شهد العالم موجة من الأحداث الصادمة، ففي البرازيل قتلت لبؤة رجلاً اقتحم حظيرتها، وفي أستراليا أسفرت هجمات سمك القرش عن وفاة وإصابات، بينما أحالت مصر قضايا اعتداء على أطفال إلى القضاء العسكري، وسجلت حادثة انتحار لقاضٍ بالإسكندرية، إيران فقدت زوجة مساعد الرئيس في حادث مروري، وفرنسا ألغت رسميًا حظر ارتداء البنطال للنساء وكُشفت فضائح تجسس ضد المسلمين، المكسيك قضت على زعيم عصابة مخدرات، وبنغلادش تكشف تحقيقات تمرد دموي تورطت فيه رئيسة وزراء سابقة، في حين ودّعت روسيا أكبر معمّرة في العالم عن عمر ناهز 116 عامًا.

لبؤة تقتل رجلاً اقتحم حظيرتها في حديقة حيوان بالبرازيل

قتلت لبؤة رجلاً في حديقة حيوان “أرودا كامارا” بمدينة جواو بيسوا الساحلية بالبرازيل، بعدما تسلل عمداً إلى حظيرتها. وأفاد مسؤول بالحديقة أن الرجل دفع حياته نتيجة تصرفه المتهور.

وأظهرت مقاطع فيديو الرجل وهو يتسلق حاجزاً يبلغ ارتفاعه ستة أمتار، ثم يقفز من شجرة إلى منطقة الأسود، حيث كانت اللبؤة تستريح بالقرب من بركة، لتندفع نحوه وتهاجمه عندما حاول الفرار.

تم إغلاق الحديقة، وتواصل الجهات المختصة التحقيق في ملابسات الحادث، فيما لم يتم الكشف عن هوية الرجل أو دوافعه بعد.

مصر.. إحالة جريمة اعتداء جنسي على أطفال في مدرسة بالقاهرة إلى القضاء العسكري

أحالت السلطات المصرية قضية الاعتداء الجنسي على أطفال في مرحلة رياض الأطفال بإحدى مدارس “سيدز” الدولية بمدينة العبور شمال القاهرة إلى القضاء العسكري، بحسب ما أعلن المحامي الدولي خالد أبو بكر.

وشملت الاعتداءات تحرشاً وهتك عرض خمسة إلى ستة أطفال، نفذها أربعة من العاملين في المدرسة بما في ذلك عمال نظافة ومساعدين، واستمرت لمدة تصل إلى سنة دون اكتشافها، وتم استغلال غياب الرقابة، واستدراج الأطفال بألعاب أو وعود باللهو، مع تهديدهم بالسكين لإسكاتهم.

وأكدت التحقيقات اعتراف المتهمين بـ”ميول منحرفة” وتم التعرف عليهم من قبل الأطفال في عرض قانوني مصور، وأمرت النيابة العامة بحبسهم على ذمة التحقيق، إضافة إلى اتخاذ إجراءات بحق المدرسة من حجب وإشراف مالي وإداري، وتحويل مسؤولين عن الإشراف والإدارة إلى الشؤون القانونية بتهم الإهمال والتستر.

مصر.. رئيس محكمة بالإسكندرية ينتحر داخل استراحة القضاة

أقدم رئيس محكمة جنح مستأنف بالإسكندرية، الأحد، على إنهاء حياته داخل الاستراحة الخاصة بالقضاة في مجمع محاكم سموحة بعد أداء مهامه اليومية بشكل طبيعي، مستخدماً سلاحه الشخصي المسموح للقضاة بحمله لأسباب أمنية.

ووصلت قوات الأمن والنيابة العامة إلى المكان لإجراء الفحص الأولي، وتم تأكيد الوفاة الفورية نتيجة إصابة في الرأس. ويشغل القاضي منصباً رفيعاً في واحدة من أكبر محاكم الدلتا، التي تتعامل مع قضايا تجارية وجنحية معقدة.

وأظهرت إحصاءات أن حالات الانتحار في مصر ارتفعت بنسبة 10% منذ 2020، مع تسجيل 8,500 حالة في 2024، معظمها بين الرجال فوق 50 عاماً وتحت ضغوط مالية أو مهنية، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء ومنظمة الصحة العالمية.

مصرع زوجة مساعد الرئيس الإيراني وإصابة 4 من عائلته في حادث مروري بسمنان

لقيت زوجة مساعد الرئيس الإيراني إسماعيل سقاب أصفهاني مصرعها، وأصيب 4 من أفراد عائلتها بجروح، إثر حادث مروري على طريق شريف آباد – إيوانكي في محافظة سمنان.

وأفاد المتحدث باسم جامعة سمنان الطبية أن السيارة التي كانت تقودها المرأة اصطدمت بشاحنة عند مدخل مدينة إيوانكي، مما أدى إلى وفاة المرأة في الحال، وإصابة والدها وثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة، بينهم اثنان في حالة حرجة، وتم نقلهم إلى طهران لتلقي العلاج.

أستراليا: مقتل امرأة وإصابة رجل في هجوم سمكة قرش قبالة ساحل نيو ساوث ويلز

لقيت امرأة مصرعها وأصيب رجل بجروح خطيرة إثر هجوم نفذته سمكة قرش على شاطئ “كراودي باي”، على بعد نحو 40 ميلا جنوب مدينة “بورت ماكواري” في نيو ساوث ويلز، حسبما أعلنت الشرطة المحلية.

وأوضحت السلطات أن الحادث وقع حوالي الساعة 6:30 صباح الخميس، حيث تم استدعاء خدمات الطوارئ بعد ورود تقارير عن تعرض شخصين للعض. وقد ساعد أحد الشهود الضحايا قبل وصول المسعفين، إلا أن المرأة، التي يُعتقد أن عمرها 25 عاماً، توفيت في مكان الحادث.

أما الرجل البالغ من العمر 26 عاماً، فقد أصيب بجروح خطيرة ونُقل جواً إلى مستشفى جون هانتر، حيث وصفت حالته بأنها حرجة لكنها مستقرة.

وأفادت الشرطة بأن الضحيتين يعتقد أنهما زائران من سويسرا، ولم يتم الكشف عن هويتهما رسمياً بعد.

وبقي الشاطئ مغلقاً يوم الجمعة بينما واصلت الشرطة التحقيق في الحادث، كما يجري إعداد تقرير من قبل الطبيب الشرعي لتوثيق ملابسات الهجوم.

وزيرة فرنسية تنهي رسمياً حظر ارتداء البنطال على النساء بعد أكثر من قرن

أنهت وزيرة حقوق المرأة الفرنسية نجاة فالو بلقاسم، في 1 فبراير 2013، رسمياً قانوناً يعود لعام 1800 كان يمنع النساء من ارتداء البنطال في الأماكن العامة، مؤكدة أن هذا القانون يتعارض مع مبادئ المساواة بين الرجل والمرأة المنصوص عليها في الدستور الفرنسي.

يُذكر أن حظر ارتداء البنطال للنساء في فرنسا يعود إلى ما بعد الثورة الفرنسية، عام 1799، وكان يُلزم النساء بالحصول على تصريح خاص من الشرطة لتجاوز القانون، مع تبرير طبي أو مهني مقنع.

ورغم بعض التخفيفات في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين للسماح بالبنطال أثناء ركوب الدراجات أو العمل في مهن معينة، بقي القانون سارياً رسمياً حتى أواخر القرن العشرين.

وخلال هذه الفترة، تحدت العديد من النساء القانون، منهن الكاتبة الشهيرة جورج ساند، التي ارتدت الملابس الرجالية بدافع الراحة ورغبتها في حرية الحركة، إلى جانب أسباب اقتصادية، وقد ساهم دعم بعض الأطباء في مواجهة آثار الفساتين الضيقة والمشدات على صحة النساء، ما ساعد على تقليص القيود تدريجياً.

تُظهر هذه القضية رحلة طويلة من النضال الاجتماعي والقانوني للنساء للحصول على حقوقهن في حرية اللباس والحركة، وتوضح كيف أن ما يُعتبر اليوم أمراً عادياً كان يوماً ما محط جدل ومواجهة مريرة لقرون.

فضيحة في فرنسا: اتهامات بـ “تجسس يهودي” على المسلمين لصالح إسرائيل

كشف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن تورط المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (CRIF) في تحقيق استهدف المسلمين الفرنسيين، تم نقل نتائجه لاحقاً إلى الحكومة الإسرائيلية، وفق ما أفاد به بيان رسمي.

وأوضح المجلس أن التحقيق نفذه شخصان، أحدهما وُصف بـ”عميل إسرائيلي”، والآخر هو ديدييه لونغ، رجل أعمال فرنسي في مجال التكنولوجيا الرقمية، مشيراً إلى أن جهات سياسية وأمنية فرنسية قد تكون ساهمت في تزويد التحقيق بالمعلومات.

وفي فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد لونغ أنه عمل منذ بداية عام 2023 على وضع استراتيجية لصالح CRIF والمنظمات اليهودية في فرنسا، بالتعاون مع دوف مايمون، المسؤول عن ملفات العلاقة مع الإسلام وتقديم المشورة للحكومة الإسرائيلية بشأن أمن اليهود في أوروبا.

وذكر البيان أن المعنيين التقوا خلال التحقيق مسؤولين من أجهزة الاستخبارات الفرنسية وضباط شرطة سابقين ومن مديرية الاستخبارات العسكرية وشخصيات سياسية وأمنية محلية، وتم نقل جميع المعلومات المتعلقة بالمسلمين الفرنسيين إلى الأجهزة الإسرائيلية في تقرير مفصل.

وأشار المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى أن التحقيق اعتبر المسلمين في فرنسا تهديداً محتملاً لليهود، وخلص إلى أن نحو 150 ألف يهودي قد يكونون “في خطر” بسبب تواجدهم في محيط سكاني عربي أو تركي أو باكستاني.

وطالب المجلس بتوضيحات عاجلة وفتح تحقيق شامل وشفاف من قبل السلطات الفرنسية، بما في ذلك وزارة الداخلية، مع إمكانية تقديم شكوى قضائية ضد الشخصين المعنيين وكل من ساعدهما في تنفيذ العملية.

الجيش المكسيكي يقتل زعيمًا بارزًا لعصابة مخدرات شمال غرب البلاد

قتل بيدرو إنزونزا كورونيل، المعروف بلقب “بيشون”، خلال عملية نفذها الجيش المكسيكي في ولاية سينالوا شمال غرب البلاد، وكان مطلوبًا لدى الولايات المتحدة بتهم تهريب الفنتانيل والكوكايين، إضافة إلى تورطه في جرائم عنف متعددة.

وأكد وزير الأمن المكسيكي عمر غارسيا حرفوش عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن العملية قادتها وزارة البحرية وأسفرت أيضًا عن توقيف عنصرين آخرين من نفس الخلية الإجرامية، مضيفًا أن “بيدرو فقد حياته عند مهاجمته أفراد البحرية”.

وكانت وزارة العدل الأمريكية قد وجهت في مايو الماضي اتهامات لكورونيل ووالده بيدرو إنزونزا نورييغا تشمل الإرهاب المرتبط بالمخدرات والاتجار غير المشروع وغسل الأموال، باعتبارهما من قادة فصيل تابع لمنظمة “بلتران ليفا” الإجرامية التي تفككت لاحقًا.

وأشار السفير الأمريكي في المكسيك رونالد جونسون إلى أن كورونيل كان مسؤولًا عن جرائم قتل واختطاف وتعذيب، واستخدام العنف لتحصيل ديون ضمن نشاطاته في تهريب المخدرات.

وتعد ولاية سينالوا شمال غرب المكسيك من أبرز معاقل عصابات المخدرات، حيث تنشط جماعات مثل “بلتران ليفا” و”سينالوا” في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، ما جعلها هدفًا رئيسيًا للعمليات الأمنية المكسيكية والتعاون مع واشنطن في مكافحة المخدرات منذ سنوات.

لجنة تحقيق في بنغلادش تتهم رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة بالتورط في تمرد دام

أفادت لجنة شكلت للتحقيق في تمرد شهدته بنغلادش قبل 16 عامًا وأسفر عن مقتل عشرات كبار ضباط الجيش، بأن رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة هي من أمرت بعمليات القتل.

وجاء في التقرير أن التمرد وقع في العام 2009، حين قتل عناصر من حرس الحدود 74 شخصًا، بينهم ضباط في الجيش، خلال تمرد استمر يومين وانطلق من دكا وامتد إلى أنحاء البلاد، مما هز حكومة حسينة بعد أسابيع قليلة من توليها السلطة.

وبعد إطاحة الشيخة حسينة العام الماضي إثر انتفاضة قادها طلاب، شكلت الحكومة الانتقالية برئاسة محمد يونس لجنة للتحقيق في الحادثة، وأكدت نتائج التقرير تورط حكومة حزب “رابطة عوامي” برئاسة حسينة بشكل مباشر في التمرد.

وأوضح رئيس اللجنة فضل الرحمن أن النائب السابق فاضل نور تابوش كان “المنسق الرئيسي” للعملية، ونفذها بتوجيه من حسينة التي أعطت الضوء الأخضر لتنفيذ عمليات القتل، مشيرًا إلى ضلوع قوة أجنبية في الحادثة، واتهم الهند بالسعي إلى زعزعة استقرار البلاد وإضعاف الجيش.

ومنذ إطاحة حسينة، التي تبلغ من العمر 78 عامًا وتقيم حاليًا في الهند متجاهلة أوامر قضائية بالعودة إلى بنغلادش، تدهورت العلاقات بين البلدين، وسط اتهامات بأن دعم نيودلهي للزعيمة السابقة أثر سلبًا على العلاقات الثنائية.

وشهدت بنغلادش في العام 2009 تمردًا دمويًا من قبل عناصر حرس الحدود، أوقع عشرات القتلى من كبار ضباط الجيش، وكان ذلك ضمن سلسلة من الاضطرابات السياسية والأمنية التي مرت بها البلاد منذ استقلالها.

وفاة أكبر معمّرة في روسيا عن عمر يناهز 116 عامًا

توفيت كلاوديا غاديوتشكينا، أكبر معمّرة في روسيا، في 29 نوفمبر، عن عمر يناهز 116 عامًا بحسب بعض المصادر، بينما تشير مصادر أخرى إلى أنها كانت تبلغ 114 عامًا فقط. لم تُكشف بعد تفاصيل سبب الوفاة أو موعد الجنازة.

ولدت كلاوديا في 24 نوفمبر 1909 (أو 5 ديسمبر 1910 وفق بيانات منظمة LongeviQuest)، واحتُسبت من أكبر المعمّرين عالميًا، وكانت الرابعة في أوروبا والخامسة في العالم، والشخصية الروسية الوحيدة التي تم الاعتراف بسِنّها رسميًا دوليًا.

تحدثت سابقًا عن طفولتها الصعبة بعد وفاة والدتها، وعملت منذ سن الخامسة عشرة، وتزوجت مبكرًا، وأنجبت ثلاثة أطفال ولديها لاحقًا ستة أحفاد وثمانية من أبناء الأحفاد وخمسة من أبناء أبناء الأحفاد، مؤكدة دائمًا أن عائلتها كانت أغلى ما تملك.


المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أستراليا أمريكا إسرائيل إيران البرازيل المكسيك بنغلادش حوادث حول العالم روسيا فرنسا مصر فی فرنسا من قبل إلى أن

إقرأ أيضاً:

تجليات الطبيعة والطفولة في «وعود اليمامة لجسد معطوب»

يقدم الشاعر أحمد الرمضاني تجربته الأولى، ويمزج في هذه التجربة ما هو شعري بما هو سردي، دون أن يُصنّف هذا الإصدار، فهي نصوص تقترب من تخوم السرد وتشتبك مع اللحظة الشعرية وتفجرها، محاولة الإمساك بالصورة الشعرية بإتقان السارد وخيال الشاعر، من خلال لغة نابضة بالحياة والتحولات، تجربة ينحاز فيها الرمضاني إلى ما هو بسيط وعادي وعميق في الآن ذاته، ينحاز إلى اليومي والطفولي والجمالي والحنيني فينا، من العتبة الأولى نجد الانحياز التام إلى تجليات الطبيعة ومظاهرها، فهذه اليمامة الواقفة على غصن العنوان لها حضورها ووعودها وحنينها وخطاباتها في نصوص المجموعة، والجسد المعطوب بالفقد واليتم والألم يُشفى بالحنين والطفولة، فهذا الجسد المنكسر بالوجع يبحث عن صوت يشفيه، عن صوت طائر أو ظلال شجرة أو صوت الماء في السواقي ليشرق، فكل ندوب اليتم والفقد الطافحة في الجسد المعطوب لهما ما يشفيهما داخل ظلال النصوص، فعلى المتلقي والمنصت لهذه النصوص أن ينصت إلى هذه الوعود الخفيّة التي تتلوها يمامة الشاعر، فصوت اليمامة ووعودها يندسان في تناقضات وتشظيات المعنى داخل النصوص، فيأتي هذا الصوت الجمالي الشفاف والمرادف للسلام مع نعيق الغراب الذي يحمل كل صيحات الشؤم والخراب، «حلّقت نوارس وضحكات أطفال، وبلا مبالاة لطيفة رفرفت حولي، وباللامبالاة ذاتها تجاهلت نعيق غراب يراقب المشهد عن كثب ... في تلك اللحظة المحتدمة بالتناقضات... تذكرتُ وعود اليمامة» ص26، فهذا المشهد الشاعري السينمائي يختتم بوعود اليمامة رغم نعيق الغراب، فيمامة الشاعر تنثر وعودها وأحلامها داخل النصوص، وتكشف لنا رغبة الشاعر في القبض على لحظة سلام طفوليّ، فروح الشاعر القلقة من الرحيل والفقد والغياب الجمالي لكل ما هو طفولي، دفعت -هذه الروح- للانغماس الكليّ في جوهر الطبيعة بكل تفاصيلها وأزمنتها وفصولها. 

«البيوت التي ترحل عنها الأم يطوّقها الصمت إلى الأبد، العيون تسرح في الزوايا كي لا تلتقي عينًا أخرى، فيتحطّم زجاج في القلب والذاكرة، والآذان تبحث عن ضجيج عابث كي لا يستدرجها الصمت فتسمع وقع خطوات الموت وهو يقرع أجراس البيوت... ويهرب بعيدًا ... بعيدًا...» ص25. 

كل هذا الفقد واليتم والغياب الجارف الذي يُطارد روح الشاعر نجد تجلياته ومظاهره في الطفولة والطبيعة والراحلين والموتى، فالغياب يسبر معنى الحنين في روح الشاعر، والألم الذي يحاصر قلق الشاعر، يغتسل بظلال الطبيعة، فالحضور الطاغي للطبيعة في نصوص المجموعة هو تعويض جماليّ حالم عن غياب الطفولة وفقد الأم، فحلّت هذه الطبيعة مكان هذا الغياب الشاعري والمجازي، لتمنح الشاعر أمومة أبديّة، يذهب الشاعر إلى الطبيعة ليرمم فقده، ويلتحم مع الطفولة ليؤسس له نظرته الخاصة للعالم والأشياء. 

«تلك النسمة الباردة التي لا تكاد تلمس رأسي 

كفيلة بأن توقد الحنايا والضلوع 

كفيلة بأن أمسك بزمام اللحظة وأشاغب الأبد». ص17 

فالنسمة الباردة تكفي الشاعر لتتفجر بداخله هذه العوالم المختلفة، عوالم يهرب إليها، يتمسك بها، ليشكل لحظته الأبديّة. 

حتى في النوم تظلُّ حواس الشاعر ومشاعره متيقّظة ومتأهبة إلى صوت يمامة في الفجر، ويخشى أن تتلو هذه اليمامة وعودها وهو غارق في نومه وغيابه، 

«وأنا نائم تبقى حواسي متأهبة، أذناي توّاقتان إلى صوت يمامة في الفجر». ص31 

هذا الحضور الطاغي للطبيعة ومظاهرها على عوالم نصوص المجموعة وثيماتها يدفعنا إلى السؤال عن دوافع الهرب التي يتشبث بها الشاعر؟ ولماذا وجد جنته وكينونته في هذه الطبيعة التي لا تفارق الطفولة؟ هنا نلحظ بأن طفولة الأرضِ تُمثّلها هذه الطبيعة الحُلميّة التي يُحاول الشاعر الإمساك بها، كما يحاول بكل صوره ولغته الإمساك بطفولته. 

«فقاقيع تهرب من فم شاعر يؤنس بها عزلة مكتظة بوجوه الراحلين أو سهام تثقب القلب وتكشف حُجبا وسماوات 

من أنتِ؟ 

من نحن؟». ص15 

فنحن هنا أمام غاية لهذا الهروب والارتماء في الطبيعة، وهو البحث عن عزلة؛ لكنها ليست عزلة خالصة، بل عزلة مكتظة بوجوه وأرواح الراحلين أو سهام تكسر قلب الشاعر، فالراحلون يشكّلون هاجسًا شعريًّا ووجوديًّا للشاعر، فنجد ذلك مُتمثلًا في نصين داخل المجموعة، نص: الفراشة التي أغراها النور، ونص معنون: إلى روح العم عبد الله الحسيني، يتسلل هذا الغياب إلى روح النصوص لينثر الألم الوجوديّ للموت، لكن الشاعر يصرُّ على استحضار الطبيعة ليكسر جبروت الموت المرعب، ليجعل من الطبيعة مساحة لكسر الغياب والفقد الذي يكسر روحه: 

«القلوب مُعِشبة بالغياب 

مورقة بالفقد». ص52 

وحين نتتبع الحضور الشاعري الحلمي لهذه الطبيعة في الديوان نجد -هذا الحضور- مقترنا بثيمتين أساسيتين في النصوص، وهما: الطفولة والقرية. فالطفولة بكل تجلياتها امتزجت بتفاصيل الطبيعة، وهذا الامتزاج والالتحام بينهما لا يأتي إلا في ساحة القرية وتفاصيلها وعوالمها، وتمثل القرية حالة حُلمية مفقودة، فالشاعر يبحث عن قرية الطفولة البعيدة عن تشوهات الحداثة والمدينة، ويقترن هذا الحضور الثنائيّ بين الطبيعة والقرية ويتجلّى في الفجر، أول الفجر تحديدا «القمر فجرا لا يزال مرابطًا، أيها الصخريّ الذي يسحرنا بالنور، نحن أيضًا من طين يمكننا أن نشعَّ لولا عطبٍ قديمٍ في الروح». ص38 ، تنحاز النصوص بشكل كليّ إلى هذا المُثلث من الثيمات: الطفولة والقرية والطبيعة، تحضر أحيانا متلازمة ومتتالية، وأحيانًا أخرى منفردة، تحضر بدلالاتها المباشرة، أو تلميحًا لها، ويتشبث الشاعر بمعجمها، وبهذا التلازم تتشكل لنا الصورة الشعريّة في النصوص، «رأيت الفجر بأم عيني يكتحل زرقة البحر، ورأيته مرةً يترجل من شجرة الغاف الكبيرة، رأيت أحد الفلاحين يحمل الفجر على كتفه كفأس رشيقة ويفلق صخرة الليل ... رأيت الفجر». ص39، فتشكلت الصورة الشعرية في المقطع السابق من خلال مفردات الطبيعة: البحر والغاف، والفلاح الذي يلتحم بالطبيعة، كلُّ ذلك مع الضديّة التي تحملها الدلالات الزمنيّة بين الليل والفجر، فمن خلال بوابة الطبيعة وضديةّ الزمن شكّل الشاعر صوره وخطابه الشعريّ. 

وهذا ما نجده كذلك في المقطع التالي، حيث تفجرت الصورة الشعرية من خلال مجموعة من تمظهرات الطبيعة، بدءًا من الجبال ومرورًا بالبحر والغيم، وليس انتهاءً بشتلات الزعتر، ولا يمكننا أن نغفل دور الرعاة المرتبط بفاعليته مع روح الطبيعة والطفولة. 

«مرحى يا جبال الحجر الأزليّة أكُلّما شممتُ رائحة البحر في غيمة زاجلة، جُنّت في خواصرك شتلات الزعتر، وارتجل الفرح الجارف أغانيه في عيون الأطفال والرعاة الهائمين؟!». ص20 

يحفر أحمد الرمضاني الذاكرة، يستحضر صورها وشخوصها، أشجارها وحيواناتها، يصطاد من لغة الأطفال وأحلامهم شذراته، ويحوّل ألمه الشخصي إلى تجربة إنسانيّة عميقة، ففي نصه «التفاحة الحمراء»، حيث يتتبع الشاعر مكانا واحدا، هو المستشفى، الذي شهد رحيل الأم، وولادة الطفلة، وإصابته بالمرض، تتداخل الأزمنة والمشاعر ويتعمق الشعور بالألم، «أخبرني الطبيب في إحدى زياراته أن هذا النوع من (الساركوما) عادةً ما يصيب الأطفال، قلتُ إذن هي حالة من الاثنتين؛ إما أن المرض يراني طفلًا وهذا نبلُ منه، أو أن جسدي تصدّى لأحد سهام القدر كانت في طريقها إلى جسد طفل ضعيف فالتقفها عنه، وهذا يرضيني كثيرًا». ص61، حتى في أصعب اللحظات وأقساها لا يتخلّى الشاعر عن استحضار روح الطفولة ليخفف من سهام المرض، فهو في كلتا الحالتين يرضى بما أصاب جسده وروحه. 

تحضر الطبيعة بكل تجلياتها في نصوص أحمد الرمضاني بوصفها مرتكزًا جماليًّا أساسيًّا، فلا يخلو مقطع من نصوص المجموعة دون أن نجد ظلالا لهذه الطبيعة، طبيعة يذهب إليها بحنينه الطفوليّ، وبأحلامه الشاعرية، بوصفها الفقد والحضور، ينحت الرمضاني جوهر هذه الطبيعة، يبحث عن روحه في ظلالها، «أجمل استشفاء روحيّ ممكن أن تتجول بين قوافل النخل المُقمِر في قريتك المنعزلة، منسيًّا وناسيًا ومتناسيًا». ص13. فقوافل النخيل الممتدة هي من تشفي روح الشاعر من جروح الحياة والفقد، ومع هذا التشافي الذي يرغب فيه، فهو يبحث عن عشبة العزلة، فيريد أن يكون منسيًّا من البشر، وناسيًا كل ما يشغله عن هذا التماهي الروحيّ، أو أنه يذهب إلى لعبة النسيان بكل وعيه وإصراره، فهو ليس سائحًا بل عاشق لهذه الطبيعة، «من الفلج أسرق شروده، ولامبالاته كأن أكون نخلة تعانق مئذنة وتصغي معي إلى الصمت في تدفقه الدائم، سريانه في عروق القرية». ص18، لا يكتفي بما تمنحه إياه الطبيعة، بل يريد أن يسرق بشكل جمالي شرود الفلج، وأن يصبح نخلة تعانق المئذنة، كل هذا التوغل في روح الطبيعة ليس لمعرفة مكنوناتها، بقدر ما هي رغبة شاعرية للكشف عن جوهر الطبيعة وتجلياتها المفقودة، وهذه التجليات مرتبطة بطفولة الشاعر. 

ورغم الحضور الكثيف لمظاهر الطبيعة وما تحمله من دلالات على الحياة والوجود، إلا أن الموت وصوره يحضران بكثافة في النصوص، وكأن هذه الحياة التي تنبثق من روح الطبيعة لا تتشكل إلا من خلال نقيضها؛ وهو الموت. 

«ولأني أمشي حافي القلب منذ دفنت أمي 

لم ألتفت ولم أتلفت 

أصبح القلق كلبي الذي لا ينبح 

والزمن 

ديكًا يصيح في الظهيرة 

فلتعوِ الريح 

ولتقمِ الحروب». ص42. 

فالموت الذي يسبر الشاعر مجاهيله ودروبه لا يقتصر على الموت الواقعي المباشر، بل مرتبط كذلك بالغياب والفقد، فغياب الطفولة، وروح القرية ونمط معيشتها، وصوت الطيور، والأشجار التي تحضر في ذاكرة الشاعر بوصفها رفيقة للطفولة، كل ذلك هو موت بشكل مجازيّ يسبره الشاعر بمخيلته وحنينه. 

«النخلة الوحيدة في طرف القرية تفرد شعرها للريح منعتقة وحرّة لا تفكر وربما لا تحلم، الماء القليل الراشح في النسغ القادم من أقاصي الفلج يدسُّ فيها معنى خفيًّا للحياة.. 

النخلة الوحيدة مثل شاعر غريب». ص8 

تذهب نصوص أحمد الرمضاني إلى عوالم الطفولة والموت والطبيعة، ويسبر معنى الأمومة المفقودة، ويُشيّدُ عالمًا طفوليًّا حالمًا، لكنّه في الوقت ذاته غائب، يحاول استرجاعه، وبين هذه العوالم تحضر الأشجار والطيور لتأثث عالم الشاعر الذي لم يغادر طفولته، أو الطفل الذي كان يتلمس الشعر بكل حواسه ومخيلته وخيالاته. 

مقالات مشابهة

  • مأساة العلم بين النظرية والتطبيق
  • الجيش الملكي: الفئة التي أحدثت شغب أمام الأهلي لا تنتمي لنا.. ونشكر مصطفى شوبير
  • أيمن الرمادي يرد علي تصريحات فيريرا الصادمة ضد الزمالك
  • بنغلاديش.. اتهام الشيخة حسينة بالتورط في "مجزرة 2009"
  • من خلاف بسيط إلى مأساة كبرى.. قصة جنى التي هزت الشروق
  • فى ذكراه.. بشارة واكيم حفظ القرآن وتعرض إلى مأساة كبيرة
  • تجليات الطبيعة والطفولة في «وعود اليمامة لجسد معطوب»
  • أسئلة الإجازات ودروس الطبيعة
  • حدث منتصف الليل| مصر تفوز بمقعد بالجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية.. والأرصاد تحذر من طقس متقلب