الإرادة في الإسلام.. عبادة تُرضي الله وترتقي بالإنسان
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الإسلام حثَّ على قوة الإرادة والإيجابية في الحياة، وجعلها من صفات المؤمن الحق الذي يسعى في الأرض بالخير والعزيمة، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ الذي رواه مسلم:«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير.
احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.
وأوضح المركز أن هذا الحديث الشريف من أعظم الدروس النبوية في بناء الشخصية المسلمة، فهو يجمع بين الإيمان بالقضاء والقدر، وبين الدعوة للسعي والاجتهاد والأمل، دون تواكل أو ضعف.
سلوك إيماني ومطلب حضاريأوضح الأزهر الشريف أن قوة الإرادة ليست مجرد صفة نفسية، بل هي عبادة وسلوك إيماني يدل على صدق الإيمان بالله والثقة في عطائه، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ كان يربّي أصحابه على الإيجابية والعزيمة وعدم الاستسلام للظروف.
وأضاف المركز عبر صفحاته الرسمية أن قوة الإرادة تعني مواجهة الصعاب بثبات وإيمان، وعدم الانكسار أمام التحديات، وهي التي تصنع الفرق بين الإنسان المنتج والمؤمن المتخاذل، فالمؤمن القوي يبني المجتمع، ويواجه الفساد، ويصبر على البلاء دون يأس أو شكوى.
بين القوة الجسدية والعزيمة الروحية
بيّن علماء الأزهر أن الحديث الشريف لا يقصر القوة على الجسد فقط، بل يشمل قوة الإيمان والعقل والخلق والإرادة، موضحين أن المؤمن القوي هو من يجمع بين الإيمان العميق والعمل المتقن، وبين العبادة والطموح، وبين التوكل والسعي.
وقال المركز:"النبي ﷺ لم يمدح القوة في ذاتها، بل مدح القوة التي تُستخدم في الخير، وتعين الإنسان على طاعة الله ونفع الناس."
وأكد أن الإسلام يوازن بين الرضا بالقضاء والسعي نحو النجاح، فالمؤمن لا يستسلم للمحن، بل يراها فرصًا للارتقاء والصبر، مستندًا إلى قول النبي ﷺ: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز."
اطريق النجاح في الدنيا والآخرة
وشددت دار الإفتاء على أن الإيجابية والعمل من أعظم صور العبادة، وأن الإسلام لا يقبل من المسلم أن يعيش متواكلًا أو عاجزًا، لأن التوكل الحق يعني السعي مع الإيمان بأن النتائج بيد الله.
وأشارت إلى أن قول النبي ﷺ “ولا تعجز” دعوة صريحة لنبذ الكسل واليأس، بينما قوله “قل قدر الله وما شاء فعل” يعلّم المسلم التسليم لله بعد بذل الجهد، حتى لا يقع في فخ الندم أو الإحباط الذي يفتح “عمل الشيطان”.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر قوة الإرادة الإيجابية النبي الأزهر الشريف النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة بالحرمين: الإيمان الصادق أساس كل خير ومنبع العزة الكرامة.. والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال فضيلته: إن من نعم الله على خلقه أن هداهم وأرشدهم إلى الإيمان به، وامتنّ عليهم بذلك قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، موضحًا أن الإيمان بالله تعالى هو التصديق والاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه، وخالقه ومدبره، وأنه وحده الذي يستحق العبادة، من صلاة وصوم ودعاء ورجاء، وخوف وذل وخضوع، وأنه المتصف بصفات الكمال كلها، المنزّه عن كل عيب ونقص.
وأشار الدكتور الجهني إلى أن الإيمان ليس بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب، وصدقته الأعمال، وهو قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والإيمان بالله سبحانه وتعالى رأس كل فلاح، فما أنزلت الكتب ولا أرسلت الرسل إلا لأجل تقريره، وتثبيته في النفوس فهو أصل الأصول وأول ركن من أركان الإيمان الستة، مؤكدًا أنه منحة ربانية ونعمة عظيمة جليلة في حياة المسلم، نعمة تزكي العمر وتبارك الحياة، وتضمن الآخرة، وترفع صاحبها في الدنيا والآخرة، لأن فيها الحياة الحقيقية والسعادة الأخروية، وهذه النعمة لا يعرفها إلا من ذاق طعمها، ولا يحس بها إلا من عاشها، وهو نور هادٍ مضيء يهبه الله تعالى لمن يشاء من عباده ، ويصرفه عمن يشاء، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ).
وأوضح فضيلته أن الإيمان الصادق الرباني هو أساس كل خير ومنبع العزة ومصدر الكرامة والشرف والسيادة يعيش صاحبه عزيزًا سعيدًا قويًا ثابتًا على طريق الحق، وقد وعد الله عز وجل أهل الإيمان والطاعة بالنصر والتمكين في الأرض في بيان رباني كريم قال تعالى: {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين. وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكافرين}.
وبين فضيلته أن حكمة الله تعالى اقتضت أن جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، وأمرهم سبحانه بالعمل الصالح: {وَاعْمَلُوا صالحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، فإن الإيمان بالله سبحانه وتعالى والعمل الصالح دواء الروح وغذاء القلب، الذي متى استقر في القلب عاد على صاحبه بكل خير في الدنيا والآخرة، وهو طوق النجاة الذي يحتمي به العبد أمام أمواج الشهوات والشبهات والفتن العاتية.
وأكّد الدكتور عبدالله الجهني أن الإيمان بالله عز وجل يبعث في قلب المؤمن الرضا عن الله عز وجل في كل أحواله، وشعور العبد المؤمن بالرضا عن خالقه هو أول سبب من أسباب السكينة النفسية التي هي جوهر السعادة، فبرضا الإنسان عن نفسه وعما كتبه الله له يطمئن إلى حاضره، وبيقينه بالآخرة والجزاء العادل يطمئن إلى مستقبله، ومعنى ذلك أن المؤمن لا يتحسر على الماضي باكيًا حزينًا، ولا يعيش الحاضر ساخطًا، ولا يواجه المستقبل خائفًا، لأن في دينه من الأسلحة ما يستعين بها على الصمود في معركة الحياة ويواجه بها كوارثها وآلامها ومصائبها، فإياك إياك أن تفارق الرضا عنه طرفة عين فتسقط من عينه، ففي الاتصال بالله قوة للنفس ورضا عنها وطمأنينة للقلب.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم خطبة الجمعة اليوم، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله ومراقبته في السر والعلانية.
وقال فضيلته: أمر الله عباده بأن يتمسكوا بالإسلام، ويأخذوا بجميع عراه وشرائعه، ولا بد للإسلام من إيمان يحققه ويصدقه ومن أركان الإيمان الستة الإيمان باليوم الآخر، ومنه الإيمان بكل ما أخبر به النبي- صلى الله عليه وسلم- مما يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذابة ونعيمة إلى البعث والنشور، وأول مراحل الانتقال لهذه الدار حضور الأجل فتنزل إلى المؤمن ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط أي طيب من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء.
ومضى فضيلته قائلًا: وأما الكافر فتنزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح وهو اللباس الخشن فيجلسون منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتفرق في جسده فينزعها كما ينزع السفود (أي حديدة فيها شعب معقوفة) من الصوف المبلول (رواه مسلم).
وبين فضيلته أن العبد بعد نزع الروح يرحل إلى حياة أخرى أطول من حياة الدنيا، وهي حياة البرزخ بين الدنيا وقيام الساعة، والقبر أول منزل من منازل الآخرة، فإذا وُضع الميت فيه سمع قرع نعال أهله إذا انصرفوا عنه، ثم يفتن في قبرة فتنة عظيمة بسؤاله ثلاثة أسئلة لا يجيب عليها إلا القلة من الناس، فيأتيه ملكان يجلسانه ويسألانه: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ ومن ثبته الله قال الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي، فيقال له انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا من الجنة، فيراهما جميعًا. وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال له لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه ثم يصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين (متفق عليه).
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم خطبته مشيرًا إلى أن هذه الأمة تبتلى في قبورها أي بالعذاب فيها، فالنبي- صلى الله علية وسلم- كان يتعوذ بالله من عذاب القبر دبر كل صلاة، مبينًا فضيلته أن توحيد الله ولوازمه أعظم سبيل للنجاة من عذاب القبر، والعمل الصالح مؤنس في القبور، فالعاقل يتزود من الصالحات قبل الرحيل، فوعد الله حق، والأجل قادم، والحياة وإن طالت لا مناص من القبر.