البلاد (واشنطن)
دخل ملف تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية مرحلة جديدة داخل الولايات المتحدة، عقب توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمراً تنفيذياً يضع مساراً واضحاً يهدف إلى إدراج فروع الجماعة في مصر والأردن ولبنان على قوائم الإرهاب. خطوةٌ تُعيد هذا الملف إلى واجهة النقاش السياسي والأمني في واشنطن، وسط تأكيدات بأن التحدي لا يكمن في “الضرورة”، بل في آلية التنفيذ ودرجة التنسيق مع الحلفاء، بحسب مجلة ناشيونال إنترست.


وتصف المجلة الإخوان بأنها شبكة عالمية مترابطة ذات صلات مباشرة بالتطرف العنيف، مشيرة إلى شهادة المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، روبرت مولر، أمام الكونغرس، والتي أكد فيها أن عناصر من الجماعة داخل الولايات المتحدة وخارجها قدمت دعماً لعمليات إرهابية. وقد تعززت هذه المخاوف أخيراً بعد ضبط خلية إرهابية تابعة للجماعة في الأردن، كشفت عن نشاطات مرتبطة بالتمويل والتجنيد والتخطيط.
وتنسجم التحركات الأمريكية الجديدة مع مواقف دول عربية وإقليمية سبقت في تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، مثل الإمارات ومصر والسعودية وروسيا، استناداً إلى سجلات واسعة توثق تورّط الإخوان في دعم وتمكين كيانات متطرفة، وهو ما أكدته أيضاً مراجعات حكومية بريطانية عام 2015. وتجمع هذه الدول على أن الجماعة تستخدم خطاب “اللا عنف” كواجهة، لكنها تلجأ إلى العنف حين يخدم أهدافها السياسية.
وبحسب التحليلات، فإن نجاح المسار الأمريكي يعتمد على إستراتيجية متدرّجة وشاملة لا تقتصر على إصدار قرار أحادي، بل تستند إلى تنسيق واسع مع الشركاء الإقليميين. وتطرح ناشيونال إنترست ثلاثة مسارات أساسية تتطلب المضي فيها لتعزيز فعالية التصنيف، متمثلة في: بناء فهم مشترك مع الدول التي صنّفت الإخوان مسبقاً، بما يشمل توحيد قوائم الأفراد والكيانات المستهدفة، وتنسيق الجهود لضرب شبكات التمويل والتجنيد والدعم العملياتي، وتوسيع التعاون في مكافحة الإرهاب مع دول تربطها علاقات تاريخية أو سياسية مع الجماعة، منعاً لوجود ثغرات يمكن استغلالها لإعادة التموضع أو الالتفاف على القيود، فضلاً عن مرافقة خطوة التصنيف بتحرك دبلوماسي مكثف يحد من التداعيات غير المقصودة، مع الحفاظ على موقف أميركي صارم يقوم على “عدم التسامح المطلق” مع أي دعم للإرهاب.
وترى المجلة أن نهجاً منسّقاً في هذا الملف قد يتحول إلى نقطة ارتكاز مهمة في بناء منظومة أمنية إقليمية أكثر تماسكاً، بدلاً من أن يفاقم الانقسامات، فالدول التي تعتبر الإخوان تهديداً وجودياً، مثل مصر والإمارات والسعودية، يمكن أن تشكل ركيزة تعاون مع دول أخرى تتبنى مواقف أكثر توازناً تجاه الجماعة، لإرساء إطار أمني مشترك.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

ترامب يبدأ عملية تصنيف فروع لـ«الإخوان» منظمات إرهابية

شعبان بلال (واشنطن، القاهرة)

أخبار ذات صلة الحكومة الأميركية تراجع أوضاع 200 ألف لاجئ قرقاش: لا يمكن لجماعات «الإخوان» تحديد مستقبل السودان


وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أمراً تنفيذياً لمباشرة إجراءات تصنيف بعض من فروع جماعة الإخوان «منظمات إرهابية أجنبية».
 وجاء في الأمر التنفيذي «يطلق هذا الأمر عملية يتم بموجبها اعتبار بعض من فروع جماعة الإخوان أو أقسامها الفرعية منظمات إرهابية أجنبية»، مع الإشارة خصوصاً إلى فروع الإخوان في لبنان ومصر والأردن. ويشير الأمر التنفيذي إلى أن تلك الفروع ترتكب أو تسهل أو تدعم العنف وحملات زعزعة الاستقرار التي تضر بمناطقها، ومواطني ومصالح الولايات المتحدة. 
 وشدد خبراء ومحللون، في تصريحات لـ«الاتحاد»، على أهمية الإجراءات الأميركية الرامية إلى تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، مما يهدد بالقضاء على مستقبل التنظيم المتورط في العديد من الانتهاكات والجرائم في دول عدة. 
 وقال الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والجماعات الإسلامية، منير أديب، إن التوجه الأميركي نحو وضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، نقطة تحول حقيقية في مستقبل التنظيم، لا سيما أن تأثير هذا التوجه لن يقتصر على الولايات المتحدة وحدها، بل سيمتد إلى أوروبا والشرق الأوسط أيضاً، مضيفاً أن رفع الغطاء الأميركي عن الإخوان وعن الجمعيات المرتبطة بهم سيضعف التنظيم بصورة كبيرة ويقوض حضوره.
وأوضح أديب، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن دولاً ومدناً أخرى ستتأثر بشدة إذا اتخذت واشنطن هذا القرار، وعلى رأسها العاصمة البريطانية لندن، مما سيؤدي إلى تراجع القوة السياسية للتنظيم، وضرب مصادر تمويله المتنوعة، وهي الركيزة الأساسية لبقاء الجماعة.
 وبين أن القرار الأميركي المنتظر قد يمثل بداية النهاية للتنظيم الإخواني، بحيث لا يبقى منه سوى أفكار قد تعود للظهور من حين لآخر، ولكن من دون وجود تنظيمي أو هيكلي. 
 وأشار أديب إلى أن التحرك الأميركي ستكون له انعكاسات واضحة على وجود الإخوان في منطقة الشرق الأوسط التي واجهت التنظيم بقوة خلال السنوات الماضية، منوهاً بأن واشنطن ستتجه إلى التعامل مع الدول التي دعمت الجماعة ولا تزال، سواء سياسياً أو مادياً، مما يعني أن المواجهة القادمة لن تقتصر على التنظيم، بل ستشمل شبكات الدعم والأطراف التي تقف خلفه.
من جانبه، أوضح إسلام الكتاتني، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن جماعة الإخوان كانت تستخدم طوال العقود الماضية كأداة رئيسية لتنفيذ العديد من مخططات تفكيك المنطقة، وأن الوضع السياسي الحالي في واشنطن يختلف عما كان عليه سابقاً، حيث يمتلك الرئيس الأميركي ترامب الآن الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، مما يمنحه القدرة التشريعية لتمرير قرار حظر الجماعة بسهولة إذا توافرت الإرادة السياسية.
وأفاد الكتاتني بأن تفعيل هذا القرار سيكون له تداعيات خطيرة ومصيرية على مستقبل الجماعة، التي قد تنهي التنظيم فكرياً وتنظيمياً، حيث إن مثل هذا القرار سيشجع دولاً أخرى على اتخاذ المنحى نفسه، خاصة في ظل وجود رفض شعبي ورسمي متزايد للجماعة في المنطقة العربية، وإجراءات تضييق مستمرة في دول أوروبية، مثل فرنسا وألمانيا والنمسا والسويد.
وأوضح عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الأصولية وقضايا الأمن الإقليمي، أنه رغم الانطباع الإيجابي لتصريحات الرئيس ترامب حول تصنيف الإخوان على قوائم الإرهاب، في محاصرة التنظيم في العمق العربي والغربي، ورفع الدعم المالي والسياسي والإعلامي عن قواعده التنظيمية، فإن القرار يحمل مجموعة من التحفظات التي ربما تعرقل مسار تحقيقه عملياً، أهمها أن قرار تصنيف الإخوان يخضع لمجموعة من الإجراءات والموافقات المرتبطة بعدد من الجهات، منها وزارة الخارجية ووزارة الخزانة وهيئة المخابرات الأميركية وهيئة الإدارة الفيدرالية والكونغرس الأميركي، فضلاً عن عرضه على المحكمة القضائية قبل إعلانه في السجل الفيدرالي.
وأشار فاروق، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أنه من ضمن الإشكاليات صعوبة التصنيف الشامل لجماعة الإخوان «الأم»، في ظل عدم وجود ما يعرف بجماعة الإخوان في الولايات المتحدة، وإنما مؤسسات مشهرة رسمية، مما يعني أن الجماعة تتحرك في إطار علني وليس سرياً، ولا تحمل لافتات الجماعة، وبالتالي فالتصنيف ربما يضع عدداً من المؤسسات المحسوبة فكرياً على المشروع الإخواني في حرج.

مقالات مشابهة

  • أول تعليق من الإخوان عقب إعلان ترامب خطوات تصنيف الجماعة إرهابية
  • ماذا بعد بدء واشنطن خطوات تصنيف الإخوان المسلمين منظمة “إرهابية”؟
  • الأردن.. ما هي تداعيات تصنيف ترامب الإخوان كمنظمة إرهابية؟
  • أحمد موسى: أمريكا بدأت خطوات حقيقية وفعالة بملف تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية
  • ترامب يبدأ عملية تصنيف فروع لـ«الإخوان» منظمات إرهابية
  • قراءة إسرائيلية في القرار الأمريكي بتصنيف الإخوان المسلمون منظمة إرهابية
  • ماذا بعد بدء واشنطن خطوات تصنيف الإخوان المسلمين منظمة إرهابية؟
  • ترامب يوقّع أمراً تنفيذياً لتصنيف فروع الإخوان كـمنظمات إرهابية.. ماذا يعني القرار؟
  • ترامب يوقّع أمراً لتصنيف فروع «الإخوان المسلمين» كمنظمات إرهابية