تزخر منطقة جازان بسحر طبيعتها الخلابة، بين سهولها الخصبة، ووديانها الغنية، إلى جبالها الشامخة، وسواحلها الممتدة، ما منحها بيئةً متنوعةً غنيةً بالإنتاج الزراعي والحيواني، ومصدرًا دائمًا للخير والعطاء.
وتُعدُّ تربية الأبقار أحد أقدم الأنشطة الريفية في المنطقة التي يمارسها الأهالي في القرى والهجر منذ أجيال طويلة، حيث تُسهم في توفير مصدرٍ غذائي متكامل من ألبانٍ ولحومٍ وأجبان، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرة المربين ومراعي المنطقة المتجددة مع هطول الأمطار، فتزدهر السهول بحُلَّةٍ خضراء تغذي الماشية وتحافظ على صحتها وقوتها.

وتنتشر مزارع الأبقار في مختلف محافظات ومراكز وقرى جازان، حيث تتغذى الماشية على الأعلاف الطبيعية والمراعي المحلية، ويصل عدد الأبقار إلى نحو 130,161 رأسًا وفق إحصائية فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة، في مؤشر واضح على أهمية هذا النشاط ودوره الحيوي في دعم الأمن الغذائي المحلي.
وتشهد الأسواق الشعبية في محافظات صبيا، وأَحد المسارحة، وأَبو عريش، والعِيدابي حركةً ريفية نابضة بالحياة، إذ تُعرض الأبقار في مشاهد متجددة من البيع والشراء والتواصل الاجتماعي، محافظين على تقاليد التجارة القديمة، فيما تتفاوت أسعار العجول والأبقار بحسب أعمارها وجودة تربيتها.

وخلال جولة لوكالة الأنباء السعودية في أحد الأسواق الشعبية، تحدث أحد ملاك الأبقار، محمد مختلي خال، ذو الخمسين عامًا، مؤكدًا أهمية النشاط الاقتصادي لتربية الأبقار، حيث تستفيد الأسر الريفية من بيع حليبها ولحومها، مشيرًا إلى أن الاهتمام بهذا القطاع يسهم في تنمية الاقتصاد المحلي وفتح فرص استثمارية جديدة.
وعرضت البائعة فاطمة حسن “أُم عبدة” طريقة استخراج منتجات حليب الأبقار وتحويله إلى لبن طازج وسمن طبيعي غني بالفوائد، موضحة أن العملية تبدأ بحلب الأبقار، ثم يُترك الحليب أكثر من عشر ساعات، ويُوضع بعد إضافة قليل من الماء في “الدبية”، وهي أداة تقليدية مصنوعة من ثمرة شجرة القرع، وتُغلق بإحكام، ثم تُرج وتقلب باستمرار حتى تنفصل الزبدة عن اللبن.
بعد ذلك، تُستخرج الزبدة وتُحوَّل إلى سمن بلدي، بينما يُستفاد من اللبن المخيض في إعداد أطباق مختلفة عبر إنتاج الحليب واللبن “الحقنة” و”القطيبة”، وهو اللبن الرائب المعروف، ويُعدُّ طبقًا رئيسيًا في وجبات الإفطار، إلى جانب السمن البلدي الذهبي ذي الرائحة الزكية، المستخدم في إعداد الأكلات الشعبية مثل المرسة والمفالت والعصيدة.

اقرأ أيضاًتقاريروزارة النقل تستعرض رحلة تطوّر النقل في مؤتمر ومعرض الحج

وتبذل وزارة البيئة والمياه والزراعة جهودًا كبيرة للحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها، ودعم مربي الماشية عبر فروعها وعياداتها البيطرية المنتشرة في المنطقة، وأوضح مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة جازان المهندس محمد بن علي آل عطيف، أن هذه الجهود تشمل التحصين الوقائي، والكشف اليومي على الحالات المرضية، وتشخيص الأمراض وعلاجها، وتقديم التطعيمات اللازمة للأبقار، إلى جانب مكافحة البعوض في الحظائر، فيما يقدم مختبر التشخيص البيطري خدمات تحليلية متقدمة لتحديد مسببات الأمراض، بما يضمن صحة الثروة الحيوانية واستدامتها.

وبيّن المهندس آل عطيف أن الوزارة تدعم مربي الماشية من خلال برامج الدعم المباشر، حيث تُقدَّم لهم مبالغ على الرأس الواحد، بواقع 8 ريالات للماعز والضأن، و 40 ريالًا للإبل، و60 ريالًا للبقر، لتعزيز قدرتهم على تربية الماشية والارتقاء بإنتاجها، ودعم استدامة النشاط الريفي، مؤكدًا أن الوزارة تسعى من خلال برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة إلى رفع إنتاجية الماشية وتحسين تسويقها، في تجسيد لحرص الدولة على ربط الإنتاج التقليدي بمسارات التنمية المستدامة.
وتظلُّ تربية الأبقار في جازان أكثر من مجرد نشاط اقتصادي، إنها قصة الأرض وأهلها، وحكاية عطاء متجددة عبر الأجيال، محافظةً على إرث الماضي ومستقبل التنمية، لتظل هذه الثروة الغنية رمزًا حيًا للتوازن بين الإنسان والطبيعة.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية تربیة الأبقار الأبقار فی

إقرأ أيضاً:

تربية الحوك بمحافظة الحديدة تحقق المركز الأول في المسابقة المدرسية لأبناء الشهداء

الثورة نت / أحمد كنفاني

حققت مديرية الحوك المركز الأول في المسابقة المنهجية الثقافية المدرسية الخاصة لأبناء الشهداء على مستوى محافظة الحديدة للعام 1447هـ.

هدفت المسابقة، التي أقيمت فعالياتها تحت شعار “شهداؤنا عظماؤنا”، بقاعة مدرسة بلقيس في مديرية الميناء، بمشاركة طلاب مدارس مديريات مربع مدينة الحديدة “الحوك، الحالي، الميناء”، وبإشراف قطاع التربية والتعليم بالتعاون مع الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء؛ الى إبراز قدرات أبناء الشهداء العلمية وتشجيعهم على التميز والنجاح.

وفي ختام المسابقة، ألقيت كلمات لنائب مسؤول قطاع التربية والتعليم أحمد النهاري ومدير الإدارة التعليمية بمديرية الحوك مصطفى المغارم، ومندوب هيئة رعاية أسر الشهداء، أشارت جميعها إلى أهمية دعم وتشجيع أبناء الشهداء عرفانا بتضحيات ذويهم في الدفاع عن الوطن..لافتين إلى أهمية مثل هذه المبادرات لتحفيز الطلاب على مواصلة دراستهم.

وشددوا على ضرورة تضافر الجهود لرعاية أبناء الشهداء وتلمس احتياجاتهم ومساعدتهم على مواجهة التحديات خصوصاً في ظل تداعيات الظروف الراهنة جراء استمرار العدوان والحصار.

وأشادوا بالمستوى العلمي المتميز للمشاركين في المسابقة.

تلاه تكريم الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى بالجوائز والهدايا وشهادات التفوق، حيث حصدت  الطالبة رشا عمر عبدالله، المركز الأول في المسابقة الخاصة بالصف الثالث الثانوي، فيما خطفت الطالبة منار عبدالله محمد، المركز الأول في مسابقة الصف الثاني الثانوي، فيما جاءت الطالبة ندى سعيد في المركز الأول في مسابقة الصف الأول الثانوي.

حضر الاختتام والتكريم، أمين عام المجلس المحلي بمديرية الميناء حسن هادي، ورؤساء شعب التعليم والتدريب، ومديري التوجيه والانشطة والشؤون القانونية، إدارات التربية بمديريتي الحالي حسن وهبان والميناء وإبراهيم عييد.

مقالات مشابهة

  • 58% من فلسطيني الـ48 تعاني انعدام أمن غذائي
  • «جيدانة».. وجهة استثمارية وسياحية فاخرة
  • تربية الحوك بمحافظة الحديدة تحقق المركز الأول في المسابقة المدرسية لأبناء الشهداء
  • وزارة التضامن تُعلن عن فتح باب التوظيف
  • أطلس تشريحي للإبل في «الشارقة للكتاب»
  • تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين في أجواء فرعونية
  • تركيا.. توقيف 4 أشخاص بعد وفاة سيدة ألمانية وطفليها بتسمم غذائي
  • وزارة التضامن تُوفر المستلزمات الأساسية للأسر التي تم إجلاؤها بتيبازة
  • كنز غذائي.. ماذا يحدث عند تناول العسل الأسود يوميا؟