ناشرون ومبدعون ما بين رفض وقبول للذكاء الاصطناعي كشريك إبداعي
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
الشارقة (الاتحاد)
في أروقة الدورة الرابعة والأربعين، حيث يلتقي الكتّاب والناشرون والمبدعون من مختلف أنحاء العالم، يمكن للزائر أن يلمس بوضوح ملامح التحولات العميقة، التي يشهدها قطاع النشر العالمي. فكل مشارك يحمل إلى هذا الحدث خلاصة تجربته، ويعرض أحدث مشاريعه، ويتبادل الرؤى والخبرات حول مستقبل الكتاب في عصر تتغير فيه الأدوات والوسائط بوتيرة غير مسبوقة.
ومن بين أبرز المتغيرات التي تلقي بظلالها على صناعة النشر اليوم، ثورة الذكاء الاصطناعي التي فتحت الباب أمام خيارات لم يكن أحد يتخيلها قبل أعوام قليلة، إذ باتت التقنية قادرة على المشاركة في كل مراحل إنتاج الكتاب، من الكتابة إلى التحرير، ومن التصميم إلى التسويق. ومع هذا التطور، يتجدد السؤال الثقافي والمهني معاً: هل يشكّل الذكاء الاصطناعي إضافة إلى الإبداع الإنساني، أم أنه يهدد خصوصيته ويعيد تعريف معنى «المؤلف» و«الناشر»؟ وفي أجواء معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، تباينت الإجابات بين المتخصصين، وتعددت وجهات النظر ما بين من يرى في التقنية حليفاً يختصر الوقت ويحرر الطاقات الإبداعية، ومن يخشى أن تتحول إلى قوة تحل محل الإنسان في جوهر العملية الإبداعية.
هوية بصرية
ترى زينة باسل، مديرة قسم التصميم الفني في مؤسسة كلمات، أن الذكاء الاصطناعي دخل العملية الإنتاجية كمساعد تقني أكثر منه شريكاً إبداعيّاً، موضحةً أن تأثيره كان «إيجابياً وسلبياً في الوقت نفسه»، تقول باسل: «الذكاء الاصطناعي اختصر علينا الكثير من الوقت في الجوانب التقنية، كقص الصور والتحكم بالخلفيات وتنفيذ التعديلات السريعة، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الإبداع الحقيقي. نحن لا نعتمد عليه إلا كأداة مساعدة، بينما يبقى المبدعون في مؤسستنا مسؤولين بالكامل عن الرؤية الفنية والهوية البصرية لكل عمل».وترى زينة أن قيمته الكبرى تكمن في تخفيف الجهد وتسريع الإنجاز، ما يمنح المصممين وقتاً أوسع للتفكير الفني والابتكار، لكنها تؤكد في الوقت نفسه أن «الآلة لا تملك إحساس اللون ولا عمق الفكرة، فهي تُنفّذ، لكنها لا تُلهم».
تحدي إيجابي
من جانبه يرى الإعلامي والناقد غيث الحوسني أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحدياً إيجابياً يعيد ترتيب مفاهيم الكتابة والتحرير في العالم العربي، يقول: «أخطر ما يمكن أن يواجهه أي كتاب هو أن يخرج بصيغة تحريرية ضعيفة، خصوصاً في عصر التقنية المفتوحة وكثرة التطبيقات، التي يمكن أن تجعل من المخرج النهائي مخرجاً في غاية الجودة، خاصةً أننا اليوم أمام منصات متخصّصة في التحرير الأدبي، يمكنها أن تضبط النص وفق الشروط اللغوية والخصائص التداولية واللسانية بدقة كبيرة، وهو أمر كنّا نفتقده لسنوات طويلة في عالم النشر العربي». ويضيف الحوسني أن الذكاء الاصطناعي سينافس البشر بقوة، لأنه لا يكتفي بالكتابة بل يجبر الكاتب على أن يكون أكثر وعياً ومعرفة بأدواته، معتبراً أن الخطر ليس في وجود الذكاء الاصطناعي بل في رفض فهمه.
روح المصمم
يؤكد مصطفى سالم، ممثل دار العين للنشر، أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي أثّرت بوضوح في صناعة الكتاب، من أول تصميم الأغلفة إلى الترجمة والتحرير، وحتى عملية الطباعة، موضحاً أنه شخصياً لا يعارض استخدامها، لكنه يؤمن أن الإبداع الحقيقي ما زال بحاجة إلى يد ووجدان بشريين. يقول سالم: «في دار العين نفضل أن نظل نعمل بالطريقة التقليدية، لأن الذكاء الاصطناعي -على الأقل في الوقت الحالي- لا يستطيع أن يصل بمستوى الإخراج الفني إلى ما يفعله المصمم الحقيقي. المصمم يقرأ النص ويشعر بروحه قبل أن يختار لونه أو شكله، وهذا ما لا تستطيع التقنية فعله». ويضيف سالم أن التصميم الفني فعل وجداني أكثر منه تقني، فالذكاء الاصطناعي ينتج ما يُطلب منه، لكن المبدع يصنع ما لم يُتوقّع منه.
احترام الإبداع من طرفها تؤكد نجلا رعيدي، مديرة قسم كتب الأطفال في دار هاشيت أنطوان نوفل، أن فريقها يمتلك وعياً ومعرفة واسعة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي وإمكاناته المتنوعة في صناعة الكتاب، من التصميم إلى التحرير وحتى صياغة المحتوى، تقول: «نحن نفهم الأدوات تماماً، ونعرف كيف يمكنها أن تساعد في تسريع بعض العمليات التقنية، لكنها بالنسبة لنا ليست بديلاً عن المبدع ولا عن جهد كل العاملين في صناعة الكتاب». أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أن الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
حمدان بن محمد يلتقي أكثر من 20 رئيساً تنفيذياً للذكاء الاصطناعي في الجهات الحكومية
أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، أن رؤيتنا اليوم أن تكون دبي النموذج العالمي في توظيف الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة العمل الحكومي، وتعزيز جودة الحياة في مختلف القطاعات، من خلال تمكين الكفاءات الوطنية، وتسخير التكنولوجيا لصناعة المستقبل.
جاء ذلك، خلال لقاء سموه بأكثر من 20 رئيساً تنفيذياً للذكاء الاصطناعي في الجهات الحكومية، على هامش أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2025 التي تنظم في الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر الحالي، في العاصمة أبوظبي، بحضور 500 قيادي ومسؤول حكومي.
وأشار سموه إلى أن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وضعت الذكاء الاصطناعي في صميم مسيرة التطوير الحكومية، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد مرحلة تتسارع بها تبنّي التقنيات المتقدمة وتوظيفها في ابتكار حلول تعزز تنافسية دبي وريادتها العالمية في هذا المجال.
وأكد سموه، خلال اللقاء، بحضور سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، رئيس مجلس دبي للإعلام، وسمو الشيخ محمد بن راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، ومعالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، الدور الرئيسي للخطوات الجريئة غير المسبوقة التي تتبناها دولة الإمارات والتي تمثل خطى استراتيجية نحو تسريع تبنّي التقنيات المستقبلية، وتعزيز جاهزية دبي لعصر التحول الرقمي الشامل.
وقال سموه: «نثق اليوم في كوادرنا الوطنية وقدرتها على قيادة مسيرة التحول نحو مستقبل أكثر تقدماً، حيث إن شباب دولة الإمارات هم ركيزة نجاحها، وهم من سيقودون المرحلة المقبلة في تطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي تسهم في تعزيز كفاءة العمل الحكومي، ورفع جودة الحياة وسنواصل دعم وتمكين الكفاءات الوطنية لتكون في طليعة صنّاع القرار في مجال الذكاء الاصطناعي».
وتناول اللقاء أهمية مواءمة وتوحيد الجهود الوطنية، وسبل تعزيز الشراكات الوطنية والممارسات المختلفة للجهات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في عملهم الحكومي لصناعة مستقبل أفضل للإنسان وترسيخ مكانة الإمارات ودبي في طليعة الدول التي توظف التقنيات الحديثة لصنع حلول مبتكرة تعزز جودة الحياة ودعم الاقتصاد الوطني.
واستعرض الرؤساء التنفيذيون للذكاء الاصطناعي خلال اللقاء أهمية هذا القطاع ودوره المحوري في تطوير منظومة العمل الحكومي، إلى جانب استعراض أبرز التوجهات العالمية والتحديات المستقبلية في هذا المجال، وسبل توظيف التقنيات في ابتكار حلول تسهم في رفع كفاءة الأداء، وتقديم خدمات نوعية.
يذكر أنه تم استحداث منصب الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في الوزارات والجهات الحكومية الاتحادية بناء على معايير شملت إلمام المرشح بالبيئة سريعة التغير للتكنولوجيا، ومتابعته وفهمه للتطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي؛ بهدف تعزيز وتوسيع نطاق تطوير حلول وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي، من خلال مبادرات مختلفة كرحلة الرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي إلى الولايات المتحدة التي تمت مؤخراً والبرنامج التدريبي للرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي ضمن الجهود الهادفة لترجمة مستهدفات رؤية «نحن الإمارات 2031»، التي تركز على تحقيق الريادة العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية، ومستهدفات استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031.