"هآرتس": جمعية غامضة أخرجت مئات الغزيين من القطاع
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
القدس المحتلة - صفا
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن جمعية غامضة يديرها رجل أعمال إسرائيلي - إستوني تعمل على دفع الفلسطينيين للخروج من قطاع غزة إلى دول أخرى.
وحسب تحقيق للصحيفة فإن هذه الجمعية تعرض على الفلسطينيين دفع نحو 2,000 دولار مقابل ضمان مقعد لهم في رحلات طيران مستأجرة إلى وجهات مثل إندونيسيا، ماليزيا وجنوب أفريقيا.
وعلى موقعها يُذكر أن الجمعية تأسست في ألمانيا ولديها مكاتب في "القدس الشرقية"، لكن تحقيق صحيفة "هآرتس" وجد أن وراءها شركة استشارات مسجلة في إستونيا.
وأشارت "هآرتس" إلى أن مديرية الهجرة الطوعية في وزارة الجيش أحالت الجمعية إلى مكتب ما يسمى "منسق أعمال الحكومة في المناطق" لتنسيق خروج السكان.
وقالت الصحيفة: "في الأشهر الأخيرة، أقلعت من مطار رامون قرب إيلات عدة رحلات طيران مستأجرة تحمل مجموعات من عشرات الغزيين إلى وجهات مختلفة حول العالم".
وأكدت أن خروج هذه المجموعات من غزة تم تنظيمه بواسطة جمعية غامضة، يرد في موقعها أنها "منظمة إنسانية متخصصة في مساعدة وإنقاذ المجتمعات المسلمة من مناطق القتال".
ويُظهر تحقيق "هآرتس" أن وراء الجمعية، التي تُدعى المجد، يقف توما يانار ليند – وهو يحمل الجنسية الإسرائيلية والإستونية.
ولفت التحقيق إلى أن آخر مجموعة خرجت من غزة، وتضم 153 غزيًا، أقلعت إلى نيروبي بطائرة مستأجرة تابعة لشركة Fly Yo.
وأوضح أن المسافرين لم يعرفوا إلى أي دولة سيسافرون، ومن نيروبي، استقلوا طائرة مستأجرة لشركة الطيران الجنوب أفريقية Lift، ووصلوا صباح الخميس إلى جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا.
وأضافت الصحيفة أن سلطات البلاد في جنوب أفريقيا احتجزوا المسافرين داخل الطائرة لأكثر من 12 ساعة، بحجة أنهم وصلوا دون الوثائق المناسبة، ومن دون تذكرة عودة، ودون ختم خروج على جوازاتهم عند مغادرتهم "إسرائيل".
وبعد فحص مطوّل، وافقت السلطات على السماح للغزيين بدخول البلاد، بحسب الصحيفة.
ووفقاً للشهادات كان من بين المسافرين، عائلات وأطفال صغار، لم يحصلوا خلال فترة الانتظار على ماء أو طعام، وكانت ظروفهم داخل الطائرة صعبة للغاية.
وفي بيان أصدرته سفارة فلسطين في جنوب أفريقيا، زُعم أن "خروج المجموعة نُظّم من قبل منظمة غير مسجّلة ومضلِّلة استغلت الوضع الإنساني المأساوي في غزة، وخدعت العائلات، وأخذت منها أموالًا، ونقلتها بطريقة غير منظمة وغير مسؤولة، ثم تملّصت تماماً من المسؤولية عن التعقيدات التي نشأت لاحقاً".
كما حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية سكان غزة قائلة: "عدم الوقوع في فخاخ تُجّار الدم ووكلاء الترحيل".
وذكرت "هآرتس" أيضاً أن مديرية الهجرة الطوعية، التي أُنشئت في وزارة الجيش، هي التي أحالت الجمعية لتنسيق خروج الغزيين مع "منسق أعمال الحكومة في المناطق" (المسؤول عن الضفة وغزة).
وفي مارس من العام الماضي، قرر المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية إنشاء المديرية بهدف تخفيف المعايير الأمنية لخروج الغزيين من القطاع.
ومع ذلك، لا يُعرف سوى القليل جداً عن نشاط المديرية، التي يرأسها نائب وزير الجيش كوبي بليتشتاين، وفق هآرتس.
وأضافت الصحيفة أنه، وفقًا للمعلومات التي وصلت إليها فإن منظمات أخرى حاولت تنظيم عمليات إخلاء لغزيين من القطاع تمت إحالتها إلى "منسق أعمال الحكومة" عبر المديرية، لكن على حدّ المعرفة، لم تنجح جهودها.
وعلى موقع "جمعية المجد" يُذكر أنها تأسست عام 2010 في ألمانيا، وأن لديها مكاتب في حي الشيخ جراح بالقدس.
إلا أن تحقيق صحيفة "هآرتس" يُظهر أنه لا في ألمانيا ولا في القدس مسجَّلة جمعية بهذا الاسم، وأن موقعها الإلكتروني أُنشئ فقط في شهر فبراير من هذا العام.
كما أن الروابط المؤدية إلى صفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي لا تقود إلى أي صفحات حقيقية.
كذلك يتباهى الموقع بتقديم مساعدات لمتضرري الزلزال الكبير في تركيا عام 2023 وللاجئين من الحرب الأهلية في سوريا – لكن دون عرض أي أدلة على ذلك.
إلى جانب المعلومات عن نشاط الجمعية، يظهر في الموقع أيضاً تفاصيل عن اثنين من "مديري المشاريع" – عدنان من القدس، ومعياذ من غزة. وقد نشر معياذ في حسابه على إنستغرام صورة تظهره يصعد إلى طائرة رومانية غادرت في مايو إلى إندونيسيا.
وكتب في المنشور: "غادرت غزة، أرض الحرب والجوع، ولن أعود. طالما استمر القتل، تُغتال العقول ويُدفن الشرف… السلام على غزة من البعيد".
وأشارت "هآرتس" إلى أنها لم تتمكن من العثور على أي معلومات عبر الإنترنت عن عدنان.
كما لا يظهر في موقع الجمعية أي معلومات تعريفية عن إدارتها، ولكن في نسخة قديمة منه ظهر شعار شركة مسجَّلة في إستونيا تُدعى Talent Globus.
وتفصّل صفحة في الموقع "شروط الهجرة الطوعية من قطاع غزة"، وتذكر صراحة أن شركة Talent Globus هي التي تنظّم تلك المجموعات.
وبحسب الموقع، فإن الشركة تعمل ظاهرياً في مجال الاستشارات وتجنيد القوى العاملة، إلا أن الموقع يعرض صوراً عامة مأخوذة من الإنترنت، ورقم هاتف غير صحيح، وعناوين في إستونيا ولندن وقطر.
ويُظهر البحث في السجل التجاري الإستوني أن شركة Talent Globus أسسها قبل عام تومر يانار ليند.
وبحسب السجل التجاري في بريطانيا، فقد أسس ليند خلال العقد الماضي أربع شركات في البلاد؛ ثلاث منها لم تعد نشطة.
وتشير وثائق الشركات إلى أنه من مواليد 1989 ويحمل الجنسية الإسرائيلية والإستونية.
وفي صفحة لينكدإن الخاصة به ذكر ليند أنه يساعد الغزيين.
ومؤخراً أسس شركة استشارات جديدة، يفترض أنها في دبي، لكن رقم الهاتف الوارد على موقعها غير صحيح أيضاً – ويقود إلى شركة أخرى في دبي.
وأكدت صحيفة "هآرتس" أنها عند اتصالها برقم هاتفه في لندن، لم يُنكر ليند تورطه في تنظيم خروج الغزيين، لكنه رفض الكشف عن الجهة التي تقف وراء الجمعية.
وقال: "لست مهتماً بالتعليق في هذه المرحلة، ربما لاحقاً".
طريقة العمل
وحسب التحقيق انتشر عنوان موقع جمعية المجد خلال الأشهر الأخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي في غزة.
ويدعو الموقع الفلسطينيين الراغبين في مغادرة القطاع إلى تعبئة بياناتهم، وبالفعل قدّم كثيرون طلبات للمغادرة.
وتابعت "هآرتس" أنه بعد الحصول على الموافقة الأولية، يتلقى كل مرشّح للمغادرة تعليمات لتحويل المال إلى الجمعية – ما بين 1,500 و2,700 دولار.
وبعد ذلك يُضمّ المرشّح إلى مجموعة واتساب، حيث تُرسل التحديثات المتعلقة بموعد الخروج.
ويتم التواصل بين الجمعية والغزيين عبر رسائل واتساب فقط، من رقم هاتفي يبدو إسرائيلياً.
وأوضحت الصحيفة أن المجموعة الأولى، المكوّنة من 57 غزّيًا، غادرت القطاع في 27 مايو.
وأردفت أنه مساء اليوم الذي سبق المغادرة، تلقّى عشرات الفلسطينيين رسالة واتساب تحتوي على عنوان دقيق داخل القطاع، كان عليهم الوصول إليه، ومن هناك انطلقوا بالحافلات إلى معبر كرم أبو سالم.
وأضافت "بعد خضوعهم لفحص أمني إسرائيلي، توجّهت القافلة إلى مطار رامون، حيث صعد الغزيون إلى طائرة مستأجرة تابعة لشركة Fly Lili الرومانية".
وحلّقت الطائرة إلى بودابست، ومن هناك واصل المسافرون رحلتهم إلى إندونيسيا وماليزيا.
وأشارت إلى أن المجموعة الثانية، التي ضمّت 150 فلسطينيًا، خرجت في 27 أكتوبر.
وكانت العملية مشابهة – ثلاثة حافلات انطلقت من وسط القطاع عبر معبر كرم أبو سالم.
وفي صور من المعبر وصلت إلى "هآرتس"، ظهر عدد من الغزيين يرتدون قمصانًا وقبعات تحمل شعار المجد.
وهذه المرّة أقلعت المجموعة بطائرة مستأجرة تابعة لشركة FlyYo الرومانية إلى نيروبي، عاصمة كينيا، وفق التحقيق.
وأضافت أنه في نيروبي انتقلوا إلى طائرة مستأجرة تابعة لشركة Lift، والتي أقلّتهم إلى جوهانسبرغ.
وأكدت أنه بخلاف رحلة هذا الأسبوع، سُمح للغزيين آنذاك بدخول البلاد دون أي مشكلة، ونشر بعضهم لاحقاً منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تُظهر حياتهم الجديدة في جنوب أفريقيا.
وفي منشورين نُشر المسار الكامل لرحلتهم – من لحظة الوداع في غزة وحتى الهبوط في جنوب أفريقيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدأ منذ دخوله البيت الأبيض بالحديث عن "ترانسفير" لأهالي قطاع غزة وطرح فكرة نقل الفلسطينيين إلى مكان يمكنهم العيش فيه "من دون إزعاج" و"من دون عنف".
وبلغت هذه التصريحات ذروتها في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في فبراير الماضي، حين صرّح ترامب بأن الولايات المتحدة "ستتولّى السيطرة" على غزة وتحولها إلى "الريفيرا"، وأن الفلسطينيين سيُنقلون إلى "منطقة جميلة بعيدة قليلاً عن غزة”. و
ولفتت الصحيفة إلى أن المستوى السياسي الإسرائيلي قرر تبنّي ما سُمّي حينها "خطة ترامب" بحماسة.
وبحسب مصدر أمني تحدّث مع صحيفة "هآرتس" قبل عدة أشهر، فإنه منذ قرار الكابينت في مارس، لم تُرفض سوى نسب ضئيلة من طلبات الغزيين الراغبين في مغادرة القطاع من قبل جهاز الشاباك، بينما كانت الرفضات شائعة أكثر بكثير في السابق.
وجاء في رد من مكتب ما يسمى "منسّق أعمال الحكومة في المناطق" لصحيفة "هآرتس" أن تنسيق خروج الغزيين يتم عموماً بين السلطات الإسرائيلية وبين الدول المستقبلة للاجئين (غالباً من حاملي الجنسية المزدوجة أو الطلاب الحاصلين على تأشيرات دراسة)، أو بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية المسؤولة عن إجلاء الجرحى والمرضى وتوزيعهم بين الدول المستقبلة.
وفي حالات نادرة، أضاف المكتب، يتم التنسيق عبر منظمات طرف ثالث، لكن حتى في هذه الحالات تتأكد "إسرائيل" من وجود دولة مستعدة لاستقبال كل فرد من الغزيين.
وبخصوص حادثة يوم الخميس، جاء في رد "مكتب المنسّق" أن جمعية المجد نقلت إليه مسبقاً أسماء الفلسطينيين الذين غادروا إلى جنوب أفريقيا، إضافة إلى التأشيرات والوثائق المطلوبة.
أما شركة Fly Yo الرومانية التي أقلّت الغزيين من مطار رامون إلى كينيا، فهي تُشغّل رحلات طيران مستأجرة يومية من "مطار بن غوريون" إلى وجهات في أوروبا.
وفي حديث مع “هآرتس”، أكد زيف مييبيرغ، مالك شركة الطيران، التفاصيل – لكنه ادعى أن Fly Yo لم تتعامل مع أي جمعية.
وقال إن وكيل سفر إسرائيلياً تتعامل معه الشركة بانتظام هو من حجز الرحلتين.
ورفض مييبيرغ الكشف عن هوية الوكيل، لكنه أضاف أنه حصل من السلطات الكينية على كل الموافقات المطلوبة لنقل الغزيين إليها.
ومن شركة Global Airways، الشركة الأم لشركة Lift التي أقلت الغزيين من كينيا إلى جنوب أفريقيا، ورد في بيان أن "وكيل سفر خارجي" حجز الرحلتين من نيروبي إلى جوهانسبرغ.
وادّعى الوكيل أن المسافرين ينوون زيارة جنوب أفريقيا لمدة تصل إلى 90 يوماً، وبالتالي لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول.
وتم إرسال قائمة المسافرين إلى السلطات قبل 24 ساعة، ولم تثر السلطات أي إشارات حمراء.
وأضافت الشركة أنها لم تعمل قط مع جمعية المجد، أما وزارة الجيش الإسرائيلية فرفضت التعليق.
ترجمة: مصطفى إبراهيم
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: الهجرة غزة سفر فی جنوب أفریقیا أعمال الحکومة جمعیة المجد الغزیین من ت الغزیین إلى أن
إقرأ أيضاً:
عُمان تمثل الشرق الأوسط في "تنفيذية الجمعية الدولية لمشرفي التأمين"
مسقط- الرؤية
في خطوة تُعزِّز مكانة سلطنة عُمان، ممثلة في هيئة الخدمات المالية، دوليًا وإقليميًا، استطاعت الهيئة أن تكسب ثقة الهيئات الرقابية على أسواق التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال ترشيح نائب الرئيس التنفيذي للهيئة أحمد بن علي المعمري، عضوًا مُمثِّلًا لمنطقة الشرق الأوسط في اللجنة التنفيذية التابعة للجمعية الدولية لمشرفي التأمين (IAIS)، وذلك على هامش المشاركة في الاجتماع السنوي للجمعية المنعقد في مدينة تيرانا الألبانية.
وجاء اختيار هيئة الخدمات المالية لتمثيل منطقة الشرق الأوسط في اللجنة التنفيذية بناءً على ترشيح من الدول الأعضاء، وهو ما يعكس الثقة العالية والمكانة المرموقة التي تحظى بها الهيئة على المستويين الإقليمي والدولي. ويؤكد هذا الاختيار الدور الفاعل الذي تضطلع به الهيئة في تطوير المنظومة الرقابية والتشريعية لقطاع التأمين، وسعيها المستمر إلى تعزيز التكامل بين الأسواق العربية ونقل التجارب الرائدة في الإشراف والتنظيم إلى الساحة الدولية. كما تجسّد هذه العضوية حضور الهيئة المؤثر في صياغة السياسات والمعايير العالمية المرتبطة بالإشراف على أعمال التأمين، بما ينسجم مع أهدافها في رفع كفاءة القطاع المالي وتعزيز الاستقرار والنمو المستدام.
وتُعد اللجنة التنفيذية الجهة القيادية المسؤولة عن شؤون الجمعية الدولية لمشرفي التأمين، من خلال وضع التوجه الاستراتيجي العام؛ حيث تُشرف على تطوير السياسات والمعايير الدولية لقطاع التأمين وتعزيز التعاون بين الجهات الرقابية والإشرافية حول العالم وتضم اللجنة نخبة من القادة وصنّاع القرار في الهيئات المنظمة لقطاع التأمين من مختلف دول العالم. ويشارك أعضاء اللجنة في صياغة السياسات والمعايير العالمية المرتبطة بالإشراف على أعمال التأمين. وتسهم هيئة الخدمات المالية من خلال هذا الدور في دعم مبادرات الجمعية لتطوير قدرات المشرفين، وتعزيز تكامل الأسواق الناشئة، والمشاركة في تنفيذ الخطة الاستراتيجية للجمعية التي تركز على الشمول والاستدامة في الإشراف التأميني.
وتشارك هيئة الخدمات المالية في أعمال الاجتماع السنوي للجمعية الدولية لمراقبي التأمين بوفد رسمي يترأسه نائب الرئيس التنفيذي للهيئة، ويعقد على هامش الأعمال، مؤتمر مصاحب تحت شعار "تعزيز قدرة المجتمعات على التعامل مع التحديات غير المسبوقة"، لمناقشة المخاطر المناخية، والابتكار الرقمي، والحوكمة، وتطور الممارسات الإشرافية، إلى جانب دور قطاع التأمين في دعم استدامة الاقتصادات وتعزيز قدرة المجتمعات.