ظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه مؤتمر النقابات العمالية، أكبر اتحاد نقابي في المملكة المتحدة، شمل 2600 بالغ في أغسطس، أن نصف المشاركين يشعرون بالقلق من تأثير الذكاء الاصطناعي على وظائفهم ، مما دفع الشباب البريطاني إلى المهن التقليدية الماهرة.

وتذكر النتائج التي نقلتها صحيفة إيكونوميك تايمز، أن القلق أكثر وضوحا بين الفئة العمرية من 25 إلى 35 عاما.

في المقابل، انخفض عدد المسجلين في الجامعات البريطانية بشكل طفيف، بنسبة 1.1% في العام الدراسي 2023 /2024 مقارنة بالعام الدراسي السابق، وهو أول انخفاض سنوي منذ ما يقرب من عقد، وفقًا لوكالة إحصاءات التعليم العالي.

ووفق مكتب الإحصاءات الوطنية، يبلغ متوسط دخل عامل السباكة 37,881 جنيها إسترلينيا (50,169 دولارا أمريكيا) سنويا، بينما يبلغ متوسط دخل العمال المهرة في البناء والتشييد حوالي 35,764 جنيها إسترلينيا .. ويقارن هذا بمتوسط الراتب الإجمالي في جميع القطاعات البالغ 39,039 جنيها إسترلينيا.

وقالت أنجيلا جويس، الرئيسة التنفيذية لكلية كابيتال سيتي، في لندن إن الكلية شهدت نموا قويا في الاهتمام بمجالات البناء والسباكة والضيافة وغيرها من المهن.

وأضافت "يُظهر هذا أن المزيد من الناس يدركون قيمة أن يصبحوا محترفين ماهرين"، مضيفة أن التدريب المهني قد يوفر للبعض إمكانيات دخل أفضل من الشهادات الجامعية.

وتابعت “ الذكاء الاصطناعي لم يدفع الشباب فحسب، بل دفع أيضا البالغين الذين يتطلعون إلى تغيير مساراتهم المهنية، إلى التفكير بشكل أكثر استراتيجية”، والكثيرون يسعون إلى الأمان الوظيفي والأجور الأعلى.

وبينما يستمر الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل سوق العمل، يبدو أن المهن اليدوية، من السباكة إلى الكهرباء والبناء، تستعيد مكانتها كخيار استراتيجي يحمل أمانا وظيفيا ومسارا طويل الأمد، بعيدا عن تهديدات الآلات أو البرمجيات أو الذكاء الاصطناعي.

طباعة شارك استطلاع للرأي مؤتمر النقابات العمالية أكبر اتحاد نقابي في المملكة المتحدة تأثير الذكاء الاصطناعي على وظائفهم الشباب البريطاني المهن التقليدية الماهرة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: استطلاع للرأي الشباب البريطاني الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الكادحون الجدد في مزارع الذكاء الاصطناعي

هل يساعدك الذكاء الاصطناعي على إنجاز مهامك في العمل؟ إذا كانت إجابتك نعم، فهذا يعني أن مديرك سيتوقعُ منك ما هو أكثر من اليوم فصاعدًا، أكثر مما كنت تقوم به في الأيام الخوالي يا عزيزي الكادح. مع الأسف، إنجازك السريع للتكليفات بمساعدة تشات جي بي تي لن يمنحك الرخصة للعودة إلى البيت قبل نهاية الدوام الرسمي، بل سيغري الشركة بزيادة كم التكليفات الملقاة على عاتقك، لم لا وقد أصبحت تنجزها في وقت أقل، بل وتتباهى بذلك؟! وربما سترسلك إدارة الشركة إلى دورات وورش تدريبية كي تتعلم أشغالًا جديدة لم تكن في يوم من الأيام ضمن المهام التقليدية لتعريفك الوظيفي. سيتسعُ نطاق تعريفك الوظيفي ليشمل وظائف أخرى مع تغير المعنى التقليدي للوظائف في كل القطاعات. كل ذلك لأنك أصبحت إنسانًا مُطوَرًا بنظر أرباب العمل، إنسانًا «أذكى» مما كنت عليه، ولذلك صار عليك أن تنتج أكثر مما كنت تنتجه خلال ساعات العمل المنصوص عليها في العقد.

تذكَّر، هناك من يربح أكثر لأنك تستخدم الذكاء الاصطناعي، عزيزي الكادح. أنت منذ الآن إنسان مُلحق بأدوات مساعدة، إنسان معدَّل بالآلة لصالح هذه الخدمة. سيرتفع من معدل إنتاجيتك الفردية خلال ساعات العمل بما يؤدي لرفع معدل إنتاجية الشركة في المحصلة، لكنك لن تعود إلى البيت قبل الخامسة مساءً في الغالب، يؤسفني تعكير المسرات.

باعتمادك واعتمادهم على مساعدة الذكاء الاصطناعي، والذي بات مسألة منتهيةً لا مفرَّ منها، يُقدم الكادحون الجدد حول العالم أدلة يومية من واقع العمل على أنهم أرقام زائدة يمكن الاستغناء عنها ما دام الذكاء الاصطناعي يعمل بهذا القدر من السرعة والكفاءة. ما الذي يمنع ذلك ما دام المنطقُ الرأسمالي الذي تعمل به الشركات يرى الذكاء الاصطناعي أكثر طاعة ومطواعية بخلاف البشر، فإنهم مماطلون وعنيدون، ومجبولون على حب السجال دائمًا حول كل صغيرة وكبيرة، كما أنهم يبدون استعدادًا فطريًا للمقاومة، وهذا أكثر ما يرهق العقلية السلطوية التي تُدار بها المؤسسات.

الأدلة تتزايد كل يوم على الطريقة التي يعمق بها الذكاء الاصطناعي غياب العدالة والمساواة في بيئات العمل. ننسى أحيانًا ونحن نمدح دوره في مساعدتنا على إنجاز مهام لا نتقنها، أن هناك شخصًا سهر وكابد لسنوات من أجل تعلم تلك المهارات اللازمة التي لا نملكها. بهذا المعنى فإن الذكاء الاصطناعي يضع المؤهل وغير المؤهل متساويين على خط السباق، ويعزز من إمكانية نجاح المواهب المزيفة على حساب المواهب الحقيقية المصقولة بتعب الزمن. نرى ذلك عيانًا ونعايشه في معسكرات الإنتاج الرأسمالي، المريضة من قبل بحمى التنافسية غير العادلة، وقد أصبحت اليوم بيئات أكثر عدوانية لا فرصَ فيها إلا للانتهازيين الشطَّار الذين يُفضلون الطرق المختصرة على مشقة التعليم المضني والممل.

في سياق هذا التحول المخيف تدخل الرأسمالية عصرها الجديد مع ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث تغدو الشركات الكبرى نموذجًا للدكتاتوريات العصرية في صورة تتجاوز وتقهر حتى دكتاتورية الدولة التقليدية. لا تتوانى هذه الدكتاتوريات الرأسمالية عن تطبيق المقولة الاستعمارية المجرَّبة «فرّق تسد»، وذلك عبر إحلال الذكاء الاصطناعي محل العامل البشري، أو من خلال تسليطه رقيبًا عتيدًا على سلوك الموظفين، فيتتبع بياناتهم الخاصة ويراقب ويحلل طبيعة التواصل فيما بينهم كي يمنع أي حالة من التكتل أو الفعل الجماعي المقاوم. ففي بيئات الإنتاج المراقبة بالحسَّاسات والكاميرات الذكية يُطور الذكاء الاصطناعي آليات الرقابة على السلوك والأجساد، والتي بلغت تطبيقاتها في كبريات الشركات العالمية إلى حد تثبيت أنظمة لمراقبة الوقت خارج المهمة (Time off task) فأي شرود أو سهو عن المهمة قد يُعرض الموظف لعقوبة الخصم.

بات واضحًا أن التاريخ ينساق لصدامٍ حتمي بين الإنسان ووحش الآلة. فهل يُنذر هذا التحول بثورة عمَّالية على استبداد الذكاء الاصطناعي يمكن أن نشهدها في المستقبل؟ إعجاب الأفراد اللاواعي بمساهمة الذكاء الاصطناعي في تسهيل وتسريع أنشطتهم الوظيفية يشي بإذعانٍ متمادٍ، ويجعل من التنبؤ بثورة عمَّالية على هذا الاستبداد فرضية مكبرة. ولكن هل يمكن التفكير بأساليب مقاومة بطيئة إلى ذلك الحين؟ في بيئة سلطوية مطلقة تقوم على تفكيك العلاقات وبتر الصلات الحميمة، وعلى تفتيت الجماعة البشرية إلى أفراد معزولين ومراقبين كل على حدة، لا أرى سوى «المماطلة» خيارًا أخيرًا للمقاومة الفردية بالنسبة للكادحين الجدد.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر من الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي قد يُعلّم الجيل القادم من الجراحين
  • الذكاء الاصطناعي يثير قلق الموظفين في ألمانيا
  • كيف تكشف التزييف في عصر الذكاء الاصطناعي؟
  • ما الذي تغفله هوليوود عن الذكاء الاصطناعي؟
  • تصاعد نفوذ اليسار البريطاني.. أماميان يحذر من "تحولات تهدد القيم التقليدية"
  • مفاجآت عن تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل التصميم في مصر
  • الكادحون الجدد في مزارع الذكاء الاصطناعي
  • جلسات تثقيفية تفاعلية حول الأسباب التي تدفع الشباب إلى التفكير في الهجرة غير الآمنة