الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي.. إمام الروح والفكر والوطن
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
في تاريخ مصر الحديث، قلّ أن تجتمع في رجل واحد صفات العالم الرباني، والمفكر المستنير، والمصلح الوطني، كما اجتمعت في شخصية العارف بالله الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي، الذي جمع بين نقاء الروح وعمق الفكر وصدق العمل، فكان إمامًا للروح، ورائدًا للفكر، ورمزًا للوطنية الواعية، وعَلَمًا خفاقًا في سماء القرن الرابع عشر الهجري.
ولد الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي في السابع عشر من جمادى الآخرة سنة 1296هـ، الموافق 7 مايو 1879م بقرية دير السعادة بمحافظة قنا، في بيتٍ عريقٍ بالعلم والصلاح، ونشأ في ظلال والده العارف بالله الشيخ أحمد بن شرقاوي الشهير بأبي المعارف، فنهل من أنوار التربية الصوفية الأصيلة، وتشرب حب القرآن والسنة منذ نعومة أظفاره.
تلقى علومه في الأزهر الشريف على أيدي كبار العلماء، أمثال الشيخ محمد حسنين مخلوف، والشيخ محمد شاكر، والشيخ سليم البشرى، وغيرهم من شيوخ الأزهر الأعلام، فكان عالمًا موسوعيًا، صوفيًا في قلبه، عقلانيًا في فكره، ووطنيًا في سلوكه ومواقفه
شخصية فذة شهد لها الأعلاملم يكن الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي شخصيةً عادية في عصره، بل كان موضع إجماع من العلماء والمفكرين الذين رأوا فيه تجسيدًا نادرًا لصفاء القلب وعمق الفكر. قال عنه العلامة الشيخ حسنين محمد مخلوف، مفتي الديار المصرية الأسبق وصديقه المقرب:
“كان رضي الله عنه دائم التفكير فيما يهم المسلمين، عميق الفكر، بعيد النظر، قوي العزم، بعيد الهمة، جوادًا كريمًا، عطوفًا رحيمًا، وديعًا متواضعًا، لا يتحدث عن نفسه، ينزل الناس منازلهم، ويولي قاصديه من قلبه كل عطف ورعاية وحنان.
كما وصفه الشيخ محمد محمد المدني، عميد كلية الشريعة ورئيس تحرير مجلة رسالة الإسلام، بقوله:
“اختار الله إلى جواره قطبًا ربانيًا من أقطاب الدعوة إلى الله بالقدوة الصالحة، ومفكرًا من كبار ذوي العقول الثاقبة والبصائر النيرة.. .عاش روحًا هاديًا يرسل نوره إلى الناس من خلال نصحه وإرشاده، وما كان يظهر إلا ليُصلح أو ليأمر بخير.”
منهجه العلمي والفكريآمن الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي بأن الإسلام ليس دين شعائر فحسب، بل منهج حياة شامل ينظم علاقة الإنسان بربه ونفسه ومجتمعه. وقد تجلّى فكره التجديدي في أربعة محاور أساسية: الإسلام الشامل: رأى أن الإسلام دين يربط بين العبادة والعمل، وبين الروح والعقل، ويؤسس للكرامة الإنسانية. وكان يقول:“الإسلام ما كان يومًا دعوة روحية مجردة، بل نظامًا للحياة يرفع الإنسان إلى مقام العزة والكرامة.”، والقرآن الكريم محور النهضة: دعا إلى ما سماه “التلاوة الثانية للقرآن”، أي تلاوة الفهم والعمل، لا مجرد الترتيل. وقال:“لقد حان حين تلاوته التلاوة الثانية.. .فالقرآن كتاب الأبد الذي تتجدد معانيه بتجدد الزمان.”، و العقل في خدمة الإيمان: جمع بين نور الوحي وهداية العقل، فكان يدعو إلى التجديد الواعي، ويرى أن الدين والعقل لا يتعارضان، بل يتكاملان، و وحدة الأمة الإسلامية: دعا إلى وحدة الشعوب الإسلامية على أساس القرآن والعدل والعلم، لا على العصبية أو المذهب، مؤكدًا أن القرآن هو الحبل الجامع للأمة مهما اختلفت ألسنتها وأوطانها.
وطني غيور وشاعر مقاومحين وطئت أقدام الاحتلال البريطاني أرض مصر سنة 1882، لم يقف الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي موقف المتفرج، بل اتخذ من الكلمة سلاحًا ومن الشعر رايةً. نظم قصائد وطنية تفيض حماسةً وشجاعةً، منها قوله مخاطبًا مصر:
إذا جاء نصرُ الله والفتحُ يا مصرُ فما مثلُ هذا الفتحِ فتحٌ ولا نصرُ
وما العيشُ أن تحيا على الهونِ آكلاً كما تأكلُ الأنعامُ تُغذى وتُجترُّ
ولكنما العيشُ الحياةُ على هُدى إذا حاطها بالسؤددِ المجدُ والفخرُ
كان على صلة وثيقة بكبار رجال السياسة في عصره، مثل سعد زغلول، ومصطفى النحاس، ومكرم عبيد، وعلى ماهر باشا، وكان صوتًا وطنيًا حرًا لا يخضع لحزب ولا جماعة، يجهر بالحق حيثما كان. وقد قال عنه الشيخ حسنين مخلوف:
“كانت مواقفه الوطنية نابعة من عقيدة حرة صافية، لا تلتمس رضا حزب ولا حاكم، بل تستمد قوتها من الإيمان بالله ومصلحة الوطن.”
ولم تقتصر وطنيته على المسلمين، بل امتدت بروح الإسلام السمحة إلى إخوانه المسيحيين، الذين أحبوه بصدق، حتى نعاه كثير منهم عند وفاته بكلمات تعبّر عن التقدير العميق والوفاء الإنساني الرفيع.
زهد وأخلاق وسمو روحعُرف الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي بزهدٍ عظيم وتواضع نادر، كان يرى أن العزلة والخلوة سبيل لتزكية النفس، فيقول: “لكل من العزلة والاجتماع موطن يحسن فيه ويُحمد.”
كان مضرب المثل في الإيثار، يجود بماله وعلمه ووقته في صمت، ويعامل الناس لله لا لغرض، كما قال عنه تلاميذه “كان يعيش مع الله، ويعامل الخلق لله.”
كان القرآن إمامه، والسنة دليله، والرسول ﷺ حبيبه وأسْوته، وقد جسّد في حياته قول النبي الكريم: “الدين المعاملة.”
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
سيف زاهر يزف بشرى لجمهور النادي الأهلي
زف الإعلامي سيف زاهر، بشرى لجمهور النادي الأهلي، بشأن اللاعب إمام عاشور.
وقال سيف زاهر في تصريحات تلفزيونية: “إمام عاشور سيعود للأهلي ان شاء الله في خلال يومين او ثلاثه ايام بعد إجراء بعض الإشاعات وبعد السوبر المصري ممكن نشوف إمام عاشور في الملعب بشكل تدريجي ونتمني له الشفاء العاجل والعودة قريباً”.
وأكد الدكتور أحمد جاب الله، طبيب الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي أن إمام عاشور، لاعب الفريق سوف يجري تحليلًا طبيًّا جديدًا خلال الـ48 ساعة القادمة، للوقوف على درجة تعافيه، ولتحديد موعد مشاركته في برنامج التأهيل البدني قبل الانتظام في التدريبات الجماعية.
وأوضح أن اللاعب خضع لتحاليل دقيقة خلال الساعات الماضية، وأظهرت تحسنًا كبيرًا في حالته.
ويستعد الأهلي لمواجهة بتروجت يوم الأربعاء القادم، في إطار منافسات بطولة الدوري الممتاز.