البوابة:
2025-12-13@00:13:14 GMT

السودان ينزف..إعدامات جماعية وعنف مروّع في الفاشر

تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT

السودان ينزف..إعدامات جماعية وعنف مروّع في الفاشر

تعيش مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور في غرب السودان، على وقع صدمة إنسانية غير مسبوقة بعد سيطرة قوات “الدعم السريع” عليها، وسط اتهامات واسعة بارتكاب مجازر وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين، وإدانات دولية متصاعدة لما تصفه منظمات حقوقية بـ"جرائم ممنهجة" تعيد إلى الأذهان فظائع دارفور في مطلع الألفية.

وأكدت القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش السوداني أن قوات “الدعم السريع” أعدمت أكثر من ألفي مدني أعزل منذ الأحد الماضي، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وذلك عقب سقوط المدينة بعد حصار استمر أكثر من 18 شهراً.

وبسقوط الفاشر، تكون قوات “الدعم السريع” قد أحكمت سيطرتها على كامل إقليم دارفور، الذي يشكل نحو ثلث مساحة السودان.

من جانبها، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تلقيها تقارير “مروّعة” عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي استهدف النساء والفتيات، خلال الهجمات على المدينة وعلى من حاولوا الفرار منها. وحذرت المفوضية من “تصاعد أعمال العنف الوحشية” بعد انهيار الحصار، مشيرة إلى أن نحو 177 ألف مدني ما زالوا عالقين في المدينة ومحيطها في ظروف بالغة القسوة.

وأفاد مراسلون ميدانيون بأن أعداداً كبيرة من الناجين فروا إلى مدينة طويلة المجاورة، حيث بدت على كثير منهم آثار الصدمة والجروح، وتحدثوا عن “مشاهد إبادة جماعية” في الفاشر.

وفي أول ردود الفعل الدولية، دان الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”، محذرين من خطر عودة الفظائع ذات الدوافع العرقية التي ارتُكبت في دارفور قبل عقدين. كما نددت وزارة الخارجية السودانية بما وصفتها بـ"المشاهد الصادمة" التي وثقها منفذوها بفخر، بعد أن أظهرت مقاطع مصوّرة تحققت منها وكالة فرانس برس مقاتلاً تابعاً لـ"الدعم السريع" ينفذ إعدامات بحق مدنيين عزّل.

وأكد تقرير صادر عن مختبر البحوث الإنسانية بجامعة ييل الأميركية، مدعوم بصور أقمار صناعية ومقاطع فيديو، وقوع عمليات قتل جماعي عقب سيطرة قوات “الدعم السريع” على المدينة، ما يعزز الروايات الميدانية حول حجم المأساة الإنسانية الجارية.

وفي السياق ذاته، أعربت جامعة الدول العربية عن “قلق بالغ” إزاء التطورات الخطيرة في الفاشر، منددةً “بأشد العبارات” بالجرائم المرتكبة ضد المدنيين الأبرياء. ودعت في بيان رسمي إلى وقف فوري وشامل للأعمال القتالية، مؤكدة أن استمرار الحصار على المدينة يمثل “انتهاكاً صارخاً” لقرار مجلس الأمن رقم 2736 (2024) الداعي إلى رفع الحصار فوراً.

كما شددت الجامعة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المدنيين المحاصرين، محذّرة من أن استمرار الوضع الراهن “يهدد وحدة السودان واستقراره”، وداعيةً إلى تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لوقف العنف وإعادة بناء السلام في البلاد. 


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

خليل اسامة

انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند أفكار للحرف الورقية في عيد الهالوين السودان ينزف..إعدامات جماعية وعنف مروّع في الفاشر تصعيد وشيك بين أفغانستان وباكستان بعد انهيار مفاوضات أنقرة والدوحة مربى اليقطين ردًا على الخروقات الدموية..القسام تجمد تسليم جثث أسرى الاحتلال Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

المصدر: البوابة

كلمات دلالية: الدعم السریع فی الفاشر

إقرأ أيضاً:

السودان بعد حرب أبريل: من مخاطر التقسيم إلى تفكك الدولة!

الواثق كمير

[email protected]
تورونتو، 9 ديسمبر 2025

المقدمة
منذ انفصال جنوب السودان عام 2011، واجه السودان منعطفًا تاريخيًا حاسمًا أصبحت فيه بنية الدولة أكثر هشاشة من أي وقت مضى. وفي مطلع عام 2013، وفي ظل توتر سياسي متصاعد وأزمة اقتصادية خانقة وتنامٍ ملحوظ للنزاعات في الأطراف، نشرت ورقة تحليلية تناولت مستقبل الدولة السودانية عبر ثلاثة سيناريوهات رئيسية: 1) إما بقاء الوضع حينئذٍ على ما هو عليه مع إصلاحات شكلية، أو 2) انزلاق البلاد نحو تفكك مُتدرّج للدولة، أو 3) الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تُعيد تأسيس الشرعية وتمنع الانهيار. (الواثق كمير، “الكرة في ملعب الرئيس: تفكك الدولة السودانية ….السيناريو الأكثر ترجيحاً!”، سودانايل، 11 فبراير 2013).
لم تكن الورقة محاولة للتنبؤ بقدر ما كانت قراءة لبُنية الأزمة ولمنطقها الداخلي، حيث أكدت أن تجاهل متطلبات التسوية التاريخية—باعتبارها المدخل الوحيد لمعالجة جذور الصراع—سيجعل من سيناريو التفكك هو الأكثر احتمالاً. ومع اندلاع الحرب في أبريل 2023، وتغير طبيعة النزاع بشكل جذري، تبرز الحاجة لإعادة ربط اللحظة الراهنة بالسيناريوهات التي عُرضت في 2013، ليس للمقارنة التاريخية فحسب، بل لاستخلاص الدروس العملية التي يمكن أن تُسهم في وقف الحرب وصياغة مسار جديد لإعادة تأسيس الدولة.

تفكك الدولة: السيناريو الأكثر ترجيحاً!

حرب أبريل 2023 لم تكن مجرد تصعيد جديد للصراع، بل شكلت منعطفًا نوعيًا في مسار النزاعات السودانية. ظهور لاعب جديد على المسرح، قوات الدعم السريع، وتحالفه العسكري والسياسي مع جهات محلية وإقليمية، وتسيطره على كامل إقليم دارفور وأجزاء من غرب وجنوب وشمال كردفان وجنوب النيل الأزرق، مع إعلان حكومة ودستور لدولة، جعل الواقع السياسي والجغرافي أكثر تعقيدًا. وبينما الانفصال السلمي قد لا يكون ممكنًا—مخالفًا لما حصل في جنوب السودان—يظل سيناريو تفكك الدولة الأكثر ترجيحاً.

ثلاثة عوامل رئيسة تعزز هذا الترجيح:

التدخل الإقليمي وتضارب المصالح: تشاد وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، بدعم من الإمارات، من جهة، ومصر وإرتريا من جهة أخرى، تشارك في الصراع بشكل مباشر وغير مباشر. خاصة بعد سيطرة الدعم السريع على حقول النفط في منطقة هجليج، وخروج الفرقة العسكرية للجيش السوداني، ودخول الجيش الشعبي من جنوب السودان والتنسيق المشترك مع الدعم السريع لحماية المنشآت الحيوية. هذا التعقيد الإقليمي يجعل من إدارة الأزمة الداخلية دون تفكك الدولة أمراً بالغ الصعوبة.

إمكانية انفجار صراعات محلية جديدة:
بافتراض سيطرة الدعم السريع على كل دارفور وأجزاء من كردفان، وحتى في حال توجهه نحو انفصال هذه المناطق، فإن غياب توافق شعبي وسياسي حول تقرير المصير كما حدث في الجنوب يفتح الباب أمام حرب “أهلية” جديدة بين مجموعات دارفور الأخرى ذات الأصول الأفريقية (الزغاوة، الفور، المساليت، البرتي، الداجو، التنجر، التامة، الميدوب، الفلاتة، القرعان، وغيرهم) وبين حواضن الدعم السريع الاجتماعية من ذوي الأصول العربية. ذلك، بجانب أنّ هناك الحركات المسلحة التي تتباين مواقفها السياسية من هذه الحرب ومستقبل دارفور، مما قد يُنبئِ باستمرار النزاع. هذا الصدام الداخلي يزيد احتمالات التفكك ويؤكد هشاشة الدولة.
الشروخ داخل التحالفات العسكرية والسياسية: تبرز احتمالات تصدع داخل التحالف الحكومي بين الجيش السوداني والحركات المُشكلّة ل “القوة المشتركة”، بجانبِ المجموعات المسلحة الأخرى المُقاتلة مع الجيش في شرق ووسط وشمال البلاد، في سياق التنافس على الأنصبة في السلطة والثروة. بينما ليس من المستبعد أنّ هذا التصدع قد يُصيب التحالف العسكري لقوات الدعم السريع مع الجيش الشعبي شمال وحركات دارفور المنشقة النى انضمت إلى تحالف “تأسيس”، ما ينذر بتفكك الدولة على الصعيد العسكري والسياسي، ويعقد جهود السيطرة على كامل التراب الوطني وإعادة الشرعية، حيث تصبح الولاءات متناقضة والمصالح متضاربة، مما يُضعف القدرة على إدارة الدولة بشكلٍ موحد وفعال.
بالنظر إلى هذه العوامل، يبدو أن السودان بعد أبريل ليس على حافة الانقسام فحسب، بل على طريق خطير نحو تفكك الدولة—الذي طرحته في ورقة 2013— الذي ما زال هو السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد حرب أبريل، يعكسه واقعٌ متناميٌ على الأرض.

الخاتمة
ما كشفته الحرب ليس مجرد أزمة عابرة بل تحذير صارخ بأن وحدة الدولة السودانية مهددة على نحوٍ غير مسبوقٍ. فبعد مرور أكثر من عقد على السيناريو الذي رسمته في الورقة التحليلية لعام 2013، حول تفكك الدولة أصبح أقرب من أي وقتٍ مضى، مُعززاً بتدخلات إقليمية مُعقدة، صراعات داخلية حادة بين المكونات المجتمعية والسياسية، وشروخ في التحالفات العسكرية. اليوم لا يمكن معالجة الوضع عبر الإجراءات الشكلية أو الحلول الجزئية. إنّ ترجيح كفة تفكك الدولة يُحتم على القيادات السياسية وصانعي القرار التفكير بجدية في مسارات حل سلمي شامل، يُعيد تأسيس الشرعية، ويضع الأسس لانتقال مستدام يحمي السودان من الانهيار الكامل.
فبدون تبني مسار تسوية سياسية شاملة قادرة على دمج كل الأطراف، واستعادة الدولة من جديد، ستظل المخاطر قائمة، والبدائل محدودة، فيما يعاني الشعب السوداني من آثار النزاع وتشتت السلطة وفقدان المؤسسات. إنّه اختبار حقيقي لقدرة الدولة السودانية على تجاوز أخطر أزماتها منذ الاستقلال.

الوسومالواثق كمير

مقالات مشابهة

  • مسيرة لقوات الدعم السريع تستهدف حي طيبة شرقي مدينة الأبيض السودانية
  • عقوبات بريطانية على قادة بالدعم السريع بينهم «دقلو»
  • المملكة المتحدة تعلن فرض عقوبات على كبار قيادات قوات الدعم السريع
  • بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع
  • حرب السودان تخرج عن السيطرة
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان
  • تلغراف: هل يتحرك الغرب ضد الإمارات بعد مجزرة الفاشر؟
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور
  • شبكة أطباء السودان: ميليشيات الدعم السريع تحتجز أكثر من 19 ألف شخص في دارفور
  • السودان بعد حرب أبريل: من مخاطر التقسيم إلى تفكك الدولة!