قراءة يمانية لقرار مجلس الأمن الأخير
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
في خطوة متوقَّعة لم تُخفِ حِقدَها، عاد مجلسُ الأمن ليُصدِرَ قرارًا جديدًا يستهدفُ اليمنَ وشعبَه، متجاهلًا بوقاحةٍ الجذورَ الحقيقية للأزمة، ومتناسيًا بانتقائيةٍ مَشينةٍ سنواتِ العدوانِ والحصارِ التي لم تحَرّك المنظمةُ الدوليةُ ساكنًا لوقفها، ويمعن هذا المجلس في الانتقاصِ المتعمّد من سيادة اليمن وحقّه في الدفاع عن نفسه، لأنّه تجرّأ ورفضَ أن يكونَ رقمًا في معادلةِ الهيمنة.
ما يعانيه مجلسُ الأمن من ازدواجيةٍ في المعايير أصبح عاريًا للعالم أجمع، فالمجلسُ الذي تعامى خلال أكثر من عامين عن جرائم حرب الإبادة والتدمير والتجويع الإسرائيلية في غزة، وصمّ أذنيه عن صراخ الأطفال تحت الأنقاض، يسارعُ إلى تجريم اليمن وهو يمارس حقّه المشروع في الدفاع عن النفس والتضامن مع الشعب الفلسطيني، إنها مفارقة مفضوحة للعامة والخَاصَّة، فدماءُ الفلسطينيين لا ثمن لها في حسابات المجلس المصادر أمريكيًّا، بينما حركةُ السفن الإسرائيلية مصانةٌ دوليًّا، وكأنّ القيمةَ للإنسان حينما يكونُ إسرائيليًّا وحسب، وأمّا إن كان فلسطينيًّا أَو يمنيًّا؛ فقيمتُه لا تَساوي أكثر من إحصائيةٍ في تقرير تسوق به منظمات الأمم المتحدة لتتسول من المانحين!
لطالما أكّـد اليمنُ – على كافة المستويات السياسية والعسكرية – أن عملياته في البحر الأحمر تستهدفُ السفنَ المرتبطةَ بالكيان الصهيوني؛ ردًّا على العدوان المُستمرّ على غزة، وبأن هذا الموقفُ المشرفُ ليس سوى تجسيدٍ حيّ للتضامن الإسلامي والإنساني، ورفضًا صريحًا للجرائم التي تُرتكب بحقّ المدنيين الأبرياء، التي انتفض مناصَرةً لها كُـلُّ شعوب العالم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا.
فإذا كان العالمُ الغربي ينكر حتى صرخات شعوبه الرافضة لهذه السياسات، ويرى في دعم كيان الاحتلال “حقًّا مشروعًا”، فلماذا ينكرُ على اليمن حقَّ ومشروعيةَ الدفاع عن المظلومين، أم أنّ “الشرعية” بمفهوم الهيمنة والرواية الأمريكية الصهيونية حكرٌ على الأقوياء وحدهم؟!
وبقدر ما يشكّل امتناعُ عضوَي المجلس الدائمَينِ روسيا والصين عن التصويت رسالةً واضحةً بأنّ هذا القرار مجحفٌ وغيرُ متوازن، فإنه يمثّل اعترافًا ضمنيًّا بأنّ المنظمةَ الدولية مصادرة تمامًا، ولم تعد قادرةً على أداء دورها بموضوعية، بعد أن أصبحت أدَاة طيّعةً في يد القوى الغربية، تحَرّكها الأجنداتُ السياسيةُ لا مبادئُ العدالة، ولا نصوص الميثاق والقوانين والمعاهدات.
أمّا العقوباتُ التي يهدّد بها القرار تجاه الشعب اليمني، فليست جديدةً على هذا الشعب المؤمن المقاوم والصابر، الذي صمدَ عشرةَ أعوام في وجه أبشع عدوان عالمي، فالشعبُ الذي واجهَ أعتى القوى العالمية وأسلحتَها الفتاكة، لن تثنيه العقوباتُ عن مواقفه المبدئية، بعد أن حوّلَ اليمنيون الحصارَ إلى ساحةِ عزّ، والعقوباتَ إلى شاراتِ فخر، وتلك المحاولاتُ اليائسةُ لتدجين الإرادَة اليمنية وإخضاعها للهيمنة الدولية، لن تزيدَ اليمنَ ورجاله إلاّ إصرارًا، وإرادَة صلبةً كجباله الشّمّ.
يقفُ اليمنُ اليوم بقيادته الاستثنائية الشجاعة شامخًا كتلك الجبال، يرفضُ الانصياع للقرارات الجائرة، ويواصلُ دفاعَه عن سيادته وعن قضايا الأُمَّــة، ناصبًا أمام الرأي العام الدولي والتاريخ عناوين لهذه السياسات والقرارات التي تمثّلُ وصمةَ عارٍ بحقّ الضمير الإنساني الدولي، بقدر ما تذكّرنا بأنّنا على الحقّ وأنّهم على الباطل، وإنّنا لمواصلون طريقَنا في الدفاع عن المظلومين، رافعين رايةَ الإسلام والعزّة، عازمين على ألّا نتنازلَ عن موقفنا المشرف، حتى استكمال معركة التحرّر الوطني، وحتى يُرفع الحصارُ عن غزة، وتتحرّر فلسطين.
فليُصدر مجلس الأمن ما يشاء من قرارات.. فإرادَةُ اليمن المتسلِّح بِالله أقوى من كُـلّ تهديد، وأعظم من كُـلّ عقوبة!
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الدفاع عن
إقرأ أيضاً:
الانتقالي يقلل من المرجعيات الثلاث بعد تأكيد أممي على اعتبارها مدخلا للحل في اليمن
قللت مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، السبت، من المرجعيات الثلاث في اليمن، بعد تأكيد مجلس الأمن الدولي عليها بإعتبارها مدخلا للحل في اليمن.
وقال رئيس الهيئة السياسية للمجلس الانتقالي ناصر الخبجي، إن "تحقيق السلام العادل والمستدام يبدأ من معالجة جذور الأزمة في اليمن، وفي مقدمتها قضية شعب الجنوب التي تمثل مفتاح أي انتقال سياسي ناجح".
وأضاف: "إن دعوة مجلس الأمن إلى وقف الحرب وتهيئة الظروف للعملية السياسية خطوة إيجابية، إلا أن الانتقال السياسي لا يمكن اختزاله في مبادرة الخليج أو مخرجات حوار 2013، فهذه المرجعيات لا تعطي أفقاً لحل قضية شعب الجنوب".
وأوضح أن تلك المرجعيات "باتت سابقة لحقائق الواقع الجديد، ولم تتناول التحولات العميقة التي فرضتها سنوات الحرب، خصوصاً في الجنوب وتطلعات شعبه".
وأكد أن "أي عملية سياسية مقبلة يجب أن تكون شاملة، وأن تُبنى على إطار حديث يضمن تمثيل الجنوب كطرف رئيسي، ويمكّن شعبه من ممارسة حقه في تقرير مستقبله السياسي بإرادته الحرة".
وأشار الخبجي، إلى أن "السلام الحقيقي لا يمكن أن يُبنى على إنكار الحقائق أو تجاوز إرادة الشعوب، بل على مسار سياسي واقعي يعالج قضية الجنوب معالجة عادلة، ويؤسس لعلاقة سلام مستقرة بين الجنوب والشمال".
ولفت إلى أن "تجاهل مجلس الأمن للقرار 2216 في بيانه الأخير يؤكد أن المرجعيات القديمة لم تعد صالحة للحل، وأن السياق السياسي تغيّر جذرياً. وما هو مطلوب اليوم هو إطار تفاوضي جديد يعكس حقائق الأرض، وفي مقدمتها تطلعات شعب الجنوب".
وجدد الخبجي، التأكيد أن الانتقالي يؤكد انفتاحه على أي "عملية سياسية مسؤولة تضمن حق شعب الجنوب في تقرير مستقبله السياسي واستعادة دولته، وتُفضي إلى سلام عادل ومستدام للجميع".
ويوم أمس، أكد مجلس الأمن عدم وجود حل عسكري للصراع في اليمن، داعيا لاستكمال الانتقال السياسي وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، مشددا على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والواردات التجارية إلى البلاد.