أهمية المعرفة في بناء الدولة الحديثة
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
نحن اليوم أمام مفترق طرق , وأمام مستوى حضاري وثقافي جديد هو غيره بالأمس التاريخي , وقد أصبحت المعرفة في هذا الزمن الحضاري هي القوة التي يستطيع البشر من خلالها الانتصار والبناء , واستغلال المعرفة التي تحيط بنا من كل صوب واتجاه هو الذي يلبي حاجتنا في حياة كريمة ويوفر لنا الأمن والاستقرار, فالسياسة في عالم اليوم معرفة وصناعة وفرص, والفرص نستطيع توفير خاماتها بالمعرفة ومن الفرص التي تتركها السياسة بين أيدينا نستطيع البناء, ونحن فيها أمام خيارين: إما الاقتناص واستغلال اللحظات , أو التفويت , ومن فاتته الفرص ولم يستغلها ترمد في ميدان السياسة .
                
      
				
اليوم نحن أمام واقع جديد في اليمن وفي العالم كله , فالذي حدث خلال السنين القليلة الماضية كان تحولا كبيرا في المسارات , وتلك التحولات سوف تترك آثارا عميقة في البناءات وفي مسارات اللحظة والمستقبل , تترك آثارا على اللحظة من خلال ما تتركه من ظلال على النظام العام والطبيعي , وتترك ظلالا على المستقبل من خلال ما تقوم به اللحظة من تأسيس لقضايا ستكون هي ملامح المستقبل , ولذلك فالصناعة تبدأ من اللحظة التي نعيش ونشهد تبدلاتها وتحولاتها العميقة سواء في المسار اليمني أم في المسار الدولي فكلا المسارين يتكامل ويترك أثرا واضحا على الصناعة وعلى المستقبل .
وأمام مثل ذلك تصبح حاجتنا إلى المعرفة في البناء المتناغم مع الجذر التكويني والمتفاعل مع المتغيرات العصرية أكثر ضرورة وأشد إلحاحاً في ظل ما شهدناه من حالات جدل واسع حول بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني , فالقوالب الجاهزة والنماذج العالمية في شكل الحكم ونمطه لم تتأثر بها الدولة اليمنية التاريخية بل ابتكرت نموذجها الخاص وشكلها المعبر عن تكوينها وابعادها الاجتماعية والثقافية والسياسية , ولذلك رأينا التناقض بين النماذج والاشكال التي خضنا تجربتها في تاريخنا المعاصر بين حاجات المجتمع الذي نسوس ضروراته التحديثية , إذ نشأت حالات تصادمية بين مكونات المجتمع والتعبيرات السياسية مثل حالات الصدام بين المؤسسة الدينية والقوى الطلائعية , والصدام بين الرموز الاجتماعية والدولة , فالصدام مع المؤسسة الدينية أوقعنا في حفرة الفراغ الحضاري والثقافي , الذي عمل على إنتاج ازدواج الشخصية , وتنافر السلوك شكل تعارضاً بين الفكر والممارسة , والصدام مع الرموز الاجتماعية عمل على تعطيل سلطة القانون وغياب الدولة واغتراب المجتمع , وسيادة الثقافة التقليدية , وبسبب ذلك ظلت كل العمليات التحويلية في ذات المربع الذي بدأته إذ كانت مظهراً شكلياً لم يلامس الأسس البنيوية للمجتمع , فالوحدة اليمنية مثلاً حملت مشروعاً نهضوياً وتحولياً كاد ان يصل الى كل البنى المجتمعية بيد أن حرب 1994م حولت ذلك المشروع إلى ظاهرة شكلية , فالثقافة التقليدية تجلت ملامحها من خلال مشروع الشيخ الذي بدأ بعد 7 – 7 -1994م وعلى أثرة كانت منظومة الحكم كلها ذات بعد معياري واحد , فالسلطة التشريعية كان جل قوامها من الرموز الاجتماعية , والجهاز التنفيذي والأمني والعسكري خضع للمعيارية الاجتماعية وغاب القانون والاستحقاق الوظيفي فالعرف كان اقوى من القانون حتى في معيارية الوظيفة العامة , تلك المقدمات كانت سبباً مباشراً وغير مباشر في شعار الحراكيين باستعادة الدولة , كرمزية على غيابها وطغيان مشروع الشيخ الاجتماعي الذي تماهى مع مشروع الشيخ الديني كان عاملاً مهماً في غياب الدولة واغتراب إنسان المحافظات الجنوبية أكثر من اغتراب إنسان المحافظات الشمالية بسبب الحضور المكثف للدولة في الجنوب إبان فترة حكم الحزب الاشتراكي في حين كان حضورها حضوراً جزئياً في المحافظات الشمالية وأيضا متفاوتاً بين الفينة والأخرى .
ما نخلص إليه هو القول أن ثمة خصوصية يمنية يجب أن تجد تعبيرا عنها في رؤى وتجليات التغيير الجذري بحيث تمتد بصيغة تفاعلية مع الماضي لتبدع الحاضر والمستقبل , فالشعور بالقيمة الثقافية والحضارية هو الامتلاء الذي يبحث عن الأجد والاروع ويحض على الابتكار والإبداع ويعمق من قيمة الانتماء للفرد والجماعة ويوثق من عرى الآصرة الوطنية ويعزز من قيمة يمنية اليمن.
اليمن ذات عمق تاريخي ولذلك يستحيل عليها أن تتقبل قوالب الأنظمة التي ابتكرها الانسان ولا القانون الذي تنافر مع منظومتها التشريعية الحضارية والتاريخية , وقد فشلت تجارب الماضي في صوغ دولة حديثة متناغمة ومستقرة لأنها تجارب لم تبتكر ولم تمتد بل جاءت من تجارب الغير فالأنظمة قوالب جاهزة ابتكرها الإنسان في بيئة غير بيئتنا , والقانون لم يكن متناغما مع التشريع الوطني والحضاري ” العرف ” بل نقلناه عن مصر ومصر نقلته من فرنسا ولذلك كان مغتربا ولم يلامس الواقع اليمني .
ومن هنا تتجلى حاجتنا إلى معرفة ثقافة اليمن الحضارية والتاريخية والاشتغال على تراثنا اللامادي لصوغ واقعنا المتناغم والمستقر منطلقين من خصائصنا وثقافتنا لا من ثقافة وتجارب غيرنا وتلك مهمة سهلة لو أخلصنا النوايا وأدركنا أهمية المعرفة في البناء وفي مساندة رؤية القائد في التغيير الجذري .
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: المعرفة فی من خلال
إقرأ أيضاً:
العليمي: إحلال الاستقرار في اليمن يمر عبر استعادة مؤسسات الدولة
أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، أن إحلال الاستقرار في اليمن يمر عبر استعادة مؤسسات الدولة، وتفكيك البنية العسكرية لجماعة الحوثي، وفكرتها العنصرية.
جاء ذلك خلال لقاء الرئيس العليمي، الخميس، مع القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليمن جوناثان بيتشا.
وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن الرئيس العليمي شدد على الحاجة الملحة إلى ردع انتهاكات جماعة الحوثي لحقوق الإنسان، ووقف حملات الاعتقال والتعذيب وتجنيد الأطفال وزراعة الألغام، والإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة، وكافة المحتجزين دون قيد أو شرط.
وجدد التزام المجلس بنهج السلام الشامل والعادل المرتكز على المرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، مثمنا موقف واشنطن الثابت الى جانب الشعب اليمني، وقيادته السياسية، وإسهاماتها الفاعلة في حماية الممرات المائية، وردع الأنشطة الإرهابية لجماعة الحوثي، وداعميها في اليمن والمنطقة.
وأعرب الرئيس، عن ثقته باستئناف الدعم الأميركي في المجالات الإنسانية، والمضي في مساندة برنامج الإصلاحات الشاملة، بما يسهم في استقرار العملة الوطنية، وتحسين الخدمات الاساسية، واستدامة وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية.
وأكد أهمية تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتهريب الأسلحة والمخدرات، ودعم قدرات خفر السواحل اليمنية، مشيداً بالجهود الدولية المشتركة لاعتراض المزيد من الشحنات المهربة المرتبطة بالشبكات الإيرانية ووكلائها في المنطقة.
بدوره، جدّد القائم بالأعمال الأميركي دعم واشنطن لمسار الإصلاحات وجهود الحكومة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية، ومواصلة الشراكة الوثيقة في مكافحة الإرهاب، وحماية أمن الملاحة الدولية.
 الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر
الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر