الوزراء: ثروات أفريقيا جنوب الصحراء قادرة على قيادة التحول الاقتصادي إذا أُحسن استغلالها
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على التقرير الصادر عن البنك الدولي (World Bank) والذي أشار إلى إمكانات الموارد الطبيعية غير المستغلة في أفريقيا، ومدى إمكانية استخدامها كمحرك للتحول الاقتصادي، حيث ركز التقرير على الثروات الطبيعية لأفريقيا جنوب الصحراء وإمكاناتها الكبيرة لدعم النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، موضحًا في الوقت نفسه التحديات المرتبطة بالاعتماد على الموارد وتقلب أسعارها، وأهمية وضع سياسات فعالة وتعزيز التكامل الإقليمي لضمان الاستفادة من هذه الثروات في مسار تنموي أكثر استدامة وشمولًا.
أوضح التقرير أن أفريقيا جنوب الصحراء تتمتع بثروة طبيعية هائلة يمكن أن تشكل محركًا لمرحلة جديدة من النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، إذ تزخر المنطقة بمعادن وموارد بترولية وغازية ضخمة ما تزال غير مستغلة بشكل كافٍ، وكان يمكن أن تدر إيرادات ضريبية مهمة للحكومات، لكن التجارب السابقة تشير إلى أن استثمار الإمكانات المتاحة لم يكن دائمًا على النحو المأمول، حيث واجهت بعض الدول تحديات تمثلت في تعثر تنفيذ المشاريع أو إبرام صفقات محدودة الجدوى أو ضعف إدارة العوائد الحكومية، وهو ما أعاق بناء اقتصادات أكثر تنوعًا واستقرارًا، ومن ثم فإن تحقيق نتائج أفضل يستدعي صياغة سياسات فعالة تقلل من مخاطر الاعتماد المفرط على الموارد الطبيعية.
أشار التقرير إلى أن دراسة "مستقبل موارد أفريقيا" الصادرة عام 2023 سلطت الضوء على أن استخراج الموارد يشكل ركيزة أساسية لاقتصادات المنطقة، حيث يساهم بحوالي 30% من الإيرادات الحكومية، ويستحوذ على النسبة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومع تطبيق سياسات أكثر فعالية، يمكن أن تضيف العوائد غير المستغلة نحو 20 مليار دولار سنويًا إلى موازنات الحكومات.
وتبرز أهمية ذلك في ظل امتلاك أفريقيا حوالي 30% من احتياطيات المعادن العالمية، في وقت يحتاج فيه الانتقال العالمي إلى الطاقة النظيفة إلى نحو 3 مليارات طن إضافية من المعادن بحلول 2050.
فالكونغو الديمقراطية تنتج ثلثي الكوبالت العالمي، وجنوب أفريقيا تمتلك أكبر احتياطيات من البلاتين والمنجنيز، بينما تظل زامبيا والكونغو من كبار منتجي النحاس الضروري للكهرباء والطاقة المتجددة.
وبحسب التقرير، يمثل الاعتماد المتزايد على عوائد الموارد تحديًا محتملًا، إذ شهدت المنطقة خلال فترة ارتفاع أسعار السلع بين عامي 2004 و2014 تحول عدد من الدول إلى مصدّرين رئيسيين، ليصل عدد الدول ذات الاعتماد الكبير على هذه العوائد إلى 26 من أصل 48 دولة.
ورغم تحقيق إيرادات مرتفعة، واجهت هذه الدول تقلبات في الأسعار وتحديات في الحوكمة والإدارة الاقتصادية، الأمر الذي زاد من هشاشة اقتصاداتها وقلّل من قدرتها على تنويع مصادر الدخل.
وفي هذا الصدد، أظهرت الدراسة أن القارة ما تزال غير مستكشفة بالكامل، إذ لا تجذب سوى 10% من الإنفاق العالمي على الاستكشافات المعدنية، أي ما يقارب 1.4 مليار دولار فقط في عام 2024. وهذا يعكس تقديرات ناقصة لاحتياطاتها الفعلية نتيجة قلة الاستثمارات وضعف البيانات الجيولوجية. ومن شأن تحسين جمع ومشاركة البيانات أن يخفف من مخاطر الاستكشاف ويعزز ثقة المستثمرين.
كما أن ضعف العقود والأنظمة الضريبية يؤدي إلى فقدان نحو 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي المحتمل كإيرادات ضريبية ورسوم، ما يحرم القارة من موارد مالية يمكن أن تدعم التنمية وتحقق مكاسب بيئية مزدوجة عبر تقليل الانبعاثات والتكاليف الخارجية.
أوضح التقرير أن الوفرة في الموارد تمثل فرصة للانطلاق نحو التصنيع وزيادة القيمة المضافة محليًا قبل التصدير. إذ تحتاج أفريقيا إلى خلق ملايين الوظائف الجديدة وتحريك اقتصاداتها نحو قطاعات إنتاجية أكثر تقدمًا. وتُعد سلاسل القيمة الإقليمية والتوسع في الصناعات التحويلية وتنفيذ سياسات محتوى محلي ذكية عناصر أساسية لتحقيق هذا الهدف.
ويمكن لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) أن تعزز هذه الجهود من خلال توحيد السياسات وتكامل الأسواق وتطوير البنية التحتية المشتركة، بما يدعم سلاسل إمداد عبر الحدود تخدم الصناعات الجديدة مثل البطاريات والسيارات الكهربائية. وتقدر إمكانات الاتفاقية بزيادة حجم التجارة البينية إلى 3.2 تريليون دولار.
وحذر التقرير من المخاطر المرتبطة بانتهاج استراتيجيات تنموية تعتمد بشكل أساسي على الموارد الطبيعية، موضحًا أن التجربة التاريخية خلال دورة ارتفاع أسعار السلع بين عامي 2004 و2014 أظهرت أن عددًا من الدول لجأ إلى استهلاك عوائد الطفرة بدلًا من استثمارها، الأمر الذي جعل اقتصاداتها أكثر عرضة للتقلبات وأسهم في تفاقم معدلات الفقر وعدم المساواة، على الرغم من زيادة الإيرادات العامة. ويبرز ذلك أن التدفقات المالية وحدها لا تكفي لضمان تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
أوضح التقرير في ختامه أن الثروات غير المستغلة في أفريقيا جنوب الصحراء، إلى جانب دورها المحوري في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، تتيح فرصة استثنائية لتحويل الاقتصادات. غير أن اغتنام هذه الفرصة يتطلب إرادة سياسية قوية وتصميم سياسات رشيدة، مع الاستفادة من دروس الماضي لبناء مؤسسات قادرة، وتسريع الاستثمارات المسؤولة، وضمان عدالة توزيع العوائد، وتعزيز التكامل الإقليمي عبر منطقة التجارة الحرة القارية، وإذا تحقق ذلك، يمكن أن يشكل قطاع الموارد أساسًا لنمو متنوع وشامل ومستدام، بدلًا من أن يكون مصدرًا لمزيد من الهشاشة الاقتصادية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: معلومات الوزراء المعادن استخراج المعادن أفریقیا جنوب الصحراء یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الإمارات وجنوب أفريقيا تبحثان سبل تحفيز التعاون التجاري والاستثمارات المشتركة
دبي (الاتحاد)
تواصل دولة الإمارات وجمهورية جنوب أفريقيا استكشاف فرص تحفيز الازدهار التجاري بينهما، عبر البناء على المسار الصاعد لنمو تجارتهما غير النفطية، وذلك عبر توفير المزيد من الفرص للقطاع الخاص في الجانبين.
والتقى معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التجارة الخارجية، مع معالي مفو باركس تاو، وزير التجارة والصناعة والمنافسة في جنوب أفريقيا، لبحث سبل زيادة حجم التجارة والاستثمارات وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين.
وأكد اللقاء التزام الإمارات بتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع جنوب أفريقيا والقارة الأفريقية عموماً، نظراً لأهميتها المتنامية في منظومة التجارة العالمية.
ويأتي هذا اللقاء عقب جلسات حوارية عقدت في وقت سابق بين مسؤولين وقادة أعمال من الجانبين، بمشاركة سعادة فهد القرقاوي، وكيل وزارة التجارة الخارجية، ووفد رسمي من المسؤولين ورجال الأعمال من جنوب أفريقيا.
وخلال اللقاء، جدد الطرفان حرصهما على تعزيز التعاون بين القطاع الخاص وتطوير العلاقات الاقتصادية لتحقيق الازدهار المشترك.
وخلال الاجتماع مع معالي تاو، أشاد معالي الزيودي بالنمو الملحوظ في التجارة غير النفطية بين الإمارات وجنوب أفريقيا، والتي بلغت 8.5 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 14% مقارنة بعام 2023، وارتفاع بنسبة 120% عن عام 2019.
وقال معاليه «استمر هذا الزخم التجاري خلال النصف الأول من عام 2025، حيث بلغت تدفقات التجارة البينية غير النفطية 3.93 مليار دولار (14.5 مليار درهم)، ما يجعل جنوب أفريقيا ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات في أفريقيا، بحصة تبلغ 7.6% من إجمالي التجارة غير النفطية مع القارة، كما تحل في المرتبة 22 عالمياً بين الشركاء التجاريين للدولة».
وأضاف معالي الزيودي: هناك التزام مشترك بين الإمارات وجنوب أفريقيا لمواصلة تعزيز الروابط الوثيقة في مجالات التجارة والاستثمار، وهو ما أكدنا عليه خلال لقائنا اليوم، كما ناقشنا المشاريع المشتركة في قطاعات اللوجستيات والطاقة المتجددة والعقارات، كما بحثنا فرصاً جديدة في الزراعة وإنتاج الغذاء والبنية التحتية والصناعة، وأكدنا أن التعاون المشترك سيتيح لنا البناء على هذا الزخم الإيجابي ودعم الطموحات الاقتصادية والتنموية للبلدين.
يشار إلى أن الإمارات تواصل تعزيز شراكاتها التنموية مع القارة الأفريقية، لتحقيق النمو المستدام والتنمية الشاملة. ومع توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مؤخراً مع أنغولا، تكون الإمارات قد أبرمت 5 اتفاقيات مماثلة مع دول أفريقية جنوب الصحراء الكبرى، تشمل موريشيوس وكينيا والكونغو برازافيل وجمهورية أفريقيا الوسطى.
أخبار ذات صلة