السادة الأفاضل.. حين تتحول الكوميديا إلى معادلة هندسية
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
تتعدد الأدوات الترويجية للأفلام التي تستخدمها اليوم شركات التوزيع والإنتاج عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعضها يركز على نجم الفيلم، وأخرى على النوع السينمائي الخاص به، أو اسم المخرج، وغيرها.
وقد اختار المسؤولون "السادة الأفاضل" كخطة ترويجية متعددة الطبقات، فهو فيلم من بطولة حشد كبير من النجوم الذين لمعوا الفترة الأخيرة، على رأسهم محمد ممدوح ومحمد شاهين وانتصار، وفي ذات الوقت ينتمي للكوميديا النوع السينمائي شديد الرواج بالسينما المصرية، وتم الترويج للفيلم عبر مواقع التواصل بشكل ذكي ومثير للاهتمام بمحتوى لا يظهر عما سيدور في الفيلم، غير أنه ينبئ بعمل فوضوي مختلف.
وكان قد سبق عرضه التجاري بيوم واحد عرض أول في مهرجان الجونة السينمائي، مما أضفى المزيد من الزخم حول العمل، بمحتوى السجادة الحمراء وآراء النجوم الذين شاهدوه، ضمن إطار خطة دعاية وتسويق من الأنجح في السينما المصرية مؤخرًَا، مما يدفعنا لطرح سؤال ضروري هنا: هل جاء الفيلم على قدر هذه الخطة الشاملة؟
"السادة الأفاضل" من إخراج كريم الشناوي، وتأليف محمد صقر ومحمد عز الدين وعبد الرحمن جاويش، وبطولة محمد ممدوح وأشرف عبد الباقي ومحمد شاهين وطه دسوقي وانتصار وعلي صبحي وناهد السباعي وغيرهم.
View this post on InstagramA post shared by Scoop Empire (@scoopempire)
"السادة الأفاضل" وحبكة مبنية بذكاءيقدم "السادة الأفاضل" أحداثه خلال أقل من 24 ساعة، ليلة عيد الفطر عندما يتوفى الحاج جلال أبو الفضل (بيومي فؤاد) فيباشر ابنه طارق (محمد ممدوح) إجراءات العزاء منتظرا وصول أخيه الأصغر حجازي (محمد شاهين) ومثل الكثير من المدن الريفية المصرية يبدأ المعزون في التوافد ما إن يتم الإعلان عن اسم المتوفى في ميكروفون الجامع، ليعج المنزل بكل سكان القرية تقريبا، ومن هنا تبدأ الأحداث في التسارع.
ولم يتمهل الفيلم في التعريف بالشخصيات أو العلاقات بينها، فمنذ البداية يُلقي بالمتفرج في قلب المعمعة، وكلمة "معمعة" هنا ليست مبالغة لغوية، بل هي وصف حقيقي لفوضى الأحداث التي تشبه فوضى المعارك، فكلما توغلنا في الفيلم تكشف الأحداث عن مفاجآت غير متوقعة في حياة وممات الحاج جلال أبو الفضل، من علاقات سرية، واتفاقيات إجرامية، وتهديدات بالقتل لكل أفراد عائلته.
إعلانوليست فوضى الحبكة هنا بمعناها السلبي، بل هي مبنية بشكل شديد الذكاء وتدل على اهتمام ودقة الثلاثي من كتاب السيناريو المسؤولين عن هذا العمل، فكل خطوة تقود إلى الأخرى بسلاسة شديدة، وبصورة منطقية تماما، دون أخطاء شاهدناها في أفلام حبكاتها أقل تعقيدا من "السادة الأفاضل".
ويقدم الفيلم كذلك خطوطا درامية مختلفة تتقاطع من وقت لآخر لزيادة التصعيد الدرامي. الأول يتعلق بموت جلال أبو الفضل وما يكشفه هذا الموت من أسرار عن المتوفى، والثاني العلاقات بين أفراد هذه العائلة الممتدة عند إضافة العمين كذلك وأبنائهما في النهاية جريمة السرقة التي يخطط لها اثنان من العاطلين في القرية بعدما سهلتها الوفاة المفاجئة.
وعلى مدار ساعتين تقريبا، لم تهدأ الأحداث للحظة واحدة، بل أخذت في التصاعد والشخصيات في التصارع، الأمر الذي بث في سيناريو الفيلم حيوية واضحة، وجعله أبعد ما يكون عن الملل، وهو ما يحسب مرة أخرى لثلاثي كتاب السيناريو، خصوصا إن تأملنا بناء الفيلم بشكل عام. أما إن نظرنا إليه من حيث نوعه السينمائي أي الكوميديا فتلك نقطة أخرى، فإحكام السيناريو لم ينقذه من بعض إخفاقاته على المستوى الكوميدي.
View this post on InstagramA post shared by Karim El-shenawy (@kalshennawy)
كوميديا مهندسة أكثر من اللازميعد "السادة الأفاضل" أول أعمال كريم الشناوي الكوميدية، أي مجال جديد لمخرج أتقن من قبل تقديم أفلام ومسلسلات تتناول مواضيع شديدة الواقعية في إطار من الدراما العائلية مثل "لام شمسية" و"ضي" مؤخرا، وقد استعان من أجل ذلك بكتاب السيناريو الثلاثة الذين شاركوا من قبل في أعمال كوميدية مختلفة، وطاقم تمثيل يقف ببراعة على الحافة بين الدراما والكوميديا، غير أن كوميديا الفيلم افتقدت للطرافة في الكثير من المواضع.
وتعاني كوميديا "السادة الأفاضل" من تناقض كبير، فعلى الورق، أي لو تخيلنا قراءة هذا السيناريو ستبدو المواقف والجمل فكاهية للغاية، غير أن التنفيذ افتقد هذه الفكاهة، ويرجع ذلك على الأغلب لكونها فكاهة وطرافة مهندسة بدقة، محسوبة بالدقائق والثواني لإحداث رد فعل معين من المتفرجين، فافتقرت إلى التلقائية بشكل عام.
وقد انعكس ذلك على أداء الممثلين الذي غلب على بعضهم الافتعال على عكس المعتاد منهم، مثل محمد شاهين ومحمد ممدوح على وجه الخصوص، بينما جاء وقع هذا الافتعال أخف على الثلاثي طه دسوقي وعلي صبحي وميشيل ميلاد بشاي.
View this post on InstagramA post shared by Ashraf Abdel Baky (@ashrafabdilbaky)
وعلى الجانب الآخر يظهر في "السادة الأفاضل" أهم مزايا كريم الشناوي كمخرج، وهو اهتمامه الواضح بالبيئة التي تدور فيها أعماله، والتي تظهر متقنة تماما سواء في أفلامه أو مسلسلاته التلفزيونية، وهو هنا يقدم قرية ريفية أقرب ما تكون إلى الواقعية، ليس فقط على مستوى الديكورات أو أماكن التصوير الخارجية، بل كذلك الملابس وطريقة الحديث وديناميكيات العلاقات، والتي حتى لو تم تقديمها في إطار ساخر فإن ذلك لا يقلل من مصداقيتها.
ويعتبر "السادة الأفاضل" تجربة جيدة بشكل عام، خصوصا عند مقارنته بالأفلام المصرية الصادرة خلال 2025 التي أغلبها يمكن اعتباره مخيبا للآمال، خصوصا عند وضع الفيلم في إطار كونه الفيلم الكوميدي الأول لكريم الشناوي.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات السادة الأفاضل محمد ممدوح محمد شاهین
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.
وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.
وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.
وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".
وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.
وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".