مصر ترفض الكيانات الموازية في السودان وتواصل جهودها لدعم التهدئة
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
تتواصل الأزمة في السودان منذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى تدهور الوضع الأمني والإنساني في مختلف مناطق البلاد، وتصاعدت المخاوف الإقليمية والدولية من انعكاسات النزاع على استقرار المنطقة.
وفي هذا السياق، تبرز مصر كداعم أساسي لوحدة واستقرار السودان، حيث تبنت موقفًا ثابتًا يرفض أي كيانات موازية أو مسارات بديلة قد تقوض مؤسسات الدولة وتفاقم الصراع الداخلي.
ويأتي الاهتمام المصري ضمن استراتيجية أوسع تشمل الوساطة الإقليمية والدولية، من خلال ما يُعرف بالآلية الرباعية، التي تضم مصر والسودان وجيرانًا إقليميين وشركاء دوليين، بهدف التوصل إلى تهدئة شاملة ووقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين المتضررين.
كما تسعى القاهرة إلى إبراز دورها الريادي في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، من خلال التنسيق مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والدول الفاعلة على الساحة الدولية لضمان وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.
وخلال سلسلة من الاتصالات الهاتفية المهمة، استعرض الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، آخر التطورات في السودان، مشددًا على أن أي حل للأزمة يجب أن يحافظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.
وأكد عبد العاطي أن مصر تعمل على مدار الساعة ضمن الآلية الرباعية لتحقيق هدنة شاملة، وفتح الممرات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية إلى المناطق المتضررة.
كما شدد وزير الخارجية المصري على إدانة القاهرة للانتهاكات الجسيمة التي شهدتها مدينة الفاشر، معبرًا عن قلق مصر البالغ حيال تدهور الأوضاع الإنسانية، ومؤكدًا استمرار دعم بلاده للشعب السوداني من خلال توفير مساعدات عاجلة عبر قنوات متعددة لضمان وصولها إلى المحتاجين.
وفي السياق ذاته، شدد عبد العاطي على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان تنفيذ ما نص عليه بيان الرباعية في 12 سبتمبر الماضي، بما يعزز فرص التوصل إلى هدنة حقيقية وحماية المدنيين.
وفي اتصال آخر مع كايا كالاس، ناقش عبد العاطي الشراكة الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي والتعاون في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مؤكدًا أن الحل العسكري ليس خيارًا لحل الأزمة السودانية، وأن أي تسوية يجب أن تكون ضمن إطار سياسي وحقوقي يحافظ على مؤسسات الدولة ويضمن وحدة السودان.
واتفق الجانبان على ضرورة قيام المجتمع الدولي بواجباته لوضع حد للانتهاكات الجسيمة، ومحاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات بحق المدنيين، لضمان بيئة آمنة ومستقرة.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن التحركات المصرية على الصعيد الدولي تهدف بالأساس إلى إقرار هدنة إنسانية عاجلة في السودان، خاصة مع تصاعد المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأضافت الطويل في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن موافقة قوات الدعم السريع على الهدنة تشكل خطوة إيجابية، بينما لم يصدر الجيش السوداني أي رد رسمي حتى الآن، مشددة على ضرورة أن يكون الدور الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة، أكثر فاعلية للضغط على الأطراف المتصارعة لضمان تنفيذ الهدنة وحماية المدنيين.
ولفتت إلى أن مصر تواصل التنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وروسيا، لوضع القضية السودانية على الأجندة الدولية، مع التركيز على الحفاظ على وحدة الدولة ومؤسساتها، وتقديم الدعم الإنساني العاجل للمتضررين، في خطوة تؤكد التزام القاهرة بالسلام والاستقرار ودورها القيادي في جهود الوساطة الدولية لحل الأزمة السودانية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السودان الدعم السريع قوات الدعم السريع الاتحاد الأوروبي الإقلیمیة والدولیة الدعم السریع فی السودان عبد العاطی
إقرأ أيضاً:
المرأة السودانية وانتهاكات الدعم السريع
شهد السودان منذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ابريل من العام 2023 واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، إذ تحولت المدن الكبرى إلى ساحات مفتوحة لانتهاكات ممنهجة ضد المدنيين. غير أن أكثر الفئات تضررًا من تلك الانتهاكات كانت النساء والفتيات، اللواتي واجهن أشكالًا متعددة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاغتصاب، والاحتجاز القسري، والإهانة العلنية، والاستغلال الجنسي في مناطق النزاع.
ولاشك أن تقارير الأمم المتحدة قد أشارت إلى أن الانتهاكات لم تكن مجرد أفعال فردية ناتجة عن الفوضى، بل عمليات منظمة استُخدمت فيها المرأة كأداة للضغط الاجتماعي والإذلال الجماعي. ففي بعض المناطق، خاصة في إقليم دارفور خاصة في إقليم الفاشر عاصمة الولاية الشمالية، وردت شهادات موثقة عن اقتحام منازل المدنيين واعتقال النساء لاستخدامهن في أغراض سياسية أو انتقامية، وهو ما يمثل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تجرّم استهداف المدنيين في النزاعات المسلحة.
وتُعد ظاهرة الاغتصاب كسلاح حرب من أخطر مظاهر الانتهاكات التي مارستها قوات الدعم السريع، إذ استخدمت لإرهاب المجتمعات المحلية داخل السودان، وكسر تماسكها الاجتماعي. وتؤكد دراسات علم الاجتماع السياسي أن العنف الجنسي في النزاعات لا يهدف فقط إلى الإيذاء الجسدي، بل إلى تفكيك الهوية الجماعية للضحايا والمجتمع المحيط بهم، وهو ما يجعل التعافي منه عملية طويلة ومعقدة نفسيًا واجتماعيًا.
كما امتدت الانتهاكات إلى حرمان النساء من الوصول إلى المساعدات الإنسانية والمرافق الصحية، خاصة في المناطق المحاصرة. أضف لذلك أن العديد من النساء الحوامل لم يتمكنّ من تلقي الرعاية الطبية اللازمة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات أثناء الولادة. وفي حالات أخرى، فُرض على النساء العمل القسري في الخدمات اللوجستية تحت التهديد بالسلاح.
ومن الناحية الإنسانية، فإن الأثر التراكمي لهذه الانتهاكات يتجاوز حدود الأفراد ليهدد بنية المجتمع السوداني بأكملها. إذ يُسهم تدمير ثقة النساء في المؤسسات والرجال في إعادة إنتاج دائرة العنف والتهميش على المدى الطويل. لذلك فإن أي عملية سلام مستقبلية في السودان لن تكون ذات معنى ما لم تشمل عدالة انتقالية حقيقية تضع قضايا النساء في قلبها، وتضمن محاسبة المسؤولين عن الجرائم، وتعويض الضحايا ماديًا ومعنويًا.
جملة القول إن ما يحدث من انتهاكات واسعة ضد المدنيين وتحديدا المرأة في الدولة السودانية أمرا يقتضي مساءلة قانونية وسياسية ومجتمعية على المسار المحلي والدولي خاصة أن المرأة السودانية تخضع لأحكام القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة وهو ما يجعلها تكون في مأمن من تلك الإعتداءات التي تجاوزت المنطق لتشمل كافة أشكال العنف والتعدي على كرامة المرأة السودانية.
اقرأ أيضاًالبرهان: الشعب السوداني لن يُهزم ولن يستسلم
جوتيريش يدعو إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية في السودان
بعد سقوط الفاشر.. تفاصيل خطة تقسيم السودان بقيادة حميدتي (خاص)