أبوظبي (الاتحاد)
 نظم صندوق الإمارات للنمو (EGF)، المنصة الوطنية لرأس مال النمو بقيمة مليار درهم والمدعوم من مصرف الإمارات للتنمية، «الملتقى الصحي الحواري»، بمشاركة نخبة من الجهات الصحية الحكومية، والقطاع التنظيمي، والمستثمرين، ومقدّمي خدمات الرعاية الصحية، والذي تم خلاله استشراف ملامح المرحلة القادمة لمنظومة الرعاية الصحية في دولة الإمارات، وآفاق الفرص الواعدة التي توفرها نماذج الرعاية القابلة للتوسع أمام الشركات الناشئة والمبتكرين وروّاد الأعمال.

وناقش الملتقى الذي عقد مؤخراً في فندق سانت ريجيس السعديات بأبوظبي، الدور المحوري لرأس المال للنمو في إعادة هندسة بنية اقتصاد الرعاية الصحية في دولة الإمارات، وبروزه قوة محركة تُحوّل الرؤية الوطنية إلى واقعٍ مؤسسيٍ مستدام، من خلال تمويل صبور وقابل للتدرّج يوجَّه نحو التحول من بناء القدرة إلى بناء الكفاءة، ومن التوسع إلى التخصص، ومن العلاج إلى الوقاية.

وأكد المشاركون في الملتقى، الذي يعد الأول ضمن سلسلة من الملتقيات القطاعية الموجهة التي يخطط الصندوق لتنظيمها، أن منظومة الرعاية الصحية في دولة الإمارات تقف على أعتاب مرحلة تحول عميقة، لافتين إلى أنه على الرغم من التطورات الكبيرة التي شهدتها المنظومة على مدى العقدين الماضيين، والإصلاحات الواسعة في أنظمة التأمين والحوكمة والبنية التحتية، والتي أسهمت في بناء إحدى أكثر المنظومات الطبية تطوراً في المنطقة، إلا أن المرحلة المقبلة لن تُقاس باتساع الطاقة الاستيعابية فحسب، بل بترسيخ الكفاءة، وبناء القدرات النوعية عالية الأثر.

سوق استثماري ديناميكي

وشهد الملتقى استعراض مجموعة من البيانات التي عكست مكانة دولة الإمارات كأكثر الأسواق نضجاً وحيوية في المنطقة، باستحواذها على نحو نصف صفقات الرعاية الصحية في مجلس التعاون الخليجي. فبين عامي 2021 و2025، نُفّذت 198 صفقة في الإمارات، مقارنة بـ170 في السعودية و31 في بقية دول المجلس. وتشكل الاستثمارات المبكرة أكثر من 40% من إجمالي الصفقات، ما يعكس ديناميكية منظومة الشركات الناشئة. كما تمثل العيادات والمراكز الخارجية ربع عمليات الدمج والاستحواذ، ما يبرز تركيز المستثمرين على نماذج الرعاية القابلة للتوسع.

وأجمع المشاركون على أن الصفقات الأخيرة تعكس الزخم المتصاعد في السوق الإماراتي، وبروز ما يُعرف بـ«شريحة فجوة المنتصف»، وهي الشركات في مرحلة النمو التي تحتاج إلى رأسمال مؤسسي ودعم تشغيلي للانتقال إلى مستوى أعلى من التمكين المؤسسي. لافتين إلى أن استثمار صندوق الإمارات للنمو في مستشفى ترميم لجراحة العظام والعمود الفقري في عام 2025، وصفقة فجر كابيتال بقيمة مليار دولار في أستر، واستحواذات مبادلة في دايتك للسكري، والاتحاد للأدوية، كلها دلائل على تحول السوق نحو الرعاية التخصصية، والرعاية الخارجية، والصحة الرقمية، وهي مجالات يؤدي فيها رأس المال للنمو دوراً محورياً في تعزيز الكفاءة والتكامل عبر النظام الصحي.

مرحلة التحول

وقالت نجلاء المدفع في كلمتها الافتتاحية: «نعيش اليوم في مرحلة غير مسبوقة من التحول، حيث تُغيّر التكنولوجيا المتسارعة أساليب العمل التقليدية في القطاع الصحي. السؤال لم يعد ما إذا كان التغيير قادماً، فهو هنا بالفعل، بل كيف سنستجيب له كقادة وممارسين ومستثمرين وواضعي سياسات» وباعتباره منصة حكومية لرأس المال للنمو، يستثمر صندوق الإمارات للنمو في الشركات الإماراتية الصغيرة والمتوسطة ضمن القطاعات الوطنية ذات الأولوية، مثل الصحة، والصناعة، والأمن الغذائي. وهو يجسر «فجوة المنتصف» بين ريادة الأعمال والمؤسسية، مستهدفاً الشركات التي تشكل مستقبل الإمارات، شركات يقودها المؤسسون، وتحركها رسالة، وجاهزة للانطلاق نحو آفاق أوسع.

أخبار ذات صلة «الاستثمار الأميركي» يستحوذ على حصة الأغلبية في أتلتيكو مدريد ميسي يعود إلى «كامب نو»

وقال خليفة الهاجري، الرئيس التنفيذي لصندوق الإمارات للنمو:«يشكل رأس المال للنمو قيمة مؤسسية تتجاوز التمويل، ليصبح بمثابة الشراكة التي تعمل على ترسيخ الحوكمة، وتأهيل فرق الإدارة، وفتح قنوات للنمو، وتمكين التكامل عبر سلسلة الرعاية، من خلال تمويل صبور وقابل للتدرّج».

وأضاف:«نستثمر في المبتكرين ومقدمي الرعاية ورواد الأعمال الذين يبنون الجيل القادم من منظومة الرعاية الصحية في دولة الإمارات، لنحوّل الشركات الواعدة إلى أبطال وطنيين مستدامين، لأن الاستثمار في الكفاءة هو استثمار في صحة المجتمع ومستقبل الدولة».

إعادة تصميم

وقال الدكتور مهيمن عبد الغني، الرئيس التنفيذي لمجموعة فقيه للرعاية الصحية: «انتهى زمن بناء المستشفيات لمجرد البناء. المستقبل هو في تمكين المريض عبر منظومات تُبقيه بصحة جيدة، في منزله، وعلى دراية وإدارة كاملة بحالته». التكنولوجيا أداة تمكين وأجمع المشاركون في الملتقى على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يعزز الخبرة البشرية لا أن يستبدلها. فالتقنيات الحديثة يمكن أن تقلّص وقت التصوير إلى النصف وتحسّن الدقة، لكن التعاطف والتواصل والثقة تبقى جوهر الرعاية، لافتين إلى أنه على الرغم من الدور المؤثر للذكاء الاصطناعي اليوم في جميع مستويات الرعاية الصحية، من التصوير الطبي والتشخيص إلى اتخاذ القرار السريري والعلاج الموجّه، إلا أن نجاحه يعتمد على مدى تطبيقه بمسؤولية وأمان.ويُعد القطاع الصحي ركناً أساسياً في الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031، وسيحدد تطبيق هذه التقنيات بشكل أخلاقي وآمن مدى فعالية النمو المستقبلي.

وقالت مباركة إبراهيم، الرئيس التنفيذي لتقنية المعلومات بالإنابة والرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية: «نحن نتعامل مع أرواح بشرية، لا بيانات فقط. ما يحدث اليوم تحول مذهل، وإذا توافقت رؤية التقنيين ومقدمي الرعاية، فسيعود بالنفع على الجميع».

وقال فيصل جمعة بلهول، رئيس مجلس إدارة جيه أند أف القابضة: «نحن لا نبني مشاريع منفصلة، بل منظومات متكاملة. رأس المال للنمو يجب أن يفكر أفقياً عبر سلسلة الرعاية بأكملها، ليوحد بين البيانات واتخاذ القرار وتقديم الخدمة. القيمة الحقيقية تتحقق عندما يتوحد المريض والمقدم والمستثمر حول النتيجة، لا حول النشاط».

مواءمة الحوافز

واتفق المشاركون في ختام الملتقى على أن التحول الحقيقي يتطلب إعادة هيكلة منظومة الحوافز. فالنموذج القائم على الدفع مقابل الخدمة يكافئ النشاط لا النتائج، ولتحقيق نظام أكثر استدامة، ينبغي تسريع التحول نحو الرعاية القائمة على القيمة، حيث يكافأ مقدمو الخدمات على الجودة والكفاءة والأثر الملموس. وشددوا على أن ذلك سيتطلب تعاوناً متكاملاً بين المرضى، وجهات التأمين، والمستشفيات، وصناع القرار. لاسيما وأن البيئات التنظيمية التجريبية (Sandboxes) تُعد مساحة مثالية لاختبار النماذج الجديدة للدفع مقابل النتائج، وتكامل الأنظمة الرقمية، ومشاركة البيانات بين الجهات بأمان وفعالية.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الرعایة الصحیة فی دولة الإمارات على أن

إقرأ أيضاً:

الرعاية الصحية تواصل إطلاق مبادرتها «انتخب واطمّن» للتأمين الطبي

أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية، عن استمرار إطلاق مبادرتها «انتخب واطمّن» لتأمين الخدمات الطبية خلال انتخابات مجلس النواب 2025، والتي بدأت اليوم في محافظتي الأقصر وأسوان، وذلك في إطار دورها الوطني الرائد ومسؤوليتها في دعم الاستحقاقات الدستورية، وضمان تقديم الرعاية الصحية المتكاملة والآمنة للمواطنين خلال سير العملية الانتخابية.

وأكدت الهيئة أنها تؤمّن انتخابات مجلس النواب بمرحلتيها من خلال 321 فرقة طبية منتشرة أمام اللجان الانتخابية بمحافظات التأمين الصحي الشامل، لتقديم الخدمات الطبية للناخبين والعاملين باللجان، بما يضمن سرعة الاستجابة والتعامل الفوري مع أي طارئ طبي، وفق أعلى معايير الجودة.

الرعاية الصحية تواصل إطلاق مبادرتها انتخب واطمّن

وأوضحت الهيئة أنه تم نشر 180 فرقة طبية بمحيط اللجان خلال المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب بمحافظتي الأقصر وأسوان، والتي تُجرى على مدار يومي 10 و11 نوفمبر، فيما سيتم الدفع بـ 141 فرقة طبية أخرى خلال المرحلة الثانية يومي 24 و25 نوفمبر بمحيط اللجان في محافظات إقليم القناة وهم أربع محافظات «بورسعيد، الإسماعيلية، جنوب سيناء، السويس»، وذلك لضمان التغطية الطبية لكافة مراحل العملية الانتخابية.

الرعاية الصحية تواصل إطلاق مبادرتها انتخب واطمّن

ومن جانبه، أعلن الدكتور أحمد السبكي، رئيس هيئة الرعاية الصحية، عن انعقاد غرف الطوارئ المركزية والفرعية على مدار الساعة طوال فترة الاستحقاق الانتخابي، مشيرًا إلى وجود غرفة طوارئ مركزية برئاسة الهيئة لمتابعة الموقف الطبي أولًا بأول، إلى جانب 32 غرفة طوارئ فرعية بمحافظات التأمين الصحي الشامل الست، مرتبطة على مدار الساعة بالغرفة المركزية برئاسة الهيئة، لضمان أعلى درجات الجاهزية والاستجابة الفورية.

الرعاية الصحية تواصل إطلاق مبادرتها انتخب واطمّن

وأضاف الدكتور أحمد السبكي، أنه تم رفع درجة الاستعداد القصوى بـ285 مركزًا ووحدة طب أسرة و43 مستشفى تابعة للهيئة لتأمين العملية الانتخابية بمرحلتيها، مع التأكيد على توافر الأطقم الطبية المدربة والمستلزمات والأدوية اللازمة بكافة المنشآت، لضمان سرعة التعامل مع أي حالات طارئة.

الرعاية الصحية تواصل إطلاق مبادرتها انتخب واطمّن

وأشار رئيس الهيئة إلى أن الفرق الطبية المنتشرة داخل وأمام اللجان الانتخابية تقدم خدمات الفحص والفرز الطبي للناخبين، بما في ذلك قياس الضغط والسكر، وتقديم الإسعافات الأولية، والتوعية والتثقيف الصحي، خاصة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والفئات الأولى بالرعاية، إلى جانب التدخل السريع في حالات الطوارئ وتحويلها إلى مستشفيات الهيئة لتلقي الرعاية الطبية بأعلى مستويات الكفاءة والجودة.

الرعاية الصحية تواصل إطلاق مبادرتها انتخب واطمّن

وأكد رئيس هيئة الرعاية الصحية على التنسيق على مدار الساعة مع هيئة الإسعاف المصرية من خلال نظام إحالة فعّال يضمن سرعة نقل الحالات الطارئة إلى المستشفيات المجهزة، فضلًا عن رفع الجاهزية بأقسام الطوارئ وتوفير المستلزمات الطبية والأدوية وفصائل الدم بجميع المستشفيات التابعة للهيئة بمحافظات التأمين الصحي الشامل، بما يضمن تأمين العملية الانتخابية بكفاءة وأمان كاملين.

اقرأ أيضاًمرور مكثف على مستشفيات الفيوم لتعزيز معايير الجودة والحوكمة الصحية

هيئة الرعاية الصحية تستعرض أبرز أنشطتها في أسبوع «فيديو»

متابعة ميدانية لتعزيز جودة الخدمة الصحية بمستشفى الشهداء المركزي بالمنوفية

مقالات مشابهة

  • انهيار نظام الرعاية الصحية بالسودان.. 80% خارج الخدمة
  • نادي وحدة صنعاء ينظم مؤتمراً صحفياً لتدشين الملتقى الشتوي السابع للألعاب الرياضية
  • الرعاية الصحية تواصل إطلاق مبادرتها «انتخب واطمّن» للتأمين الطبي
  • بـ٣٢١ فرقة طبية.. "الرعاية الصحية" تؤمن انتخابات مجلس النواب بمحافظات التأمين الصحي الشامل
  • مساعد وزير الصحة: توسع الاستثمار الصحي لتطوير الرعاية والبنية التحتية
  • مساعد وزير الصحة للمشروعات القومية: توسع الاستثمار الصحي لتطوير الرعاية الأولية والبنية التحتية وفق معايير دولية
  • «إعلام القليوبية» ينظم ملتقى «المتحف المصري الكبير.. هدية مصر للعالم»
  • صندوق التأمين على الثروة الحيوانية ينظم حملة توعوية بيطرية مكثفة لدعم صغار المربين بالبحيرة
  • شرطة أبوظبي تشارك في الملتقى الصحي الرابع لمستشفيات الظفرة