتكشف النتائج أن العلاقة بين صحة الفم وصحة الدماغ أعمق مما كان يُعتقد سابقًا، مما يدعو إلى إعادة النظر في الدور الوقائي الذي تلعبه العادات اليومية البسيطة مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط.
تُظهر الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة كارولينا الجنوبية، أن الأشخاص الذين يعانون من تسوس الأسنان والتهاب اللثة معًا أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية، وهي النوع الأكثر شيوعًا الذي يحدث نتيجة توقف تدفق الدم إلى الدماغ بسبب الجلطات. وشملت الدراسة أكثر من 6000 شخص بالغ في منتصف العمر، جميعهم خالون من السكتة الدماغية عند بداية البحث. وبعد متابعة طويلة، تبيّن أن معدل الإصابة بالسكتة بلغ 4 في المائة بين من يتمتعون بصحة فموية جيدة، وارتفع إلى 7 في المائة بين من يعانون من أمراض اللثة فقط، وقفز إلى 10 في المائة بين المصابين بتسوس وأمراض لثة معًا.
البكتيريا الفموية تدخل مجرى الدم وتثير الالتهاب
يشتبه الباحثون في أن البكتيريا الموجودة في الفم وسمومها تنتقل عبر الدم إلى الأوعية الدموية في الدماغ، ما يؤدي إلى التهاب مزمن يرفع احتمالية تكوّن الجلطات. وتوضح الدراسة أن أمراض اللثة لا تقتصر على تسوس الأسنان أو انبعاث الروائح الكريهة، بل يمكن أن تؤدي إلى سلسلة من التفاعلات الالتهابية التي تؤثر على صحة الجهاز العصبي والقلب.
الرعاية المنتظمة للأسنان تقلل المخاطر بشكل ملحوظ
تكشف النتائج أن الأفراد الذين يزورون أطباء الأسنان بانتظام ويجرون تنظيفًا احترافيًا لأسنانهم تقل لديهم احتمالية الإصابة بأمراض اللثة والتسوس بنسبة تصل إلى 81 في المائة، ما يعني أن الوقاية تبدأ من الاهتمام الدوري بصحة الفم. وأكد الباحثون أن هذه النتائج تستدعي دمج صحة الفم ضمن الفحوص الطبية العامة، وعدم الاستخفاف بدورها في حماية القلب والدماغ.
دعوة لتغيير النظرة التقليدية إلى طب الأسنان
في ختام الدراسة، شدد العلماء على ضرورة توسيع مفهوم الصحة العامة ليشمل صحة الفم بوصفها مكونًا أساسيًا من مكونات الوقاية من الأمراض المزمنة. وأشاروا إلى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية، مثل القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية والنظام الغذائي، قد تؤثر أيضًا في النتائج، لكنها لا تقلل من أهمية الاهتمام بنظافة الفم اليومية.
من خلال هذه النتائج، يوجه الباحثون رسالة واضحة مفادها أن الفرشاة والمعجون قد يكونان خط الدفاع الأول ضد السكتة الدماغية، وأن الحفاظ على ابتسامة صحية لا يتعلق بالمظهر فحسب، بل بحماية الدماغ والحياة نفسها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاسنان نظافة الأسنان خطر الإصابة بالسكتة الدماغية تنظيف الأسنان بالفرشاة صحة الجهاز العصبي خطر السكتة الدماغية بكتيريا الفم كارولينا الجنوبية تنظيف الأسنان مجرى الدم فی المائة صحة الفم
إقرأ أيضاً:
نساء السودان... ضحايا وحشية الحرب
يمرّ العالم بمرحلة من الاضطراب والقلق لا تخطئها العين، بل تُحَس في تفاصيل الحياة اليومية وفي خريطة النزاعات المتمددة. فوفقاً لتقرير صدر هذا الأسبوع عن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يشهد العالم أعلى عدد من النزاعات منذ عام 1946. مع ما يعنيه ذلك من تداعيات خطيرة على الأمن والسلم الدوليين وعلى حياة الملايين من البشر.
ولأن التقرير جاء بمناسبة مرور 25 عاماً على قرار مجلس الأمن رقم «1325»، الذي ألزم المجتمع الدولي بحماية المرأة ومشاركتها الكاملة في جهود السلام والأمن؛ فقد سلَّط الضوء على واحدة من أبشع نتائج الحروب المعاصرة: العنف الموجَّه ضد النساء في مناطق النزاع، باعتباره وجهاً مأساوياً ومتعمداً من وجوه الحروب.
يشير التقرير إلى أن نحو 676 مليون امرأة وفتاة يعشن اليوم في مناطق نزاع مميتة أو على بُعد 50 كيلومتراً منها، وهو أعلى مستوى منذ تسعينات القرن الماضي. وبينما تضاعفت الخسائر المدنية بين النساء والأطفال 4 مرات خلال العامين الماضيين؛ فقد ارتفع العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات بنسبة 87 في المائة خلال عامين فقط، في دلالة واضحة على أن الاغتصاب والعنف الجنسي لم يعودا مجرد عرض جانبي للحرب، بل أداة متعمدة من أدواتها.
في عام 2023 ارتفعت الحالات الموثقة للعنف الجنسي في مناطق النزاع بنسبة 50 في المائة مقارنة بعام 2022، حيث سُجلت 3688 حالة مؤكدة ضد النساء والفتيات الصغيرات. ثم ازداد الوضع سوءاً في عام 2024، بارتفاع إضافي بلغ 25 في المائة. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل صرخات مكتومة تعبّر عن انهيار المنظومة الأخلاقية والإنسانية في عالم باتت الحروب فيه تُدار على أجساد النساء.
ولم يغب اسم السودان بالطبع عن هذه القائمة المظلمة، في ظل حرب هي الأعنف والأكثر دموية في تاريخه الحديث؛ فقد وثّقت تقارير دولية ومحلية الانتهاكات الواسعة ضد النساء، مع اتهامات صريحة لـ«قوات الدعم السريع» بارتكاب أعمال اغتصاب واستعباد جنسي في مناطق عدة.
وتشير «منظمة العفو الدولية» إلى تورط هذه القوات في ممارسات ممنهجة من الاغتصاب الفردي والجماعي، شملت نساء وفتيات في سن الطفولة، بينما تحدثت منظمة «اليونيسف» عن 221 حالة اغتصاب موثقة للأطفال، من بينهم 16 ضحية دون الخامسة، وأربعة أطفال لم يتجاوزوا عامهم الأول. أي انحطاط إنساني يمكن أن يبرر هذا القدر من السادية والبربرية؟
وتجمع كل التقارير على أن ما تم توثيقه لا يعكس سوى جزء يسير من حجم الكارثة؛ إذ تظل معظم الحالات طي الكتمان بسبب الخوف من الانتقام أو الوصمة الاجتماعية، فضلاً عن صعوبة الوصول إلى المراكز الصحية المتخصصة، في ظل دمار البنية التحتية وانعدام الأمن. هذا التعتيم القسري يحرم الضحايا من العدالة والعلاج، ويترك الجناة بلا حساب، في جريمة مضاعفة بحق الإنسانية.
تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يذهب أبعد من التوصيف؛ فهو يلفت إلى مفارقة مؤلمة: النساء يُقتلن بأعداد قياسية في الحروب، لكنهن يُستبعدن في المقابل من طاولات صُنع السلام؛ ففي عام 2024 مثلاً، لم تكن هناك أي مشاركة نسائية في 9 من أصل 10 عمليات سلام حول العالم، ولم تتجاوز نسبة النساء 7 في المائة من المفاوضين، و14 في المائة من الوسطاء. ورغم أن الدراسات تؤكد أن مشاركة النساء تُضاعف فرص نجاح اتفاقيات السلام واستدامتها، فإن واقع السياسة لا يزال يصر على تهميش نصف المجتمع، حتى في مساعي الخروج من الحروب التي تدفع النساء ثمنها الأكبر.
إن الصورة القاتمة التي يرسمها التقرير تستدعي تحركاً عاجلاً على أكثر من صعيد:
أولاً - لا بد من تعزيز المساعدات الإنسانية، بتوسيع برامج الرعاية الصحية والنفسية للناجيات من العنف، وتوفير بيئات آمنة لهن داخل مناطق النزوح واللجوء.
ثانياً - يجب ضمان المساءلة لكل مَن ارتكب أو أمر بارتكاب هذه الجرائم، عبر آليات العدالة الوطنية والدولية، فالإفلات من العقاب هو ما يجعل هذه الممارسات تتكرر بلا خوف.
ثالثاً - آن الأوان لأن تصبح مشاركة النساء في عمليات السلام قاعدة لا استثناء، فالحروب التي تُقصي النساء تُنتج سلاماً هشاً ومؤقتاً، لأن المرأة تضفي بعداً مختلفاً، ومنظوراً إنسانياً،خالياً من نزعة العنف ولغة القوة الباطشة.
إن العنف ضد النساء في الحروب ليس مجرد مأساة فردية، بل جريمة ضد الضمير الإنساني، وضد فكرة السلام ذاتها. السودان اليوم يمثل أحد النماذج الصارخة لهذا الانهيار الأخلاقي، لكنه في الوقت نفسه يذكرنا بأن أي تراخٍ في مواجهة مثل هذه الجرائم يجعل من كل نزاع قنبلة موقوتة قابلة للتكرار، وربما بصورة أكثر وحشية.
حين يُغتصب الجسد باسم الحرب، يُغتصب معه مستقبل أمة بأكملها. ولهذا، فإن صون النساء في زمن الحرب ليس مسألة «حقوق إنسان» فحسب، بل هو معيار يُقاس به مدى إنسانيتنا.
الشرق الأوسط