تساؤلات عن دوافع جماعة الحوثي من تهديداتها الأخيرة ضد السعودية
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
أثارت تهديدات جماعة "أنصار الله" الحوثيين، ضد السعودية، وذلك باستهداف مواقع ومنشآت حيوية داخل عمق المملكة، أسئلة عدة عن دوافعها ودلالات توقيتها.
تهديد المملكة جاء من مختلف المستويات القيادية في الجماعة، بدءا بزعيمها عبدالملك الحوثي مرورا بقيادات سياسية وميدانية، في خطوة اعتبرها مراقبون أننا أمام مرحلة من التصعيد في حدود الخطابات والتصريحات دون استبعاد أن ينتقل التصعيد نحو المواجهة العسكرية.
فيما ذهب أخرون إلى أن رفع سقف التهديد من قبل الحوثيين يعود إلى الظروف الاقتصادية التي تخنق الجماعة والأوضاع المعيشية المتردية في مناطق سيطرتها جراء العقوبات الأمريكية على الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحركة، وتوجه التجار نحو موانئ الحكومة المعترف بها دوليا للاستيراد خشية من وقوعهم تحت طائلة عقوبات واشنطن.
وكان القائم بأعمال رئيس الحكومة التابعة للجماعة بصنعاء، محمد مفتاح، قد لوح أواخر أكتوبر/ تشرين أول الفائت، باستهداف موانئ ومطارات السعودية ، ردا على تحركاتها وتحركات الحكومة اليمنية المعترف بها في عدن، عاصمة البلاد المؤقتة.
وقال إن معادلة "البنك بالبنك والميناء بالميناء والمطار بالمطار"، لم تسقط، والتي سبق للجماعة أن هددت بها السعودية أبان قرار البنك المركزي التابع للحكومة المعترف بها في عدن، بإيقاف نظام السويفت على البنوك العاملة في مناطق سيطرتها العام الماضي.
لافتة في التوقيت والمستوى
وفي السياق، يرى الإعلامي والكاتب اليمني، أحمد الشلفي أن التهديدات الأخيرة التي أطلقتها جماعة الحوثي ضد المملكة العربية السعودية كانت لافتة في توقيتها ومستواها، ولم تكن عفوية كما قد يبدو.
وقال الشلفي في حديث خاص لـ"عربي21" إن التهديدات قد صدرت من مختلف مستويات الجماعة، بدءًا من زعيمها مرورًا بالمسؤولين السياسيين والإعلاميين وانتهاءً بالقيادات الميدانية، وهو ما يعكس قرارًا منسقًا ومدروسًا برفع سقف الخطاب تجاه الرياض.
وأشار الإعلامي اليمني إلى أن هذا التصعيد ازداد وضوحا البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية في حكومة الحوثيين السبت بشأن ما قالت إنها "خلية استخباراتية تدار من قبل أمريكا وإسرائيل والسعودية"، والتي زعمت أن مقرها في الأراضي السعودية.
وأضاف "هذا البيان يشير بوضوح إلى أن سقف الحوار بين الحوثيين والمملكة ربما توقف"، وأن الجماعة انتقلت من لغة التلميح إلى اتهام مباشر وصريح، ما يعكس توترًا غير مسبوق في مسار الاتصالات الجارية بين الطرفين.
وتابع : ليس ذلك فحسب، بل إن وسائل الإعلام التابعة للجماعة عادت خلال الأسابيع الأخيرة إلى نشر أخبار عن قصف مدفعي يستهدف مناطق حدودية في محافظة صعدة، ووصفت هذه الحوادث بأنها "عدوان سعودي".
وبحسب الإعلامي والكاتب اليمني فإن هذا النوع من الخطاب كان قد اختفى نسبيًا خلال العامين الماضيين، وعودته بهذا الشكل تدل على "وجود أزمة حقيقية في مسار التفاهمات مع الرياض، ومحاولة لإحياء الشعور بالتهديد الخارجي لتعبئة الداخل وإعادة توجيه الرأي العام".
واللافت أن هذا كله، وفقا للشلفي "يأتي بالتزامن مع أنباء مؤكدة عن محادثات بين ممثلين عن الجماعة والسعودية"، وقال : "يبدو أنها لم تحقق أي تقدّم ملموس، خصوصًا أن الحوثيين يصرّون على العودة إلى خارطة الطريق التي وافق عليها الفرقاء اليمنيون والسعودية والتي سبقت حرب غزة".
وأردف : وخارطة الطريق تلك لم تعد مقبولة اليوم لا من الولايات المتحدة ولا من القوى الفاعلة، بعدما كانت تمنح الحوثيين امتيازات سياسية واقتصادية واسعة.
ويمكن القول بحسب الإعلامي اليمني "إن لغة التهديد الحوثية — بما فيها بيان الخلية والتصعيد المحدود على الحدود — قد تكون أداة ضغط تفاوضي أكثر منها استعدادًا لحرب شاملة"، مؤكدا أنه مع ذلك، تبقى الجماعة بطبيعتها مغامِرة وغير مترددة، وقد تقدم على تحركات ميدانية لإثبات الجدية أو لتحسين موقعها التفاوضي أو للحصول على مكاسب.
لكن الشلفي استدرك قائلا : "إن الواقع اليوم مختلف تمامًا عمّا كان عليه قبل عامين؛ فالحوثيون في مرحلة تردد بعد الخسائر التي تكبّدوها بسبب الضربات الأمريكية والإسرائيلية، ومقتل عدد من قياداتها الحكومية والميدانية ، إلى جانب تراجع محور إيران الإقليمي بعد حرب غزة".
وخلص الإعلامي والكاتب اليمني إلى "أن يظلّ التصعيد الحوثي في حدود الخطاب والاتهامات والاشتباكات المحدودة دون أن يتطور إلى مواجهة واسعة"، لافتا إلى أن الجماعة تدرك أن أي حرب شاملة الآن قد يفتح عليها جبهة لا تستطيع تحمّلها في هذا الظرف.
تحديات وأزمات
من جانب أخر، كشف تقرير جديد صادر عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية أن الجماعة تواجه تحديات متزايدة قد تهدد استمراريتها، نتيجة أزمات داخلية وخارجية تعيق قدرتهم على اتخاذ قرارات حاسمة في الفترة المقبلة.
التقرير أوضح أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تشهد تدهوراً كبيراً، ما أدى إلى تزايد السخط الشعبي.
يأتي ذلك وسط تفاقم الأزمات نتيجة لتراجع الخدمات الأساسية، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والكهرباء والمياه، فضلاً عن التضييق الاقتصادي الذي أثر على حياتهم اليومية.
كما أشار التقرير إلى أن الحوثيين لم يتمكنوا من تحسين مستوى هذه الخدمات، بل على العكس، ازدادت الأوضاع سوءاً، مما أدى إلى تذمر المواطنين ضد الجماعة.
تقرير مركز المخا للدراسات، تطرق إلى "وجود أزمة سياسية داخل الجماعة"، بسبب الخلافات المتزايدة مع حزب المؤتمر الشعبي العام، وتدهور العلاقة بينهما عقب مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح على يد الحوثيين.
وتسبب هذا التوتر في انقسامات داخلية جديدة، حيث بدأ الحوثيون في إبعاد أعضاء المؤتمر من المناصب القيادية، ما زاد من تفاقم الأزمة السياسية داخل الجماعة.
كما أشار التقرير إلى أن خسائر الحوثيين في صفوف قادتها العسكريين، نتيجة للغارات الجوية المستمرة، قد أسفرت عن حدوث فراغات قيادية كبيرة، مما أدى إلى ارتباك داخل صفوفهم وصعوبة في التنسيق بين الجبهات العسكرية.
نفوذ إيران
أما على المستوى الإقليمي والدولي، فأكد تقرير مركز المخا على أن الضغوط تزايدت على الحوثيين، خاصة مع تراجع الدعم الإيراني لهم، إذ كانت إيران تقدم الدعم العسكري والمالي للحوثيين، لكن التراجع في النفوذ الإيراني في المنطقة أدى إلى نقص الموارد المالية والعسكرية للجماعة.
وأضاف: "كما فرض المجتمع الدولي المزيد من العقوبات على الحوثيين، حيث صنفت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الجماعة كمنظمة إرهابية، ما زاد من عزلتها الدولية".
سيناريوهات ثلاثة
وطرح مركز المخا للدراسات في تقريره ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل الحوثيين: الأول هو "التصعيد العسكري"، حيث قد تستمر الجماعة في تصعيد الهجمات ضد السعودية والمصالح الغربية، بهدف تحسين موقفها في المفاوضات السياسية المستقبلية.
أما السيناريو الثاني يتضمن "التهدئة والمصالحة الوطنية"، حيث قد تضطر الجماعة للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة الشرعية في إطار عملية سياسية شاملة.
أما الثالث فيتمثل في "تبني الحوثيين استراتيجية مرنة تجمع بين التصعيد المحدود والتهدئة السياسية"، مما يسمح لهم بالحفاظ على تأثيرهم في المعادلة السياسية اليمنية.
ابتزاز للسعودية والخليج
من جهته، قال رئيس تحرير موقع "يمن ديلي نيوز" ( أخباري محلي)، فؤاد العلوي إن تلويح جماعة الحوثي باستهداف السعودية، جاء على لسان قيادات غير مباشرة، لكن التلويح الحقيقي هو الذي ورد السبت، فيما أعلنته الميليشيا عن أن غرفة عمليات إسرائيلية أمريكية سعودية تدار من الأراضي السعودية.
وأضاف العلوي في حديث خاص لـ"عربي21"أنه رغم أن الاعترافات التي نشرتها الجماعة تثير الشكوك حول هذا الاتهام إلا أنها تؤكد أن نشر هذه الاعترافات تأتي في سياق "التصعيد الخطابي ضد السعودية".
وأشار إلى أن التصعيد الذي نفذته جماعة الحوثي في البحر الأحمر وحديثها عن دعم غزة، لم يكن الهدف منه دعم غزة لأنها كانت عديمة الأثر فعليا، لكن الهدف الحقيقي من عمليات الحوثيين هي "دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية".
وقال رئيس تحرير موقع "يمن ديلي نيوز" إن الميليشيات الحوثية خرجت من حرب البحر الأحمر بشعور أن رسالتها وصلت بوضوح لدول الخليج، وهي الآن تواصل التأكيد على الرسالة التي بدأتها في 2023، مؤكدا أنها ماضية في ابتزاز السعودية وابتزاز دول الخليج لتقديم المزيد من التنازلات.
وبحسب المتحدث ذاته، فإنه في اعتقاده، لن تكون هناك تنازلات أكثر يمكن تقديمها.
الصحفي العلوي، أوضح أنه من المعروف أن الجماعات التي تنشأ من الحرب لا تعيش إلا بالحرب، والصراع للهروب من الالتزامات والاستحقاقات التي تفرضها مرحلة السلام باعتبار أن الحرب أقل كلفة عليها من السلام، وبالتالي هي الآن تحاول اختلاق صراع وهمي للتأكيد على أنها لم تخرج من الحرب بعد.
وتابع بأن الدخول في حرب جدية لن تكون لصالح الحوثي لعدة عوامل منها "انكشاف الجماعة أمام حاضنتها، وغياب المبرر الذي يمكن تصديره لها بعد انتهاء كل الذرائع" و"وضعها الميداني على الجبهات ليس كما هو الحال الذي كان عليه قبل 2022، وهذه أطول هدنة إجبارية تعيشها الميليشيا منذ العام 2004 وحتى اليوم".
وقال أيضا، إن الرصيد الذي كان يحتمي به الحوثيون حلال السنوات الماضية ذا الرصيد يتآكل يوماً بعد يوم وهذا يجعل استئناف الحرب فيه مجازفة، لكنه يستخدم لغة القوة لكسب المزيد من الوقت والمزيد من التنازلات.
والسب، أعلنت جماعة الحوثيين عن "توقيف شبكة تجسّسية مرتبطة بغرفة عمليات مشتركة بين المخابرات الأمريكية (CIA) والموساد الإسرائيلي والمخابرات السعودية"، ومقرّها داخل الأراضي السعودية.
جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الداخلية في حكومة الجماعة (غير معترف بها) في صنعاء، أكدت فيه أن الغرفة المشتركة كانت تنسّق جهودًا تخريبية وتجسسية تستهدف اليمن، وأنها أنشأت خلايا صغيرة متعددة تعمل بشكل منفصل وترتبط مباشرة بالغرفة المركزية.
وأوضح البيان أن هذه الغرفة زوّدت الخلايا بأجهزة تجسس متطوّرة ودربت عناصرها على استخدام هذه الأجهزة وكتابة التقارير ورفع الإحداثيات وطرق التمويه، وقد تلقى هؤلاء التدريب على يد ضباط أمريكيين وإسرائيليين وسعوديين في الأراضي السعودية، وفقًا للوزارة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية تهديدات الحوثيين السعودية اليمنية السعودية الحوثي تهديدات اليمنية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأراضی السعودیة جماعة الحوثی ضد السعودیة مرکز المخا أدى إلى إلى أن
إقرأ أيضاً:
شركة «يمن موبايل» البقرة الحلوب التي حولها كبار قادة المسيرة الحوثية إلى غنيمة حرب تدر عليهم ذهبا
تمرُّ شركة «يمن موبايل»، أكبر شركة اتصالات خاضعة للحوثيين، بمرحلة غير مسبوقة من التدهور الإداري والمالي والفني، وسط صراع نفوذ محتدم بين أجنحة الجماعة التي حوّلت الشركة إلى غنيمة مالية وسياسية تخدم مصالحها، على حساب الموظفين والمساهمين والمشتركين. وفق ما أفادت به مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.
وإذ تطرق أحدث تقرير لفريق الخبراء الأمميين إلى هيمنة الحوثيين على قطاع الاتصالات وتحويله إلى أداة للقمع والسيطرة والإثراء، فإن المصادر تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن ما يتم داخل الشركة «ليس مجرد سوء إدارة»، بل عملية تدمير ممنهجة تهدف إلى إقصاء الكفاءات، وتفريغ المؤسسة من خبراتها الوطنية، وإحلال عناصر حوثية تفتقر إلى المؤهلات، لكنها تتمتع بالولاء المطلق للجماعة.
وأوضحت المصادر أنه منذ تعيين الجماعة القيادي عبد الخالق الحسام رئيساً لمجلس إدارة الشركة، بدأت مرحلة جديدة من الانحدار. فالحسام - بحسب المصادر - لا يمتلك أي مؤهل إداري أو فني، وكان قد أُقيل في عام 2019 من منصب نائب مدير فرع؛ بسبب تورطه في قضايا فساد، قبل أن يُعاد إلى الواجهة ليتحكم في شركة يبلغ دخلها اليومي أكثر من مليار ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين).
وتشير المصادر إلى أن الحسام، بدلاً من إنقاذ الشركة (يمن موبايل)، بدأ منذ توليه المنصب بسحب صلاحيات المديرين التنفيذيين، وحرمانهم من الحوافز والمكافآت؛ لدفعهم إلى الاستقالة، تمهيداً لتعيين عناصر حوثية من خارج الشركة، لا تحمل سوى الولاء للجماعة.
ولم يتوقف الانحدار عند حدود الإدارة، بل شمل - وفق المصادر- تعطيل العقود والشراكات السابقة مع شركات ومقاولين من خارج منظومة الحوثي؛ بهدف إسقاط الثقة بالشركة، وتهيئة الطريق أمام متعهدين تابعين للجماعة.
هذه القرارات - وفقاً لمصادر اقتصادية - أدت إلى انهيار مشروعات استراتيجية وتعطيل التزامات قائمة، وتراجع حاد في سمعة الشركة التي باتت بوابة لقادة الجماعة من أجل الإثراء.
فساد صارخ
في الوقت الذي تتراجع فيه الإيرادات وتنهار الخدمات التي تقدمها الشركة، تقول المصادر إن القيادي الحوثي الحسام يصرف مئات ملايين الريالات اليمنية من أموال الشركة لصالح قيادة الجماعة، تحت ذرائع مشروعات وهمية ونفقات شخصية باهظة تشمل شراء سيارات فارهة، وتأثيث فلل وشقق خاصة.
وطبقاً لتعبير أحد الموظفين: «لم تعد الشركة تُدار بوصفها مؤسسةً وطنيةً، بل صندوقاً مالياً تحت تصرف القيادات الحوثية، في ظل غياب تام للرقابة والمساءلة».
وتشير تقارير داخلية إلى أن «يمن موبايل» فقدت نحو 15 في المائة من إيراداتها خلال 4 أشهر فقط من تولي الحسام المنصب، وهو تراجع غير مسبوق منذ تأسيس الشركة. كما ازدادت شكاوى المشتركين من سوء الخدمة، وانقطاع الشبكة حتى في العاصمة المختطفة، صنعاء.
وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها خبراء الاتصالات بشأن خطورة ما يحدث، فإن قيادة الجماعة تجاهلتها تماماً، لأن الهدف - وفقاً للمراقبين - يتمثل في إعادة تشكيل الشركة بما يخدم مشروعها الانقلابي مالياً وسياسياً.
وامتدت تداعيات الفساد - وفق المصادر - إلى كل الأطراف ذات العلاقة بالشركة، حيث حُرم الموظفون من حقوقهم، وتضرر المشتركون من تراجع الخدمة، وواجه التجار والمقاولون عراقيل متعمَّدة لتنفيذ العقود الموقَّعة معهم، وهو ما انعكس على قيمة أسهم الشركة وثقة المساهمين فيها.
وتضيف المصادر أن خطة الجماعة الحوثية مستمرة منذ سنوات في إحكام السيطرة على مفاصل الشركة عبر تعيين موالين لها في المواقع الحساسة، وتحويلها إلى ذراع مالية تموّل أنشطتها، بما في ذلك أعمال التعبئة العسكرية والطائفية.
نهب مستمر
تقول المصادر في صنعاء إن الشركة قبل رئيس مجلس إدارتها الجديد الحسام، كانت تخضع لإدارة عصام الحملي، وهو الآخر من القيادات الحوثية. وفي عهده تم صرف نحو 16 مليار ريال يمني (نحو 30 مليون دولار) تحت غطاء «تأهيل مباني الشبكات وأبراج الاتصالات»، رغم أن غالبية تلك المباني ليست مملوكة للشركة، بل مؤجَّرة.
وكان موظفو «يمن موبايل» يأملون أن تكون مرحلة الحسام مختلفة، لكنهم فوجئوا - بحسب قولهم - باستمرار نهج الفساد ذاته، مع إضافة سياسة إقصاء وتهميش ممنهجة طالت حتى أصحاب الخبرات الطويلة في الاتصالات.
وأمام هذا الانهيار المتسارع، يرى موظفو «يمن موبايل» أن شركتهم أصبحت رهينةً لأطماع الجماعة الحوثية، وأن إنقاذها لم يعد مطلباً إدارياً فحسب، بل أصبح ضرورة وطنية لحماية ما تبقَّى من مؤسسات الدولة، ووقف العبث الذي يهدد قطاع الاتصالات، ويمس حياة ملايين اليمنيين.
دعم أممي للاتهامات
يأتي ذلك في ظل ما أكده تقرير الخبراء الأمميين الأخير بشأن اليمن، من أن الحوثيين «يسيطرون بالكامل على قطاع الاتصالات في مناطق نفوذهم، ويحولون عائداته إلى تمويل عملياتهم العسكرية والسياسية». وأشار التقرير إلى أن الجماعة تمتلك منظومة متقدمة من أدوات المراقبة والتنصت، تُمكّنها من اعتراض المكالمات والبيانات ومراقبة الناشطين والإعلاميين.
كما كشف التقرير عن أن إيرادات الاتصالات - بما فيها من شركات مثل «يمن موبايل» و«تيليمن» - تُحوَّل إلى ما تُعرف بـ«الهيئة العامة للزكاة» التابعة للجماعة، خارج أي رقابة مصرفية أو حكومية، لتصبح أحد أهم مصادر التمويل المستقلة للحوثيين. وأكد أن الجماعة تمنع أي تدقيق مالي أو إداري على موارد القطاع، وتستخدم تلك الموارد لتمويل «أنشطة التجنيد والتعبئة العسكرية».
وربط تقرير الخبراء الأمميين بين هذا الاستحواذ الحوثي وتفشي الفساد في مفاصل الاتصالات، مشيراً إلى أن القطاع بات يُدار من قبل شبكة مالية مغلقة ترتبط بمكتب زعيم الجماعة مباشرة. وأوضح أن هذه السيطرة مكَّنت الحوثيين من استخدام البنية التحتية للاتصالات أداةً للهيمنة والقمع، من خلال مراقبة الاتصالات، وحجب المواقع الإلكترونية، وإقصاء الكفاءات الوطنية.