إعلان الدوحة يدعو العالم لتوفير 4 تريليونات دولار لتحقيق التنمية المستدامة
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
الدوحة– وجه إعلان الدوحة السياسي الصادر عن القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المنعقدة حاليا في الدوحة رسالة واضحة للمجتمع الدولي حول أهمية توفير التمويل الكافي والمستدام لتحقيق التنمية الشاملة، موضحا أن حجم الاحتياجات المالية اللازمة لتحقيق التنمية المطلوبة يبلغ 4 تريليونات دولار.
وبينما ترتفع الطموحات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، تكشف الوقائع عن هذا العجز المالي الهائل، وهو ما يجعل قضية التمويل في قلب النقاش الدولي حول مستقبل التنمية، فهل يستطيع العالم، رغم التحديات الاقتصادية والاضطرابات الجيوسياسية، أن يوفر هذا المبلغ الضخم؟ وإن كان قادرا، فكيف يمكن تعبئة الموارد بطريقة عادلة ومستدامة تضمن عدم ترك أي مجتمع متخلفا عن الركب؟
ووفق تصريحات عدد من الشخصيات المشاركة في القمة للجزيرة نت، فإن الفجوة التمويلية لم تعد مجرد مشكلة مالية، بل أصبحت مؤشرا على خلل في أولويات النظام الاقتصادي العالمي، الذي لا يزال يوجه استثمارات هائلة نحو الأمن والاستثمار، بينما يبقى الإنفاق على الإنسان وصحته وتعليمه وكرامته في مرتبة متأخرة.
وأكدوا أن القمة وجهت دعوة صريحة لإعادة النظر في أولويات الإنفاق العالمي، بحيث توجه الاستثمارات إلى المجالات التي تخدم الإنسان وتحمي البيئة وتدعم المجتمعات الهشة، بما يشكل أساسا لتحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في آن واحد.
وفي هذا السياق، تؤكد رئيس اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان مريم بنت عبد الله العطية أن توفير التمويل العادل هو أساس التنمية وشرط تحقيق الكرامة الإنسانية، موضحة أن إعلان الدوحة وجه رسالة واضحة للمجتمع الدولي حول أهمية توفير التمويل الكافي والمستدام لتحقيق التنمية الشاملة، وأن هناك عجزا عالميا يقدر بنحو 4 تريليونات دولار مطلوبة لتسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
إعلانوقالت مريم العطية -في تصريحات للجزيرة نت- إن هذا الرقم يعكس الفجوة التمويلية الكبيرة التي تواجه العالم اليوم، ويؤكد أن تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والبيئية لا يمكن أن يتم إلا عبر تعبئة الموارد وتعزيز الإنفاق الموجه نحو القطاعات الحيوية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، ومكافحة الفقر، ومواجهة تغير المناخ.
ويشدد إعلان الدوحة على أن التمويل هو العمود الفقري للتنمية المستدامة، وأن سد الفجوة التمويلية يتطلب من الدول، خاصة المتقدمة منها، الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال تمويل التنمية وتقديم الدعم للدول النامية، بما يضمن ألا يتخلف أحد عن الركب -حسب مريم العطية- التي شددت على دعوة القمة لإعادة النظر في أولويات الإنفاق بالعالم.
وبشأن ما إذا كان العالم قادرا على توفير التمويل اللازم لتحقيق التنمية، قال وكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة لي جونهوا للجزيرة نت إن العالم يواجه فجوة في تمويل التنمية المستدامة، وإن سد هذه الفجوة يتطلب توسيع نطاق الموارد من جميع المصادر، سواء كانت محلية أو دولية، عامة أو خاصة.
وتطرق المسؤول الأممي إلى الحديث عن مراقبة الإنفاق العام وتقديم الحوافز الدولية، مشيرا إلى أن الدول اتفقت على مجموعة من الآليات لتقديم بيانات شفافة حول الميزانيات والسياسات المالية، وفق معايير دولية يدعمها كل من الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي وجهات أخرى.
وأعلنت العديد من الدول خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية "إف إف دي 4" (FFD4)، الذي عقد في يونيو/حزيران الماضي، عن خطط لتقديم ضمانات وتمويلات ميسرة للاستثمار في مجالات محددة من التنمية المستدامة، كما أن بعض الدول تعمل حاليا على اتفاقيات مبادلة الديون مقابل التنمية المستدامة، والتي تقوم على إلغاء جزء من الديون مقابل استثماره في قطاعات حيوية مثل مكافحة تغير المناخ، وحماية المحيطات، والرعاية الصحية.
وترى مديرة المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ماري قعوار أن ضعف التمويل المخصص للسياسات الاجتماعية في العديد من الدول لا يزال يمثل العقبة الأبرز أمام تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مشددة على أن أي تقدم اقتصادي لا يمكن أن يكتمل دون التزام مالي وسياسي طويل الأمد يدعم الإنسان أولا.
وقالت المديرة، للجزيرة نت، إن المشكلة الأساسية التي نواجهها اليوم في كثير من الدول، هي أن الإنفاق على السياسات الاجتماعية ما زال ضعيفا جدا، فعندما ننظر إلى موازنات الحكومات، نلاحظ تفاوتا كبيرا بين ما ينفق على قطاعات الأمن والاستثمار، وبين ما يخصص للتعليم والصحة والحماية الاجتماعية.
وفي الدول العربية، إذا نظرنا إلى نسب الإنفاق خلال العقد الأخير، سنجد أن المخصصات الموجهة للتعليم أو الصحة أو السكن الكريم لم تشهد الزيادة الكافية لتواكب احتياجات الناس المتنامية، حسب المديرة.
إعلان الدوحة السياسي ينوه ببرنامج عمل الدوحة لأقل البلدان نموا كمرجعية عالميةhttps://t.co/m35wpmilvv
— صحيفة الشرق – قطر (@alsharq_portal) November 4, 2025
الإقصاء والتهميشوأشارت ماري قعوار إلى أن العالم، رغم ما حققه من تقدم على مدى العقود الماضية، ما زال يواجه تحديات كبيرة في القضاء على الفقر والتمييز، وفي تحقيق شمولية التنمية، لافتة إلى أن هناك فئات اجتماعية ومناطق جغرافية لا تزال تعاني الإقصاء والتهميش، وهو ما يستدعي إعادة النظر في معنى السياسات الاجتماعية ودور كل طرف في صياغتها وتنفيذها.
إعلانوتساءلت ماري قعوار عما إذا كان يمكن إيجاد آلية دولية تراقب مدى التزام الدول بتطبيق السياسات الاجتماعية العادلة، قائلة: هل هناك آلية لمحاسبة الدول غير الملتزمة؟ وهل يمكن إنشاء تصنيف عالمي يحدد الدول الملتزمة بسياسات الإنصاف والمساواة الاجتماعية وتلك التي تتخلف عنها؟ مشددة على أن وجود مثل هذا النظام سيخلق حوافز للدول لتطوير سياساتها، ويجعل الالتزام بالعدالة الاجتماعية جزءا من المسؤولية الدولية المشتركة.
أما عضو المجلس التنفيذي في غرفة التجارة الدولية بأرمينيا، هايك ماركاريان، فأكد أن التزام قمة الدوحة بالتنمية المستدامة يسلط الضوء على التحدي المالي الكبير الذي يواجه العالم، مشيرا إلى أن وجود هذا العجز المالي يعكس الحاجة الماسة إلى إعادة النظر في الإنفاق الحكومي وتوجيه الموارد بطريقة أكثر فاعلية نحو التنمية.
وقال ماركاريان للجزيرة نت: بصفتي ممثلا للغرفة التجارية الدولية وقطاع الأعمال الخاص بأرمينيا، أرى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضرورية لإشراك أكبر عدد ممكن من ممثلي الأعمال، والشركات الدولية الكبرى، والمستثمرين الخاصين، متسائلا هل يمكن أن يكون لدينا إطار يلزم جميع الدول بالمساهمة بالمال أو تحديد ميزانيات مخصصة للتنمية؟ وكيف يمكن إلزام جميع الدول بذلك؟
وأوضح أهمية وجود آليات لمراقبة وتقييم الإنفاق، لتحقيق التنمية من خلال تخصيص الأموال اللازمة في المكان المناسب سواء في التعليم أو الصحة أو القطاع الخدمي بشكل عام، ومن المهم أن تكون الشراكات الخاصة مدعومة من الحكومة، ومن ثم سيكون القطاع الخاص أكثر اهتماما بإنشاء شركات تحقق معدلات عائد جيدة، مشددا على أن الحل يكمن في تعزيز الشراكات بين القطاعين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات التنمیة المستدامة التنمیة الشاملة لتحقیق التنمیة توفیر التمویل تحقیق التنمیة إعلان الدوحة للجزیرة نت النظر فی من الدول إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
قمة التنمية الاجتماعية.. مسؤول أممي: قطر نموذج رائد في تعزيز التنمية المستدامة
أكد سعادة السيد لوك بهادور ثابا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، أن دولة قطر، تمثل نموذجا رائدا في تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، مشيدا بالتزامها القوي بدعم التعاون متعدد الأطراف وبنظام الأمم المتحدة، ولاسيما نظام التنمية الذي يشرف عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار سعادته، في حوار خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إلى أن استضافة دولة قطر لمؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، يؤكد على الموقف القطري الداعي إلى أهمية التعاون متعدد الأطراف والتضامن بين الدول، مبرزا أن اختيار الدوحة بعد مرور ثلاثة عقود على قمة كوبنهاغن 1995 وفر منصة لتجديد الالتزام العالمي بالتقدم الاجتماعي والشمول.
كما ثمن الدور القيادي لدولة قطر، في دعم التنمية الاجتماعية والاستدامة العالمية، مؤكدا أن مساهمات قطر تتجاوز مجرد الاستضافة، حيث استضافت مؤتمر الدول الأقل نموا، وبرنامج عمل الدوحة للعمل للفترة 2022 -2031، وساهمت في دعم الدول الأقل نموا في مسارها نحو الخروج من هذه الفئة، وتعزيز التعلم المتبادل بين الدول، بما يدعم الدول الأكثر ضعفا ويعزز قدرتها على التنمية المستدامة.
وأضاف أن المؤتمر جمع الحكومات والمجتمع المدني والشباب والقطاع الخاص لإيجاد حلول عملية للتحديات الكبرى مثل عدم المساواة والبطالة والتعليم والصحة والحماية الاجتماعية.
وأوضح أن النسخة الثانية، تمثل دعوة للعمل على المستوى العالمي، إذ تحث القادة وصناع السياسات على الاعتراف بالتنمية الاجتماعية كركيزة أساسية للسلام والازدهار والاستدامة، لافتا إلى أن اعتماد إعلان الدوحة السياسي بالإجماع، رغم التحديات الحالية في التعاون متعدد الأطراف واختلاف وجهات النظر بين الدول، يمثل إنجازا مهما ويبعث رسالة واضحة بأن التعاون متعدد الأطراف حي وفعال، ويعكس التزام المجتمع الدولي بالعدالة والشمولية والتنمية المستدامة.
وأكد سعادة السيد ثابا، أن المؤتمر ركز على ثلاثة محاور رئيسية للتنمية الاجتماعية تشمل القضاء على الفقر، وتحقيق التوظيف الكامل والعمل اللائق، وتعزيز الدمج الاجتماعي، مع التأكيد على وضع الإنسان في مركز التنمية وعدم ترك أي شخص خلف الركب، مشددا على أهمية معالجة أسباب الفقر وعدم المساواة من خلال استراتيجيات شاملة، وتوسيع الاستثمار في الحماية الاجتماعية، وضمان الوصول إلى الغذاء والماء والسكن والتعليم والرعاية الصحية، مع التركيز على النساء والأطفال وذوي الإعاقة والفئات الأكثر ضعفا.
ولفت إلى أن تعزيز التوظيف والعمل اللائق يشمل الانتقال من الاقتصاد غير الرسمي إلى الرسمي، ودعم ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والاستثمار في التحولات الخضراء والرقمية، وضمان المساواة في الأجور، والقضاء على العمل القسري، مع التركيز على تمكين المرأة ونقل المعرفة بين الأجيال، وإعادة تعزيز العدالة الاجتماعية والنمو الشامل.
وقال إن تعزيز الدمج الاجتماعي وبناء مجتمعات شاملة وعادلة يتطلب تقليل الفجوات، ومكافحة العنصرية والتمييز، وتعزيز التضامن بين الأجيال، والمشاركة الكاملة لجميع الفئات بما فيها الشباب وكبار السن وذوي الإعاقة والفئات المهمشة، مع الاستثمار في الطفولة المبكرة والثقافة والرياضة والعمل التطوعي لتعزيز التماسك الاجتماعي، مبينا بأن معالجة القضايا مثل التشرد تعتبر أولوية لحماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وبشأن أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، شدد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، على أن تنفيذها يواجه تحديات كبيرة مثل النزاعات، والديون، وتزايد الفجوات الاجتماعية، والضغوط المناخية، مؤكدا ضرورة تجديد التضامن العالمي، وتعزيز الإرادة السياسية، واتخاذ إجراءات جماعية.
ونوه إلى أهمية التمويل المستدام للتنمية من خلال الإعفاء من الديون، وتمويل الابتكار، وإصلاح النظم المالية العالمية لتوفير المساحة المالية اللازمة للدول لتنفيذ برامجها التنموية، والاستثمار في الإنسان، والتعليم الجيد، والحماية الاجتماعية الشاملة، والاستفادة من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتعزيز الشمولية.
وأفاد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، في ختام حواره لـ"قنا"، بأن استضافة الدوحة لمؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، تجسد الدور المتنامي للمنطقة العربية في دفع أجندة التنمية العالمية، وتشكل فرصة لتجديد الطموح الجماعي، وتعزيز الشراكات، وبناء مجتمعات أكثر شمولية وعدلا واستدامة للجميع، مشيرا إلى أن نجاح هذه النسخة، يعتمد على التزام المجتمع الدولي بتحويل التصريحات إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع لتحقيق التنمية الاجتماعية والعدالة للجميع.