تغريدة قديمة تضع لوبان أمام القضاء بتهمة الإهانة العنصرية لمحجبة
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
قال موقع "ميديا بارت" إن زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي مارين لوبان مثُلت -أمس الاثنين- أمام محكمة باريس بتهمة الإهانة العلنية ذات الطابع العنصري، وذلك لوصمها طالبة بالانتماء إلى "الإسلام الراديكالي" لمجرد ارتدائها الحجاب.
وتعود القضية -حسب تقرير ألكسندر بيرتو للموقع- إلى تغريدة نشرتها لوبان على حسابها في "تويتر" (إكس حاليا) في مارس/آذار 2019، عندما أعادت نشر صورة للطالبة ياسمين ويرهران الحائزة على جائزة "الشابة الأوروبية للعام".
وعلقت لوبان على صورة الشابة المغربية الإيطالية الأصل وهي ترفع علم الاتحاد الأوروبي أمام الكولوسيوم في روما قائلة "الاتحاد الأوروبي يتحمل اختياراته. أما نحن، فالترويج للإسلام الراديكالي نقول له لا".
وقد أثارت تلك التغريدة عاصفة من الكراهية والتحريض ضد الطالبة التي تلقت تهديدات بالقتل واضطرت إلى مغادرة فرنسا إلى لندن خوفا على حياتها، قبل أن تعود عام 2023.
وخلال جلسة المحاكمة، روت ياسمين تجربتها المؤلمة قائلة إنها شعرت بأنها "صارت هدفا عاما" بسبب حجابها، وقالت إنها ما تزال تعاني آثار تلك الحملة، مع أنها لم تكن تمثل أي جهة سياسية أو دينية، بل كانت شابة ناشطة في مجالات السلام، والحوار بين الثقافات، والمساواة بين الجنسين.
وقالت ياسمين -التي لم تعد ترتدي الحجاب اليوم- أمام القضاة إنها لا تزال متأثرة من ربطها بـ"التطرف" من قبل شخصية سياسية بارزة، مضيفة "حين ارتديت الحجاب، لم أذهب إلى سوريا، بل إلى بروكسل لأدعو إلى السلام، ولكنني قورنت بتنظيم داعش (الدولة الإسلامية) وتم التعامل معي كغريبة خطيرة. كنت خائفة من أن يجد أحدهم عنواني ويؤذيني، لأنني تلقيت تهديدات بالقتل".
القضية لا تتعلق بحرية النقاش السياسي بل بإهانة مباشرة تربط امرأة شابة بـ"الإرهاب" لمجرد مظهرها
بواسطة إيلانا سوسكين
سياق سياسي مشحونمن جهتها، دافعت إيلانا سوسكين (محامية ياسمين) عن موكلتها بالقول إن القضية لا تتعلق بحرية النقاش السياسي بل إهانة مباشرة تربط امرأة شابة بـ"الإرهاب لمجرد مظهرها" وقالت إن لوبان استخدمت صورة موكلتها "لخدمة خطاب كراهية" ووصفت لوبان بأنها "خطر على التماسك الاجتماعي".
إعلانوفي المقابل، دافع رودولف بوسلو (محامي لوبان) عن زعيمة حزب التجمع الوطني قائلا إن ما كتبته "يندرج ضمن النقاش السياسي المشروع حول علاقة الاتحاد الأوروبي بالإسلام السياسي" نافيا أن تكون التغريدة قد استهدفت الطالبة بشكل شخصي.
وتأتي هذه المحاكمة في ظل تصاعد الجدل حول قضايا الهوية والإسلام في فرنسا -كما يقول الموقع- خاصة بعد سلسلة من الحوادث المشابهة، آخرها نشر نواب من حزب لوبان صور محجبات داخل الجمعية الوطنية، مما أعاد النقاش حول الحجاب إلى الواجهة.
ومن المقرر أن يصدر الحكم في القضية يوم 20 يناير/كانون الثاني 2026، وهو موعد حساس بالنسبة للوبان التي ستخوض في الوقت نفسه محاكمة أخرى في قضية المساعدين البرلمانيين الأوروبيين، مما يجعل هذا الملف اختبارا حقيقيا لمستقبلها السياسي قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، كما يرى الكاتب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات
إقرأ أيضاً:
القضية الفلسطينية تخسر سيون أسيدون
رحل منذ أيام المناضل المغربي سيون أسيدون (1948- 2025)، المنحدر من عائلة يهودية، كانت مقيمة في مدينة آسفي قبل الانتقال إلى مدينة أكادير والدار البيضاء لاحقا، عُرف أسيدون بنضاله الشرس والمستميت تجاه القضية الفلسطينية ومناهضة التطبيع، والمنخرط في حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل المعروفة (بي دي أس). أسيدون الذي يخاصم كل من يصنفه كيهودي مثلما علق الكاتب المغربي سليمان الريسوني (1972)، ويصف جنود الاحتلال ذوي الأصول المغربية بالدواعش. مثله مثل الكاتب الإسرائيلي شلومو ساند صاحب كتاب « كيف لم أعد يهودياً؟» الذي يقول: « أنا إسرائيلي سواء بصيرورتي اليومية أو بثقافتي الأساسية، ولا أعتز بذلك بشكل خاص حتى أنني في أحيان متقاربة جدا أخجل بإسرائيل، وخاصة في لحظات ذروة أدائها العسكري عديم الرحمة تجاه الضعفاء معدومي الحماية».
ولد سيون بمدينة آسفي بعد سنة من قرار تقسيم فلسطين، ثم انتقل مع عائلته إلى مدينة أكادير وبعد اثنتي عشرة سنة نزحت عائلته إلى الدار البيضاء نتيجة للزلزال الذي تعرضت له المدينة عام 1960م، وذهب ضحيته أكثر من خمسة عشر ألف فقيد، في الدار البيضاء أنهى أسيدون دراسته الثانوية قبل التوجه إلى باريس وانخراطه في الحراك اليساري الفرنسي خاصة احتجاجات الطلبة في باريس عام 1986. ثم رجع إلى المغرب وانحاز لفكره اليساري الذي أدخله إلى السجون ودفع ثمن ذلك بإيداعه في السجن وقضى أكثر من 12 عاما في الحبس.
رفضت عائلة أسيدون الهجرة إلى إسرائيل التي عملت على مخطط التهجير لاستقطاب اليهود العرب من الدول العربية، واستخدمت في ذلك حملات الترهيب والترغيب، وكانت تستهدف الطبقات الفقيرة، أما الأسر الميسورة الحال، فقد فضّلت الهجرة إلى أوروبا وأمريكا وأستراليا أو البقاء حيث وجدت مساحة من الأمان. وقد أخبرتني المخرجة اللبنانية اليهودية هيني سرور (1945) مخرجة فيلم «ساعة التحرير دقت» الذي دخل المنافسة في مهرجان (كان) السينمائي عام 1974، وكذلك فيلمها الشهير ليلى والذئاب». أخبرتني أنها رفضت الاستجابة للهجرة إلى إسرائيل، ونتيجة لذلك الرفض عاشت في باريس حالة من المقاطعة من قبل المؤسسات السينمائية الخاضعة للتمويل الصهيوني.
سقط أسيدون في حديقة منزله في شهر أغسطس الماضي ولم يتم الكشف إلى الآن عن أسباب الحادث، في الشهر ذاته رحل المناضل اليساري المغربي عزيز المنبهي (1950-2025) شقيق المناضلة سعيدة المنبهي (1952-1977) التي توفيت في السجن نتيجة إضرابها عن الطعام. وبذلك فقد المجتمع المدني المغربي هذا العام أهم الأصوات النضالية المتضامنة مع فلسطين وحقوق الشعب المغربي.
يمثل أسيدون الضمير الإنساني الحي المتعاطف مع القضايا العادلة، يتقاطع نضاله مع نضال المناضل المغربي اليهودي ابراهام السرفاتي (1926-2010) الذي رافقه في السجن خلال سنوات الجمر والرصاص التي شهدها المغرب في السبعينيات والثمانينيات، وفي عام 1982 وجّه الاثنان رسالة إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يدعوان إلى الانضمام إلى منظمة التحرير، وحدهما اليهود الذين جاهروا بالعداء للصهيونية بل شاركهم مغاربة يهود آخرون مثل إدمون عمران المالح (1917-2010) صاحب المقولة الشهيرة المتداولة عنه :«أنا مغربي يهودي لا يهودي مغربي، مناضل عربي وطني، أحمل بلدي المغرب أينما ذهبت».
نُذكّر بالمناضلين الأحرار مع القضية الفلسطينية الذين تخلوا عن الأيديولوجيات العنصرية التي تعلي شأن العرق والجذور على حساب القيم الإنسانية العادلة. سيذكر التاريخ ويُخلد أولئك الذين دفعوا الثمن في سبيل تحرير الإنسان وإقامة العدالة، وإذا خسرت فلسطين مناضلين شرفاء أمثال أسيدون والسرفاتي والمالح، فقد كسبت أصوات مناضلين أحرار من كل أنحاء العالم، يتعاطفون مع قضية فلسطين ويدافعون عن الإنسان هناك.