ما مصير مستقبل السودان بعد الفاشر؟

عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أظهرت صور الأقمار الصناعية مشاهد لمجازر مروّعة، ومساحات شاسعة من الأراضي المحروقة بالكامل، فيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمقاتلين وهم يتباهون بأفعالهم.

صعوبة تقدير حجم المجازر

قبل سقوط المدينة بيد قوات الدعم السريع، شهدت الفاشر موجة نزوح جماعية، ما أدى إلى انخفاض عدد سكانها من مليون نسمة إلى 250 ألف مدني، وتشير تقارير إلى إعدام أو اختطاف العديد منهم أثناء محاولتهم الفرار.

ومع انقطاع الإنترنت عن المدينة وصعوبة التواصل مع سكانها الذين كانوا قد تعرضوا للحصار من 10 مايو 2024، أصبح من الصعب تقدير حجم المجازر الجارية أو معرفة التفاصيل الدقيقة للأحداث.

إلا أن صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركات مثل "بلانيت لابس" ومختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، أظهرت مركبات عسكرية بالقرب من تجمعات الجثث، وبقع دماء كبيرة يمكن رؤيتها من الفضاء.

إلى جانب ذلك، ظهرت سلسلة جديدة من آثار الحرق تمتد لمسافة تقارب الميلين شمال الفاشر، بالإضافة إلى أثر حريق إضافي جنوب الطريق الرئيسي بالقرب من حاجز ترابي أقامته قوات الدعم السريع لإغلاق المدينة ومنع الهروب.

تُظهر هذه الصورة التي التقطتها شركة إيرباص دي إس جزءًا من حي الدارجة الأولى بمدينة الفاشر، السودان، يوم الإثنين، 27 أكتوبر 2025. Airbus DS 2025 via AP

وفي الفضاء الرقمي، انتشرت مقاطع فيديو كشفت عن عنف غير مسبوق، تظهر فيها نساء ورجال يُقتلون عن قرب على يد مقاتلين يعرفونهم شخصياً.

ولَقي مقطع متداول رواجًا على منصات التواصل يظهر الفاتح عبد الله إدريس، الملقب بـ"أبو لولو"، وهو يدّعي بأنه قد يكون قتل أكثر من ألفي شخص، وفي أحد المشاهد يطلق النار على رجل طلب الرحمة قائلاً: "لن أرحمك، مهمتنا هي القتل فقط". وفي مقاطع أخرى، يظهر جنود وهم يُجبرون الأسرى على مدح قوات الدعم السريع والانتقاص من الجيش قبل إعدامهم.

تقدير بمقتل ألفي شخص وتنديد الاتحاد الأوروبي

بحسب تقرير الأمم المتحدة، قُتل العديد في الفاشر خلال القصف الذي سبق تقدم قوات الدعم السريع، بينهم عمال إغاثة، فيما كان المدنيون داخل المدينة يتضورون جوعاً ويعيشون على الأعلاف والنباتات البرية، بينما استمرت الضربات الجوية والمدفعية على المستشفيات والمطابخ الشعبية.

كما اتهمت القوة المشتركة، الحليفة للجيش السوداني، قوات الدعم السريع الثلاثاء بـ"إعدام أكثر من ألفي مدني أعزل" منذ الأحد في مدينة الفاشر "معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن".

في هذا السياق، ندّد الاتحاد الأوروبي الأربعاء بـ"وحشية" قوات الدعم السريع في السودان و"استهداف المدنيين على أساس عرقي".

وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في بيان: "استهداف المدنيين بناء على انتمائهم العرقي يُظهر وحشية قوات الدعم السريع"، مضيفة أن "على قوات الدعم السريع مسؤولية حماية المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك العاملون في المجال الإنساني والصحفيون"، داعية الطرفين المتحاربين إلى "خفض التصعيد فوراً".

وكانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قالت يوم الاثنين إنها "تتلقى تقارير متعددة ومثيرة للقلق" تفيد بأن قوات الدعم السريع "تنفذ فظائع، بما في ذلك الإعدامات الميدانية".

اجتماعات واشنطن

في وقت سابق من يوم الجمعة، عقدت قمة رباعية في واشنطن لمناقشة وقف إطلاق النار في السودان، ضمت ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، لكنها لم تحرز أي تقدم نحو اعتماد خطوات عملية.

وكانت المجموعة قد قدمت في 12 سبتمبر خطة تدعو إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، يليها وقف دائم لإطلاق النار، تليها عملية انتقالية شاملة وشفافة تستمر تسعة أشهر "لتحقق تطلعات الشعب السوداني في حكومة مدنية مستقلة" إلا أن الطرفين المتنازعين لم يبديا ترحيبًا بالمقررات.

ماذا بعد سقوط الفاشر؟

يُشكل إقليما دارفور وكردفان معًا ما يقارب نصف مساحة السودان، حيث يضمان قرابة 30% من إجمالي السكان، ويحتويان على 35% من الموارد الاقتصادية للبلاد.

ومع سقوط الفاشر، فتحت شهية قوات الدعم السريع نحو إقليم كردفان، مما يبرز احتمال مواجهة البلاد لعدة سيناريوهات محتملة.

تصعيد مستمر

أول هذه السيناريوهات يتمثل في استمرار التصعيد العسكري، خاصة بعد النشوة التي حققتها الدعم السريع بسيطرتها على الفاشر. وقد تجلّى هذا التوجه بوضوح في خطاب نائب قائد قوات هذه المجموعة، عبد الرحيم دقلو، الذي صرَّح في مقطع فيديو: "تحريرنا للفاشر هو تحرير السودان، وصولاً إلى بورتسودان، نحن قادمون بزخم كبير".

في المقابل، يسعى الجيش السوداني إلى كبح جماح تقدم خصمه، رغم عدم قدرته على استعادة الفاشر. لذا، فإنه سيتجه إلى حشد قواته لمحاصرة قوات الدعم السريع في المناطق الغربية، ومحاولة منع تمددها نحو مساحات أخرى.

تسوية سياسية بتدخل أمريكي

أما السيناريو الثاني، ورغم تضاؤل الآمال تجاهه، فيتمثل في التوصل إلى تسوية سياسية لتجنب المزيد من الخسائر. يُعتقد أن هناك رغبة أمريكية للدفع نحو تنفيذ الهدنة التي اقترحتها اللجنة الرباعية في 12 سبتمبر، حيث يستند المراقبون في ذلك إلى تصريح مستشار ترامب للشؤون الأفريقية والعربية، مسعد بولس، الذي قال: "في حال أي رفض لخطة الرباعية من أي من طرفي الصراع، فإن أمريكا لن تتأخر في اتخاذ الإجراءات المتاحة".

التقسيم

يبقى السيناريو الأخطر هو احتمال التقسيم، في حال وصول الأطراف إلى حلقة مفرغة وطريق مسدود يرفضان فيه الحل السلمي. وهذا ما قد يقود البلاد إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، تشبه ما حدث بعد انفصال الجنوب في عام 2011، مما يهدد كيان الدولة السودانية ووحدتها الجغرافية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة جنوب السودان مدنيون جرائم حرب قوات الدعم السريع - السودان لاقط أقمار صناعية اعلان اعلان اخترنا لك مباشر. نحو 100 قتيل في غزة خلال أقل من 12 ساعة.. والجيش الإسرائيلي يعلن استئناف وقف إطلاق النار ترامب يتوصل إلى اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية: آخر وأهم محطة في الجولة الآسيوية قبيل اللقاء مع شي القدس على موعد مع تحرك للحريديم.. الحاخامات يلوّحون بإسقاط الحكومة الإسرائيلية "بوكروفسك هي الهدف الرئيسي للروس الآن".. زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج إلى دعم أوروبي لمواصلة القتال "مبادرة مستقبل الاستثمار" في نسختها التاسعة: الرياض تجمع قادة المال والأعمال وحضور لافت لأحمد الشرع اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 مباشر. إسرائيل تستأنف عملياتها في غزة.. قصف مدفعي شرق دير البلح وانفجارات عنيفة تهز القطاع 2 فيديو - إعصار "ميليسا" يبلغ الفئة الخامسة.. لقطات جوية من داخل العاصفة الأقوى منذ 170 عامًا 3 "قواتنا قادرة على تحقيق النصر".. البرهان: انسحبنا من الفاشر بسبب ما تعرضت له من تدمير ممنهج 4 من الأرز الأمريكي إلى مضرب الغولف.. كيف كسبت تاكاتشي ودّ ترامب وأبرمت اتفاقية "عصر ذهبي جديد"؟ 5 صفقات بملايين الدولارات.. كيف أصبحت الإمارات بوابة ترامب الجديدة لتوسيع نفوذه؟ اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

دونالد ترامب إسرائيل الصحة دراسة حركة حماس الذكاء الاصطناعي قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني صناعة الموسيقى تركيا الإمارات العربية المتحدة تكنولوجيا الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل الصحة دراسة حركة حماس الذكاء الاصطناعي دونالد ترامب إسرائيل الصحة دراسة حركة حماس الذكاء الاصطناعي جنوب السودان مدنيون جرائم حرب قوات الدعم السريع السودان دونالد ترامب إسرائيل الصحة دراسة حركة حماس الذكاء الاصطناعي قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني صناعة الموسيقى تركيا الإمارات العربية المتحدة تكنولوجيا قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

كاتب سوداني: الدعم السريع يسعى لفرض واقع جديد في دارفور

قال الكاتب السوداني عثمان ميرغني، إن مدينة الفاشر تعيش وضعًا إنسانيًا مأساويًا، بعد أن ظلت تحت الحصار لمدة عام ونصف، ما أدى إلى انقطاع المساعدات والاتصالات عن المناطق المحيطة بها، مؤكدًا أن فشل فك الحصار تسبب في هجوم واسع نفذته قوات الدعم السريع التي تمكنت من السيطرة على المدينة.

 

كاتب سوداني: قوات الدعم السريع تسيطر على الفاشر بعد هجوم واسع وامتلاك أسلحة ثقيلة

 

وأوضح ميرغني، خلال مداخلة عبر الإنترنت مع الإعلامية هند الضاوي، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن مدينة الفاشر تُعد من أهم المدن السودانية، إذ تمتلك موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية يربط ولايات دارفور بولايات الوسط، فضلًا عن كونها صلة وصل بين غرب السودان وشماله ونهر النيل، مشيرًا إلى أن لها رمزية تاريخية ومعنوية كبيرة في نفوس السودانيين.

 

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع تمتلك أسلحة حديثة وآليات عسكرية ثقيلة، لافتًا إلى أن معظم مناطق دارفور أصبحت تحت سيطرتها، ما يثير مخاوف حقيقية من محاولة فصل الإقليم عن السودان، خاصة بعد تشكيل حكومة موازية في الإقليم، مضيفًا : "نخشى من سيناريو فصل دارفور عن السودان في ظل هذا الواقع، خاصة مع غموض الأهداف الحقيقية للدول الداعمة لقوات الدعم السريع".

 

وشدد على أن الاستقرار في السودان لن يتحقق إلا بإطفاء نيران الحرب وليس بإشعالها، مؤكدًا أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول لعب دور الوسيط عبر منبر جدة بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، غير أن تلك الجهود لم تنجح حتى الآن في تحقيق السلام أو إنهاء الحرب الدائرة في السودان.

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: صور جوية تكشف وجود مركبات لـالدعم السريع قرب جثث وبقع دماء في الفاشر.. صور
  • مشاهد مرعبة.. برك دماء وجثث مكدسة صور الأقمار الصناعية تكشف مجازر الفاشر
  • إدانات عربية لـانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
  • كاتب سوداني: الدعم السريع يسعى لفرض واقع جديد في دارفور
  • اتهامات بارتكاب إعدامات جماعية في الفاشر عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة
  • وسط اشتباكات عنيفة.. مستشار ترامب يدعو «الدعم السريع» لحماية المدنيين بالسودان
  • عقب إعلان سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر: اتهامات بـتطهير عرقي ودعوات لتدخل دولي
  • «الدعم السريع» تعلن السيطرة على الفاشر غربي السودان
  • السودان.. مستشار ترامب يدعو الدعم السريع لحماية المدنيين في الفاشر