هل تشديد الخناق المالي على حزب الله تمهيد لضربة عسكرية..؟
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
تشهد الساحة اللبنانية مرحلة دقيقة تتزايد فيها المؤشرات على نية المجتمع الدولي تضييق الخناق على حزب الله ماليا، في سياق يبدو تمهيدا لمرحلة عسكرية لاحقة، خاصة مع دعوة استيطانية لبيع أراضي الجنوب عبر الإنترنت، فأي حاضر نعيش وأي مستقبل قادم والكل يُجمع على أن المجهول المعلوم هو خيارات فيها روائح البارود وأصوات المدافع!
فالزيارة الأخيرة لوفد الكونغرس الأمريكي المتخصص في ملف مكافحة الإرهاب حملت رسائل واضحة، أبرزها ضرورة تشديد الرقابة على المؤسسات المالية اللبنانية وعلى كل منفذ يُشتبه في أنه يمر عبره تمويل للحزب أو لبيئته.
فالأزمة المالية العميقة التي تضرب البلاد منذ سنوات لم تُحلّ، ومسألة الودائع المحتجزة لا تزال تمثل جرحا مفتوحا في ثقة الناس بالمصارف. وإذا أضيف إلى ذلك التوجه الأمريكي والغربي نحو إجراءات مالية أكثر تشددا تحت شعار مكافحة الإرهاب، فإن السوق اللبناني مهدد بشلل أوسع قد يفقد معه المواطن أي ثقة بالنظام المصرفي، ليبقى اقتصاد الكاش سيد الموقف.
إن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في تجميد حسابات أو التضييق على تحويلات مالية، بل في احتمال أن تُستخدم هذه الإجراءات كوسيلة ضغط تمهّد لتدخل أمني أو عسكري تحت ذريعة مواجهة الإرهاب. هنا تبرز الحاجة إلى موقف رسمي لبناني واضح ومتوازن يجنّب البلاد الدخول في مواجهة غير متكافئة، ويحافظ في الوقت نفسه على التزاماتها الدولية. فغياب الرؤية السياسية وتراجع الثقة بالسلطات المالية سيزيد من هشاشة الاقتصاد، ويجعل كل خطوة دولية جديدة بمثابة ضربة إضافية لجسم الدولة المنهك.
وهنا لا يمكن إغفال أن ملف جمعية القرض الحسن لا يزال مفتوحا على مصراعيه، إذ تُتخذ منه ذريعة لتوسيع رقعة المراقبة المالية على لبنان كله. وإذا لم تُدار هذه القضية بحكمة قانونية ومصرفية دقيقة، فإن نتائجها ستكون كارثية على مودعي القرض الحسن وتاليا على سمعة القطاع المصرفي، رغم أن لا تعامل بينه وبين القرض الحسن، فيكفي القطاع المصرفي أنه ما زال يعاني من تداعيات الانهيار السابق والمستمر مع وعود الحلول التي لم تأت حتى الساعة.
أما المودع اللبناني، الذي فقد الأمل في استعادة أمواله، فسيزداد اقتناعا بأن التعامل النقدي المباشر هو السبيل الوحيد لضمان أمواله، ما يعني انسحابا تدريجيا من النظام المصرفي وتراجعا في الدورة الاقتصادية الرسمية، وتاليا لن يغير اللبناني أساليبه مع استعمال الكاش ما لم تعد الثقة المفقودة، وليستفيد من يستفيد من مسألة اقتصاد الكاش، فالناس كلوا وهم ينتظرون منذ عام 2019.
إن الحل الحقيقي أمام الدولة اللبنانية يبدأ من استعادة الثقة المالية المفقودة، فعودة الودائع إلى أصحابها تمثل حجر الأساس لأي نهوض اقتصادي جدي، إذ لا يمكن لأي إصلاح أن ينجح قبل إعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والمصرف والدولة والانتهاء بكل جرأة من موضوع الفجوة المالية بدل اللجان التي لا تنتهي.
ومن هنا تبرز ضرورة الانفتاح على صندوق النقد الدولي ضمن خطة إصلاح وطنية واضحة، تُعيد هيكلة النظام المالي وتضبط الإنفاق العام وتضع حدا للهدر والفساد، مع إقرار الإصلاحات البنيوية التي طال انتظارها في قطاعات الكهرباء والإدارة والعدالة المالية. وعندها فقط يمكن للبنان أن يتجاوز مرحلة اقتصاد الكاش ويستعيد انتظامه المالي المطلوب دوليا وأمريكيا، بما يفتح كوة في جدار الأزمة تتيح إطلاق ورشة إعادة الإعمار واستجلاب القروض والاستثمارات. غير أن أي إصلاح اقتصادي جدي لا يمكن أن يكتمل دون مقاربة متوازنة لملف السلاح الذي بات يشكل عنوانا دائما للانقسام الداخلي ومصدرا للقلق الخارجي.
فربط الإصلاح المالي بإصلاح سياسي وأمني يضمن حصرية السلاح بيد الدولة يفتح الباب أمام تثبيت الاستقرار الحقيقي، ويُعيد للبنان صورته كدولة قادرة على احتضان الاستثمارات والتعافي. إن معالجة هذا الملف بروح وطنية شاملة هي المدخل الطبيعي لأي عملية إعادة إعمار فعلية تنقل لبنان من منطق المحاور إلى منطق الدولة.
إن ما يجري اليوم ليس مجرد ضغط مالي عابر، بل جزء من سياق استراتيجي يرمي إلى عزل الحزب وتحجيم نفوذه تمهيدا لمرحلة جديدة من المواجهة. لكن السؤال يبقى: أين الدولة اللبنانية؟ هل تملك رؤية لحماية مؤسساتها من الانهيار؟ أم أنها ستكتفي بموقف المتفرج حتى يجرها الصراع الإقليمي إلى قلب العاصفة؟ إن تفادي الضربة المقبلة يتطلب شجاعة سياسية من الجميع، وحكمة في إدارة الملف المالي بميزان الجوهرجي، وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن والتي تبدأ من العدالة المالية عبر إحقاق حقوق الناس المحبوسة في المصارف، قبل أن يفقد الجميع ما تبقى من أمل في هذا الوطن الذي ما زال ينزف منذ عقود: فمتى يرأف الكثيرون بحال لبنان واللبنانيين في زمن سايكس بيكو الجديد؛ حيث الخرائط ترسم على قواعد المصالح؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء اللبنانية اقتصاد الأزمة السلاح اقتصاد لبنان سلاح أزمة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
برعاية منصور بن زايد.. المصرف المركزي يستضيف قمة قادة الشمول المالي 2025 في أبوظبي
تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، يستضيف المصرف المركزي بالشراكة مع صندوق النقد العربي والبنك الدولي، قمة قادة الشمول المالي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2025، تحت شعار "تشكيل الأجندات الإقليمية والعالمية"، وذلك يومي 17 و 18 نوفمبر 2025، في أبوظبي.
وتأتي استضافة هذه القمة، التي تُعقد للمرة الأولى في دولة الإمارات، تجسيداً لالتزام الدولة بقيادة الأجندة العالمية للشمول والصحة المالية، وتعزيزاً لمكانتها الريادية كمركز مالي دولي.
وستشهد القمة الإطلاق الرسمي للاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، مما يسلط الضوء على ريادة الدولة في تطوير منظومة مالية أكثر شمولاً واستدامة.
وتهدف القمة إلى توحيد جهود صانعي السياسات والهيئات التنظيمية وقادة القطاع المالي العالمي، انطلاقاً من أبوظبي، لوضع رؤية موحدة تسهم في تعزيز الشمول والصحة المالية على المستويين الإقليمي والعالمي، كما تسعى إلى بناء شراكات فاعلة لدفع عجلة التقدم في مجالات عدة، أبرزها: الابتكار الرقمي، وحماية المستهلك، والمساواة بين الجنسين، والصحة المالية.
بالاضافة إلى ذلك، تسعى القمة إلى مواءمة الأولويات الوطنية والإقليمية مع أجندات التنمية العالمية، وتعزيز تبادل المعرفة، وتوطيد التعاون لضمان الوصول العادل إلى الخدمات المالية، وتطوير أنظمة مالية شاملة ومسؤولة ومستدامة.
ويشارك في القمة، وزراء ومحافظو المصارف المركزية، ورؤساء الهيئات التنظيمية والرقابية المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعضاء الفريق الخاص لمبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة للصحة المالية، بالإضافة إلى رؤساء المنظمات الإقليمية والدولية ومسؤولي الجهات التنموية العالمية مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والرؤساء التنفيذيين للمؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية "فينتك"، إلى جانب عدد من الخبراء والمختصين من مختلف أنحاء المنطقة والعالم.
أخبار ذات صلةوتتضمن أجندة القمة، جلسات حوارية رفيعة المستوى لمناقشة العديد من المحاور المتعلقة بالشمول المالي، من بينها توسيع نطاق استخدام الخدمات المالية الرقمية، والصحة المالية للمرأة والتمكين الاقتصادي، والثقافة المالية.
كما ستركز القمة على السياسات والقيادة في القطاع المالي عبر تنظيم منتدى "الجيل الجديد للشمول المالي – ربط الابتكار والمعرفة والثقة"، يقدم خلاله خبراء عالميون عروضاً تقديمية حول الابتكار والثقافة المالية وبناء الثقة، بحضور أكثر من 200 مشارك من كبار ممثلي القطاع المالي، بما في ذلك شركات التكنولوجيا المالية، ومسرّعات الأعمال، ومراكز الابتكار، والجهات الحكومية المعنية.
وستشهد القمة الإعلان عن مجموعة من المبادرات الوطنية والعالمية الجديدة التي تهدف إلى تعزيز الشمول المالي والابتكار الرقمي والتنمية المستدامة، من أبرزها: الإطلاق الرسمي للإستراتيجية الوطنية للشمول المالي لدولة الإمارات 2026-2030، والتي تمثل رؤية وطنية شاملة لتمكّين جميع أفراد المجتمع من الوصول إلى الخدمات المالية بشكل عادل وآمن، وعرض نتائج النسخة الإقليمية للدول العربية من مؤشر "فيندكس" العالمي للشمول المالي، لرصد التقدم المحرز في هذا المجال ودعم صناع القرار على تطوير السياسات لبناء أنظمة مالية أكثر شمولاً ومرونةً واستدامة، والإعلان عن استضافة أسبوع الصحة المالي العالمي لعام 2026.
وفي ختام القمة، سيُصدر "إعلان مبادئ أبوظبي للشمول المالي الرقمي" بقيادة صندوق النقد العربي، بدعم من مصرف الإمارات المركزي والبنك الدولي، متضمّناً التزامات مشتركة وأولويات سياسات وتوصيات عملية لتعزيز التمويل الشامل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال معالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات المركزي، إن استضافة المصرف المركزي لقمة قادة الشمول المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تأتي انطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة وتوجهات دولة الإمارات في بناء قطاع مالي متقدم وشامل، ونسعى من خلال هذه القمة إلى ترسيخ مرجعية جديدة تنطلق من الدولة لتعزيز الشمول المالي على المستويين الإقليمي والعالمي، ودعم الجهود الرامية إلى بناء منظومة مالية أكثر شمولاً واستدامة.
وأضاف معاليه أنه في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، يعد تعزيز الشمول المالي أولوية استراتيجية لدعم الاستقرار المالي وتحقيق التنمية المستدامة، ويواصل المصرف المركزي تكثيف جهوده في تطوير السياسات والممارسات التي تضمن وصول الخدمات المالية لكافة فئات المجتمع، ونتطلع إلى أن تؤدي هذه القمة إلى نتائج مثمرة تسهم في صياغة حلول مبتكرة تعزز الشمول المالي، وتدعم التكامل الاقتصادي في المنطقة، وترسخ مكانة الإمارات كمركز مالي عالمي رائد.
المصدر: وام