سُئل الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه عن سبب فساد الأمم قال «وضع الصغير مكان الكبير، والجاهل مكان العالم، والتابع فى القيادة" وقد أثبتت التجارب أن أسباب نجاح الأمم دائماً عندما يبحث الرئيس عن مرؤوسين لا يتحرجون من قول «لا» إذا كان لها مقتضى، إعمالاً لحكمة قديمة تقول «رحم الله من أهدى إلي عيوبى» وعندما نتحدث عن "لا" نتذكر شاعر الدولة الأموية «الفرزدق» عندما كان بصحبة الخليفة الأموى «هشام بن عبد الملك» فى الحج، عندما حاول الخليفة أستلام الحجر الأسود ولم يستطع بسبب الزحام، إلا أنه شاهد أن أحد الرجال يُفسحون له الطريق لاستلام الحجر، فسأل من يكون هذا الرجل، فقيل له أنه الأمام «على بن الحسين»، فلم يتمالك "الفرزدق" نفسه فأرتجل قصيدة يرد فيها على الخليفة لجهله بالإمام فقال"هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلام فى الهوا حسين حلمى
إقرأ أيضاً:
عقلية الغلبة الإسرائيلية!
ربما يمثل التوصيف الذى قدمه أحد المحللين لما يجرى من أحداث فى المنطقة تلخيصا شاملا لما آلت إليه الأمور خلال الفترة الأخيرة، وهو التحول الملحوظ فى العقلية الإسرائيلية من الأمن إلى الغلبة، الأمر الذى يبدو مستفحلا ومتعاظما فى الشهور الأخيرة بعد أن بدت خواتيم المعارك التى جرت على مدى عامين فى غزة تظهر وتبدو نتائجها واضحة للعيان. قد لا يكون هناك الكثير مما يمكن قوله فى هذا الخصوص، غير أن كل تطور يوما بعد آخر يعزز هذه الفرضية.
ولعل ما يحدث على جبهة الوضع فى غزة وما يجرى فى لبنان يؤكد ذلك. لقد تفاءل الكثيرون بالمشهد الذى اعتبر إسدالا للستار على حرب الإبادة فى غزة، وراح البعض يتصور أننا بذلك قد نقبل على فترة من السلام تعيد الأوضاع سيرتها الأولى قبل طوفان الأقصى. غير أن ما يحدث حتى اللحظة يقوض ذلك التفاؤل ويعزز الشكوك التى طرحها البعض بأن الأمر ليس سوى التقاط أنفاس ستعود معه الحرب وإن بوتيرة مختلفة.
الملحوظة الأساسية على ما يجرى يجعل المرء يتصور أن الأمر لا يخرج فى المنظور الإسرائيلى عن كونه نوعا من اتفاق الإذعان حيث تطالب إسرائيل المقاومة الفلسطينية فى غزة بتنفيذ كافة بنود الاتفاق فيما تحرر نفسها من الالتزام بأى جانب مع استخدام نبرة تهديدية تعبر عن نوع من الاستقواء المعبر عن الانتصار.
ويبدو للمتابع أن حماس دخلت نفقا مغلقا لا مهرب لها منه حيث مطلوب منها تنفيذ مطالب والتزامات فى مواجهة حالة من العجز عن إلزام الطرف الآخر بما تم التوافق عليه وسط تأييد وتبرير أمريكى فى كثير من الأحيان للخروقات الإسرائيلية. فرغم وقف النار فإن عمليات القصف الإسرائيلى متواصلة تحت حجج مختلفة ونزيف الشهداء يتواصل، صحيح أنه ليس بالوتيرة ذاتها التى كان عليها قبل وقف النار، إلا أن أجواء الحرب تخيم على القطاع على نحو ما أشرنا فى مقال سابق، بما يشكك فى طبيعة التزام إسرائيل بالاتفاق من الأصل.
ليس ذلك فقط بل إن إسرائيل تواصل حتى بعد تسلم الأسرى الأحياء التذرع بضرورة تسلم جثث موتاها واعتبار ذلك قضية القضايا دون أن يحظى سواء الأسرى الأحياء أو حتى الشهداء من الفلسطينيين بذات الأهمية. واللافت للنظر وسط كل ذلك أن إسرائيل تحاول تحقيق هدف التهجير الذى فشلت فيه من خلال الحرب بوسائل أخرى حيث تنشط تلك العملية بأشكال مختلفة لا تتخذ شكلا عنيفا يدخل تحت بند التهجير الطوعى. أما فى الضفة، فإن عملية الابتلاع الإسرائيلى لها تسير على قدم وساق، ليكتمل مسلسل الضم الفعلى لها.
إذا كان لذلك من مؤشر على تعاظم عقلية الغلبة الإسرائيلية وأنها لم تعد تبحث عن الأمن بقدر بحثها عن الهيمنة والتفوق، فإن ما تقوم به إسرائيل على الساحة اللبنانية يعزز هذا التصور، ولعل فى إقدامها على اغتيال هيثم الطبطبائى القيادى فى حزب الله دون خوف أو وجل من رد فعل انتقامى يشير إلى جانب من نتائج ما جرى بخصوص المواجهة التى ربما يكون حزب الله قد خرج معها من المواجهة ولو بشكل مؤقت بفعل ضغوط داخلية لكنها ذات دلالة مهمة على صعيد الرؤية الإسرائيلية لطبيعة علاقات القوى فى محيطها الإقليمى وخاصة مع القوى التى كانت تمثل محور المقاومة.
هل تتغير المعادلة؟ الأمر لم يعد مرتبطا بموقف الأنظمة الذى يصب التيار الرئيسى منه على التطبيع مع إسرائيل وإنما بموقف الشعوب العربية وهو موقف قد يكون غير حاسم وإن كان لا يجب الارتكان على ذلك الفهم كثيرا.
[email protected]