جامعة الفيصل تحتفي بـ "يوم العطاء" وتكرم الأميرتين موضي بنت خالد ونوف بنت عبدالرحمن
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
احتفلت جامعة الفيصل اليوم بـ يوم العطاء، عبر حفل تكريمي أقيم بمناسبة اليوم العالمي للتطوع تحت شعار “أهل العطاء في يوم العطاء”، وذلك بمقر الجامعة بالرياض بحضور رئيس جامعة الفيصل الدكتور محمد بن علي آل هيازع، والأمير منصور بن سعد بن فرحان آل سعود، الأمين العام المساعد لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، وحضور عدد من صاحبات السمو الأميرات وقيادات القطاع غير الربحي.
وخلال الحفل، أكدت الأميرة الدكتورة مها بنت مشاري بن عبدالعزيز آل سعود، نائب رئيس جامعة الفيصل للعلاقات الخارجية والتنمية، في كلمة لها أن اليوم العالمي للتطوع يمثل محطة إنسانية ذات قيمة عالية، تجسد المعاني العميقة للعطاء وتبرز التزام المجتمع السعودي بترسيخ ثقافة المبادرة والمسؤولية الاجتماعية.
ورحبت بالحضور، مشيرة إلى أن الجامعة تحتفي بيوم استثنائي يعلي قيم الإنسانية ويبرز دور التطوع كركيزة استراتيجية في رؤية المملكة 2030 التي تستهدف زيادة أعداد المتطوعين وتعزيز مفهوم المواطنة الفاعلة.
وأضافت أن العمل التطوعي لم يعد مجرد مبادرة إضافية، بل أصبح منهجا عالميا تتنافس فيه الدول لتعزيز ترابطها الاجتماعي وقدرتها على تحقيق التنمية المستدامة. كما أكدت أن جامعة الفيصل تبنت العمل التطوعي كنهج مؤسسي؛ لغرس قيم المسؤولية الاجتماعية في طلابها وتهيئتهم ليكونوا قادة يحققون أثرا يتجاوز حدود الإنجاز الشخصي، موضحة أن جهود الجامعة تتكامل مع الأولويات الوطنية الهادفة إلى تمكين الإنسان وبناء جيل يستثمر طاقاته الإيجابية لصالح المجتمع والوطن.
وشهد الحفل جلسة حوارية سلطت الضوء على أثر التطوع في بناء مجتمع واع ومتماسك، ودور الشباب في دعم التنمية المستدامة وتعزيز المشاركة المجتمعية. وخلال الجلسة، استعرضت الأميرة موضي بنت خالد بن عبدالعزيز آل سعود و الأميرة نوف بنت عبدالرحمن بن فرحان آل سعود الدور المتنامي للمرأة السعودية في مسيرة العمل التطوعي، مشيرتين إلى أن حضور المرأة اليوم أصبح أكثر رسوخا وتأثيرا بفضل التمكين الكبير الذي وفرته القيادة، والدعم الذي قدمته برامج رؤية المملكة 2030.
وأكدت أن التجارب التطوعية للمرأة السعودية انعكست بشكل مباشر وغير مباشر على حياتها الشخصية والعملية، وأسهمت في صقل مهاراتها، وتوسيع دائرة تأثيرها المجتمعي، وتعزيز ثقتها بدورها القيادي في المبادرات الإنسانية. كما أوضحتا أن هذه التحولات النوعية مكنت المرأة من الإسهام في مشاريع مجتمعية ذات أثر ملموس، وأنها أصبحت نموذجا يحتذى به في العطاء والعمل التطوعي.
كما استعرضت المراحل التطورية لتأسيس الجمعيات الأهلية في المملكة، والانتقال من المبادرات الفردية إلى العمل المؤسسي المنظم، مبينتَين كيف أسهمت الأنظمة الحديثة، والدعم الحكومي، وتطوير منظومة الحوكمة في القطاع غير الربحي، في رفع كفاءة الجمعيات وتعزيز قدرتها على تنفيذ مبادرات أكثر أثرًا واستدامة.
كما شهد الحفل فقرة تكريم أعلنت خلالها الأميرة مها بنت مشاري تكريم الأميرة موضي بنت خالد والأميرة نوف بنت عبدالرحمن، تقديراً لمسيرتهما الريادية في العمل الإنساني والاجتماعي، ودعمهما المستمر للمبادرات التطوعية التي تحولت — بفضل جهودهما — إلى مشاريع واقعية أسهمت في خدمة المجتمع وتعزيز مكانة العمل الخيري في المملكة.
واختتم الحفل بالتقاط الصورة الجماعية للحضور في أجواء احتفالية جسدت قيمة العطاء ورسخت دور جامعة الفيصل في دعم المبادرات الإنسانية والاجتماعية.
وحثت الأميرة مها الجميع إلى مواصلة مسيرة العطاء، مؤكدة أن المملكة ستظل تزدهر بقيم التطوع ومبادرات أبنائها وبناتها، وموجهة شكرها للحضور ومتمنية دوام التوفيق لصاحبات السمو المكرمات .
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: العمل التطوعی جامعة الفیصل آل سعود
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: وجدان العطاء
دلالة العطاء دون مقابل تكمن في صفاء الوجدان، الذي تتعالى لديه المنزلة المعنوية عن المادية بفارق شاسع؛ حيث يتوقف شعور صاحب القيمة النبيلة على سعادة الآخرين، التي تبدو مظاهرها في ابتسامة، أو رضا، أو امتنان، أو مقدرة على استكمال مسيرة الحياة، وهذه المكرمة يتحلى بها الإنسان صاحب السريرة النقية، الذي يدرك أن ما يملكه أو يحوزه يستطيع أن يحدث به أثرًا إيجابيًا في نفوس الآخرين، كما يمكنه أن يعزز أطر التواصل الإيجابي، بما يؤدي إلى ترابط النسيج المجتمعي بصورة تلقائية.
وجدان العطاء يشعر صاحبه بالسعادة الغامرة، جراء ما يقوم به من ضروب خير متنوعة؛ لذا لا يفارقه الإحساس بماهية الرضا؛ حيث اليقين بأداء رسالة تقع على كاهل الإنسانية قاطبة؛ فالاجتماعية تقوم فلسفتها على مدّ يد العون، والشراكة، ومساقات المساعدة لأصحاب الحاجة، وهنا نود أن نشير إلى أن العوز لا يتوقف عند حدود المادية في إطارها المتعارف عليه؛ فهناك عطاء يكمن في إبداء مشاعر جياشة، أو محبة، يترجمها لطف التعامل والمعاملة؛ ومن ثم يقع مقصد هذه القيمة النبيلة في مساحة إضفاء البهجة والسعادة لدى قلوب الآخرين.
منْ يمتلك وجدان العطاء يحوز المعرفة الصحيحة لمفاهيم الحياة ومضامينها السوية؛ لذا لا نغالي عندما نقول إن الفؤاد يتقد، عندما تمتد اليد للآخرين، مقدمة كل ما يدخل السرور، وهنا يوقن الإنسان صاحب البذل أن الرحلة لا تخلو من اشتياق يحفزه دومًا تجاه إسعاد من يترقب الأمر، وهذا يجعل الروح مع العقل في حالة من الاتزان والانسجام المستدام؛ ومن ثم يصل صاحب الفضيلة إلى مرحلة السمو، وتلك درجة نتطلع إليها، ونأمل بلوغها بمزيد من الممارسات، التي تعمل على تأصيلها؛ لنصبح متمسكين بالتراحم والمحبة فيما بيننا على الدوام.
ثمة اتفاق على أن وجدان العطاء في مجتمعاتنا لا يقابله نظير في مجتمعات أخرى، وهذا دون مواربة سر التماسك والاندماج الاجتماعي، وقاعدة الترابط التي تجعل الجميع لديه شعور موحد، تجاه ماهية الوطن، والحفاظ على ترابه، والعمل على نهضته، وإعمار ربوعه، كما أن هناك ممارسات فريدة في حد ذاتها، نرصدها بين أهلنا الأكارم؛ حيث التعاون الذي يحض على دروب البر، وأعمال الخير، ليس فقط من قبيل صلاح السريرة، وحسن الخلق؛ لكن هنالك إحساس قوي بالمسؤولية تجاه المجتمع، وتعزيز استقراره، وبقائه، ونموه.
دعونا نفرق بين عطاء خالص، وممارسة تقوم على التفضل أو المنة؛ فشتان بينهما؛ فالأولى ترفع منزلة صاحبها في القلوب، ويصل من بوابتها للرضا الذاتي، بل، يحرص على أن تزيد معدلات السخاء من قبله، ولا يتقبل بحال من الأحوال اللجوء لمحاولات جني المكاسب، أو الحصول على امتنان وشكر من الآخرين؛ لأن كرم القلب واليد تقوم على سماحة في سياقها المطلق، وتلك صفة عظيمة المعنى؛ إذ تؤكد على رحابة الصدر وسعته، ويسر وسهولة التعامل؛ ومن ثم لا يعكر صفو صاحب وجدان العطاء المواقف العابرة التي قد تؤذي مشاعره، وأما عن الثانية فيزول الأثر في النفوس بعد لحظة المفارقة.
تعالوا بنا إلى نهضة تستلهمها نفوسنا؛ فتصير في طريق العطاء اللامحدود، وتعلى من قدر التعاون فيما بين أطياف هذا المجتمع، صاحب التاريخ والمواقف النبيلة، وهيا إلى تعزيز صور الممارسات، التي تعضد فلسفة العطاء في وجدان الأبناء؛ لتصبح حالات العوز في أدنى مستوياتها، وتزداد دروب الخير، التي يتدافع إليها الجميع دون استثناء؛ فالأمر ليس قاصرًا على عطاء مادي، بل، يتجاوز كل الأفعال والممارسات، المفرحة للآخرين، والمبهجة لقلوبهم، والسارة لنفوسهم؛ ومن ثم ترتوي أرواحهم سعادة تغمر وجدانهم النقي.
تراث المجتمعات التي تفقه فلسفة وجدان العطاء، تشاهد في عيون منتسبيها وممارساتهم المتباينة ملامح للولاء والانتماء والمسؤولية تجاه الوطن، وتلاحظ بعدهم عن مظاهر الأنانية، وحب الذات، والانطواء من أجل التفرد؛ لذا يتعاظم في النفوس فكرة الواجب الاجتماعي، الذي يزيد من تمسكنا بالقيم النبيلة، ويحثنا على الالتزام بالتشريعات التي توافقنا عليها؛ فيعم الأمن، والأمان، والطمأنينة، والاستقرار.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.