تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم حرق ملابس المتوفى قبل الأربعين؟ فقد مات زوج أختي، وقد أخبر بعض الناس أختي أنّ عليها أن تحرق ملابس زوجها قبل الأربعين، فما حكم ذلك شرعا؟

وأجاب عن السؤال الدكتور نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية قائلا: المحافظة على ثياب المتوفَّى أمرٌ واجبٌ شرعًا، وتصير من التركة وتكون لورثته، ينتفع بها مَن أراد مِنهم، أو يُتصدق بها بعد موافقة جميع الورثة فتُعطى لمن ينتفع بها من المحتاجين، ويَحْرُم شرعًا إحراقها أو إتلافها بحالٍ، وفاعل ذلك يضمن قيمة الثياب المحروقة حينئذٍ من ماله، خاصة إذا كان هناك مستحقون قُصَّر في تركة الميت المذكور بالإرث أو بالوصية الواجبة.


 

دعاء للميت امرأة.. اللهم اجعل الجنة أجمل مسكن لهاأفضل دعاء للميت بعد صلاة الفجر.. ينفعه في قبره ويخفّف عنهما حكم قراءة سورة يس عند دفن الميت؟.. اعرف فضلها وثوابهاهل توزع دية الميت كميراث وما هي الطريقة الشرعية للتقسيم؟.. الإفتاء تجيب

النهي عن إضاعة المال وإهلاكه
وأشار الى ان الله تعالى جعل المال قيامًا لمصالح الإنسان الدنيوية والدينية، فأمر بالمحافظة عليه وإنفاقه في وجوهه المشروعة إنفاقًا لائقًا بحال الشخص وملاءته المالية يسرًا أو عسرًا، ونهى عن إضاعته بأي طريق، سواء بصرفه في غير فائدة دنيوية أو دينية، أو فيما لا يحل أو بإهلاكه بشتى صور الإهلاك كالحرق أو الإتلاف أو التبذير والإسراف.

فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» متفقٌ عليه.

حكم إحراق ملابس الميت
ثياب الشخص بمختلف أنواعها وأجناسها مالٌ مُتَقَوَّم سواء كانت جديدة أو بالية، ملبوسة أو غير ملبوسة، فـ"المالية والتقوم بكون العين منتفعًا بها شرعًا وعرفًا" كما في "المبسوط" للعلامة السرخسي الحنفي (15/ 125، ط. دار المعرفة)، وهي تُضْمَن بالقيمة لا بالمثل، كما في "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني (2/ 284، ط. دار الكتب العلمية).

وقد لاحظ الفقهاء معنى المالية القيمية للثياب التي يتركها المتوفَّى ودخولها ضمن تركته وجريان أحكام الوصية والميراث عليها، ومن ذلك: قال الإمام الحدادي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (2/ 299، ط. المطبعة الخيرية) في مسألة كيفية تقسيم التركة حال الوصية بثلث الثياب فهلك الثلثان وبقي الثلث فقط: [الثياب إذا كانت مختلفة لا يقسم بعضها في بعض فالباقي منها لا يجوز أن يستحقه الموصى له بالقسمة فلم تكن الوصية متعلقة بالباقي فلا يجوز أن يستحق الموصى له أكثر من ثلثه] اهـ.

وجاء في "شرح الإمام الخرشي المالكي على مختصر خليل" (8/ 174، ط. دار الفكر للطباعة): [لا تبطل وصية مَن أوصى لشخص بثيابه، أي ثياب بدنه غير المعينة، ثم باعها الموصي واستخلف غيرها من جنسها أو غير جنسها ويأخذ الموصى له ثيابه التي استخلفها] اهـ.

وقال الإمام البغوي الشافعي في "التهذيب" (5/ 112، ط. دار الكتب العلمية): [لو أوصى بأن يُكَفَّن في ثيابٍ ثمينةٍ: لا يُعْمَل به لحِقِّ الغرماء] اهـ.

وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (4/ 494، ط. المكتب الإسلامي): [(أو كان) له حين الوصية عبد واحد (تعين) كونه لموصى له؛ لأنه لم يكن للوصية محل غيره؛ وكذا حكم شاة من غنمه وثوبٍ من ثيابه ونحوه] اهـ.

ودلالات هذه النصوص متطابقة -كما هو ظاهر- على اعتبار مالية الثياب التي يُخَلِّفها الشخص حين موته، وإعطائها أحكام الميراث والوصية، ومن ثَمَّ فإتلافها بالحرق -كما في مسألتنا- أو بأي صورة من صور الإهلاك-أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا، وفيه معنى إضاعة المال المنهي عنها، بل مَن يُقْدِم على فعل ذلك يكون ضامنًا لقيمة المحروق من ثياب الميت، خصوصًا في حال مطالبة بعض الورثة أو عند وجود مستحقين صغار بالميراث أو بالوصية الواجبة.

وهو ما أفتى به الإمام ابن رشد الجد المالكي في "البيان والتحصيل" (13/ 135، ط. دار الغرب الإسلامي) في مسألة ضمان ما شَقَ بعض الورثة من ثيابٍ للميت كدلالة للحزن عليه، حيث قال: [إنهم يضمنون ما شُقَّ من الثياب على الميت، وخرقوه فأفسدوه.. فإن خلَّى الوصي بينهم وبين ذلك ليشقوه ويفسدوه، ضَمِنَ إن كانوا صغارًا لتسليطهم على ذلك، ولم يلزمه في الكبار شيء؛ لأنهم هم الضامنون لما أفسدوه] اهـ.

وإذا تقرر ذلك يظهر أنَّ ما قاله البعض للزوجة المذكورة -بحسب ما ورد في صورة السؤال- أمرٌ لا أصل له شرعًا، بل هو مُناقَضٌ بدلالات قطعية تقرر أيلولة هذه الثياب إلى التركة، فتُقسم على ورثته الأحياء وقت وفاته بحسب أجناسها وأنواعها وفقًا لما قرره الفقهاء بشأن أحوالها، وأَخْذِ الحذر مطلوب في مثل هذه الأمور التي تروج لدى العامة بشأن التعامل مع ملابس الموتى.

وهو أمر نبَّه عليه الإمام ابن الحاج المالكي في مسألة غسل ثياب الميت التي كان يلبسها حال حياته في اليوم الثالث، حيث قال في "المدخل" (3/ 276، ط. دار التراث): [وليحذر مما أحدثه بعضهم مِن أن ثياب الميت لا تغسل إلا في اليوم الثالث، ويقولون: إن ذلك يرد عنه عذاب القبر، وذلك تحكم وافتراء على الشريعة المطهرة] اهـ.


وأكدت بناءً على ذلك: أن المحافظة على ثياب المتوفَّى أمرٌ واجبٌ شرعًا، وتصير من التركة وتكون لورثته، ينتفع بها مَن أراد مِنهم، أو يُتصدق بها بعد موافقة جميع الورثة فتُعطى لمن ينتفع بها من المحتاجين، ويَحْرُم شرعًا إحراقها أو إتلافها بحالٍ، وفاعل ذلك يضمن قيمة الثياب المحروقة حينئذٍ من ماله، خاصة إذا كان هناك مستحقون قُصَّر في تركة الميت المذكور بالإرث أو بالوصية الواجبة.

طباعة شارك حرق ملابس المتوفى حكم حرق ملابس المتوفى حكم حرق ملابس المتوفى قبل الأربعين ثياب المتوفَّى التركة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التركة قبل الأربعین

إقرأ أيضاً:

هل النحت والرسم حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب

أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول حكم النحت والرسم، موضحًا تفاصيل الحكم الشرعي.

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريح تلفزيوني، اليوم الأربعاء، أن الرسم والنحت من الفنون والأمور المباحة في الشريعة الإسلامية، بشرط عدم استهداف ما حرمه الشرع.

وأضاف أن النصوص التي وردت في تحريم التصاوير، بحسب العلماء المحققين، كانت مقصورة على صناعة التماثيل الكاملة التي يكون الغرض منها: التقديس، أو محاكاة خلق الله، أو العبادة. 

وأكد أن ما عدا هذه الأمور الثلاثة، فهو جائز شرعًا ولا حرج فيه، وبالتالي، فإن شغل النحت أو الرسم، سواء كان في صناعة مجسمات لأشخاص أو حيوانات أو بورتريهات، وكل ما شابه ذلك من أعمال فنية، جائز شرعًا لانتفاء أسباب التحريم المذكورة.

ونوه الدكتور شلبي أن الأمر كله يعتمد على النية والغرض من العمل، فطالما لم يكن الغرض تقديسًا أو عبادةً، فالعمل مباح في الإسلام.

هل دخل الشقة التمليك المصروف على نفقات الأسرة عليه زكاة؟ .. أمين الفتوى يوضحخالد الجندي: استحضار الله علاج للذنوب والكبر والهموم وضيق الرزقشيخ الأزهر لمجلس القضاء الأعلى: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالةالأوقاف تنفي إصدار صكوك بقيمة 30 مليار جنيه لتمويل تطوير العقارات

كما تلقى الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، سؤالًا من أحد المشاهدين يُدعى محمد، يستفسر فيه عن حكم الزكاة في إيجار شقة يملكها، يبلغ إيجارها الشهري 5000 جنيه، موضحًا أنه ينفق هذا المبلغ بالكامل على متطلبات المنزل، ومتسائلًا: «هل تجب الزكاة على هذا الإيجار رغم أنه يُصرف في نفقة البيت؟».

وأوضح الدكتور شلبي أن زكاة المال لا تكون واجبة إلا باستيفاء ثلاثة شروط محددة: الأول امتلاك مال يبلغ النصاب الشرعي، وهو ما يساوي قيمة 85 جرامًا من الذهب عيار 21، والثاني مرور عام هجري كامل على هذا المال، أما الشرط الثالث فهو أن يكون المال زائدًا عن حاجة صاحبه الأساسية وحاجة من يعولهم. فإذا اختل شرط من هذه الشروط، سقط وجوب الزكاة.

وفيما يخص سؤال محمد، أوضح أمين الفتوى أن الشقة نفسها لا زكاة عليها لأنها ليست معدّة للبيع، وبالتالي فالزكاة تتعلق فقط بالإيراد الناتج عن الإيجار إذا استوفى الشروط الشرعية الثلاثة. 

وبما أن مبلغ الإيجار وهو 5000 جنيه يُنفق على احتياجات الأسرة، ولا يبلغ النصاب، ولم يمر عليه حول هجري كامل، ولا يعتبر مالًا فائضًا عن الضروريات؛ فلا تجب فيه الزكاة.

وأكّد الدكتور شلبي أن الزكاة على المبالغ المُدخرة من الإيجار ـ إن وُجد ادخار ـ تكون بنسبة 2.5% إذا اكتملت شروطها، شارحًا ذلك بمثال: إذا ادخر الشخص 1000 جنيه وبلغ النصاب ومر عليه عام هجري وكان زائدًا عن الحاجة، فإنه يخرج عنه 25 جنيهًا زكاة.

طباعة شارك الدكتور محمود شلبي دار الإفتاء الرسم والنحت

مقالات مشابهة

  • هل يلزم إخراج ملابس المتوفاة قبل الأربعين
  • ملابس شي إن تحت المجهر: تقرير لـغرينبيس يكشف وجود مواد كيميائية خطرة تتجاوز المعايير الأوروبية
  • طلبة يعرضون مشاريع مبتكرة في مؤتمر الأمن السيبراني بالبحر الميت
  • مجانًا.. توزيع ملابس جديدة على 300 أسرة بقرى كفر الشيخ| صور
  • ملابس خادشة.. القبض على صانعة محتوى ببولاق الدكرور
  • هل مساعدة الزملاء في الامتحان حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب
  • هل النحت والرسم حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب
  • ما حكم قراءة سورة يس عند دفن الميت؟.. اعرف فضلها وثوابها
  • هل صبغ الشعر باللون الأسود جائز شرعًا؟.. أمين الإفتاء يجيب