أشرق أزهى عصور التاريخ العماني عبر سفر ممتد للدولة البوسعيدية منذ تولي الإمام أحمد بن سعيد مقاليد الأمور على هذه الأرض المباركة في 1744 م حتى اليوم يأخذنا مسار التاريخ لعهد السلطان هيثم بن طارق آل سعيد الذي يكمل عصر التحول الكبير الذي بدأه السلطان الراحل المغفور له قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-.
بين فترة التأسيس وهذا اليوم مرت البلاد فيها عبر كل هذه العقود من السنوات بتحديات عظام، وعمل شاق ومضنٍ تكلل بتحقيق إنجازات أعظم بقيت خالدة إلى اليوم نرتكز عليها لمواجهة المستقبل محتفين بجهد الأئمة والسلاطين الذين قادوا هذه البلاد عبر استحضارهم في مناسبة 20 نوفمبر من كل عام تقديرا لدورهم البنّاء الذي حافظ على عُمان.
فقد جاءت هذه المرحلة من حكم سلطنة عمان في وقت ينفتح فيه الغرب على الشرق وتعاظم المخاطر التي كانت تحملها؛ حيث توجه الأنظار الاستعمارية لدول وكيانات الشرق الذي بات خطرا جسيما، لكن هذه الدولة التي ورثت هذا المجد عن دولة قبلها استطاعت أن تدحض خطر الفرس عن عمان بعد أن بايع أهل عمان هذا الإمام المقدام وصاحب الحكمة الذي وحّدها تحت رايته.
وعلت مع هذا التفوق رايات عمان في أعالي البحار، وامتدت خلال عهده وما يليه من أئمة وسلاطين كبار إلى الشمال والغرب والجنوب من الإقليم، وذلك بالإقدام عبر أسطول عمان البحري الذي صارع الأهوال والمعتدين من بعض القوى الأوروبية، وصدهم عن تحقيق أطماعهم .
شكّلت الدولة البوسعيدية التي تمتد إلى 281 عاما حتى هذا العام مرحلة من مراحل التوسع والحفاظ على المكتسبات، وصيانة هذا الركن من الأرض في الجنوب الشرقي من الجزيرة العربية، وأقامت سلطنة أخرى في شرق إفريقيا عام 1856 امتدت لأكثر من مائة سنة، ومثلت أحد جوانب النهضة الحديثة في تلك البقعة، وإن كانت قد تلاشت بعد 108 سنوات في 1964م لتبقى آثارها الممتدة. وبهمم قادة البلاد استمرت عمان في دورها الريادي، وبقيت رغم التحديات والظروف وطنا موحدا رغم ما حدث في القرن العشرين من بعض التضاد بين أبناء الوطن الذين وُحّدوا بعدها تحت راية واحدة في 1970 م.
ولعل حكم السلطان سعيد بن سلطان بين 1806 إلى 1856 يعد من الفترات الطويلة امتدت لـ50 عاما؛ حيث توسعت وازدهرت عمان في عصره، وبلغت قدرتها بأن تصبح إمبراطورية بحرية ذات نفوذ فاعل في الإقليم والعالم.
وقد تركت الدولة البوسعيدية على مدى مئات السنين بصمة تاريخية واضحة؛ فقد تواصلت مع العالم من خلال سفرائها أبرزها رحلة السفينة سلطانة إلى نيويورك عام (1840 م)، والوصول إلى ميناء كانتون بالصين، وإحياء المسار التاريخي للسفن العمانية الذي كان بين (618- 906 م) ليعود الازدهار التجاري بين سلطنة عمان والموانئ التي وصلت لها في آسيا وأفريقيا والهند.
اليوم يواصل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- ملحمة أخرى في تاريخ هذه الدولة، وهي ملحمة التحديث والتطوير، وتعظيم الاقتصاد الذي يمثل ركيزة مهمة وحيوية لتوفير كل ما يلزم لأبناء عمان من الخدمات، وبناء الدولة على أسس حديثة تتواكب مع المتطلبات والمستجدات العالمية من خلال تطوير النظم والتشريعات والإجراءات، ورفع مؤشرات سلطنة عمان دوليا، وتثبيت تلك العلاقات التاريخية مع دول العالم الكبيرة منها وصغيرة.
ولأن ذلك يتطلب جهدا وعملا ورؤية ونظرة نحو مستقبل متسارع؛ فإن النهضة المتجددة لا تكتمل إلا بفاعلية أبنائها. فالتاريخ السالف لم يكن وليد صدفة إمام أو سلطان فقط، بل رعية وثقت في قدراته، واستطاعت أن تسطر تاريخا يقدّره العالم اليوم ويضع له اعتبارا في مرحلة من مراحل التاريخ الصعبة التي تعصف بالمنطقة تحتاج إلى الحكمة والاتزان، وتجنيب عمان المخاطر الكبيرة.
مرحلة من الدهر تستوجب علينا جميعا أن نكون صفا واحدا لا يستجيب لنداءات الفرقة، بل لتعزيز الوحدة الوطنية ولمّ الشمل، والعمل على البناء والتطوير والتحديث؛ لأنها مرحلة تفرض معطياتها لبناء أجيال قادمة عليها، كما يتحقق لنا الآن في هذا العصر الذي نفخر فيه بتلك المراحل التي بنت عمان ووسّعت قدراتها منذ 281 عاما.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مرحلة من عمان فی
إقرأ أيضاً:
اليوم… العرض الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لفيلم "الأشياء التي تقتلها" على المسرح الكبير
يُعرض اليوم الإثنين 17 نوفمبر، في إطار عروض الجالا بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ46، فيلم "الأشياء التي تقتلها" للمخرج علي رضا خاتمي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك في تمام الساعة 9:00 مساءً على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية.
الفيلم، وهو عمل روائي طويل يمتد لـ113 دقيقة، ومن إنتاج مشترك بين تركيا وكندا وفرنسا وبولندا، يقدم تجربة سينمائية نفسية عميقة تتبع قصة علي، الأستاذ الجامعي الذي يجد نفسه مطاردًا بظلال وفاة والدته المريبة. ومع تورطه في تنفيذ عمل انتقامي بارد الدم بطلب من عالم البستنة الغامض لديه، تبدأ سلسلة من الأسرار العائلية القديمة في الانكشاف، بينما يضيق الخناق عليه من قبل الشرطة، لتنهشه الشكوك ويصبح مضطرًا لمواجهة أعماق روحه وما تحمله من صراعات خفية.
علي رضا خاتمي هو كاتب ومخرج ومنتج حائز على عدة جوائز، يقيم في كندا. وُلد في قبيلة خمسة الأصلية بجنوب شرق إيران، ويستمد من تراثها الغني في السرد الشفهي أسلوبًا سينمائيًا خاصًا يمزج بين الواقعية السحرية والتعليق الاجتماعي العميق. عُرضت أعماله السابقة، ومن بينها "آيات النسيان" و"آيات الأرض"، لأول مرة في مهرجاني البندقية وكان، وحصدت تقديرًا واسعًا وجوائز بارزة.
عن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
يُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا، وأحد أبرز المهرجانات الدولية المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF). تأسس عام 1976، ويقام سنويًا تحت رعاية وزارة الثقافة. يحرص المهرجان في كل دورة على الجمع بين البعد الفني والبعد المهني، ما يجعله منصة رئيسية للحوار بين الثقافات وتعزيز حضور السينما العربية على الساحة الدولية.
............
Today: World Premiere of "The Things That Kill Her" in the Middle East and North Africa at Cairo International Film Festival
Today, Monday, November 17, the film The Things That Kill Her directed by Ali Reza Khatami will have its Middle East and North Africa premiere as part of the Gala presentations at the 46th Cairo International Film Festival, screening at 9:00 PM on the Grand Theatre stage at the Cairo Opera House.
The film, a 113-minute narrative feature produced through a co-production between Turkey, Canada, France, and Poland, offers a deep psychological cinematic experience. It follows Ali, a university professor haunted by the shadows of his mother’s suspicious death. Involvement in a cold-blooded act of revenge at the behest of a mysterious horticulturist triggers a series of old family secrets to unravel. Meanwhile, the police close in, and Ali is consumed by doubt, compelled to confront the depths of his soul and its hidden struggles.
Ali Reza Khatami is an award-winning writer, director, and producer based in Canada. Born in the original Fivah tribe of southeastern Iran, he draws on his rich oral heritage to craft a cinematic style blending magical realism and profound social critique. His previous works, including Ayat al-Nisyan and Ayat al-Ard, premiered at Venice and Cannes film festivals, earning wide acclaim and notable awards.
About Cairo International Film Festival
The Cairo International Film Festival is one of the oldest festivals in the Arab world and Africa and one of the most prestigious international festivals accredited by the International Federation of Film Producers Associations (FIAPF). Established in 1976 and held annually under the patronage of the Ministry of Culture, the festival merges artistic and professional aspects, making it a primary platform for cultural dialogue and enhancing the presence of Arab cinema internationally.