صراحة نيوز- بقلم /. أ.د. أسعد عبد الرحمن

في الثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2025، اختتمت أعمال الجمعية العمومية (الدورة الخامسة) من “منتدى الجوائز العربية” تحت مظلة “جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة”، في حدث جمع ممثلي خمس وثلاثين جائزة عربية من مختلف العواصم الفكرية والثقافية. وبالفعل، لم يكن اللقاء مجرد احتفال رسمي، بل فضاءً حيًا ينبض بالإرادة الثقافية في زمن تحاصره الانقسامات السياسية والمجتمعية، مؤكدًا أن الفكر لا يُهزم، وأن الإبداع يظل قادرًا على الجمع والبناء حيث تهدم السياسة وتنكسر الشعارات.


تميزت هذه الدورة برعاية سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة (هيئة الثقافة والفنون في دبي)، التي أكدت في كلمتها أن “المنتدى” يمثل منصة تجمع أبرز قادة الفكر والثقافة والعلوم في المنطقة، وتسلط الضوء على دور الإنجازات الفكرية في الارتقاء بالمجتمعات، وأن استضافة امارة دبي للمنتدى تعكس مكانتها مركزًا رائدًا للفكر والإبداع والثقافة، وتؤسس لحوار معرفي فريد من نوعه، على قاعدة أن المعرفة هي الاستثمار الأسمى في الإنسان، وأن الإبداع سبيل الأمم إلى النهوض والتجدد.
وفي قلب هذا الفضاء الحيوي، حقق هذا التجمع قيمة مضافة على صعيد مهمتين مركزيتين، لم تقتصر الأهمية فيهما على اللقاء المباشر والتنظيم الدقيق والفعال للجهة المضيفة (جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة)، بل على أثرهما العميق في الواقع الثقافي العربي. المهمة الأولى كانت تحقيق التفاعل المفترض بين الجوائز العربية، وتعزيز الابداع الثقافي، وتعميق الصلات، ورسم إطلالة مشتركة على واقع الجوائز وآفاقها المستقبلية. في هذا السياق، شكل التفاعل الحي تعافيًا جماعيًا بعد سنوات من الانقطاع، وأعاد للوشائج بين المؤسسات الحياة، وجعل الحوار بين الجوائز أكثر عمقًا وصدقًا. الدورة، عالية التنظيم، أثبتت أن النجاح لا يُقاس بعدد الكلمات أو الصور، بل بجودة اللقاءات، وصدق التفاعل، واحتكاك العقول، ودفء التواصل، الذي جعل كل مشارك في هذا اللقاء النوعي يشعر بأنه جزء من كيان ثقافي حي، ممتد، متشابك، ويربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
أما المهمة الثانية فكانت تمكين وتثبيت وتوسيع الوشائج العربية في زمن مزقته الانقسامات المجتمعية والسياسية، ظهر “منتدى الجوائز العربية” بقيادة كل من الأستاذ الدكتور عبد العزيز السبيل أمين عام “المنتدى” ونائبته السيدة فالنتينا قسيسية (الرئيس التنفيذي لمؤسسة شومان)، والأستاذ جمال بن حويرب (المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة)، كمساحة فريدة لإعادة نسج النسيج الثقافي العربي. وكانت كلمات بن حويرب بمثابة بيان معرفي بليغ حين أكد أن استضافة دبي لهذا “المنتدى” ليست مجرد احتضان لحدث عربي رائد، بل تأكيد على دورها محطة عالمية لإنتاج المعرفة وصناعة الأفكار، ووجهة للتواصل بين المبدعين والمفكرين، ومختبرًا للحلول التي تمكّن المجتمعات من بناء مستقبل أكثر إشراقًا. وكانت القاعدة الواضحة حاضرة في كل لحظة: “كلما أفسدت السياسة جانبًا من الحياة العربية، أصلحته الثقافة”.
بفضل هذه الرؤية، لم تعد الجوائز مجرد تكريم رمزي، بل جسورًا تجمع العقول والقلوب، وتعزز الثقة في قدرة الثقافة على البناء والتكامل. وفي الوقت نفسه، كانت رؤية الوشائج تتعزز وتتوسع، لتؤكد أن الثقافة العربية حين تتوحد، تصنع وحدة قائمة على الفكر والإنسان، لا على المصالح أو الشعارات.
وفي امتداد هذا المعنى، جاءت فعاليات هذه الجمعية العامة لتترجم الأهداف إلى مبادرات عملية رائدة؛ إذ أطلق “المنتدى” بالشراكة مع مؤسسة الفكر العربي “منصة الجوائز العربية”، وهي قاعدة بيانات عربية شاملة وموثوقة تستقبل الجوائز العربية التي تستوفي معايير الانضمام، وتقدم معلومات وافية عن كل جائزة، وتعمل كدليل معرفي يوحد المرجعيات ويعزز التواصل بين الجوائز في مختلف البلدان العربية. كما شهدت الدورة تكريم عدد من المؤسسات الحكومية العربية تقديرًا لدورها في دعم الإبداع وتعزيز التميز، في طليعتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة لاحتضانها الجائزة الأم، ومؤسسات ثقافية أخرى كان حضورها شاهدًا على رسوخ روح التعاون العربي في خدمة الثقافة.
وفي الختام، لم يُقَس النجاح باللوحات المزخرفة أو أعداد الجوائز، بل في الحراك الحي للوعي الثقافي العربي، وفي الأثر العميق الذي تركه “المنتدى” على كل حاضر: إدراك أن الفكر ما يزال ممكنًا، وأن الجمال ما زال سبيلًا للخلاص، وأن الجوائز العربية أكثر من تكريم، إنها رسالة حية تؤكد أن الثقافة تصنع المستقبل حين تصنع الإنسان.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام محمد بن راشد آل مکتوم للمعرفة الجوائز العربیة

إقرأ أيضاً:

الجزائر تجدّد التزامها بدعم قضايا الشباب الإفريقي

شاركت وزارة الشباب، ممثَّلةً في “دحمان عظيمي”، المكلَّف بتسيير الأمانة العامة للوزارة، نيابةً عن وزير الشباب، في أشغال الاجتماع الوزاري للدورة الخامسة للجنة الفنية المتخصصة حول الشباب والثقافة والرياضة التابعة للاتحاد الإفريقي، بمدينة بوجمبورا بجمهورية بوروندي.

وقد تميّز اليوم الافتتاحي بانعقاد جلسة رسمية تحت شعار “استعادة الكرامة وتعزيز العدالة التعويضية من خلال الشباب والثقافة والرياضة”. وذلك انسجاما مع موضوع الاتحاد الإفريقي لسنة 2025 المتعلق بتحقيق العدالة للأفارقة وللأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي.

وشهدت أشغال اليوم الأول الاستماع إلى الكلمات الافتتاحية للمسؤولين الأفارقة. مع التأكيد على الدور المحوري للشباب والثقافة والرياضة في ترسيخ قيم العدالة التعويضية وتعزيز التماسك المجتمعي.

بالإضافة إلى عرض ومناقشة تقرير اجتماع الخبراء الذي سبق اللقاء الوزاري، تمهيدًا لاعتماده.

وتقييم التقدّم المحرز في تنفيذ مقررات الدورة الرابعة للجنة، واستعراض آفاق تطوير آليات المتابعة والتنسيق.

وإطلاق النقاش حول الاحتفال بمرور 20 سنة على ميثاق الشباب الإفريقي ومسار مراجعته. بما يعزّز تمكين الشباب ويوسّع مشاركتهم في مسارات صنع القرار على المستوى القاري.

وتقييم مبادرة “المستوى القادم لمبادرة المليون” (One Million Next Level). حيث أبرز ممثل الوزارة في هذا الصّدد، التقدّم الذي حققته الجزائر في تنفيذ أهدافها. من خلال استعراض جملة من التدابير التي اتخذتها القيادة السياسية للبلاد. وعلى رأسها رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، لتمكين الشباب الجزائري في مختلف المجالات.

وخلال مختلف النقاشات، جدّد ممثل الجزائر التأكيد على التزامها الثابت بدعم العمل الإفريقي المشترك. ومواصلة الإسهام الفعّال في صياغة سياسات قارية مندمجة تُعلي من مكانة الشباب الإفريقي، وتُثمّن طاقاته، وتُعزّز هويته. بما ينسجم مع أجندة الاتحاد الإفريقي 2063. ورؤية الجزائر القائمة على جعل الشباب ركيزة أساسية للتنمية والاستقرار.

هذا وتتواصل أشغال الاجتماع في يومه الثاني بمناقشة استراتيجيات تسريع تنمية الشباب في إفريقيا، واعتماد القرارات والتوصيات.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • الطليعة المصرية للثقافة العربية.. جديد هيئة قصور الثقافة
  • منتدى طرابلس يدق ناقوس الخطر للحفاظ على الهوية العربية في العالم الرقمي
  • دبي تستقبل العام الجديد باحتفالات استثنائية تضيء سماء المدينة
  • الجزائر تجدّد التزامها بدعم قضايا الشباب الإفريقي
  • أربيل تحتفي بـ يوم الأفندي تكريماً لرواد التربية والثقافة (صور)
  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي (6-11)
  • بالأحمر .. يسرا تضيء ريد كاربت حفل توزيع جوائز البحر الأحمر السينمائي
  • الجوائز الثقافية الوطنية: منظومة تكرّم المبدعين وتوثّق الحراك الثقافي
  • برعاية شبابية.. معرض بـ1700 كتاب في كركوك دعماً للقراءة والثقافة
  • على عينك يا تاجر يفضح مافيا الثقافة العربية.. كيف تحوّل الإبداع إلى مقاولات؟