وكالة الطاقة الذرية: التحقق من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تأخر كثيرا.

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

الإسلامويون و‎ ‎«الجنجويد».. مخزون القساوة وتجسيد العنف في أبشع صوره..!!‏

 

الإسلامويون و‎ ‎«الجنجويد».. مخزون القساوة وتجسيد العنف في أبشع صوره..!!‏

خالد أبو أحمد

يلازمني هذه الأيام تفكيرٌ عميق في كنه هؤلاء المنتسبين إلى الجنجويد: أي قساوةٍ هذه؟ وأي ‏قلوبٍ يحملون في صدورهم؟ هذا ‏ليس هو السؤال فحسب، بل السؤال الأعمق: من أين أتى ‏الإسلامويون بالجنجويد ليعيثوا في دارفور فسادًا وقتلًا واغتصابًا ‏وتشريدًا، ليسكتوا صوت ‏الضمير الحي هناك؟.‏
من أي كوكبٍ جاءوا؟ واضحٌ أن اختيارهم لم يكن عبثًا، بل كان مقصودًا لتحجّرهم وقساوتهم ‏اللا محدودة ليؤدّوا المهام التي ‏تُريح الحركة (الإسلامية) في مأمنها، وقد وجدت ضالتها فيهم.‏
وثمة سؤالٌ أعمق: لماذا أحسّت منظومة الإسلامويين في الخرطوم أنها بحاجة إلى مخزونٍ ‏من القساوة خارج الجيش النظامي؟ ‏فلدى أجهزتها الأمنية المخزون (الاستراتيجي) الذي قتل ‏بجرعةٍ منه الدكتور علي فضل بمسمارٍ في أمّ رأسه!‏
أيّ قسوةٍ أبلغ من هذه؟ وهي نفسها التي تمّ بها لاحقًا قتل الأستاذ أحمد الخير بالتفاصيل التي ‏نعرفها جميعًا، تلك القسوة التي عبّر ‏عنها تأسيسُ منهجٍ واختصاصٍ في الاغتصاب!‏
الجواب يكمن في فهم العلاقة السببية: الجنجويد لم ينشأوا صدفةً في فراغ؛ هم ثمرةُ خيارٍ ‏سياسيٍّ واعٍ اتخذته حركةٌ مؤدلجة ‏للسلطة، خيارٌ يجعل من العنف المنظَّم أداةً مركزيةً للبقاء ‏والإخضاع.‏
منذ أن تفجّرت المأساة السودانية في دارفور عام 2003م، ثم تمدّدت إلى بقية أقاليم البلاد، ظلّ سؤالٌ ‏واحد يلحّ على ضمير ‏السودانيين: كيف تحوّل بشرٌ من أبناء البلاد نفسها إلى آلاتٍ للعنف ‏والقتل والانتهاك بلا رحمةٍ ولا وازع؟.‏
هذا السؤال لا يجد إجابته في التفاصيل الميدانية للحرب فحسب، بل في الجذور العميقة للفكر ‏الذي أنشأ وصاغ تلك الأدوات ‏البشرية القاتلة، الفكرُ الإسلاموي الذي أعاد تعريف معنى ‏‏”العدو”، وحرّف مفهوم “الجهاد”، وفتح الباب أمام ولادة أكثر ‏التنظيمات وحشيةً في تاريخ ‏السودان الحديث، وهم الجنجويد.‏
في ايام كئيبة (نوفمبر-ابريل 2004م) كانت مناطق وادي صالح بدارفور تنزف مثل جرحٍ مفتوح ‏في خاصرة الإقليم، كان ‏الدخان يعلو من بيوت الطين، وصراخ النساء يختلط بصوت الرصاص، ‏والسماء من فوق تبدو كأنها تتفرّج بصمتٍ على ‏الكارثة. في ذلك اليوم كانت الطائرات ‏الحكومية تُمهّد الطريق، بينما اجتاحت الميليشيات القرية على صهوات الخيل والسيارات ‏‏المموهة. لم تكن معركةً بين جيشين، بل بين بشرٍ مسلحين وبشرٍ عُزّل. كان ذلك اليوم بداية ‏فصلٍ جديد من تاريخ القسوة في ‏السودان، يوم خرج الجنجويد من ظلّ الإسلامويين إلى مسرح ‏التاريخ.‏
الحركة الإسلاموية التي حكمت السودان لم تصنع الجنجويد بالصدفة، صنعتهم كما يصنع ‏الحدّاد سيفه، لتطعن بهم كل من يقف ‏في وجهها. كانت تعرف أن الجيش الوطني لم يعد ‏مطواعًا كما كان، وأن ثورة الرفض في دارفور تتوسع، فاختارت أن تصنع ‏جيشًا من خارج ‏القانون، جيشًا بلا ضميرٍ ودون عقيدةٍ سوى الولاء للحاكم. هؤلاء لم يخرجوا من المدارس ‏العسكرية بل من ‏طموحات الإسلامويين الغبية، ومن رؤوسهم الفارغة إلا من الهوس بالسلطة ‏والتلذذ بالمال والنساء. قيل لهم إنهم يحاربون ‏الكفار والمتمردين، وإن الله في صفهم، وكانت تلك ‏بداية الجريمة الكبرى التي حملت شعار الإيمان ورفعت راية الخلاص.‏
لقد أدار الإسلامويون ماكينة الحرب بذكاءٍ شيطاني، فساروا في طريقٍ واحدٍ إلى دارفور، كلّ ‏شيءٍ كان مخططًا بعناية: إشعال ‏النار ثم التبرؤ من الدخان. كانوا يقولون للعالم إن ما يحدث ‏صراعٌ قبلي، بينما كانت الطائرات التي تحمل شعار الدولة هي التي ‏تمطر القرى بالقنابل.‏
لم يكن اللاعبون الرئيسيون في محارق دارفور يأتون صدفةً؛ تمّت صناعتهم في دهاليز الدولة ‏الإسلاموية بواسطة عمر البشير ‏وصلاح قوش، صنعوهـم كما يصنع الساحر مخلوقَه من ‏الطين، ثم يخاف منه حين يتحرك.‏
ومثل كل الأنظمة التي تظن أنها قادرة على ترويض العنف، انقلب السحر على الساحر. ‏الجنجويد الذين خُلقوا لحماية النظام ‏صاروا نظامًا بحدّ ذاتهم، وحين تحوّلوا إلى “قوات الدعم ‏السريع”، لم يعودوا مجرد ميليشيا، بل دولةً داخل الدولة. امتلكوا ‏الذهب من جبل عامر، وطرق ‏التهريب، والعلاقات الإقليمية، حتى صارت لهم ميزانيتهم وسياستهم الخاصة. وهكذا وجد ‏‏الإسلامويون أنفسهم أمام وحشٍ أنشأوه بأيديهم.‏
لكن السودان ليس أول من يلد أبناءً من رحم الدم؛ فالمغول حين اجتاحوا بغداد عام 1258 لم ‏يكتفوا بالقتل، بل أرادوا أن ‏يزرعوا الخوف في ذاكرة الأمم، والنازيون بعدهم استخدموا العنف ‏كلغةٍ لتطهير أوروبا من “الآخر”، فحوّلوا القتل إلى عملٍ ‏إداريٍّ منظم، وفي كمبوديا كتب ‏الخمير الحمر فصلاً آخر من الجنون حين قرروا أن يبدأ التاريخ من عام الصفر، فأبادوا ‏شعبهم ‏باسم الثورة. كلهم تشابهوا في شيءٍ واحد: اعتقادهم أن الدم يُبنى به وطن، ‏والإسلامويون في السودان لم يكونوا استثناءً من هذه ‏القاعدة الملعونة، فقد آمنوا بأن السلطة ‏يمكن أن تحيا بالعنف، وأن القسوة يمكن أن تخلق الاستقرار.‏
لكن ما بين كُتم والفاشر ونيالا والجنينة، كان الدم يكتب الحقيقة التي تجاهلوها: أن القسوة لا ‏تحمي أحدًا. ففي كل قريةٍ أُحرقت، ‏وكل امرأةٍ اغتُصبت، وكل طفلٍ فُقد، وُلدت ذاكرةٌ لن تموت. ‏تقارير الأمم المتحدة و(هيومن رايتس ووتش) كانت تصرخ بأرقامٍ ‏ووقائع، وكانت هناك ‏مجهودات الممثل النجم الأمريكي جورج كلوني في توثيق الجرائم عندما زار دارفور أيام ‏الإبادة، وقال ‏إنه “شاهد بعينيه مناظر فظيعة من عمليات اغتصاب وتجارة نساء في إقليم ‏دارفور غرب السودان، وذلك خلال جولته في ‏الإقليم مع والده نِك كلوني، التي استمرت لمدة ‏خمسة أيام”، موضحًا أنه “أعدّ تقريرًا عن الرحلة، وتأثّر جدًّا بكل ما شاهده ‏فيها”، لافتًا إلى ‏أن “مشاهد الاغتصاب لم تكن وحدها السائدة، إنما مشاهد القتل والتدمير”.‏
في تلك الأيام، كان العالم مشغولًا عن دارفور بقضايا أخرى ساخنة، الإسلامويون كانوا يحتفلون ‏بالنجاة من العقوبات، ‏والجنجويد كانوا يحتفلون بالغنائم، والضحايا كانوا يدفنون موتاهم بدموعٍ ‏صامتة. ثم جاء عام 2019 وسقط البشير، فسقط معه ‏قناع الدين الذي كان يغطي وجه القسوة. ‏خرج الجنجويد من عباءة الإسلامويين، ورفعوا رايتهم الخاصة، وصاروا ينازعون ‏الجيش ‏على الشرعية. حينها فقط أدرك السودانيون حجم الكارثة، وأن الوحش الذي أُطلق في دارفور ‏لن يعود إلى القفص. ‏الحرب التي تمزق السودان اليوم ليست سوى صدى بعيدٍ لتلك القرية ‏الصغيرة التي احترقت في عام 2004.‏
اليوم حين يروي الناجون قصصهم، لا يتحدثون عن السياسة، بل عن الليل الطويل، عن الخوف ‏الذي صار هواءً يتنفسونه، عن ‏الجوع والرصاص والذاكرة. في صوتهم وجعُ أمةٍ خُدعت باسم ‏الله ثم قُتلت باسمه. الإسلامويون الذين صنعوا الجنجويد لم يفقدوا ‏فقط سلطتهم، بل فقدوا ‏المعنى، لأن من يبني عرشه على الجثث لا يملك إلا أن يسقط معها.‏
ولعلّ الدرس الأكبر أن السودان لا يحتاج إلى مزيدٍ من الدم، بل إلى شجاعة الاعتراف. ‏الاعتراف بأن الجنجويد لم يكونوا ‏حادثةً عرضية في التاريخ، بل تجسيدًا نقيًّا لروح المشروع ‏الإسلاموي حين يخلع قناعه، إنهم الوجه الحقيقي للفكرة حين تتحول ‏من نصوصٍ في الكتب ‏إلى رصاصٍ في الصدور. وما لم يواجه السودانيون هذه الحقيقة بجرأةٍ وعدالة، فستظل ‏دارفور وكل ‏مدن السودان تشتعل كلما حاولوا نسيانها.‏
‏(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)‏
‏11 نوفمبر 2025م

الوسومالإسلامويون الجنجويد الدولة الإسلامية السلطة و التلذذ والنساء تجسيد العنف في أبشع صوره خالد أبو أحمد عمر البشير مخزون القساوة

مقالات مشابهة

  • الطاقة الذرية تدعو إيران للسماح لها بالتحقق من مخزون اليورانيوم
  • تقرير للدولية للطاقة الذرية: تقديرات مخزون إيران من اليورانيوم المخصب لم تتغير
  • وكالة الطاقة الدولية: ارتفاع الطلب على الكهرباء يتطلب طاقة متنوعة وصامدة فورا
  • وكالة الطاقة الدولية تتوقع استقرارا محتملا في الطلب على النفط بحدود 2030
  • وكالة الطاقة تتخلى عن توقعات ذروة الطلب على النفط
  • الإسلامويون و‎ ‎«الجنجويد».. مخزون القساوة وتجسيد العنف في أبشع صوره..!!‏
  • عبر بوابة مقيم.. خطوات التحقق من صلاحية تأشيرة الزيارة بأنواعها للقادمين للمملكة
  • إيران: مفتشون من الوكالة الذرية زاروا مواقع نووية الأسبوع الماضي
  • علامات تكشف اختراق حسابك بـ «واتساب».. كيف يمكنك حمايته؟