وانطفأت شمس كريم العراقي.. الأدب العربي يودّع فارس بلاد الرافدين بعد صراع طويل مع المرض
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
◄ ولد في بغداد عام 1955 ودرس علم النفس وموسيقى الأطفال
◄ ظهرت موهبته الشعرية منذ الطفولة ونشر إبداعاته في العديد من المجلات
◄ أسرت كلماته النابضة بالحياة والعاطفة قلوب جميع العرب
◄ ألّف عشرات المسرحيات والقصائد.. وغنى كلماته أشهر النجوم
◄ تميز بالتعبير عن قضايا العراق في ظروفه الصعبة
◄ تغنى في حب عُمان بقصيدة أبرزت قيم التسامح والحب والعدل
◄ لم ينقطع شاعر العراق عن الكتابة حتى اللحظات الأخيرة وألف 55 قصيدة في المستشفى
الرؤية- ريم الحامدية
ملأنا الأرض أزهارا وحبا .
كانت هذه الأبيات ملخص حياة الشاعر الكبير الراحل كريم العراقي الذي أبهرت قصائده الجميع، ليتألق نجمه في سماء الشعر العربي المعاصر بعد أن زرع الأمل في نفوس الكثيرين وجعلهم يتمسكون بأحلامهم حتى تتحقق يوما ما، وعبَّر عن ذلك بقوله: "ضاقت علي كأنها تابوت .. لكنما يأبى الرجاء يموت"
انطفأ سراج شعر بلد النخيل ودجلة والفرات، بعد أن تركنا نردد قصائده مرارا وتكرارا حتى تملك حبه قلوبنا، ليترجل الفارس عن جواده في الأول من سبتمبر 2023 بعد صراع مع المرض وعن عمر يناهز 68 عامًا، تاركا لنا إرثا أدبيا زاخرا.
لقد تميز كريم العراقي بكلماته التي تعبر عن القضايا الإنسانية الجامعة، فقد كان يعبر عن المشاعر بطريقة تأسر القلوب ويحول تجارب الحياة إلى أبيات مؤثرة يصل صداها من الخليج إلى المحيط، فقد كانت كلماته نابضة بالحياة والعاطفة فترسخت في أذهاننا وستظل حتى وإن غابت شمس كريم العراقي.
ولد الشاعر كريم عودة الذي اشتهر بكريم العراقي في محلة الشاكرية بالعاصمة العراقية بغداد عام 1955، ودرس علم النفس وموسيقى الأطفال في معهد المعلمين، وبعد تخرجه عمل معلمًا لعدة سنوات، إلا أن شغفه الرئيسي تعلّق بالشعر والأدب، وهي الهواية التي أظهرها منذ أن كان طالبا في المرحلة الابتدائية ليكتب في مجلات عراقية، واستمر في هذا المجال فترة طويلة ينشر إبداعاته في العديد من المجلات من بينها "الشباب" و"الإذاعة والتلفزيون" و"المتفرج" و"الراصد".
ويمتلك كريم العراقي سيرة مهنية حافلة بالمجد، إذ ألّف عشرات المسرحيات والقصائد التي غنّاها أكبر نجوم الوطن العربي مثل كاظم الساهر وأصالة وماجد المهندس وصابر الرباعي وسميرة سعيد وغيرهم الكثير.
وفي تسعينيات القرن الماضي، كانت قصائد كريم العراقي خير معبرٍ عن العراقيين خلال الظروف الصعبة التي عاشوها، فكتب عن الحصار الاقتصادي الذي تعرّضت له بغداد، وقصائد حماسية للجيش العراقي خلال حربه مع إيران أشهرها "الشمس شمسي".
ومنذ قرابة ثلاث سنوات أصيب كريم العراقي بمرض السرطان، وحظي برعاية محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات الذي أمر بعلاجه داخل مستشفى "كليفلاند" في أبوظبي، وخضع لأكثر من عملية جراحية وعددٍ من جلسات العلاج الكيميائي، لكن أياً منها لم ينجح في تحسين حالته الصحية.
وخلال جلسات العلاج الكيميائي، انتهى من سيناريو الجزء الأول لفيلم "أنا ابن كلكاميش" الذي كان بالأصل مسرحية غنائية سيقوم ببطولتها كاظم الساهر، إلا أن صعوبات حالت دون تحقيق هذا المشروع منذ سنوات طويلة، فقرّر تحويلها إلى عمل سينمائي.
حتى اللحظة الأخيرة لم ينقطع كريم العراقي عن كتابة الشعر، وخلال فترة رقوده في المستشفى ألّف 55 قصيدة، أطلق عليها اسم "على سرير الأمل"، وعلى الرغم من آلام العلاج الكيميائي إلا أنه كان يُردد: "وصبري أقوى من مرارتها" في تعبيره بأنه أقوى من الحقن الكيميائية التي يُعالجه بها الأطباء، كما أنه كتب: "الصبر يعرف من أنا منذ الصبا/ وشمٌ له في أضلعي منحوت".
ورغم الوهن الكبير الذي بدا عليه الشاعر العراقي بسبب المرض، إلا أن الابتسامة هيمنت على وجهه، وألف هذه القصيدة التي كانت تمثل له الكثير لأنه كتبها بعد أن انقطع عن كتابة الشعر إثر إصابته بمرض السرطان وهو ما استدعى علاجا مكثفا.
ضاقت عليّ كآنها تابوت.. ولكنما يأبى الرجاء يموت
يا صاحبي إن رحت عنك مودعا .. بعد الرحيل أينفع الياقوت ؟؟
أنا أكره الشكوى وأكره أهلها .. والله يشهد أنني ل صمٌوت
لكنما سحق الزمان مشاعري .. وطوى يديّ بسحره هاروت
أرأيت حيا ميتا متماسكا متفائلا .. وله الأماني قوتُ ..
هذا آنا سرقت شبابي غربتي .. وتنكر تلي أعينُ وبيوتٌ
يا صاحبي انا كالعراق ممزق .. انا كالعراق بلا معين غدوت
عجّل فإن الصمت أخرس ضحكتي .. و ضيعتاه إذا الأوان يفوتُ
أقول الآه كي تشفي غليلي.. وتجرحني وأحسبها دوائي
على جمر تسير بي الليالي .. ولا نور أمامي أو ورائي
يزور الحزن قلبي دون إذن .. وتمطر دونما غيم سمائي
أنا الصمت الحريق أنا الشحوب .. أنا صبر العراق على البلاء
أنا لا أستريح على فراش .. وفي جنبي هم كربلائي
تقول أراك مبتسما تغني .. وكم يحتاج مثلك للبكاء
وما تدري بأن بكاي صعب .. وأكبر من دموعي كبريائي
أشرق أم أغرب أم أطير .. فشعري والهموم هما السرير
وإن غنى الملوك جميل شعري .. فإني ما أزال أنا الفقير
وآلافا من الأبيات أبني .. وما في حوزتي بيت صغير
لو أن الشعر يتبعه ثراء .. بنى قلبي الفرزدق أو جرير
ملأنا الأرض أزهارا وحبا .. وفي أعماقنا هم كبير
ونقضي العمر نكرانا وفقرا .. وبعد الموت أعلاما نصير
هذه النهاية الدرامية لهذا الشاعر الكبير تتشابه مع نهاية الشاعر المصري أمل دنقل الذي ألف ديوانه الشعري "أوراق الغرفة رقم 8" في أخرى أيامه عندما داهمه المرض.
لقد كانت مسيرة الشاعر الكبير كريم العراقي حافلة بالإرث الأدبي، كما أن الحكومة العراقية توجعت هذه الرحلة الأدبية والمسيرة الزاخرة بالأعمال بإصدار طابع بريدي للشاعر الكبير كريم العراقي، في الـ29 من يوليو عام 2022.
وذكر البريد العراقي أن هذا الطابع التذكاري، صدر تكريما للشاعر الكبير، حيث تم طرحه وتسويقه من خلال المكاتب البريدية المنتشرة في بغداد والمحافظات العراقية ومكتب خدمة هواة الطوابع.
وتُوجت تلك المسيرة أيضا بأكثر من تكريم عربي ودولي منها نيله لقب "أفضل أغنية إنسانية"، الذي منحته منظمة "اليونسيف" الأممية عن قصيدته "تذكر"، التي غنّاها كاظم الساهر، كما حصل على جائزة الأمير عبدالله الفيصل لعام 2019.
جاء كريم العراقي من جيل لا يشبهه عصره، فقد كان يكتب لهذا الجيل الذي يتغنى بأشعاره في كل وقت وحين، وقد كتب العراقي في العديد من الجوانب، فكتب في الحب والحزن والصبر والفقر، وهو الذي قال في الصبر: لا تشكو للناس جرحًا أنت صاحبه، لا يؤلم الجرح إلا من به ألم.
وقال في الثقة: كَمْ خَابَ ظَنِّي بِمَن أَهدَيتُهُ ثِقتَي فَأَجْبَرَتْنِي عَلَى هجْرَانِهِ التُّهَمُ كَمْ صرتُ جِسْرًا لمَن أَحبَبتُهُ فَمَشَى عَلى ضُلُوعي وَ كُم زَلَّت بهِ قَدَمُ فَدَاسَ قَلْبي.
وقال في الحب: تلك التي أسميتها تاجَ النِّساءِ .. أَسَفاهُ كَانَت ذَاتَ يوم في دمائي .. تبًّا لِعينيهَا حَسِبتِهمَا سَمَائي .. أَنا خَانني صِدقِي ودَمَّرَنِي وَفَائِي .. وَمَددت كَفي كَي أصافح صدمتي .. شكرا لجرح فيه كانت صحوتي.
وقال في اليأس: لا اليَأسُ ثَوبِي وَلَا الأحزانُ تَكسِرُنِي جُرحي عَنِيدٌ بِلَسعِ النَّارِ يَلتَئِمُ .. اشرَب دُمُوعَكَ وَاجرَع مُرَّهَا عَسَلًا يَغزُو الشُّمُوعَ حَرِيقٌ وَهِيَ تَبتَسِمُ.
كما أن الراحل كريم العراقي عبَّر عن حبه لسلطان عُمان الراحل ولأهل السلطنة بقصيدة جاء فيها:
لبست عمانك أربعين وشاحا .. يا من ملأت بيوتها أفراحا
الأربعون هي الكفاح المشرق .. رسمت بوجهك شيبها مصباحا
يا من حرثت جبالها وقلاعها .. ورمالها وسهولها إصلاحا
وسقيتها بالصبر حتى أثمرت .. خيرا وخضت بحارها ملاّحا
الحب سلطان وأنت زرعتها .. حبا ففاض عبيرها فواحا
والعدل سلطان وأنت بذرتها .. عدلا فأينع صخرها تفاحا
والنوم سلطان وأنت جعلته .. نوم الأمان إلا فنم مرتاحا
قابوس سلطان وسل عن حبه .. تلك القلوب البيض والأرواحا
حب حقيقي يحبك شعبك .. ودعاؤه يحميك ليل صباحا
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صدور رواية بلاد الذهب لحسنات الحكيم عن هيئة قصور الثقافة
كتب- محمد شاكر:
صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، رواية "بلاد الذهب"، للكاتبة حسنات الحكيم، وهي رواية مصورة لليافعين، ضمن إصدارات أطلس المأثورات الشعبية.
جاءت الرواية في أربعة عشر فصلا، تحمل عناوين: "حمزة والعصفور"، "قطار النوم"، "الفراشة السحرية"، "بداية الرحلة"، "معبد فيلة"، "معبد أبو سمبل"، "نهر النيل"، "سوق النوبة"، "متحف النوبة"، "حديقة النباتات"، "سبوع المولود"، "أشجار المانجو"، "بيت الجد"، و"عرس نوبي".
وتدور الأحداث حول مغامرة طفل تبدأ برحلة إلى أقصى جنوب مصر النوبة، بمساعدة فراشة وبساط سحري يتعرف خلالها على تراث بلاد الذهب وحضارة مصر القديمة.
من الرواية نقرأ: حمزة طفل صغير لم يتجاوز التاسعة من عمره، يعشق الحكايات والرحلات، اعتاد أن يبدأ يومه بإطعام عصافير تأتي لزيارته كل صباح، وتنتظره ليقدم لها الطعام، يتحدث مع العصافير، ويمني نفسه بجناحين مثلها يحلق بهما كل يوم إلى بلاد جديدة، وإذا سئل: "ماذا تتمنى أن تصبح؟" تكاد إجابته تسبق السؤال: طيار، لا، لا.. بحار.. أسافر وأعرف وأدون".
يكتب حمزة في كراسة خاصة حكايات يتخيلها، وكثيرا ما تفوز قصصه بالجائزة الأولى.
أنهت الأسرة وجبة الإفطار، وأمسك الوالد بجريدة الصباح، وعيون الصغير تراقب وعد الأب بالسفر إلى بلاد النوبة، وقبل أن يسأل حمزة جاء الرد سريعا:
-الأب: حمزة سوف نسافر مساء الخميس القادم.
- الأم: هل تأكدت من حجز القطار؟
- الأب: نعم وقد اخترت قطار النوم، الرحلة طويلة إلى محافظة أسوان، وقد يتعب حمزة ويحتاج إلى بعض الراحة.
قفز حمزة فرحا، وقال بحماسة: حقا يا أبي؟ أخيرا سأزور النوبة مرة أخرى.
صدرت الرواية ضمن إصدارات الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية برئاسة د. الشيماء الصعيدي، التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، متابعة وتنفيذ مها عبد الرازق، رسوم شيماء الكيلاني، وتصميم الغلاف محمد أحمد مرسي.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الهيئة العامة لقصور الثقافة اللواء خالد اللبان رواية بلاد الذهب أخبار ذات صلةفيديو قد يعجبك
محتوى مدفوع
أحدث الموضوعاتإعلان
أخبار
المزيدإعلان
صدور رواية "بلاد الذهب" لحسنات الحكيم عن هيئة قصور الثقافة
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
من نحن اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
21 14 الرطوبة: 48% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي من نحن إتصل بنا إحجز إعلانك سياسة الخصوصية