سامسونج تدخل سباق متصفحات الذكاء الاصطناعي بإطلاق Samsung Internet لسطح المكتب
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
أعلنت شركة سامسونج رسميًا عن إطلاق النسخة المكتبية من متصفحها الشهير Samsung Internet لأنظمة ويندوز، لتفتح بذلك فصلًا جديدًا في منافسة متصفحات الويب المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تشهد انتشارًا سريعًا خلال عام 2025.
النسخة الجديدة، التي توفرت مؤخرًا بنسخة تجريبية لمستخدمي Windows 10 (الإصدار 1809 فأعلى) وWindows 11، تمثل أكثر من مجرد نقل لمتصفح الهاتف إلى الحاسوب، إذ وصفت سامسونج هذا الإصدار بأنه "يتطور من متصفح تقليدي إلى منصة ذكاء اصطناعي متكاملة"، في إشارة واضحة إلى أن المتصفح الجديد سيكون جزءًا من استراتيجيتها الأوسع لما تسميه الشركة "الذكاء الاصطناعي المحيطي"، أي الذكاء القادر على فهم احتياجات المستخدم والتفاعل معه بشكل متكامل في مختلف الأجهزة والمنصات.
ورغم أن المتصفح يقدم الوظائف المعتادة التي يتوقعها المستخدمون، مثل مزامنة الإشارات المرجعية وسجل التصفح وعمليات التعبئة التلقائية بين الهاتف والحاسوب، إلا أن سامسونج أكدت أن التركيز الرئيسي سيكون على الخصوصية والأمان، حيث يأتي المتصفح مزودًا بميزات مثل حظر أدوات التتبع الرقمية ولوحة تحكم متقدمة للخصوصية تتيح للمستخدمين رؤية البيانات التي تجمعها المواقع والتحكم فيها بسهولة.
لكن خلف هذه الواجهة الآمنة، يختبئ هدف أكبر تسعى سامسونج إلى تحقيقه: التموضع القوي داخل سباق متصفحات الذكاء الاصطناعي، الذي اشتعل مؤخرًا مع دخول أسماء كبيرة في السوق، فإلى جانب متصفح ChatGPT Atlas الذي أطلقته OpenAI، قدمت مايكروسوفت تحديثات جديدة في متصفح Edge من خلال وضع Copilot Mode، كما دخلت أوبرا على الخط بإصدارها التجريبي Opera Neon، في حين أعلنت شركة Perplexity عن الإتاحة العامة لمتصفحها الذكي Comet.
هذه المنافسة المتصاعدة جعلت من الواضح أن الذكاء الاصطناعي هو الاتجاه الرئيسي القادم في تجربة تصفح الإنترنت، وهو ما تدركه سامسونج جيدًا، إذ تهدف الشركة الكورية من خلال متصفحها الجديد إلى دمج إمكانيات المساعدة الذكية مباشرة داخل بيئة التصفح، بحيث يمكن للمتصفح نفسه تحليل سلوك المستخدم، اقتراح المعلومات، وتنظيم المهام اليومية مثل البحث، التسوق الإلكتروني، وإدارة المحتوى الشخصي عبر السحابة.
ويُتوقع أن يصبح المتصفح جزءًا من منظومة الأجهزة الذكية التي تطورها سامسونج ضمن رؤيتها المتكاملة، بحيث يعمل بتناسق مع الهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون الذكية والساعات المتصلة وغيرها من منتجات الشركة، لتوفير تجربة موحدة تربط المستخدم بعالمه الرقمي في كل لحظة.
وتُعد هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها سامسونج اقتحام سوق متصفحات سطح المكتب، إذ كانت قد أطلقت نسخة تجريبية محدودة من Samsung Internet في عام 2024 على متجر مايكروسوفت، لكنها سُحبت سريعًا دون إعلان واضح عن الأسباب، إلا أن العودة الجديدة في عام 2025 تأتي بتوجه أكثر وضوحًا واستراتيجية أكثر نضجًا، مدعومة برؤية الذكاء الاصطناعي التي أصبحت تمثل محور الابتكار لدى الشركة.
ومن الملاحظ أن سامسونج تحاول الاستفادة من قوتها في قطاع الأجهزة الذكية لتقديم تجربة تصفح مختلفة عن تلك التي تقدمها الشركات المنافسة، فهي لا تركز فقط على سرعة الأداء أو واجهة الاستخدام، بل تسعى إلى تقديم متصفح "يفكر" مع المستخدم ويعمل على تبسيط حياته الرقمية.
وبينما ما تزال النسخة الحالية في مرحلة تجريبية، يمكن للمستخدمين التسجيل عبر صفحة المنتج الرسمية لتجربة المتصفح على أجهزتهم، في انتظار الإطلاق الرسمي الكامل المتوقع في الأشهر المقبلة.
بهذه الخطوة، تثبت سامسونج أنها لا تكتفي بمنافسة الشركات في سوق الهواتف الذكية أو الأجهزة الإلكترونية، بل تتجه بقوة نحو بناء نظام بيئي رقمي شامل، يكون فيه متصفح الويب جزءًا أساسيًا من تجربة الذكاء الاصطناعي اليومية للمستخدمين حول العالم.
هل سينجح Samsung Internet في منافسة عمالقة مثل كروم وإيدج وسفاري؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كان هذا المتصفح سيجد مكانه في عالم تسيطر عليه الشركات الكبرى أم سيصبح الورقة الرابحة التي تُعيد تعريف مفهوم التصفح الذكي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل بدأ الذكاء الاصطناعي فعلا في القضاء على الوظائف؟
في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف العالمية من اتساع نفوذ الذكاء الاصطناعي داخل سوق العمل، وتزايد الجدل حول مستقبل الوظائف البشرية أمام موجة الأتمتة المتسارعة، أثار إعلان شركة "أمازون" هذا الأسبوع عن تسريح نحو 14 ألف موظف من عناصرها الإدارية حالة واسعة من النقاش داخل الأوساط الاقتصادية والتقنية.
فقد أعاد القرار -بحسب هيئة البث البريطانية "بي بي سي"- إشعال المخاوف من أن تكون هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة في علاقة الشركات الكبرى بالذكاء الاصطناعي، مرحلة يُعاد فيها رسم ملامح التوظيف، ويُستبدل فيها الإنسان ليتمّ استعمال الخوارزميات في عدد متزايد من القطاعات الحيوية.
الذكاء الاصطناعي في قفص الاتهاموانضمت أمازون إلى قائمة متنامية من الشركات الأميركية التي عزت قراراتها بخفض العمالة إلى "فرص الكفاءة" التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، فشركات مثل "تشِغ" المتخصصة في التعليم الإلكتروني أعلنت مؤخرًا عن تخفيض 45% من قوتها العاملة بسبب "الواقع الجديد الذي فرضه الذكاء الاصطناعي"، في حين بررت شركة "سيلزفورس" تسريح 4 آلاف موظف بأن "وكلاء الذكاء الاصطناعي" أصبحوا يؤدون المهام بكفاءة كبرى.
كما كشفت شركة "يو بي إس" عن خفض 48 ألف وظيفة منذ العام الماضي، وربطت مديرة الشركة القرار بتطور خوارزميات "التعلم الآلي"، غير أن محللين حذّروا من المبالغة في تحميل الذكاء الاصطناعي كامل المسؤولية عن موجة التسريحات الأخيرة.
جدل بين الاقتصاديين حول الأسبابوتقول مارتا غِمبل المديرة التنفيذية في "مختبر الميزانية" بجامعة ييل، إن "الاستناد إلى تصريحات الشركات لتحديد تأثير الذكاء الاصطناعي على التوظيف هو ربما أسوأ طريقة للفهم".
وأضافت أن كثيرًا من هذه القرارات تعكس "ديناميكيات خاصة بكل شركة أكثر من كونها نتيجة مباشرة للتقنية".
إعلانوأشارت دراسة أجراها بنك الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس إلى وجود علاقة بين انتشار وظائف معرّضة للذكاء الاصطناعي وارتفاع معدلات البطالة منذ عام 2022.
لكنّ أبحاثا موازية للأستاذ مورغان فرانك من جامعة بيتسبرغ وجدت أن "التأثير الحقيقي اقتصر على الوظائف المكتبية والإدارية"، إذ شهدت تلك الفئات ارتفاعًا في احتمالات طلب إعانات البطالة بعد إطلاق "تشات جي بي تي" في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ومع ذلك، أكد فرانك أن "سوق العمل أصبح أصعب لكلٍّ من موظفي التقنية والإدارة، لكن لا يمكن الجزم بأن الذكاء الاصطناعي هو السبب الوحيد".
دور الدورة الاقتصادية في الظاهرةوتوضح غِمبل أن شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل "أمازون" و"مايكروسوفت"، كانت قد وسّعت توظيفها بشكل مفرط خلال جائحة كورونا عندما خفّض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبًا، مما جعل هذه الشركات الآن في مرحلة "تصحيح هيكلي" أكثر منه استجابة لموجة الذكاء الاصطناعي.
وأضافت الباحثة أن كثيرًا مما يحدث "ليس جديدًا، بل يشبه الأنماط التقليدية لتوسع الشركات وانكماشها تبعًا لدورة الاقتصاد"، لكنها لفتت إلى أن التحدي المستقبلي يكمن في "التمييز بين الخسائر الدورية والخسائر الناتجة عن الأتمتة والذكاء الاصطناعي".
أمازون في مقدمة التحولوأعلنت أمازون أنها تسعى لأن تكون "أكثر رشاقة تنظيمية" للاستفادة من الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي، ووفقا لـ"بي بي سي"، حققت الشركة أداءً ماليا قويا في يوليو/تموز الماضي، إذ ارتفعت مبيعاتها السنوية بنسبة 13% إلى 167.7 مليار دولار، متجاوزة توقعات "وول ستريت".
ويرى إنريكو مورِتّي، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا/بيركلي، أن الشركات الكبرى مثل أمازون "تقع في صدارة عمليات خفض الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لأنها في الوقت نفسه منتجة ومستفيدة من هذه التكنولوجيا"، لكنه أضاف أن "جزءًا من عمليات التسريح الحالية قد يكون مجرد تصحيح بعد التوسع المفرط في التوظيف خلال الجائحة".
أما لورانس شميت أستاذ التمويل في معهد "إم آي تي سلون"، فقال إن "أمازون تملك القدرة على أتمتة الوظائف بسرعة تفوق منافسيها بسبب حجمها الهائل"، مضيفًا أن الشركة قد تختار "التوقف عن توظيف مزيد من العاملين في بعض الأقسام التي يمكن أتمتتها".
ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن مستقبل العمل في قطاع التكنولوجيا الأميركي بات محكومًا بـ"إعادة توزيع الوظائف" أكثر من إلغائها الكلي، وأن الذكاء الاصطناعي -رغم تأثيره الواضح- لا يزال جزءًا من مشهد اقتصادي أوسع تشكّله السياسات النقدية والدورات الاقتصادية العالمية.