عودة النووي في أوروبا: تشيكيا تستثمر مليارات في مفاعلات لإنهاء الاعتماد على الفحم
تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT
تأمل البلاد أن تولد الطاقة النووية حتى 60 في المئة من كهربائها بحلول عام 2050.
تُشرف ثمانية أبراج تبريد عملاقة في محطة دوكوفاني على ورشة بناء لإضافة مفاعلين آخرين، فيما تمضي تشيكيا قدما في خططها لتوسيع الاعتماد على الطاقة النووية. وتقوم منصات حفر متنقلة باستخراج عينات من عمق 140 مترًا ضمن مسح جيولوجي للتأكد من ملاءمة الموقع لمشروع بقيمة 19 مليار دولار (16.
يأتي توسع تشيكيا في وقت يسهم فيه ارتفاع الطلب على الطاقة واقتراب المهل النهائية التي حددتها الدول والشركات لـخفض التلوث الكربوني بشكل حاد في إحياء الاهتمام بالتكنولوجيا النووية. ورغم أن الطاقة النووية تُنتج نفايات، فإنها لا تُطلق غازات دفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون، وهو المحرك الرئيس لتغير المناخ. وقد قبل الاتحاد الأوروبي الطاقة النووية بإدراجها ضمن تصنيفه للأنشطة الاقتصادية المستدامة بيئيا، ما فتح الباب أمام التمويل، وشكل دفعة لتشيكيا وسلوفاكيا والمجر وفرنسا، الرائدة نوويا في القارة، التي تعتمد عليها بقوة. كما ألغت بلجيكا والسويد مؤخرا خطط التخلص التدريجي من الطاقة النووية، وتعيد الدنمارك وإيطاليا النظر في استخدامها، فيما تُوشك بولندا على الانضمام إلى نادٍ يضم 12 دولة مؤيدة للطاقة النووية في الاتحاد الأوروبي بعد توقيعها اتفاقا مع شركة "وستنغهاوس" الأمريكية لبناء ثلاث وحدات نووية. وولد الاتحاد الأوروبي 24 في المئة من كهربائه من الطاقة النووية في 2024. ووقعت بريطانيا في سبتمبر اتفاق تعاون مع الولايات المتحدة قال عنه وزير الطاقة إد ميليباند إنه سيقود إلى "عصر ذهبي للطاقة النووية في هذا البلد". وستستثمر 14.2 مليار جنيه إسترليني (16.1 مليار يورو) لبناء محطة "Sizewell C" النووية، الأولى في المملكة المتحدة منذ 1995، فيما اتفقت "CEZ"، شركة الكهرباء التشيكية المهيمنة وتمتلك الحكومة 70 في المئة من حصتها، مع "Rolls-Royce SMR" على شراكة استراتيجية لتطوير ونشر مفاعلات نووية معيارية صغيرة.
المال والتمويلتُقدَّر تكلفة مشروع دوكوفاني بأكثر من 16 مليار يورو، وقد وافقت الحكومة على الاستحواذ على 80 في المئة كأغلبية في المحطة الجديدة. وستؤمّن الحكومة قرضا للوحدات الجديدة تسددّه "CEZ" على مدى 30 عاما، كما ستضمن للدولة دخلا مستقرا من إنتاج الكهرباء لـ"CEZ" لمدة 40 عاما، مع توقع الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى أن يصبح "محايدًا مناخيًا" بحلول 2050. وقال زافودسكي: "نحن في موقع جيد لنجادل بأننا لن نستطيع الاستغناء عن وحدات نووية جديدة. اليوم نحصل على نحو 40 في المئة من الكهرباء من النووي، ونحصل كذلك على 40 في المئة من الفحم، ومن الواضح أننا علينا استبدال الفحم"، فيما تتطلع تشيكيا إلى التخلص التدريجي من الفحم بحلول 2033. وقد تسبب عدم اليقين بشأن التمويل في تأخير كبير للتوسع النووي؛ ففي 2014 ألغت "CEZ" مناقصة لبناء مفاعلين في محطة تيميلين القائمة بعدما رفضت الحكومة تقديم ضمانات مالية. واستُبعدت "روساتوم" الروسية و"CNG" الصينية من مناقصة دوكوفاني لأسباب أمنية عقب غزو الكرملين لأوكرانيا. كما وقعت "CEZ" اتفاقا مع "Westinghouse" و"Framatome" لتوريد الوقود النووي لمحطتيها، منهيةً اعتماد البلاد على روسيا، فيما يؤمّن عقد "KHNP" إمدادات الوقود لعشرة أعوام.
Related هل بلغت انبعاثات الصين من الكربون ذروتها؟ تحليل جديد يظهر عدم ارتفاعها منذ 18 شهرا معارضة الطاقة النوويةورغم تمتع الطاقة الذرية بدعم شعبي، تُسمَع أصوات متشككة في الداخل والخارج. وتقول جمعية "أصدقاء الأرض" إن التكلفة باهظة، وإن المال يمكن أن يُستثمر على نحو أفضل في تحسين الصناعة، كما أن البلاد لا تملك حتى الآن مرفقا دائما لتخزين الوقود المستهلك. وتقع محطتا دوكوفاني وتيميلين قرب حدود النمسا، التي تخلت عن الطاقة النووية بعد كارثة تشيرنوبيل النووية عام 1986؛ وفي 2000 تسبب خلاف حول محطة تيميلين في أزمة سياسية وعطّل المعابر الحدودية لأسابيع. وتبقى النمسا أكثر دول الاتحاد الأوروبي تشكيكا في النووي، وقد رفض مجلس النواب لديها بالفعل خطة المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة في تشيكيا.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: حروب بحث علمي دونالد ترامب إسرائيل فولوديمير زيلينسكي البيئة حروب بحث علمي دونالد ترامب إسرائيل فولوديمير زيلينسكي البيئة السويد المملكة المتحدة مصادر الطاقة الأحفورية حروب بحث علمي دونالد ترامب إسرائيل فولوديمير زيلينسكي البيئة إيران اليابان فرنسا الصين غزة البرنامج الايراني النووي الاتحاد الأوروبی الطاقة النوویة فی المئة من
إقرأ أيضاً:
من بكين إلى موسكو.. الشرق يعيد ترتيب العالم
شهد العقد الأخير تسارعًا ملحوظًا في التحولات البنيوية التي تطال النظام الدولي، حيث بات المشهد العالمي يتحرك نحو تعددية فعلية في مراكز القوة بعد عقود من التفوق الأمريكي، وفي قلب هذه التحولات، يبرز الفضاء الأوراسي باعتباره أحد أهم المحاور التي تُعاد من خلالها صياغة العلاقات الدولية.
ومع اتساع الشراكة بين الصين وروسيا وتزايد انخراط قوى إقليمية أخرى في ترتيبات اقتصادية واستراتيجية جديدة، تُطرح تساؤلات حول طبيعة الدور الذي ستلعبه أوراسيا في المدى الطويل وكيف سيساهم هذا الدور في إعادة توزيع القوة عالميًا.
المقالة تسعى إلى تقديم قراءة معمقة لمسار الأوراسية الحديثة، من حيث خلفياتها التاريخية، وديناميكيات التعاون بين القوى الفاعلة فيها، وتأثيراتها على الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط. ويستند التحليل إلى رؤية تتعامل مع أوراسيا بوصفها مشروعًا قيد التشكل كتكتل ثابت يتفاعل مع بيئة دولية تتغير باستمرار.
أوراسيا كفكرة ومجال جيوسياسي التطور من الوصف إلى الفعل الخلفية التاريخية لمفهوم أوراسياظهر مفهوم أوراسيا تاريخيًا في إطار الدراسات الجغرافية التي تناولت الترابط بين أوروبا وآسيا. لكن مع نهاية الحرب الباردة، تحوّل إلى إطار نظري يستخدم لتفسير تحولات القوة في قلب القارة الآسيوية وقد ساعدت ثلاثة عوامل على انتقال المفهوم من «جغرافيا» إلى «مشروع سياسي:
1- صعود الصين الاقتصادي الهائل منذ مطلع الألفية
2 - عودة روسيا تدريجيًا إلى الساحة الدولية بعد 2008.
3 - تراجع قدرة الغرب على ضبط التفاعلات العالمية كما في العقود السابقة.
هذا التفاعل بين القوى المختلفة خلق فراغًا نسبيًا في مركز القارة، سمح بظهور تكتلات جديدة متداخلة مثل منظمة شنغهاي للتعاون، وتحالفات الطاقة العابرة للحدود، وشبكات الحزام والطريق.
الحزام والطريق كعصب اقتصادي للأوراسية الحديثةأصبحت مبادرة «الحزام والطريق» واحدة من أكثر المشاريع تأثيرًا في العالم، نظرًا لحجم الدول المشاركة فيها وانتشارها عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وتعمل المبادرة على:
- إنشاء ممرات تجارية وبحرية وبرية تربط الشرق بالغرب.
- تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية.
- تطوير شبكات لوجستية جديدة تقلل من مركزية الممرات البحرية التقليدية.
وعلى الرغم من النقاشات المرتبطة بديون بعض الدول المشاركة، فإن المبادرة خلقت واقعًا جديدًا يربط قارة ضخمة بشبكات اقتصادية تختلف عن الأنماط الغربية المعتمدة على المؤسسات المالية الدولية.
توازنات القوة بين الصين وروسيا.. شراكة محسوبة بدقةماهي دوافع التعاون بين الطرفين؟
يتأسس التعاون بين الصين وروسيا على مجموعة من المصالح المتقاطعة، أهمها:
- رغبة البلدين في تقليل الاعتماد على الغرب.
- سعيهما إلى تطوير مسارات تجارة وطاقة مستقلة.
- مواجهة التحديات الأمنية المرتبطة بحلف الناتو في أوروبا والوجود الأمريكي في آسيا.
ومع ذلك، فإن الشراكة بينهما ليست تحالفًا كاملاً وإنما تعاون متعدد المستويات يُدار وفق حسابات دقيقة.
الموازنة بين التنافس والتكاملعلى الرغم من التقارب، توجد مساحات محتملة للتنافس، خاصة في آسيا الوسطى، ومع ذلك، استطاعت الدولتان تفادي الصدام عبر الآتي:
- تقسيم غير معلن للأدوار في مجالات النفوذ.
- التركيز على التعاون في ملفات الطاقة والتكنولوجيا والاتصالات.
- تطوير آليات ثنائية لمعالجة الملفات الحساسة.
هذا «التوازن الحذر» هو ما يجعل الشراكة قوية دون أن تتحول إلى تحالف سياسي أو عسكري شامل.
توسع التجارة والارتباطات البنيويةتجاوزت التجارة بين البلدين 240 مليار دولار سنة 2024، مدفوعة بتغيرات في السوق العالمية للطاقة وبتوجه روسيا لتعزيز صادراتها شرقًا.
وهذا النمو يعكس:
- تعزيز الاعتماد المتبادل في الطاقة.
- تطوير خطوط النقل الجديدة مثل «قوة سيبيريا».
-ارتفاع مستوى الثقة الاقتصادية بين الطرفين.
- موقع الولايات المتحدة في مواجهة التحولات الأوراسية.
- تراجع القدرة على إدارة النظام الدولي منفردة.
ولا تزال الولايات المتحدة قوة عالمية مركزية، لكنها لم تعد اللاعب الوحيد قادرًا على فرض أولويات عالمية جامعة.
ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها يكمن في صعود الصين اقتصاديًا، وتوسع شبكة التحالفات الجديدة، وظهور دول متوسطة القوة تسعى إلى تنويع خياراتها.
وهذا لا يعني «نهاية النفوذ الأمريكي»، لكنه يشير إلى تراجع قدرة واشنطن على توجيه النظام الدولي كما فعلت في التسعينيات والعقد الأول من الألفية.
واشنطن بين الاحتواء والمشاركةومن جانبها تحاول الولايات المتحدة التعامل مع الصين عبر استراتيجية احتواء ناعم، تجمع بين الآتي:
- تقوية تحالفاتها في المحيطين الهندي والهادئ.
- تطوير صناعات التكنولوجيا المتقدمة.
- مراقبة شبكات الطاقة والاتصالات المرتبطة بأوراسيا.
ولكن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات نتيجة توسع شراكة الصين مع دول الجنوب العالمي، وتنامي استقلالية عدد من الحلفاء التقليديين.
أوروبا في موقع المراقب المتأثر بالتحولاتتعتمد الآن أوروبا بشكل كبير على طرق التجارة والطاقة التي تمر عبر أوراسيا، مما يجعلها من أكثر الأطراف تأثرًا بهذه الترتيبات.
وتتعامل الدول الأوروبية مع التحولات الأوراسية عبر مسارين:
1- تقليص الاعتماد على الطاقة الروسية بعد حرب أوكرانيا.
2- التعامل بحذر مع توسع الصين في أوروبا الشرقية والبلقان.
ورغم هذا الحذر، تجد أوروبا نفسها مضطرة إلى:
- على قنوات اتصال قوية مع الصين.
- مراقبة التفاهمات الروسية- الآسيوية.
- إعادة تقييم استراتيجياتها الصناعية والتكنولوجية.
الشرق الأوسط.. قراءة في موقع مصر داخل المعادلة الجديدة سياسة التوازن متعدد المساراتتتبنى مصر الآن بقيادة سياسية واعية وبحنكة بالغة سياسة خارجية تقوم على بناء شراكات متنوعة دون الانحياز الكامل لأي محور، فتقوم مصربتطوير التعاون مع الصين في البنية التحتية والطاقة المتجددة، وتعزيز الروابط مع روسيا في مجالات الصناعة والطاقة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على علاقات استراتيجية راسخة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
موقع مصر في المبادرات العابرة للقاراتوفي ذات السياق ترتبط القاهرة بعدد من المشروعات الكبرى ضمن الحزام والطريق، بما يشمل:
- موانئ.
- مناطق لوجستية.
- شراكات في الطاقة الخضراء.
ويمنحها هذا التفاعل موقعًا يسمح لها بالاستفادة من التحولات العالمية مع الحفاظ على استقلال قرارها السياسي.
تُظهر المعطيات الحالية أن( أوراسيا) ليست كتلة سياسية مكتملة، بل إطار متطور يجمع قوى تبحث عن ترتيبات أكثر توازنًا داخل النظام الدولي.
ومع توسع المبادرات الاقتصادية وتزايد الشراكات الاستراتيجية، يساهم الفضاء الأوراسي في إعادة تعريف معادلات (القوة العالمية)، دون أن يلغي دور الولايات المتحدة أو أوروبا، بل يعيد توزيع المساحة بينها وبين القوى الصاعدة.
إن العالم يتحرك اليوم نحو شبكة (متعددة الأقطاب)، تتشارك فيها دول كبرى ومتوسطة في صياغة قواعد التعامل العالمي. ومع استمرار التفاعلات بين بكين وموسكو وواشنطن وأوروبا والشرق الأوسط، سيبقى الفضاء الأوراسي أحد أهم المحركات الأساسية لصياغة القرن الحادي والعشرين.
اقرأ أيضاًلافروف: موسكو تأمل أن تمتنع واشنطن عن خطوات قد تصعّد الصراع الأوكراني
الخارجية الروسية: موسكو لن تنجر وراء استفزازات بروكسل في أزمة التأشيرات
موسكو: تصريحات ترامب حول تجارب الأسلحة النووية «خطيرة للغاية»