عام 2019، أطلقت منصة "آبل تي في بلس" (Apple TV+) الوليدة آنذاك مسلسلها الدرامي الجديد "البرنامج الصباحي" (The Morning Show) من بطولة النجمتين جينيفر أنيستون وريس ويذرسبون، في لقاء نادر بين اثنتين من أبرز نجمات هوليود.

وقد حظي العمل باهتمام واسع منذ الإعلان عنه، ليس فقط بسبب أبطاله أو المنصة الجديدة التي تنافس نتفليكس، بل لأنه لامس قضايا حساسة داخل المشهد الإعلامي الأميركي، مقدّمًا رؤية جريئة في التوقيت المناسب تمامًا، وهو ما واصل القيام به خلال مواسمه الأربعة التي يُعرض أحدثها حاليًا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عودة الكبار ورهان على التنوّع.. خريطة المسلسلات الكويتية موسم 2026list 2 of 2"هنيئا مريئا جلالتك".. دراما كورية تعيد تعريف الرومانسية من داخل المطبخ الملكيend of list

واستلهم المسلسل فكرته من كتاب الصحفي براين ستيلتر الصادر عام 2013 بعنوان "قمة الصباح" (Top of the Morning) الذي يتناول كواليس البرامج الإخبارية الصباحية وما يدور خلف الكاميرات من علاقات وصراعات مهنية وشخصية.

وقد حصد المسلسل إشادة نقدية واسعة، تُرجمت إلى 27 ترشيحًا لجوائز "إيمي برايم تايم" (Primetime Emmy Awards) و10 ترشيحات لجوائز "نقابة ممثلي الشاشة" (Screen Actors Guild Awards) و9 ترشيحات لجوائز "غولدن غلوب" (Golden Globe Awards) ليكرّس مكانته كأحد أبرز الأعمال الدرامية التي تناولت علاقة الإعلام بالسلطة في العصر الحديث.

View this post on Instagram

البرنامج الصباحي يضرب دوما على الوتر الحساس

صدر الموسم الأول من مسلسل "البرنامج الصباحي" (The Morning Show) بعد عامين من انطلاق حركة "أنا أيضًا" (Me Too) التي هدفت إلى فضح ظاهرة الاعتداءات والتحرش الجنسي خصوصًا في أماكن العمل، وتهيئة بيئة تشجع الناجيات، وغالبًا من النساء، على سرد تجاربهن والشعور بأنهن لسن وحدهنّ.

وقد تركزت تلك الحملة في ذلك الوقت على الكشف عن حجم الظاهرة داخل المؤسسات السينمائية والإعلامية، مما أدى إلى سقوط عدد من الأسماء اللامعة في عالم الإنتاج والتلفزيون.

إعلان

ومنذ الحلقة الأولى، لم يمهّد المسلسل لعالمه بهدوء، بل دفع بالمشاهد مباشرة إلى قلب الحدث. فهناك برنامج تلفزيوني شهير يحمل اسم "البرنامج الصباحي" يقدّمه الثنائي ميتش كيسلر (ستيف كاريل) وأليكس ليفي (أنيستون). وفي دقائق قليلة، تتضح توازنات القوة داخل القناة: ميتش النجم المتوَّج المدعوم من الإدارة، في حين تُحاك خلف الكواليس خطة لإقصاء أليكس واستبدالها بوجه شاب أقل خبرة وأضعف في التفاوض على الأجر.

لكن عاصفة حركة "أنا أيضًا" سرعان ما تهبّ لتقلب المشهد رأسًا على عقب، حين تنكشف سلسلة من التحرشات الجنسية التي ارتكبها ميتش داخل بيئة العمل في قناة "يو بي إيه" (UBA) إلى جانب تواطؤ رئيسه في التستر عليه.

وهنا يبدأ المسلسل في تفكيك علاقات النفوذ والهيمنة داخل مؤسسات الإعلام الكبرى، كاشفًا الوجه الخفي لعالمٍ يلمع على الشاشة بينما يضج خلف الكاميرات بصراعات الاستغلال والصمت والسلطة.

ويدفع هذا التحوّل المفاجئ أليكس ليفي إلى واجهة المشهد الإعلامي، خصوصًا بعد انضمام برادلي جاكسون (ويذرسبون) لتشاركها تقديم البرنامج، في ثنائية جديدة تُعيد رسم توازن القوى داخل القناة.

أما الموسم الثاني، فقد نقل التركيز إلى المؤسسة الإعلامية نفسها في ظل جائحة كورونا، تلك المرحلة المفصلية التي لم تغيّر فقط ملامح الصحة العامة حول العالم بل أعادت أيضًا تشكيل المشهد الإعلامي برمّته: إذ ازدهرت المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، في حين تراجع نفوذ القنوات التقليدية مثل "يو بي إيه" (UBA).

ومن هنا، يطرح المسلسل سؤالًا جوهريًا: كيف يمكن للإعلام التقليدي النجاة في عصر التحوّلات الرقمية المتلاحقة التي سرّعت الجائحة وتيرة تمددها وهيمنتها على الساحة؟

أما الموسم الثالث، فقد وضع تحت المجهر التحولات السياسية الأميركية بين حقبتي الرئيس دونالد ترامب وصعود اليمين المتشدد، متناولًا تلك الفترة عبر معالجة درامية لحادثة اقتحام الكونغرس وما سبقها وما تلاها من أحداث أعادت تعريف العلاقة بين الإعلام والسياسة.

وفي الموسم الرابع، يتجه المسلسل إلى تناول ظاهرة العصر الكبرى: الذكاء الاصطناعي، مستكشفًا وجهها المزدوج. فهي من ناحية تهدد مستقبل الصناعة الإعلامية وقد تُقصي العاملين فيها، ومن ناحية أخرى تمثل أداةً قوية لتطويرها وتحسين كفاءتها.

غير أن هذه الطفرة التكنولوجية تُثير تساؤلات مقلقة حول مصير صغار الموظفين الذين يواجهون خطر استبدالهم بتطبيقات قادرة على أداء المهام نفسها بجودة مقبولة وتكلفة أقل، وهي معادلة يضعها رأس المال في صميم اهتمامه حتى لو جاءت على حساب الإنسان.

View this post on Instagram

نساء على القمة: سؤال السلطة والمبادئ

تبدأ الحلقة الأولى من الموسم الرابع بداية محتدمة: أولمبياد باريس على الأبواب، والمؤسسة "يو بي إيه" (UBA) تحولت إلى "يو بي إن" (UBN) بعد شراكة المرأة شديدة الثراء سيلين (ماريون كوتيار) مع التوسع في المنصة الإلكترونية.

وعلى قمة هذه المؤسسة تقف الآن عدة نساء شديدات النجاح والتألق، على رأسهن أليكس ليفي نفسها، مما يطرح سؤالًا ضروريًا منذ الحلقة الأولى: هل يمكن لهؤلاء النسوة تغيير الأمور في مؤسسة نشأت وترعرعت على قيم رأسمالية بيضاء تميز ضد النساء والملونين بشكل واضح؟

إعلان

وتكشف الحلقات التالية حبكات متشابكة وأزمات متعددة تقع فيها الشخصيات، غير أن المبدأ الأعم الذي يسيطر على كل ذلك هو "الآنية" في الأحداث. فكل ما يقع على الشاشة يمكن أن تجد له إحالات في الواقع، في محاولة من صُناع العمل لنقل صورة واقعية لما يحدث في مطابخ المؤسسات الإعلامية من ناحية، والطريقة التي تؤثر بها التغيرات التكنولوجية الهائلة السرعة في العالم من حولنا من ناحية أخرى.

ويعد تطور شخصياته المستمر أحد أهم مزايا مسلسل "البرنامج الصباحي" فمتابعة العمل من الموسم الأول إلى الرابع تكشف عن نمو هذه الشخصيات بشكل مؤثر في الأحداث، مما يساهم في احتدام الحبكة، ويُبعد المسلسل عن حالة الثبات والملل عندما يعلم المشاهد ما سيحدث تالياً بناءً على فهمه للشخصية.

غير أن هذا النمو لا يأتي فقط في اتجاه النضوج والتحسن، بل يعبر كذلك عن لمسات واقعية. فعندما تمتلك هؤلاء النساء القوة، تقع عليهن مسؤولية حسن استخدام نفوذهن لتحسين أحوال المؤسسة ليس فقط أحوالهن. وهنا يبرز سؤال مركزي آخر: أيٌّ منهن استطاعت الحفاظ على مبادئها؟ وأيٌّ منهن فقدت هذه المبادئ لصالح الحفاظ على السلطة وتحولت، رغم جنسها ولون بشرتها، إلى نسخة مختلفة من الرجال البيض العنصريين الذين حاربتهم في البداية؟

وتسمح مسارات الشخصيات هذه للممثلات بتقديم أداء ربما هو الأفضل في مسيرتهن، وعلى رأسهن أنيستون وويذرسبون، بالإضافة إلى جريتا لي في دور المديرة ستيلا ذات الأصول الآسيوية، وكارين بيتمان في شخصية ميا، المعدّة التي تخنق المحطة طموحها مرة تلو الأخرى، ثم الإضافة الجديدة الممثلة الفرنسية الموهوبة والمتحققة عالميًا ماريون كوتيار في دور سيلين المرأة الأرستقراطية الثرية التي تُدخل المؤسسة في صراعات ذات حسابات مختلفة.

View this post on Instagram

وعلى عكس الكثير من المسلسلات الأخرى التي تفقد ألقها بعد عدة مواسم، يستمر "البرنامج الصباحي" في التحسن والتطور موسمًا بعد الآخر، وهو ما يجعل تجديده لموسم خامس خبرًا يدعو إلى التفاؤل وانتظار ما سيرصده المسلسل في المستقبل، وكيف سيتغير الإعلام السنوات القادمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات من ناحیة التی ت

إقرأ أيضاً:

انهيار صامت في موانئ البحر الأحمر.. تقارير أممية تكشف أرقاماً مروّعة عن تراجع الإمدادات

وأوضح التقرير أن موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى استقبلت خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2025 نحو 4.6 ملايين طن متري فقط، بانخفاض بلغ 24% عن عام 2024 و12% عن عام 2023.

وأشار البرنامج إلى أن واردات الوقود تراجعت إلى 1.7 مليون طن متري، بانخفاض 26% عن العام الماضي و24% عن عام 2023، فيما وصلت واردات المواد الغذائية إلى 3 ملايين طن متري، مسجلة تراجعاً بنسبة 23% و3% على التوالي.

وأرجع البرنامج هذا التراجع المقلق إلى الأضرار الكبيرة في منشآت التخزين وتعطّل العمليات اللوجستية نتيجة الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية التي استهدفت مواقع قرب الموانئ، ما أدى إلى شلل جزئي في حركة الإمدادات الإنسانية والتجارية.

مقالات مشابهة

  • كيف أحيا الشارع بواشنطن الذكرى الأولى لانتخاب ترامب؟
  • شاهد بالفيديو.. حسناء الشاشة السودانية رشا الرشيد تغني داخل الأستوديو (مبروك عليك الليلة يا نعومة) بمشاركة عروس الموسم لينا يعقوب
  • انهيار صامت في موانئ البحر الأحمر.. تقارير أممية تكشف أرقاماً مروّعة عن تراجع الإمدادات
  • النهار تكشف تفاصيل برنامج الناظر للإعلامي أحمد شوبير
  • العمامة التي خانت المعنى: في محاسبة النخبة الدينية المتحالفة مع نظام الأسد
  • صبا مبارك تكشف موقفها من دراما رمضان 2026
  • أحمد فهمي ومرام علي في "2 قهوة".. دراما جديدة على قنوات ON قريبًا
  • آداب القدوم على الزواج والتحذير من أسباب الطلاق.. موسم جديد بملتقى المرأة بالجامع الأزهر
  • صبا مبارك تكشف حقيقة مشاركتها فى دراما رمضان المقبل