سوريا: مؤسس ملفات قيصر يروي كيف هُرِّبت أدلة التعذيب من قلب أجهزة الأسد
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
"كنت أعلم أن هذا الخطر قد يؤثر على جميع أفراد عائلتي، لكن قيمة ما نقوم به كانت أكبر بكثير من خوفي"، يقول عثمان، بنبرة تمزج بين الحزن والشجاعة.
على مسافة خطوة واحدة من الموت، خاض أسامة عثمان واحدة من أخطر عمليات التوثيق التي عرفتها الثورة السورية. الرجل الذي تجاوز التاسعة والخمسين من عمره، يعيش اليوم في المنفى بفرنسا، لكنه لا يزال يحمل على كتفيه ذاكرةً مثخنة بصور أكثر من 53 ألف جثة معذّبة، سرّبت من أرشيف النظام السوري في السنوات الأولى للحرب.
وبدأ عثمان رحلته في توثيق التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء في سوريا، متعهدًا بجعل الحقائق المعتمة واضحة للعالم. ويقول، في مقابلة مع "أسوشيتد برس"، مؤكّدًا إن الحقيقة كانت تستحق المخاطرة: "كنت أعلم أن هذا الخطر قد يؤثر على جميع أفراد عائلتي، لكن القيمة الحقيقية لما نقوم به كانت أكبر بكثير من خوفي على أسرتي".
سؤال واحد غيّر كل شيءفي نهاية عام 2013، طرحت زوجة عثمان سؤالًا بسيطًا: "لماذا نجمع هذه الصور لننتظر سقوط النظام ثم نعرضها؟ لماذا لا نستخدمها لإسقاط النظام؟"
ومع تفاقم الاحتجاجات في درعا عام 2011، واجهت سوريا رد فعل دمويًا من النظام، وأدت الوحشية الحكومية إلى اندلاع حرب أهلية مدمرة، جعلت البلاد برمتها مسرحًا للرعب.
Related تحريك أول دعوى جنائية بحق شخصيات بارزة في نظام بشار الأسدبعد إسقاط الحصانة: فرنسا تطلب مذكرة توقيف جديدة بحق بشار الأسدمحكمة التمييز الفرنسية تلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسدبتهم جرائم حرب.. بشار الأسد تحت الملاحقة القضائية في فرنسا للمرة الثالثةولم يعرف عثمان كيفية المساهمة في إسقاط الأسد حتى جاءه اتصال من شقيق زوجته، فريد المازحان، ضابط في الشرطة العسكرية، حاملاً صورًا مروعة للتعذيب، مع إمكانية الوصول إلى أرشيف سرّي للنظام.
كيف وثّق فريق قيصر انتهاكات النظام السوري لعقد كامل؟بتعاون زوجته خولة المازحان، أسس الفريق عملية تهريب للوثائق والصور، أطلقوا عليها اسم "ملفات قيصر". وأُخذ الاسم من الاسم الحركي الذي اختاره فريد: قيصر، بينما اختار عثمان اسم "سامي".
وخلال سنوات قليلة، نجح الفريق في تهريب أكثر من 53,000 صورة تكشف التعذيب والجوع والمرض في سجون النظام، وظهرت هذه الصور على الإنترنت في 2014، لتحدث صدمة وتدفع الولايات المتحدة لفرض عقوبات، إضافة إلى محاكمات أوروبية لمسؤولين سوريين سابقين.
ولاحقًا، نما الفريق ليضم نحو 60 عضوًا داخل وخارج سوريا، وأنتجوا "ملفات الأطلس"، وهو أرشيف يغطي الفترة من 2014 حتى 2024، موثقًا آلاف الانتهاكات الجديدة.
الفوضى والانهيار الأمني في سوريا بعد نظام الأسدفي نهاية العام الماضي، مع سيطرة المعارضة على حلب ودخولها دمشق، فر الأسد إلى روسيا، منهية حكم عائلة الأسد الذي دام أكثر من 50 عامًا.
غير أن الفراغ المفاجئ في السلطة أدى إلى فوضى عارمة، حيث فُتحت السجون، وضاعت وثائق هامة، وتعرضت المقابر الجماعية للتدمير، وفقًا لما ذكر عثمان.
ويضيف المتحدث: "كان الكثير من الأدلة ضائعًا وكأن السلطات الجديدة دمّرت مسرح الجريمة نفسه".
ورغم الفوضى، يواصل الفريق عمله لتوثيق كل انتهاك، مع حلم واضح: أن يقف الأسد وكل من ارتكب جرائم حرب أمام المحكمة، وأن تنال أسر المفقودين حقوقها.
ومع ذلك، يعبر عثمان عن قلقه من أن الوضع الأمني لم يتحسن بعد رحيل الأسد، مشيرًا إلى أن بعض المسؤولين الذين يُراد محاسبتهم على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب قد تمت تبرئتهم أو عادوا لممارسة سلطات في مؤسسات جديدة.
ويقول عثمان: "نظام بشار الأسد لم يسقط، والأشخاص الذين نسعى لمحاسبتهم على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية هم أشخاص تم العفو عنهم، وبعضهم عاد لممارسة سلطات في الحكومة المؤقتة وبعض المؤسسات التي تمنحهم الحرية للوصول إلى أعضاء الفريق وربما إيذاء الكثيرين.. لذلك، لا أعتقد أن الوضع الأمني في سوريا قد تغيّر كثيرًا بعد رحيل بشار الأسد."
ومع زيارة وزير الخارجية السوري إلى واشنطن، تدّعي الحكومة الجديدة أنها تعمل على معالجة آثار الجرائم السابقة. واعترف رضا الجلاخي، رئيس اللجنة الوطنية للشخصيات المفقودة، بفقدان بعض الوثائق خلال الفوضى، لكنه شدد على أن ما تبقى من الوثائق أصبح تحت سيطرة الحكومة ويُحفظ ضمن أرشيف مركزي.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة سوريا بشار الأسد أحمد الشرع
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم
المصدر: euronews
كلمات دلالية: الصحة دونالد ترامب غزة إسرائيل دراسة حركة حماس الصحة دونالد ترامب غزة إسرائيل دراسة حركة حماس سوريا بشار الأسد أحمد الشرع الصحة دونالد ترامب غزة إسرائيل دراسة حركة حماس سوريا طب مرض ألزهايمر الإغلاق الحكومي بشار الأسد
إقرأ أيضاً:
عملية أمنية واسعة في سوريا لملاحقة خلايا تنظيم الدولة
أعلنت وزارة الداخلية السورية اليوم السبت، تنفيذ عملية أمنية واسعة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، تستهدف "خلايا تنظيم الدولة الإسلامية" في عدد من المحافظات، وذلك في أعقاب ما سمته رصد تحركات لعناصر مشتبه بها خلال الأسابيع الماضية.
ووفق بيان الوزارة، شملت العملية مناطق في ريف دمشق، حمص، حماة، حلب، وإدلب، وأسفرت عن تفكيك شبكات إرهابية واعتقال عدد من المطلوبين، إلى جانب ضبط مواد وأدلة تثبت تورطهم في أنشطة تهدد أمن البلاد، يجري تحليلها حاليا لدى الجهات المختصة.
تؤكد العملية استمرار جهود وزارة الداخلية في تفكيك منابع التنظيم الإرهابي وضمان أمن واستقرار الوطن.#الجمهورية_العربية_السورية#وزارة_الداخلية pic.twitter.com/6ZLZVuXznZ
— وزارة الداخلية السورية (@syrianmoi) November 8, 2025
وتأتي هذه الحملة في إطار ما وصفته الوزارة بـ"الجهود الوطنية المتواصلة لمكافحة الإرهاب"، مؤكدة أن العملية مستمرة لعدة أيام، وتشمل "مداهمات دقيقة لأوكار التنظيم وملاحقة عناصره".
ونشرت وزارة الداخلية عبر منصاتها الرسمية صورا توثّق جانبا من العمليات الميدانية، التي جاءت "بناء على معلومات استخبارية دقيقة ورصد ممنهج لتحركات العناصر المشتبه بها خلال الأسابيع الماضية".
كما أفادت مصادر أمنية بأن وحدات مشتركة من الأمن الداخلي والاستخبارات نفذت مداهمات في منطقة السفيرة بريف حلب، في حين أفادت تقارير بانفجار عبوة ناسفة قرب جسر جبلة بريف اللاذقية "دون وقوع خسائر بشرية".
وتؤكد السلطات السورية أن هذه العمليات الميدانية تهدف إلى التصدي الاستباقي لأي تهديد يمس سيادة الدولة وسلامة المواطنين، في ظل استمرار التحديات الأمنية في عدد من المناطق.
وتعمل الحكومة السورية الجديدة منذ ديسمبر/كانون الأول العام الماضي على ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد، وملاحقة خلايا تنظيم الدولة وفلول نظام بشار الأسد المخلوع الذين يثيرون قلاقل أمنية.
إعلانوفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تمكن الثوار السوريون من دخول العاصمة دمشق، معلنين الإطاحة بنظام بشار الأسد (2000- 2024) الذي ورث الحكم عن أبيه حافظ الأسد (1970- 2000).