أزمة الكهرباء في أفريقيا.. فجوة حادة وأرقام تثير القلق
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
رغم الطفرة التنموية التي شهدتها أفريقيا خلال العقدين الماضيين، من بناء سدود ضخمة إلى توسع ملحوظ في مشاريع الطاقة الشمسية، لا يزال إنتاج الكهرباء في القارة دون المستوى المطلوب مقارنة ببقية مناطق العالم، في وقت يشهد فيه عدد السكان نموًا متسارعًا يزيد من الضغط على البنية التحتية الطاقية.
وتُظهر بيانات الوكالة الدولية للطاقة، ومقرها باريس، أن إجمالي إنتاج الكهرباء في أفريقيا خلال عام 2023 لم يتجاوز 3% من الإنتاج العالمي، بينما بقي متوسط الوصول إلى الكهرباء في 53 دولة أفريقية عند حدود 60.
ويعتمد قطاع الطاقة في القارة بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي الذي يشكل 41.7% من مصادر الإنتاج، يليه الفحم بنسبة 24.7%، ثم الطاقة الكهرومائية بـ18.4%.
ورغم أن أفريقيا تمتلك نحو 60% من أفضل موارد الطاقة الشمسية على مستوى العالم، فإنها لم تحصل سوى على 2% فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة خلال عام 2024، مما يعكس فجوة كبيرة بين الإمكانات المتاحة والواقع الفعلي للاستثمار في القطاع.
لتقدير حجم الفجوة في إنتاج الكهرباء، يكفي المقارنة بين دول ذات تعداد سكاني متقارب. فقد سجلت إسبانيا إنتاجًا بلغ نحو 290 تيراوات/ساعة في عام 2023، في حين لم يتجاوز إنتاج السودان، رغم عدد سكانه المماثل، 9 تيراوات/ساعة فقط.
أما جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي يزيد عدد سكانها على 110 ملايين نسمة، فكان إنتاجها أقل من 8 تيراوات/ساعة.
وعلى الطرف الآخر من المشهد، بلغ متوسط الإنتاج الشهري في الولايات المتحدة نحو 360 تيراوات/ساعة، بينما تجاوز إجمالي إنتاج الصين 10 آلاف تيراوات/ساعة خلال العام نفسه، مما يعكس التفاوت الهائل في القدرات الكهربائية بين أفريقيا وبقية العالم.
السودان وإثيوبيا.. مشاريع بلا اكتفاءفي السودان، كانت السدود توفر نحو نصف إنتاج الكهرباء المحلي قبل اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، إلا أن القدرة الإجمالية لم تتجاوز 3.5 غيغاوات، مما دفع البلاد إلى الاعتماد على استيراد الكهرباء من مصر وإثيوبيا لسد العجز في الطاقة.
أما إثيوبيا، فرغم إعلانها رسميًا عن اكتمال بناء سد النهضة وملء خزانه، لم ينعكس هذا الإنجاز بشكل مباشر على الشبكة الوطنية، إذ لا تزال التحديات الكبرى متركزة في توزيع الكهرباء أكثر من توليدها.
إعلانوقد كشف الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء الإثيوبية أن القدرة الإنتاجية الحالية بلغت 7910 ميغاوات، بفضل سد النهضة ومحطة "جيبي 3″، مشيرًا إلى تحقيق إيرادات قياسية من تصدير الكهرباء إلى دول الجوار.
ومع ذلك، فإن هذه الأرقام لم تترجم إلى اكتفاء داخلي، حيث يؤكد خبراء أن ضعف شبكة التوزيع، وتعرضها للسيول والأمطار والأحمال الزائدة، لا يزال يشكل عائقًا أمام إيصال الكهرباء إلى مختلف أنحاء البلاد.
لم يشهد قطاع إنتاج الكهرباء في القارة الأفريقية تغيرًا كبيرًا خلال العامين الماضيين، إذ حافظت جنوب أفريقيا على موقعها في الصدارة بإنتاج بلغ نحو 229 تيراوات/ساعة في عام 2023، لتبقى أكبر منتج للطاقة الكهربائية في القارة.
وجاءت مصر في المرتبة الثانية بإنتاج قدره 215 تيراوات/ساعة، يليها كل من الجزائر والمغرب.
وجاءت نيجيريا في المركز الخامس بنحو 40 تيراوات/ساعة، ثم ليبيا في المرتبة السادسة بإنتاج بلغ 33 تيراوات/ساعة.
ورغم ريادة جنوب أفريقيا في الإنتاج، زاد اعتمادها على الفحم كمصدر رئيسي للطاقة خلال العامين الأخيرين، حيث تشير بيانات منصة "الطاقة منخفضة الكربون" إلى أن نحو 80% من إنتاجها بين يوليو/تموز 2024 ويونيو/حزيران 2025 جاء من الفحم.
في المقابل، اتجهت دول أخرى إلى تنويع مصادرها وتعزيز الاعتماد على الطاقة الشمسية والمائية والغاز الطبيعي، في إطار جهودها للتحول نحو مصادر أكثر استدامة وأقل تلويثا.
الطاقة الشمسية.. مبادرات فرديةبلغ إنتاج الطاقة الشمسية في أفريقيا عام 2024 نحو 21.5 غيغاوات فقط، وهو رقم متواضع مقارنة بالصين التي تمكنت من توليد 8 غيغاوات خلال 5 أشهر فقط.
وفي ظل بطء الاستجابة الحكومية، برز دور القطاع الخاص والأفراد الذين اتجهوا إلى استيراد الألواح الشمسية بشكل متزايد، حيث ارتفعت الواردات من الصين بنسبة 60% لتصل إلى 15 غيغاوات، وسجلت 20 دولة أفريقية مستويات قياسية في هذا المجال، مما يعكس تحولًا تدريجيًا نحو حلول الطاقة البديلة على المستوى الشعبي.
جهود المؤسساتأطلق البنك الأفريقي للتنمية مؤشر "كفاءة الطاقة" بهدف قياس مستوى الحوكمة والتنظيم في قطاع الكهرباء عبر القارة، حيث شمل التقييم 43 دولة تمتلك هيئات تنظيمية فعالة.
وكشفت بيانات عام 2024 عن تحسن ملحوظ في الأداء العام، لا سيما في دول مثل كينيا والسنغال التي سجلت تقدمًا في إصلاح التعرفة وتحسين أداء المرافق الحكومية.
وأشار المؤشر إلى أن الإصلاحات التنظيمية بدأت تُترجم إلى تحسينات ملموسة في جودة الخدمات، كما ساهمت في تعزيز عائدات الاستثمار في القطاع، رغم استمرار تحديات هيكلية أبرزها ضعف الوصول إلى الكهرباء في العديد من المناطق، ووجود عوائق تعرقل تدفق الاستثمارات.
وفي السياق ذاته، برزت مساهمات دولية مثل مبادرة "باور أفريكا" التي أطلقها الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2013، بهدف إيصال الكهرباء إلى 60 مليون منزل وشركة في أفريقيا، بتمويلات تجاوزت 54 مليار دولار.
إعلانغير أن المبادرة توقفت في عام 2025 بقرار من الإدارة الأميركية الحالية، مما أثار تساؤلات حول مستقبل الدعم الدولي لقطاع الطاقة في القارة.
يُعد نقص الكهرباء، إلى جانب هشاشة البنية التحتية للنقل، من أبرز التحديات التي تعرقل مسار التنمية الصناعية والاقتصادية في أفريقيا.
فغياب الطاقة الكافية يؤدي إلى تعطيل الصناعات التحويلية، ويجعل القارة تعتمد على تصدير المواد الخام واستيراد المنتجات النهائية، مما يحول دون تحقيق قيمة مضافة محلية ويحد من تحسين مستوى معيشة ملايين السكان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات إنتاج الکهرباء الطاقة الشمسیة جنوب أفریقیا الکهرباء فی فی أفریقیا فی القارة إنتاج ا عام 2024
إقرأ أيضاً:
زيادة إنتاج «أوبك+» تسهم في تراجع أسعار النفط عالميًا
تواصل أسعار النفط عالميا الانخفاض السعري للأسبوع الثاني على التوالي، مع تزايد الإنتاج في عدد من الدول المنتجة للنفط، وهو ما يشير إلى احتمالية وجود فائض كبير في المعروض خلال الأشهر المقبلة.
شهد خام برنت ارتفاعا محدودا باتجاه 64 دولارا للبرميل، لكنه ما زال متجها نحو خسارة أسبوعية تقارب 2%، في حين استقر خام غرب تكساس الوسيط قرب 60 دولارا للبرميل، وسط ضغوط متواصلة من جانب وفرة الإمدادات العالمية.
زيادة إنتاج «أوبك+» وتوسع في الإمداداتارتفع إنتاج دول التعاون النفطي « أوبك+» خلال الشهر الماضي بعد استئناف بعض الدول الأعضاء تصدير الإمدادات التي كانت متوقفة سابقا، بالتزامن مع زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة والبرازيل، مما عزز من حجم المعروض في الأسواق العالمية.
وتراجعت أسعار خام برنت بنحو 15% منذ بداية العام، بعدما توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يشهد عام 2026 فائضا قياسيا في المعروض النفطي يفوق تقديراتها السابقة، الأمر الذي زاد من الضغوط على الأسعار ودفع المتداولين لتوخي الحذر.
وأظهرت الفروق السعرية الفورية بين العقود النفطية تحول السوق إلى هيكلية هابطة منذ شهر يونيو، ما يشير إلى تراجع الطلب النسبي مقارنة بوفرة الإمدادات في الوقت الراهن.
ترقب تقارير «أوبك» و«الطاقة الدولية» الأسبوع المقبلوينتظر المتعاملون في الأسواق صدور تقارير كل من منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية خلال الأسبوع المقبل، والتي من المتوقع أن تقدم صورة أوضح حول توازن العرض والطلب في السوق العالمية.
توترات روسيا تمنح الأسعار دعماوقد حصلت أسعار النفط على دعم طفيف من تصاعد التوترات المتعلقة بتدفقات النفط الروسي، بعد تكثيف أوكرانيا هجماتها على منشآت الطاقة في موسكو، فيما فرضت الولايات المتحدة الشهر الماضي عقوبات جديدة على شركتين روسيتين رئيسيتين ضمن تحالف أوبك+.
اقرأ أيضاًارتفاع أسعار النفط عالميا وسط توقعات بتراجع الطلب وزيادة الإمدادات في 2026
ارتفاع أسعار النفط مع انحسار المخاوف التجارية بين الولايات المتحدة والصين
صناديق الذهب تجذب تدفقات قياسية.. والنفط في دائرة التقلبات