هل الموت يوم الجمعة بشارة بالجنة أم علامة لحسن الخاتمة؟
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
في لحظةٍ لا يعلم موعدها إلا الله، يودّع الإنسان دنياه إلى حياةٍ أخرى أبدية، لكن ما إن يُذكر "الموت يوم الجمعة" حتى تتردد بين الناس بشارةٌ محببة: أن من مات في هذا اليوم المبارك نجا من عذاب القبر، فهل حقًا يحمل هذا اليوم خصوصيةً للميت؟ أم أن نجاته تكون بعمله الصالح فقط؟
سؤال تكرر كثيرًا، ورد إلى دار الإفتاء المصرية، ليجيب عنه الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بالدار، موضحًا أن يوم الجمعة يومٌ عظيم اختصه الله بالبركة والمغفرة والرحمة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:«خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمس يومُ الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه أُدْخل الجنةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة» (رواه مسلم).
ما بعد الموت!
أكد الدكتور وسام، في بث مباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء، أن الموت ليس فناءً أو انعدامًا للحياة، بل هو انتقال من دارٍ إلى دار، من حياةٍ دنيوية محدودة إلى حياةٍ برزخية أوسع إدراكًا وأعمق وعيًا، واستشهد بقوله تعالى:«لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ» [ق: 22].
وأضاف أن أرواح الموتى تتلاقى ليلة الجمعة، وأن الميت يشعر بزيارة أهله له، فيفرح بدعائهم وقراءة القرآن على روحه، لأن الروح في البرزخ تدرك وتأنس وتتحاور، كما ورد في الأحاديث النبوية.
وأشار إلى ما أخرجه الشيخان البخاري ومسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين وقف على قتلى بدر وناداهم بأسمائهم، فقال له عمر بن الخطاب:
"يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟"فقال صلى الله عليه وسلم:"والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون جوابًا."
وهذا – كما يوضح وسام – دليل على أن الميت لا يفقد الإدراك بعد موته، بل ينتقل إلى إدراكٍ مختلفٍ في عالمٍ آخر.
حديث الموت يوم الجمعة
من جانبه، أوضح الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الموت يوم الجمعة من علامات حسن الخاتمة، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر» (رواه الترمذي).
وأوضح أن هذا الحديث فيه ضعف من حيث السند، لكنه صحيح في معناه من باب الرجاء في فضل الله وكرمه، لأن الله يكرم عباده المؤمنين بأسباب الرحمة والمغفرة في أوقاتٍ وأيامٍ مخصوصة.
وأضاف:"الثواب والنجاة لا تُنال بمجرد زمان الموت، بل بصدق الإيمان وحسن العمل، فالموت يوم الجمعة قد يكون بشارة، لكنه لا يُغني عن عملٍ صالحٍ ولا يضمن الجنة."
بين الفضل والتفاؤل
من زاوية أخرى، تناول الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، هذا السؤال من منظورٍ روحيٍّ وإنساني، موضحًا أنه لا بأس بالتفاؤل بموت أحدهم يوم الجمعة واعتباره علامة لحسن الخاتمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن ويحث على التفاؤل في كل شيء.
وأشار فضيلته إلى أن حديث عبد الله بن عمر:«ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر»
وإن كان حديثًا غريبًا فيه ضعف، إلا أنه لا يتعارض مع الأمل في رحمة الله، لأن الله يكرم عباده بما شاء وكيف شاء.
ولفت الدكتور جمعة إلى أن الإمام البخاري ذكر أن الموت يوم الاثنين يُعد من علامات حسن الخاتمة أيضًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تُوفي في هذا اليوم، فارتبط الموت فيه ببركة الاقتداء بخاتم الأنبياء.
أين يلتقي الموت بالرحمة؟
يؤكد علماء الإفتاء أن النجاة من عذاب القبر ليست مرتبطة بزمن الوفاة بقدر ما هي ثمرةٌ لصفاء القلب وطاعة الله.
فالموت يوم الجمعة ليس ضمانًا شرعيًا، لكنه بشارة رحمةٍ لمن مات على الإيمان، إذ يُرجى أن يُكرمه الله في هذا اليوم الذي تتنزل فيه الملائكة وتُغلق فيه أبواب النار وتُفتح فيه أبواب الجنة.
ويختم الدكتور علي جمعة بقوله:"من مات يوم الجمعة يُرجى له الخير، ولكن أعظم البشارة ليست في وقت الموت، بل في حال القلب حين يلقى الله؛ فمن كان قلبه عامرًا بالإيمان والرضا، كان موته كريحٍ طيبةٍ تُزف إلى الجنة."
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجمعة الموت في الجمعة يوم الجمعة الموت الموت يوم الجمعة النبی صلى الله علیه وسلم الموت یوم الجمعة هذا الیوم حدیث ا
إقرأ أيضاً:
فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة .. وأفضل صيغة ترددها للفجر
الصلاة على النبي .. يبحث كثير من الناس في يوم الجمعة عن فضل الصلاة على النبي، وذلك لعظم ثوابها وجزيل عطائها، فبها تدرك شفاعة المصطفى ويستجاب رب العباد الذي أمر بها وفرضها على جميع المؤمنين به فقال خير من قائل:" إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".
الصلاة على النبي.. تلك الصلاة التي يفك الله بها الكروب
ويذهب عنك همك، فعن أبي بن كعب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثان؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تكفى همك ويغفر لك ذنبك". رواه الترمذي
فضل الصلاة على النبيكما في فضل تلك الصلاة أنها تدني من الحبيب يوم القيامة..قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ أَكْثَرُكُمْ عَلَيَّ صَلاةً فِي الدُّنْيَا ، مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ قَضَى اللَّهُ لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ، سَبْعِينَ مِنْ حَوَائِجِ الآخِرَةِ وَثَلاثِينَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يُوَكِّلُ اللَّهُ بِذَلِكَ مَلَكًا يُدْخِلُهُ فِي قَبْرِهِ كَمَا يُدْخِلُ عَلَيْكُمُ الْهَدَايَا ، يُخْبِرُنِي مَنْ صَلَّى عَلَيَّ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ إِلَى عَشِيرَتِهِ، فَأُثْبِتُهُ عِنْدِي فِي صَحِيفَةٍ بَيْضَاءَ».
الصلاة على النبي.. وهي اعتراف بالفضل المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد ذكر الإمام العز بن عبد السلام في فضل الصلاة على النبي أنها مكافأة العاجز عن إنزال النبي منزلته واعتراف لمن أحسن إلينا وأنعم علينا قائلاً: "ليست صلاتنا على النبي –صلى الله عليه وسلم- شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء"،فورد أن الله سبحانه وتعالى عندما أمرنا بـ الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- من باب المكافأة له على إحسانه إلينا، فقال الله تعالى : «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» الآية 56 من سورة الأحزاب.
أفضل صيغ الصلاة على النبيوفي بيان أفضل صيغة للصلاة على النبي، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تجوز بأي صيغة، بشرط أن تشتمل على لفظ الصلاة على النبي أو صلِّ اللهم على النبي، حتى وإن كانت هذه الصيغة لم تَرِد.
وأوضح «جمعة» في فتوى له، أن أفضل صيغة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم هي: الصلاة الإبراهيمية أو الصيغة الإبراهيمية، فقد اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بأن يعرفوا صيغة الصلاة عليه فقالوا: «يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» (رواه البخاري).
وأشار إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يُعرض عن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتركها فإن في تركها الشر الكثير؛ حيث إن تركها علامة على البخل والشح، قال النبي صلى الله عليه وسلم-: «كفى به شُحًا أن أُذكر عنده ثم لا يصلي علي» (ابن أبى شيبة في مصنفه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «البخيل من ذُكرت عنده ولم يُصلِّ على» (أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
الصلاة على النبي.. وفي فضل الصلاة على النبي أمور عظيمة نبرز منها:
أولًا: يؤجر المصلي على النبي - صلى الله عليه وسلّم- بعشر حسنات.
ثانيًا: يرفع المصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر درجات.
ثالثًا: يغفر للمصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم- عشر سيئات.
رابعًا: سبب في شفاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له يوم القيامة.
خامسًا: يكفي الله العبد المصلي على رسول الله ما أهمّه.
سادسًا: تصلي الملائكة على العبد إذا صلى على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.
سابعًا: الصلاة على النبي تعتبر امتثالًا لأوامر الله تعالى.
ثامنًا: سبب من أسباب استجابة الدعاء إذا اختتمت واستفتحت به.
تاسعًا: تنقذ المسلم من صفة البخل.
عاشرًا: سبب من أسباب طرح البركة.