لماذا يعدّ قيام ليل الشتاء فرصة لا تُعوّض؟
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
تعيش مصر هذه الأيام أجواء شتاء قارس ودرجات حرارة تلامس الصفر، ما يجعل الخروج من الفراش تحديًا حقيقيًا، وفي خضم هذا البرد الشديد، يبرز جمال عبادةٍ لا يقدرها إلا من ذاق لذّتها: قيام الليل وصلاة الفجر.
ورغم صعوبة القيام في الصقيع، فإن النصوص الشرعية وأقوال السلف تكشف عن عجائب هذا الوقت، وكيف يغمر الله عباده بالعطاء والطمأنينة، ويكتب لهم من الأجور ما لا يخطر ببال.
وصف النبي ﷺ الشتاء بأنه ربيع المؤمن، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:«الشتاء ربيع المؤمن»، وسُمي ربيعًا لأن ليله طويل يساعد على القيام، ونهاره قصير يعين على الصيام، كما ورد في قول النبي ﷺ:
«الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة».
ضحك الله لعبده القائم في البرد
من أعجب ما ورد في فضل قيام الليل في البرد، ما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:«إن الله ليضحك إلى رجلين: رجلٌ قام في ليلةٍ باردة من فراشه ولحافه ودثاره فتوضأ، ثم قام إلى الصلاة…»
وفيه أن الله يسأل ملائكته: ما حمل عبدي على ما صنع؟فيقولون: رجاء ما عندك وخوفٌ مما عندك، فيقول سبحانه:«قد أعطيته ما رجا، وأمنته مما يخاف».
أمرٌ رباني وسُنّة لا يتركها النبي ﷺ
يأمر الله تعالى نبيَّه في القرآن بقوله:﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ سورة المزمل.
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:«لا تَدَع قيامَ الليل؛ فإن رسول الله ﷺ كان لا يَدَعُه، وكان إذا مرض أو كسل صلّى قاعدًا» رواه أبو داود.
الغنيمة الباردة
كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يقول:
«ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟» قالوا: بلى. قال: «الصيام في الشتاء».
ووصفت “باردة” لكونها تُنال بلا مشقة عالية، فحرارة الصيف ليست حاضرة، والليل طويل للقيام، والنفس تأخذ نصيبها من الراحة.
لماذا يعدّ قيام ليل الشتاء فرصة لا تُعوّض؟
يشرح الإمام ابن رجب أن الليل الطويل يعطي المؤمن:
وقتًا كافيًا للنوم
ثم وقتًا للقيام وقراءة القرآن
فيجتمع للمؤمن راحةُ البدن وغذاءُ القلب.
وقال يحيى بن معاذ:«الليل طويل فلا تُقصِره بمنامك، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك».
ويروى عن ابن مسعود قوله:«مرحبا بالشتاء؛ تنزل فيه البركة، ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر النهار للصيام».
فضل القيام رغم البرد القارس
قيام الليل في شدة البرد له مشقتان عظيمتان تزيدان الأجر:
1. القيام من الفراش في الصقيعذكر أبو نعيم أن أحدهم قام ليله في ليلة شديدة البرد وهو يرتجف، فسمع هاتفًا يقول:
«أقمناك وأنمناهم، وتبكي علينا؟!»
في إشارة إلى عِظَم مقام من يقوم الليل بينما ينام غيره.
قال النبي ﷺ:«ألا أدلّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره…»
رواه مسلم.
وفي حديث معاذ رضي الله عنه:«الكفّارات: إسباغ الوضوء في الكريهات…» أحمد والترمذي.
وكان عمر رضي الله عنه يوصي ابنه قبل موته بقوله:«عليك بإسباغ الوضوء في اليوم الشاتي».
قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيفلذلك بكى معاذ بن جبل رضي الله عنه عند موته، وقال:
«إنما أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء بالركب».
فهذه عبادات لا ينالها إلا من جاهد نفسه.
دعاء قيام الليل المستجاب
من الأدعية التي وردت عن السلف وذكرها العلماء في فضل السحر:
«يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث».
فمن ناجى ربه به في الليل، أعطاه الله من العطاء والتمكين ما لا يعلمه إلا هو.
ومن دعاء النبي ﷺ:
«اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت…»
وهو من أعظم ما يقال في جوف الليل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دعاء دعاء قيام الليل قيام الليل في الشتاء رضی الله عنه قیام اللیل النبی ﷺ ربیع ا
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: يجوز أداء النوافل جالسا على الكرسي وإن كان القيام أفضل
ورد سؤال إلى الشيخ أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، من أحد المواطنين حول ما إذا كان يجوز أداء صلوات النوافل، مثل صلاة الضحى أو الشفع والوتر، جالسًا على الكرسي بدلًا من القيام.
وأجاب أمين الفتوى خلاللقاء تلفزيوني، بأن صلاة النوافل لا يشترط فيها القيام، مشيرًا إلى أنه يجوز للقادر على القيام أن يصلي النوافل جالسًا، مع أداء الركوع والسجود، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة القائم أفضل من صلاة القاعد"، وبذلك فإن من يصلي النوافل جالسًا مع القدرة على القيام ينال نصف الأجر.
وأوضح الشيخ عبد العظيم أن الأفضل أداء النوافل جالسًا على الأرض مباشرة، بحيث يكون الركوع والسجود على الأرض، بينما الصلاة جالسًا على الكرسي بالإيماء فقط يُستحب تجنبها عند القدرة على الأرض.
ونصح أمين الفتوى بضرورة التفريق بين صلاة الفرض وصلاة النفل، مشددًا على أن صلاة الفرض لا تجوز جالسًا مع القدرة على القيام، أما النوافل فالأمر فيها أيسر، مع مراعاة الأفضلية للقيام متى كان ممكنًا.
هل يجوز إعطاء زميلي في العمل من زكاة المال ؟
ورد سؤال حول جواز إعطاء الزميل في العمل من أموال الزكاة إذا كان دخله لا يلبي احتياجاته الأساسية.
وأكدت دار الإفتاء أن زكاة المال تصرف للأصناف الثمانية الواردة في قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
وبناء على ذلك، فإن الزميل الذي لا يغطي راتبه نفقاته يعد من المساكين الذين يحق لهم أخذ الزكاة، كما يستدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾، فمع أن أصحاب السفينة يملكونها إلا أنهم وصفوا بالمساكين.