كشف الباحث الإسرائيلي شالوم ليبنر، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصبح اللاعب الأكثر تأثيرا في تحديد مستقبل غزة بعد الحرب، إلى درجة أنه بات يدير الملف بصورة شبه كاملة، في ظل تراجع واضح في نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو داخليا وخارجيا، محذرا من أن الضغوط الأمريكية قد تؤدي إلى "ضربة قاصمة" للحكومة الإسرائيلية.



وقال ليبنر، في مقال نشره بمجلة "ناشونال إنتريست"، إن ما يجري في الشرق الأوسط يشبه "تغيير الحرس" الذي يشاهد سنويا في القصور البريطانية، لكن بنسخة سياسية مكثفة تشهدها غزة حاليا، حيث تتصارع القوى الإقليمية والدولية على رسم ملامح المرحلة المقبلة. وأشار إلى أن نتنياهو يتعرض خلال هذا التحول لـ"دهس سياسي" متواصل، وأن الضرر الذي يلحق به قد يكون غير قابل للإصلاح.

وأوضح الباحث، وهو زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط، وخدم سبعة رؤساء وزراء إسرائيليين على مدى ثلاثة عقود، أن تباطؤ القتال داخل قطاع غزة، رغم رغبة بعض حلفاء نتنياهو في استمرار العمليات، خلق فراغا أمنيا وسياسيا واسعا. فشلت المبادرات السابقة لرسم ملامح ما بعد الحرب بسبب رفض إسرائيل السماح بأي دور للسلطة الفلسطينية، ما فتح المجال أمام حركة حماس لملء الفراغ والسيطرة بالقوة على المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال الإسرائيلي، رغم إعلان الحكومة الإسرائيلية التزامها بالقضاء على الحركة.



فراغ قيادي في إسرائيل

وأضاف ليبنر أن إسرائيل تشهد في الوقت نفسه "فراغا قياديا داخليا" بعد رحيل كبار مساعدي نتنياهو. فقد استقال وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المقرب منه، كما أقيل مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي على خلفية خلافات سياسية. ويستعد مدير مكتب نتنياهو تساحي برافيرمان لتولي منصب سفير إسرائيل في لندن، وهو ما يترك أعلى المستويات القيادية "شبه شاغرة" في لحظة يفترض أن تكون الأكثر حساسية لإسرائيل، وفق وصف الباحث.

وأشار ليبنر إلى أن هذا الفراغ سمح لترامب بملء الساحة بسرعة، حيث أصبح يدير الملف بقوة غير مسبوقة، خصوصا مع احتمال انهيار وقف إطلاق النار. ونقل عن ترامب تهديده بقوله: "إذا لم تتصرف حماس كما يجب، فسيتم القضاء عليها"، مضيفا أن إسرائيل نفسها أصبحت تعتمد بشكل كبير على السخاء الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي الأمريكي، وهو ما يجعل نتنياهو مضطرا للامتثال لرغبات واشنطن.

وذكر الباحث أن الأسابيع الأخيرة شهدت توافدا لافتا للمسؤولين الأمريكيين إلى تل أبيب، شمل ترامب ونائبه جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ورئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال دان كين، إضافة إلى جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، بهدف دفع نتنياهو للالتزام بالخطة الأمريكية. كما أنشأت الولايات المتحدة مركزا للتنسيق المدني والعسكري داخل إسرائيل يضم المئات، لمتابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ودعم الاستقرار.



وأشار ليبنر إلى أن نتنياهو، الذي كان يتباهى سابقا بقدرته على إدارة العلاقة مع واشنطن، بات الآن هدفا لانتقادات داخلية تتهمه بالتنازل عن السيادة لصالح ترامب. وأضاف أن الأساليب التي كان يستخدمها مع إدارة بايدن لم تعد ناجحة مع الرئاسة الإمبراطورية التي يمثلها ترامب، الذي قال لنتنياهو بوضوح: "ليس لديك خيار… عليك أن تكون منسجما معي".

وأوضح الباحث أن التزام ترامب بإنجاح التهدئة في غزة جعله يحد من خيارات إسرائيل العسكرية، إذ تدخلت واشنطن لإلغاء عمليات انتقامية إسرائيلية، ومنعت خطوات مثل توسيع انتشار الجيش داخل القطاع أو وقف إدخال المساعدات. وأشار إلى أن تصريحات ترامب لمجلة "تايم"، التي شدد فيها على أن ضم أجزاء من الضفة الغربية لن يحدث، وأن أي ضم سيجعل إسرائيل تفقد الدعم الأمريكي، شكلت صدمة داخل الائتلاف اليميني الحاكم.

خلافات حادة حول القوة الدولية

وحول مستقبل غزة، قال ليبنر إن التفاوض على المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار -بشأن نزع سلاح حماس، وترتيبات الحكم، وانتشار الجيش- سيكون صعبا على نتنياهو، الذي يسعى إلى الحفاظ على حرية أكبر للمناورة، بينما يفضل ترامب تنازلات أسرع تصل إلى اتفاق نهائي.

كما كشف الباحث عن خلاف حاد بين إسرائيل وواشنطن بشأن تشكيل القوة الدولية المقترحة لإدارة غزة. فبينما تمنح الولايات المتحدة دورا متقدما لتركيا وقطر، وهما دولتان تستضيفان قيادات من حماس، فإن دور السعودية والإمارات يبدو متراجعا، الأمر الذي أثار حالة صدمة داخل إسرائيل، وفق مسؤول أمريكي قال إن الإسرائيليين أصيبوا بالذهول من بنود مسودة القرار.

وختم ليبنر بأن نتنياهو يقف اليوم في وضع شديد التعقيد؛ فهو محاصر بسياسة داخلية مضطربة وائتلاف حكومي منقسم، وفي الوقت نفسه يواجه ضغطا خارجيا كبيرا من الرئيس الأمريكي. وأكد أن الاندفاع الأمريكي نحو اتفاق دائم في غزة قد يحقق استقرارا على المدى الطويل، لكنه قد يوجه ضربة سياسية قاصمة لنتنياهو وحكومته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب غزة نتنياهو الاحتلال غزة نتنياهو ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد لقاء ترامب والشرع.. قلق في إسرائيل من "خسارة جبل الشيخ"

مع الاستقبال التاريخي للرئيس السوي أحمد الشرع في البيت الأبيض، يزداد القلق في إسرائيل من أن يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا عليها للتخلي عن جبل الشيخ، الذي احتلته بعد سقوط نظام الأسد. 

فعلى ارتفاع يصل إلى 2800 متر، تتقدم الجرافات الإسرائيلية نحو قمة جبل الشيخ داخل الأراضي السورية، حيث تجرى أعمال ترميم وتحصين في موقعين استعدادا للشتاء المقبل، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وكانت القوات الإسرائيلية توغلت داخل الأراضي السورية، بعد انهيار النظام السابق أواخر العام الماضي.

ورغم أن قادة إسرائيل لا يتعاملون مع هذا الشتاء على أنه الأخير للجيش في جبل الشيخ، فإن حسابات واشنطن ودمشق قد تختلف بعد لقاء الشرع وترامب هذا الأسبوع، حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.

مفاوضات بلا نتائج

تشير تقارير إلى أن الاتصالات الهادئة بين مقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومبعوثين عن الحكومة السورية لم تحرز تقدما حتى الآن.

وتوضح أن "الهدف هو بلورة اتفاق وقف إطلاق نار جديد يحل محل الترتيبات التي كانت قائمة منذ عام 1974 وحتى سقوط نظام الأسد العام الماضي".

ورغم أن الاتفاق المقترح لا يرتقي إلى مستوى تطبيع أو معاهدة سلام، فإنه قد يضع إسرائيل في موقف حرج إذا قرر ترامب فرضه على تل أبيب، على غرار ما حدث مع وقف إطلاق النار في غزة.

تحذيرات أمنية

حذرت قيادات أمنية إسرائيلية نتنياهو من التخلي عن قمة جبل الشيخ، التي تعد موقعا استراتيجيا يتيح مراقبة واسعة للجولان السوري المحتل، وما تقول إسرائيل إنها "مسارات تهريب السلاح" من سوريا إلى لبنان.

وتشهد هذه المسارات نشاطا متزايدا خلال الأشهر الأخيرة، بينما "تعمل وحدات القيادة الشمالية على إحباط جزء من هذه التحركات"، وفق "يديعوت أحرونوت".

وداخل الجولان السوري، يحتفظ الجيش الإسرائيلي بـ8 مواقع متنقلة، ومجهزة ببنية تحتية مطورة، موزعة على بضعة كيلومترات من الحدود، داخل مناطق مأهولة بنحو 70 ألف سوري معظمهم من قرى حوران.

قلق من دور أنقرة

في سياق متصل، تبدي إسرائيل استعدادا لمناقشة الانسحاب من داخل الأراضي السورية مقابل اتفاق جديد يمنحها حرية العمل ضد "التهديدات الإرهابية الناشئة"، خصوصا محاولات حزب الله وإيران ترسيخ وجودهما في الجنوب السوري، وفق الصحيفة.

لكن القرار النهائي بشأن جبل الشيخ قد يتشكل في واشنطن وأنقرة معا، بعد لقاء ثلاثي بين وزراء خارجية الولايات المتحدة وتركيا وسوريا في العاصمة الأميركية.

وتتزايد المخاوف الإسرائيلية من التقارب بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يلعب دور الوسيط بين واشنطن والشرع.

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن "مخاوف تل أبيب تتمحور حول احتمال تزويد أنقرة القوات السورية بأنظمة ثقيلة، مثل بطاريات الصواريخ الروسية (إس 400)، مما سيقيد تحركات سلاح الجو الإسرائيلي في الشمال".

 

مقالات مشابهة

  • باحث إسرائيلي: نتنياهو تحت دهس ترامبي غير مسبوق وواشنطن تفرض قبضتها
  • بعد لقاء ترامب والشرع.. قلق في إسرائيل من "خسارة جبل الشيخ"
  • استطلاع إسرائيلي: تقهقر شعبية الليكود… و62 مقعدا لمعسكر لا لنتنياهو
  • مكتب نتنياهو: إسرائيل تسلمت من الصليب الأحمر جثمان أحد المحتجزين في غزة
  • باحث فرنسي: هكذا تغير المشهد الإسلامي في فرنسا بعد عقد من هجمات 2015
  • وسط ضجة كبيرة في إسرائيل بسبب رسالة ترامب.. ما هي شروط العفو عن نتنياهو؟
  • نتنياهو يرد على رسالة ترامب إلى رئيس إسرائيل بشأن طلب العفو
  • ترامب طلب العفو لنتنياهو.. وهرتسوغ رفض / وثيقة
  • ترامب يطالب رئيس إسرائيل بمنح نتنياهو العفو في محاكمته الجارية