أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الصدقة عن الميت جائزة ومستحبة شرعًا، ويصل ثوابها إليه باتفاق العلماء والمذاهب الفقهية كافة، مستدلةً على ذلك بالأحاديث النبوية الصحيحة التي أثبتت جواز التصدق عن المتوفى وبلوغ ثوابها له.

وأشارت الإفتاء إلى أنه لا مانع من توزيع الصدقات عند زيارة القبور أو في أي مكان يتوافر فيه المحتاجون والفقراء، لأن الجواز في الشريعة يعم جميع الأزمنة والأماكن والأحوال، ما دام تم الالتزام بالضوابط الشرعية والآداب العامة، ومنها عدم رفع الصوت داخل المقابر، ومراعاة الإجراءات الصحية والطبية عند توزيع الأطعمة أو المشروبات.

وأكدت الدار أن القول بتحريم أو بدعية هذا الفعل تضييق لما وسَّعه الله ورسوله ﷺ، إذ لم يرد نص شرعي يمنع توزيع الصدقة عند القبور أو يجعلها بدعة.

 

أدلة نبوية على جواز الصدقة عن الميت

استندت دار الإفتاء إلى عدد من الأحاديث الصحيحة التي تدل على مشروعية الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه، منها:

ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رجلًا قال للنبي ﷺ:"إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم تصدق عنها" – متفق عليه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة قال للنبي ﷺ:"يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أيَنفعها شيء إن تصدقتُ به عنها؟ قال: نعم" – رواه البخاري.

كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال:"إن أبي مات وترك مالًا ولم يوصِ، فهل يُكفِّر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم" – رواه مسلم.

وأوضح الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري أن هذه الأحاديث دليل على أن الصدقة عن الميت تنفعه بوصول ثوابها إليه، خصوصًا إن كانت من ولده، وهو تخصيص لقوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: 39].

 

 وصول ثواب الصدقة للميت

أكد كبار العلماء والأئمة عبر العصور على هذا الحكم، حيث قال الإمام النووي في المجموع:"أجمع المسلمون على أن الصدقة عن الميت تنفعه وتصله."

وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد:"أما الصدقة عن الميت فمجتمع على جوازها، لا خلاف بين العلماء فيها."

كما نقل الإمام الزيلعي في تبيين الحقائق أن ثواب الأعمال الصالحة يمكن أن يُهدى إلى الميت من صلاة أو صيام أو صدقة أو تلاوة قرآن، ويصل إليه وينتفع به بإذن الله تعالى.

 

توزيع الصدقات

أوضحت دار الإفتاء أن وصف توزيع الصدقات عند المقابر بالبدعة غير صحيح، لأن ترك النبي ﷺ لأمرٍ ما لا يعني تحريمه، فالأصل في الأمور الإباحة ما لم يرد نص بالمنع.

وأضافت أن الاحتجاج بحديث النبي ﷺ: «كل بدعة ضلالة»، لا يصح في هذا الموضع، لأن الحديث عام مخصوص، والمقصود به البدع التي تخالف القرآن أو السنة أو الإجماع، أما الأعمال الخيّرة التي لا تخالف أصلًا شرعيًا فهي بدع حسنة، وقد قسم العلماء البدعة إلى واجبة، ومندوبة، ومحرمة، ومكروهة، ومباحة.

واستشهدت بقول الإمام الشافعي في تقسيم المحدثات إلى نوعين:"ما أُحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه بدعة ضلالة، وما أُحدث من الخير لا خلاف فيه، فهذه محدثة غير مذمومة."

كما نقل الإمام البيهقي عن الشافعي قوله في مناقب الشافعي:"قد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه."

وأكد الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين:"ليس كل ما أبدع منهيًّا، بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة."

 

توزيع الصدقات عند القبور

خلصت دار الإفتاء في فتواها إلى أن توزيع الصدقات عند زيارة المقابر ليس بدعة، بل هو عمل جائز ومستحب، ما دام مقصده الدعاء للميت والإحسان إليه وإطعام المحتاجين.

وشددت على ضرورة الالتزام بآداب زيارة القبور من خفض الصوت، والدعاء للميت بالرحمة والمغفرة، والبعد عن المظاهر التي تخالف الوقار، مشيرة إلى أن الصدقة من أعظم القربات التي يثاب عليها المسلم حيًّا وميتًا.

 

زيارة القبور تذكير بالآخرة، والصدقة عمل صالح يرضي الله، واجتماعهما يُجسد معاني البر والإحسان، ويُعين الأحياء على التذكر، والأموات على نيل الأجر.
فالصدقة عند القبور ليست بدعة، بل باب من أبواب الرحمة لمن أدرك فضلها ونوى بها وجه الله تعالى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دار الافتاء المصرية الصدقة الميت توزيع الصدقات زيارة القبور الصدقة عن الميت الإفتاء توزیع الصدقات عند الصدقة عن المیت رضی الله عنه دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

هل يجب على المرأة لبس شراب عند الصلاة؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا تقول صاحبته: هل يجب على المرأة لبس شراب في الرجل ثقيل عند الصلاة؟

وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: لبس الشراب للمرأة في الصلاة ليس شرطًا إلا إذا كانت تخشى أن يراها أجنبي خوفًا من الفتنة.

ما حكم ختم الصلاة بالذكر بعدها؟.. الإفتاء تجيبأمين الإفتاء: لا يجوز للابن أن يكون محرمًا لأمه في الحج إلا بتوافر 4 صفاتهل الميكرو بليدين حرام؟.. أمين الإفتاء: جائزة ولا تُشبه الوشم المحرمحكم إيقاظ النائم للصلاة وهل يجب ذلك على المستيقظ؟ الإفتاء تجيبهل يجوز صلاة المرأة في بيتها بدون حجاب

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في إجابته عن سؤال: «ما حكم صلاة المرأة بدون حجاب؟»، أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل صلاة مسلمة إلا ساترةً عورتَها بحجابها؛ فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ -من بلغت سن المحيض- إِلَّا بِخِمَارٍ» رواه الخمسة إلا النسائي.

حكم صلاة المرأة دون ستر قدميها

نوه الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، بأنه يجوز للمرأة كشف وجهها ويديها؛ لأنهم ليسوا من عورتها التي أمرها الله بسترها فيما عدا زوجها، مشيرًا إلى أن ذلك في الصلاة أو خارجها وأن صلاة المرأة دون ستر قدميها، صحيحة.

وأوضح «وسام» في فيديو بثته دار الإفتاء على يوتيوب، ردًا على سؤال: «ما حكم صلاة المرأة دون ستر قدميها؟»، أن مذهب الأحناف، عدوا القدمين مما يجوز للمرأة كشفه سواء كان في الصلاة أو خارجها، مشيرًا إلى أنه بناء عليه تكون صلاة المرأة دون ستر قدميها جائزة.


حكم صلاة المرأة أمام الرجال

قال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للمرأة أن تؤدي الصلاة في الحديقة أمام الرجال إن لم يُوجَد مكانٌ يستُرُها، وخشيت خروج الوقت، أو ما شابه، مع الالتزام بالستْر الكامل.


وأضاف ممدوح في إجابته عن سؤال: «عند الخروج إلى المنتزهات لا يوجد مسجد فعندما يحين وقت الصلاة كنت أجلس وأنا أصلى؟»، أن الصلاة على هذه الهيئة غير جائزة، لأنك قادرة على الركوع والسجود وليس لديك عذر مرضي، حاولي اتخاذ ساتر إن وجد أو إن لم يوجد صلي وأنت واقفة».وتابع: أنه على المرأة عند عدم وجود مصلى أن تتخذ ساترًا سواء أكان شجرة أو جدارًا، وكذلك سؤال العاملين بالمكان إذا كانت هناك غرفة أو مكان يمكن لك الصلاة فيه وإن لم يوجد فعليك الصلاة أمام الناس وهذا الأمر جائز شرعًا.


واستشهد على ذلك بأن النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يصلين في نفس مكان صلاة الرجال وكان لا يوجد بينهم ساتر، لما ثبت من شُهود النِّساء صلاةَ العيد مع النَّبيِّ صلَّى الله عليْه وسلَّم في المصلَّى؛ ففي الصَّحيحين عن أمِّ عطيَّة رضي الله عنْها: أنَّها سمِعتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم يقول: «يخرج العواتق وذوات الخدور -أوِ العواتق ذوات الخدور- والحُيَّض، وليشْهدن الخير ودعوة المؤمنين، ويعتزل الحيَّض المصلَّى» ومعلومٌ أنَّ صلاة العيد كانت تؤدَّى في عهْد النَّبيِّ صلَّى الله عليْه وسلَّم في المصلَّى، وهو مكان عام خارجَ المدينة، ولكن كانت النساء تصلي خلف الرجال بعيدًا عنهم، غير مختلطين بهم.

طباعة شارك لبس الشراب للمرأة في الصلاة الصلاة لبس شراب الإفتاء هل يجوز صلاة المرأة في بيتها بدون حجاب حكم صلاة المرأة دون ستر قدميها حكم صلاة المرأة أمام الرجال

مقالات مشابهة

  • هل يجب على المرأة لبس شراب عند الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز إخراج الزكاة بالتقويم الميلادي؟.. دار الإفتاء توضح
  • هل توزيع الصدقات عند زيارة المقابر بدعة؟.. الإفتاء تجيب
  • زكاة الذهب.. متى تجب وكيف تُحسب؟ دار الإفتاء توضح
  • دار الإفتاء توضح حكم عدة المطلقة رجعيا إذا توفي زوجها أثناء العدة
  • ما أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء توضح
  • حكم الدعاء على الميت الظالم وموقف الشرع من ذلك.. أمين الفتوى يوضح
  • الإفتاء توضح حكم الدعاء على الميت الظالم
  • هل الميت يسمع ويرى بعد توقف قلبه لمدة ساعة؟.. معجزة تكشفها دار الإفتاء