بعد 700 سنة.. العلم يحل لغز جريمة هزّت البلاط الهنغاري
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
في خطوة تجمع بين علم الأحياء الجزيئي، والأنثروبولوجيا الشرعية، والتاريخ، نجح فريق دولي من الباحثين بقيادة علماء من جامعة أوتفوش لوراند المجرية، في حلّ واحدة من أقدم الجرائم السياسية الغامضة في أوروبا، بعد أكثر من 700 عام على وقوعها.
الدراسة، التي نُشرت نتائجها في دورية "فورينسك ساينس إنترناشونال: جينتكس"، كشفت هوية هيكل عظمي يعود إلى القرن الـ13، مؤكدة أنه ينتمي إلى بِيلا أوف ماكسو، دوق هنغاري شاب قُتل في ظروف غامضة عام 1272.
عثر الباحثون على البقايا العظمية خلال تنقيبات في دير "دومينيكان" بمدينة بودابست، ورغم أن السجلات التاريخية ذكرت حادثة اغتيال الدوق، فإن هوية الجثمان كانت محلّ جدل واسع لقرون.
هنا تدخلت علوم العصر، حيث استخدم الفريق تحليلات الحمض النووي المتقدمة، ودراسة النظائر المستقرة، إضافة إلى الفحوص الشرعية للبقايا، ليؤكدوا بشكل قاطع أنّ الجثمان يعود للدوق الذي قتله معارضون سياسيون في سن مبكرة.
أظهرت التحاليل وجود طعنات عدة في مناطق مميتة من الجسد، بعضها بحدّ السيف، وأخرى بخناجر أو أدوات حادة.
وتوصل الباحثون إلى أن الهجوم لم يكن عشوائيا، فقد نُفذ على الأرجح بواسطة مجموعة من المهاجمين، وفي وقت لم يكن فيه الدوق مرتديًا أي درع واق، مما يشير إلى أنه ربما تعرّض لكمين مفاجئ.
قدّمت الجينات مفاجأة إضافية، إذ أظهر أن الدوق ينحدر من سلالتين ملكيتين بارزتين في العصور الوسطى، الأولى هي سلالة "آرْباد" الهنغارية، والثانية هي سلالة "رووريك" الروسية/النورسية.
هذا الربط الجيني عزّز الأدلة التاريخية التي تفترض أن الدوق كان حلقة مهمة في شبكة العلاقات السياسية والعائلية بين ممالك أوروبا الشرقية في ذلك الزمن.
ولا تقتصر أهمية الاكتشاف على حلّ جريمة ملكية قديمة، بل تمتد إلى إظهار قدرة العلوم الحديثة على إعادة بناء أحداث مفقودة من التاريخ البشري بدقة غير مسبوقة.
إعلانفبفضل تقنيات التحليل الجيني والنظائري، بات بالإمكان كشف تفاصيل دقيقة عن حياة وموت شخص عاش قبل 7 قرون، بما في ذلك عمره حين توفي، وظروف مقتله، وأصوله العائلية، وطريقة دفنه.
كما يفتح الاكتشاف الباب أمام إعادة تقييم الكثير من الأحداث التاريخية التي ظلت غامضة بسبب غياب الأدلة المكتوبة أو تشوهها عبر الزمن.
وبذلك، تمثل هذه الدراسة نموذجا متقدما لما يمكن أن يقدمه "علم الطب الشرعي التاريخي"، وهو فرع يجمع بين الأدلة العلمية والتاريخ لتحليل الأحداث القديمة.
ومع تطور تقنيات الحمض النووي، والذكاء الاصطناعي وتحليل الأنماط الحيوية، قد يصبح الكشف عن ألغاز الماضي أكثر شيوعا، وربما تُحل جرائم وأحداث تاريخية استعصت على المؤرخين لقرون.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات
إقرأ أيضاً: