عربي21:
2025-11-17@16:09:37 GMT

وفي مصر يبقى الوضع على ما هو عليه

تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT

من يتابع الفضائيات المعارضة من خارج مصر، يعتقد أن البلاد على صفيح ساخن، من يتابع اللجان الإلكترونية للمعارضة، يُخيّل إليه أن الثورة الشعبية على بعد ساعات، أو حتى أيام قليلة.. من يتحدث مع المصريين المعارضين في الخارج، يكتشف أنهم يستقون معلوماتهم من مصادر تتمنى، وليست مصادر تنقل نبض الشارع؛ من يقرأ أرقام الديون، ونسب التضخم والبطالة، قد يصاب بالهلع، من يتابع الجريمة وعنف الشوارع، قد يوقن أن الدولة على شفا الانهيار، من يطلع على ارتفاع الأسعار وصعوبة الحياة اليومية، قد يرى استحالة استمرار الأوضاع على هذا النحو.



الحقيقة المؤكدة، هي أن مصر محكومة بالحديد والنار، لا جدال في ذلك، عشرات الآلاف في السجون، بل إن الدولة أنشأت المزيد من السجون، في رؤية واضحة للمستقبل، لذا ترفع الحكومة الدعم عن الوقود والسلع الأساسية في عز الظهر، دون حساب للفقراء أو للشارع بشكل عام، تقر قانون الإيجارات الجديد، دون اعتبار للمستأجرين أو للعواقب، تطرد الملاك من منازلهم بالوراق في قلب القاهرة، ومن ممتلكاتهم في الساحل الشمالي، بهدف البيع لمستثمرين أجانب، دون أدنى اهتمام بردود أفعالهم.

التغيير أو الثورة المزعومة في مصر مجرد أمنيات، لا تستند إلى استطلاع رأي الشارع، الذي ما زال يسيطر عليه الخوف، وهو يرى أن البديل ربما يكون أسوأ وأضل سبيلا، خصوصا أنه البديل العسكري في كل الأحوال، ذلك أن المدنيين في مصر لم يقدموا البديل أبدا
الجديد هو أن البنك الدولي يتحدث عن ضرورة سداد نحو 50 مليار دولار من الودائع والديون وفوائدها العام المقبل (2026)، بخلاف الديون الداخلية، هذا معناه مزيد من بيع الأصول، مزيد من الضغط على المواطن، وربما مزيد من الاقتراض والاستدانة، لسداد الديون!! وهو ما يجعل المراقبين يوقنون أن الانفجار بات وشيكا، وأن الثورة قادمة لا محالة، في الوقت الذي يتحدث فيه النظام الرسمي عن إنجازات، ويتشدق الإعلام الرسمي بالتقدم نحو الأفضل، دون مؤشرات، حتى بلغ الأمر وعودا بحياة أفضل بعد 30 عاما، وأحيانا 50 عاما!!

على مستوى الحياة السياسية، لا يوجد أي أفق في مصر للتقدم في هذا المجال، لا فيما يتعلق بحرية الإعلام، ولا حياة حزبية حقيقية، ولا عمالية أو طلابية أو نقابية، كما كانت عليه الأوضاع خلال العقود القليلة السابقة على أقل تقدير، بدليل ما يجري الآن على صعيد الانتخابات البرلمانية، التي شهدت مشاركة جماهيرية في بعض الدوائر تتراوح بين 3 و5 في المئة؛ في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ مصر، وفي دلالة واضحة على أن المواطن لم يعد يثق في مثل تلك المسرحيات الهزلية، ولم يعد يرجو منها خيرا، على الرغم من الإنفاق الباهظ على إجراء مثل تلك الانتخابات، من الدولة والمرشحين على السواء.

على الرغم من كل ذلك، فإن التغيير أو الثورة المزعومة في مصر مجرد أمنيات، لا تستند إلى استطلاع رأي الشارع، الذي ما زال يسيطر عليه الخوف، وهو يرى أن البديل ربما يكون أسوأ وأضل سبيلا، خصوصا أنه البديل العسكري في كل الأحوال، ذلك أن المدنيين في مصر لم يقدموا البديل أبدا، فكل الأسماء المطروحة على الساحة لا ترقى إلى تطلعات المواطن، ولا انتماءاته، خصوصا عندما يتعلق الأمر بعلاقات مشبوهة للبعض مع الخارج الأمريكي وربما الإسرائيلي، أو بتمويل أجنبي، أو عندما يتعلق بيسار أو شيوعيين يكرهون مجرد الانتماء للإسلام، أو مدجنين استخدمتهم الأنظمة المتعاقبة، في الماضي والحاضر، مقابل مكاسب شخصية على حساب مصلحة الشعب أو الوطن.

من هنا، كان حرص النظام، بل وإصراره، على استمرار قيادات وكوادر الإخوان المسلمين، ما بين السجون واللجوء في الخارج، على اعتبار أن هذا الفصيل هو فقط من يستطيع تحريك الشارع، أو توجيه مسار هذه الانتخابات أو تلك، بما يشير إلى أن أي حديث عن المصالحة الوطنية، أو التراجع بعض الشيء عن هذه الحالة من العسكرة، والحياة البوليسية، هو ضرب من التفاؤل، لا يستند إلى أي واقع، مع الوضع في الاعتبار أنه لم تعد توجد أي ضغوط من أي نوع، داخلية أو خارجية، تجبر القيادة السياسية على تغيير تلك السياسات.

الإصرار على إبقاء الوضع على ما هو عليه يطرح العديد من علامات الاستفهام، إلا أن استمرار هذا الوضع بهذه الوتيرة لا يمثل تهديدا للنظام على المدى القريب، وهو ما يعيه النظام جيدا، ما يفسر حالة الأريحية التي تتعامل بها القيادة السياسية مع الوضع الراهن، بمزيد من الاستدانة، ومزيد من البيع، ومزيد من الكبت
على الصعيد الداخلي، لا تهتم الأحزاب السياسية من قريب أو بعيد، بمثل تلك المصالحة، ما دام الطرف الآخر هو الإخوان، المنافس الرئيس على الساحة السياسية، بل ربما الأغلبية تقاوم مثل تلك المصالحة، حتى لو أدت إلى الانفتاح على الحريات بعض الشيء، في الوقت الذي اكتفى فيه الشارع بالبحث عن لقمة العيش الصعبة، ولتذهب الحريات إلى الجحيم.

كما أن الصعيد الخارجي هو الآخر قد شهد الكثير من المتغيرات، مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم، بقناعاته العنصرية، التي وجه بها رسميا وزير خارجيته، ممثلة في عدم التدخل في مثل هذه القضايا، اعتقادا منه شخصيا بأن دول العالم الثالث لا تستحق حرية أو ديمقراطية أو ما شابه ذلك، وهو ما جعل الكونجرس يحجم هو الآخر، إلى حد كبير، عن مثل تلك التدخلات.

العديد من التحديات الخارجية تعيشها مصر في هذه المرحلة، بدءا من أزمة مياه النيل وسد النهضة مع إثيوبيا، وأزمة التوتر على الحدود الجنوبية مع السودان، جراء ممارسات قوات الدعم السريع التي تهدد استقرار المنطقة بمساندة إماراتية، وأيضا الأزمة الليبية التي يمكن أن تنفجر معها الأوضاع بين لحظة وأخرى، نتيجة تدخل قوى خارجية عديدة، ناهيك عن الأزمة في قطاع غزة، والعربدة الإسرائيلية في المنطقة، وما يمثله ذلك من خطر على مصر وتهديد لأمنها القومي، تجهر به قيادات الكيان طوال الوقت، ناهيك عن المخاطر المحيطة بالبحرين الأحمر والمتوسط في آن واحد.

كل هذه التحديات كانت تستوجب توجيه البوصلة الرسمية في مصر نحو المصالحة، وفتح صفحة جديدة تهدف إلى اصطفاف الشعب في مواجهة الأنواء القادمة من هنا أو هناك، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالتهديد القادم من العدو التاريخي الصهيوني، غير أن الإصرار على إبقاء الوضع على ما هو عليه يطرح العديد من علامات الاستفهام، إلا أن استمرار هذا الوضع بهذه الوتيرة لا يمثل تهديدا للنظام على المدى القريب، وهو ما يعيه النظام جيدا، ما يفسر حالة الأريحية التي تتعامل بها القيادة السياسية مع الوضع الراهن، بمزيد من الاستدانة، ومزيد من البيع، ومزيد من الكبت، ومزيد من القهر، دون أدنى اعتبار لأية ردود أفعال.. وإلى أن يغيروا ما بأنفسهم، يبقى الوضع على ما هو عليه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه مصر الانتخابات التغيير أزمة مصر أزمة انتخابات اخوان تغيير مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الوضع على ما هو علیه ومزید من مثل تلک فی مصر وهو ما

إقرأ أيضاً:

تفشّي الدفتيريا في شبوة.. خطر يتسع واستجابة صحية غائبة

في قرى شبوة الريفية، لا يزال القلق يتصاعد مع كل يوم جديد حيث يواجه الأهالي موجة من الخوف على أطفالهم بعد تفشّي مرض الدفتيريا (الخُنّاق)، في ظل بنية صحية ضعيفة وافتقار شديد للقاحات. وتزيد معاناة السكان مع كل حالة ظهور جديدة، ومع كل نداء استغاثة لا يجد استجابة عاجلة من السلطات الصحية.

ففي مناطق مثل الصعيد ومقبلة والقرى المحيطة، بدأت أعراض المرض تظهر على عدد من الأطفال، بعضهم يكافح بصعوبة لالتقاط أنفاسه، فيما يترقّب الأهالي وصول الفرق الطبية على أمل أن تنقذ ما يمكن إنقاذه. وقد سجّلت المنطقة حالتي وفاة على الأقل خلال الأيام الماضية، ما ضاعف من مشاعر الهلع بين الأسر.

وأعلنت السلطات المحلية في مديرية الصعيد عن إغلاق عدد من المدارس كإجراء احترازي يهدف إلى وقف انتشار العدوى بين الطلاب، خصوصًا بعد تفشي المرض في منطقة مقبلة.

وأوضح مدير مكتب التربية في المديرية، عبدالله عبدربه أحمد، أن القرار جاء بعد رصد إصابات مؤكدة، مشيرًا إلى أن فرقًا طبية بدأت بالفعل زيارات ميدانية لتقييم الوضع، رغم محدودية الإمكانات ونقص اللقاحات الوقائية.

وبالتزامن مع هذه التطورات، أفادت مصادر صحية بوفاة طفل في منطقة يشبم الشعبة جراء إصابته بالدفتيريا، وهو مرض بكتيري معدٍ وخطير يستهدف الجهاز التنفسي، ويُعدّ الأطفال غير المُطعّمين أكثر الفئات عرضة للإصابة به ومضاعفاته القاتلة.

وتتصاعد الأصوات المطالِبة بتدخل فوري من وزارة الصحة والمنظمات الدولية، لتوفير اللقاحات والعلاجات الضرورية، إلى جانب دعم المستشفيات والمراكز الصحية التي تعمل بقدرات محدودة ولا تمتلك الأدوات اللازمة لاحتواء انتشار المرض.

ويرى مواطنون في شبوة أن الوضع قد ينفلت إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة، خصوصًا مع اتساع رقعة الإصابات إلى مناطق نائية تُعدّ الأكثر هشاشة صحيًا. ويخشى الأهالي من أن تتحول الدفتيريا إلى وباء واسع النطاق، في ظل تأخر الاستجابة وغياب حملات التوعية والتطعيم.

مقالات مشابهة

  • قاسم: محاور مشروع القرار الأمريكي لا تخدم استقرار الوضع في غزة
  • تعلن محكمة سنحان ان على المدعي عليه على الحيمي بالحضور للمحكمه
  • تفشّي الدفتيريا في شبوة.. خطر يتسع واستجابة صحية غائبة
  • محمد عبد العزيز: الإبهار أمر مؤقت وما يبقى هو القيمة والدليل حنين الناس للماضي
  • بوتين ونتنياهو يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  • شاهد بالفيديو.. الفنان المصري سعد الصغير يثير غضب السودانيين أثناء ترحيبه بالفنانة “مونيكا”: (أنا أعرف أن السوداني لازم يبقى أسود أو أسمر لكن من السودان وبيضاء أزاي مش عارف!!)
  • المستشار الألماني: لا قواسم مشتركة مع حزب البديل ويفصلنا جدار عازل
  • السودان.. تعرّف على الانتهاكات التي ارتُكبت في مدينة الفاشر
  • لازم يبقى كبير وغني.. أبلة فاهيتا تكشف عن مواصفات الرجل المثالي