عقوبات واشنطن تعصف بالتوظيف النفطي في العراق
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
14 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: يفيد تحليلُ بأن تطورات العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد الشركات الروسية بدأت تُلقي بظلال ثقيلة على المشهد النفطي في العراق، بعدما انعكست على حركة التوظيف وأربكت استقرار مئات العاملين المحليين في الحقول المشتركة، في مشهد يعكس هشاشة العلاقة بين القرارات الجيوسياسية وسوق العمل في الدول المنتجة.
ويبدو أن تبعات التصعيد بين واشنطن وموسكو تجاوزت إطارها السياسي، بعدما امتد تأثيرها إلى شركة عاملة في أحد أهم الحقول العراقية، حيث انسحبت فجأة من التزامات تعيين مجموعة من الموظفين العراقيين الذين كانوا قد أتمّوا إجراءات توقيع العقود والفحوصات الرسمية، قبل أن يجدوا أنفسهم خارج العمل بلا سابق إنذار.
والإشكال لا يرتبط فقط بتعثر الإجراءات، بل بطبيعة الضبابية القانونية التي رافقت خطوة الشركة، وما إذا كانت بغداد على علمٍ مسبق بها، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات تتعلق بمسؤولية حماية العمال المحليين عند وقوع أزمات دولية مماثلة.
ونشر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي رسالة مناشدة وردت اليه من من موظفين إلى شركة نفط البصرة يشكون فيها من وضعهم في شركة لوك اويل، حيث جاء فيها: “نحن مجموعة من الموظفين الجدد الذين تم قبول تعييننا في شركة لوك أويل الروسية ضمن مشروع غرب القرنة 2، وبناءً على طلب الشركة، قمنا بتقديم استقالاتنا من وظائفنا السابقة استعدادًا للانضمام رسميًا إلى العمل الجديد، كما قمنا بتوقيع العقود وإجراء الفحوصات الطبية المطلوبة أصوليًا”.
وتشير قراءات مختصين اقتصاديين إلى أن إعلان الشركة حالة “القوة القاهرة” الأسبوع الماضي مثّل ذروة الانعطاف الحاد، إذ يعني عمليًا عدم قدرتها على الإيفاء ببرامج الإنتاج في حقل يُعدّ ركيزةً أساسية في الطاقة العراقية، وسط توقعات بتراجع أو توقف ما يقارب نصف مليون برميل يوميًا.
وتتحدث مصادر في قطاع النفط عن مشهد إداري مضطرب داخل الشركة، اضطرها إلى تسريح موظفين أجانب والإبقاء على جزء محدود من كوادرها، ما يعكس حجم الضغط الذي تفرضه العقوبات وسلسلة القيود المالية.
ولا يمكن نسيان أثر هذه التطورات على الموظفين العراقيين أنفسهم، الذين خسروا وظائفهم السابقة امتثالًا لطلب الشركة، قبل أن يجدوا أنفسهم بلا مصدر رزق، وسط دعوات متزايدة لاتخاذ موقف رسمي يحفظ حقوقهم.
وتقول التقديرات إن تداعيات الأزمة قد تتوسع إذا لم تُعالج سريعًا، ومن الضروري ـ وفق خبراء ـ توفير ممرات قانونية لضمان عدم تكرار هذا السيناريو في الشركات الأجنبية الأخرى.
وتشير المراصد المختصة بمتابعة حركة الإنتاج العالمي إلى أن اضطراب المشاريع المشتركة في الشرق الأوسط بات أحد المؤشرات الصامتة على شدة العقوبات.
وتؤكد الأحداث المتتابعة أن تأثير النزاع الروسي–الأوكراني لم يعد بعيدًا عن الاقتصاد العراقي، بل أصبح جزءًا من معادلة داخلية حساسة.
وعلى صعيد آخر، يلفت مراقبون إلى أن بغداد تقف أمام فرصة لإعادة تقييم علاقتها التعاقدية مع الشركات الأجنبية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
تقرير أمريكي:النفوذ الإيراني في العراق لم ينكسر بل تغيّرت أدواته
آخر تحديث: 12 نونبر 2025 - 2:39 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- نشر موقع المونيتور الأمريكي تقريراً يوم 11/11/2025،بأن طهران تمرّ بمرحلة إعادة تموضع سياسي، بعد أن فقدت جزءاً من نفوذها التقليدي في بغداد، نتيجة التحولات الإقليمية وتراجع فاعلية حلفائها في الداخل العراقي. التقرير خلُص إلى أن نتائج الانتخابات قد تكون عاملاً حاسماً في تحديد موقع إيران داخل المعادلة العراقية الجديدة.أوضح التقرير أن طهران، التي كانت لسنوات تمتلك القدرة على توجيه المشهد السياسي في بغداد، تواجه الآن تراجعاً في مكاسبها نتيجة الانقسامات داخل القوى الشيعية والضغوط الأمريكية المتزايدة.لكن قراءة واقعية للمشهد تشير إلى أن هذا التراجع لا يعني فقدان النفوذ بالكامل، بل انتقاله من المسار السياسي المباشر إلى مسارات أخرى أكثر مرونة، أبرزها الاقتصاد والطاقة والتجارة الحدودية. فعلى الرغم من تقلص قدرتها على التأثير في تشكيل الحكومات، ما زالت إيران تحتفظ بحضور اقتصادي يجعلها شريكاً أساسياً في ملفات حيوية، خصوصاً في مجال الغاز والكهرباء.لفت تقرير المونيتور إلى أن كلًّا من الولايات المتحدة وإيران تتابعان التطورات في العراق عن قرب، وسط تنافس واضح على النفوذ. وتشير التقديرات إلى أن النفوذ الأمريكي في الوقت الحالي يعتمد على الضغط السياسي والدبلوماسي، بينما ترتكز قوة طهران على شبكة نفوذ تراكمت خلال عقدين داخل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية. هذا التوازن لا يزال هشّاً، إذ لم تعد أي من القوتين قادرة على حسم التأثير الكامل، ما يجعل العراق ساحة إدارة نفوذ لا ساحة هيمنة مطلقة.وأشار التقرير إلى أن نبرة إيران السياسية والإعلامية بدت أكثر هدوءاً خلال الانتخابات الأخيرة، في تباين واضح مع الخطاب السابق الذي اتسم بالثقة والنفوذ. ويرى مراقبون أن هذا الهدوء يعكس تحوّلاً في طريقة إدارة طهران لعلاقاتها مع بغداد، إذ تميل حالياً إلى سياسة التفاهم والتنسيق بدلاً من فرض الإرادة. ويبدو أن القيادة الإيرانية باتت تدرك أن المشهد السياسي العراقي أكثر تعقيداً من أن يُدار بقرارات أحادية، خصوصاً بعد تصاعد الشعور الوطني واستقلالية القرار الحكومي. لكن إيران ما تزال تمتلك قنوات اتصال فاعلة معها. التغيير الأساسي يكمن في طبيعة العلاقة؛ من “الوصاية السياسية” إلى “التنسيق المرحلي”، وهو ما يعكس تحوّل طهران من دور الضامن إلى دور الشريك. أشار المونيتور إلى أن العراق يمثل منفذاً اقتصادياً حيوياً لإيران، خاصة في ظل استمرار العقوبات الأمريكية. وتُظهر المؤشرات الاقتصادية أن العلاقات الثنائية في مجالات الغاز والكهرباء والتبادل التجاري أصبحت متشابكة بدرجة تجعل من الصعب الفصل بين الجانبين. وبحسب خبراء اقتصاد، فإن أي حكومة عراقية مقبلة ستضطر للحفاظ على هذا التوازن لضمان استقرار السوق المحلية وتجنب أزمات طاقة أو واردات.وأشار التقرير إلى تصاعد الضغوط الأمريكية لإعادة هيكلة دور الفصائل المسلحة داخل العراق. ورغم أن هذه الخطوات تحظى بدعم من بعض القوى السياسية، فإنها تواجه تحديات واقعية، إذ إن جزءاً من تلك الفصائل مدمج ضمن مؤسسات الدولة. حتى الآن، نجحت واشنطن في تضييق نطاق حركة بعض الجماعات، لكن من دون تغيير فعلي في ميزان القوة على الأرض. يرى التقرير أن إيران انتقلت من مرحلة الإملاء المباشر إلى التفاهم والتفاوض مع القوى العراقية. ويُعد هذا التحول مؤشراً على نضج سياسي في التعامل مع بغداد، إذ أدركت طهران أن الحفاظ على المصالح يتطلب المرونة لا الفرض. هذه المقاربة الجديدة تتيح لإيران البقاء لاعباً مؤثراً، لكن بآليات أكثر دبلوماسية وهدوءاً.اختتم المونيتور تقريره بالقول إن ما كان يوماً نفوذاً مطلقاً أصبح اليوم صراعاً على البقاء. ورغم أن هذا التوصيف يعبّر عن ملامح التحول الراهن، فإن الواقع يشير إلى أن النفوذ الإيراني لم ينكسر بل تغيّرت أدواته. العلاقة بين بغداد وطهران دخلت مرحلة توازن واقعي، فالأولى لم تعد ساحة مفتوحة للهيمنة، والثانية لم تعد تملك السيطرة الكاملة. إيران اليوم أقل حضوراً في السياسة، لكنها أكثر تأثيراً في الاقتصاد، فيما يسعى العراق إلى ترسيخ استقلاله من دون خسارة شريكه الجغرافي الأهم.