خروج تاريخي للجواز الأمريكي من قائمة «الأقوى عالميًا».. و«باسبور» عربي يُحقق إنجازًا غير مسبوق
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
في مفاجأة غير معتادة على الساحة الدولية، تراجع جواز السفر الأمريكي إلى المرتبة الثانية عشرة عالميًا، ليغادر للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عامًا قائمة أقوى عشرة جوازات سفر في العالم. هذا التراجع، الذي كشف عنه مؤشر "هينلي" لجوازات السفر، أثار تساؤلات واسعة حول رمزية القوة الأمريكية ومدى استمرار نفوذها الناعم في عالم يشهد تحولات جذرية في العلاقات الدولية وتوازنات القوة.
وفقًا لتقرير "هينلي"، الذي نقلته شبكة CNN بنسختها الإسبانية، أصبح جواز السفر الأمريكي يسمح بدخول 180 وجهة فقط دون تأشيرة مسبقة، متساويًا مع ماليزيا في المرتبة الثانية عشرة. وفي المقابل، تربعت سنغافورة على عرش القائمة بإتاحة دخول 193 وجهة، تلتها كوريا الجنوبية بـ190 وجهة، ثم اليابان بـ189 وجهة.
تشير هذه الأرقام إلى أكثر من مجرد تصنيف بيروقراطي، فهي تعكس حجم القبول الدولي والانفتاح الذي تتمتع به الدول على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي والسياحي.
يرى خبراء السياسة والعلاقات الدولية أن التراجع الأخير لجواز السفر الأمريكي ليس مجرد صدفة، بل انعكاس مباشر لتراجع النفوذ الناعم للولايات المتحدة.
وقال كريستيان كايلن، رئيس شركة "هينلي آند بارتنرز": "الدول التي تتبنى سياسات انفتاح وتعاون مع العالم هي التي تحقق المكاسب الأسرع، بينما الدول التي تعتمد على إرث النفوذ القديم تجد نفسها تتراجع تدريجيًا".
وأضاف أن الولايات المتحدة أصبحت تواجه عزلة متزايدة في بعض الملفات، بعدما ألغت دول مثل البرازيل الإعفاء من التأشيرة للمواطنين الأمريكيين، كما فرضت كل من الصين وفيتنام قيودًا جديدة على دخول الأمريكيين، إلى جانب تشديدات أوروبية تشمل نظام التصريح الإلكتروني الجديد (ESTA) الذي يعقّد السفر حتى داخل الدول الحليفة.
برزت الإمارات العربية المتحدة كإحدى قصص النجاح البارزة في مؤشر جوازات السفر العالمي، فقد قفز جواز السفر الإماراتي إلى المرتبة الثامنة عالميًا، متفوقًا على العديد من الدول الغربية الكبرى، ليتيح دخول 184 وجهة دون تأشيرة.
كما شهدت الصين تطورًا ملحوظًا، إذ ارتفع جواز سفرها من المرتبة 94 في عام 2015 إلى المرتبة 64 حاليًا، في دلالة على أن النفوذ الدولي أصبح يُبنى على التعاون والمرونة الاقتصادية أكثر من القوة العسكرية أو السياسية.
يُظهر التصنيف الأخير لمؤشر هينلي أن موازين القوة العالمية تشهد تحولًا تدريجيًا نحو الشرق والجنوب، فقد احتلت الدول الآسيوية الصدارة:
سنغافورة: 193 وجهة
كوريا الجنوبية: 190 وجهة
اليابان: 189 وجهة
ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، سويسرا، لوكسمبورج: 188 وجهة
النمسا، بلجيكا، فرنسا، هولندا، الدنمارك، فنلندا، أيرلندا: 187 وجهة
أما في المركز الثامن، فقد جاءت الإمارات العربية المتحدة إلى جانب المملكة المتحدة، متفوقة بذلك على كندا والولايات المتحدة نفسها، في مؤشر لافت على أن التحالفات التقليدية لم تعد تمنح بالضرورة القوة ذاتها.
عالم جديد.. وانعكاس على صورة أمريكا الدوليةيؤكد المراقبون أن هذا التراجع في ترتيب الجواز الأمريكي أكثر من مجرد مسألة إدارية، فهو يعكس تحولًا في صورة الولايات المتحدة أمام العالم.
فقد كانت واشنطن لسنوات طويلة رمزًا للحرية والانفتاح والوجهة الأولى للمهاجرين والسياح، لكنها اليوم تواجه تآكلًا تدريجيًا في مكانتها نتيجة السياسات المتشددة في منح التأشيرات، والتوترات مع عدد من الدول الصاعدة، والتغيرات في خريطة العلاقات الدولية بعد جائحة كورونا والحروب التجارية.
كما يشير الخبراء إلى أن تنامي قوى آسيوية وخليجية مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية والإمارات يمثل نموذجًا جديدًا للدبلوماسية المرنة والانفتاح الاقتصادي، وهي عوامل أصبحت اليوم تمنح الدول مكانتها في عصر العولمة الجديدة.
خروج الولايات المتحدة من قائمة أقوى عشرة جوازات سفر في العالم ليس مجرد تراجع رقمي، بل هو إشارة رمزية إلى تغير موازين القوة الناعمة في القرن الحادي والعشرين.
العالم اليوم لم يعد يُدار فقط من العواصم الكبرى، بل من مراكز الانفتاح والتعاون، حيث تتفوق الدول التي تبني جسور الثقة على تلك التي تكتفي بتاريخها.
ومع هذا التحول، يبدو أن واشنطن مطالَبة بإعادة النظر في سياساتها تجاه السفر والهجرة والدبلوماسية العامة، إن أرادت أن تستعيد ما كان يومًا رمزًا لقوة لا تُنافس: جواز السفر الأمريكي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الامريكية جواز السفر اليابان الاتحاد الأوروبي الإمارات جواز السفر الأمریکی الولایات المتحدة أکثر من
إقرأ أيضاً:
جدل حول هوية القوة الدولية الغامضة التي ستحمي غزة
يتجه المشهد الفلسطيني نحو مرحلة حساسة مع تصاعد النقاشات حول إمكانية نشر قوة دولية متعددة الجنسيات في قطاع غزة، في وقت تتباين فيه الرؤى حول مهامها، صلاحياتها، ومدى تقيدها بالسيادة الفلسطينية.
وتتصاعد هذه التساؤلات في ظل محاولات دولية لإرساء ترتيبات أمنية مؤقتة تضمن حماية المدنيين، وتأمين المعابر، ومراقبة نزع السلاح، لكنها في الوقت نفسه تثير مخاوف فلسطينية وعربية من فرض وصاية خارجية على القطاع.
وأكد نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، أن أي قوة دولية يجب أن تكون بقرار أممي واضح، غير قتالية، ومحددة المهام، مع التنسيق الكامل مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لضمان احترام السيادة الوطنية وحماية المدنيين.
في المقابل، يرى عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، جهاد الحرازين، أن مشروع القرار الأميركي يثير تحفظات واسعة لدى الفصائل الفلسطينية والدول العربية والإسلامية، بسبب ما يراه "غياب الدور الفلسطيني في إدارة غزة"، ومنحه القوة الدولية صلاحيات قد تؤثر على وحدة الأراضي الفلسطينية وفصل القطاع عن الضفة الغربية.
وأكد الحرازين أن المشاورات مستمرة مع دول عربية مؤثرة لتعديل بنود المشروع، وضمان دور واضح للسلطة الوطنية الفلسطينية، بما يشمل إدارة القطاع عبر حكومة تكنوقراط أو لجنة إدارية، بما يحفظ وحدة القرار الوطني الفلسطيني.
وبالنسبة لحركة حماس، كشف الحرازين عن مبادرة السلطة لتسليم سلاح الحركة إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لكن الحركة رفضت، مؤكدة أن سلاحها "مقدس" ويجب أن يبقى ضمن إطار الدولة الفلسطينية المستقبلية. كما لفت إلى أن هناك ثماني نقاط عرضت على الحركة ضمن مؤتمر القادة عام 2023، إلا أن ردها لم يأتِ بعد، ما يعكس غياب مشاركتها الفاعلة في صياغة مستقبل القطاع.
ومن جهته، أشار مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون إلى استعداد حماس للخروج من الحكم في غزة، لكنها ترفض الخروج من المشهد السياسي الفلسطيني، مؤكداً أن أي ترتيبات إدارية أو سياسية لا يمكن أن تتم دون التنسيق مع الحركة، مع التمسك بمبادئ ثلاثة رئيسية: بقاء السلاح فلسطينيًا بالكامل، عدم نقاش نزعه قبل انسحاب الاحتلال، والسعي لضبط السلاح داخلياً فقط.
ويبرز هذا الجدل أن النقاش حول "القوة الدولية الغامضة" في غزة ليس مجرد مسألة أمنية، بل يمثل اختبارًا لمستوى التوازن بين الدور الفلسطيني في إدارة القطاع، وحماية المدنيين، والمبادرات الدولية لضبط الأوضاع، في وقت تبقى فيه مصالح القوى الإقليمية والدولية متشابكة مع المشروع الوطني الفلسطيني، ويظل الهدف الرئيس حماية حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم دون وصاية خارجية.