من الحكمة اليمانية إلى كلّ يماني
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
خلاف نشب بين صحابيين قبل ألف وأربعمئة عام، إن شئت أن تنحاز إلى أحدهما، فكن صحابيًا أولًا، فتقابل طرفين يشترط النّدية، وهما ندّان، وأنت لست ندًّا لأحدهما حتّى الذي قال عنه التاريخ مخطئ.
لا أدري إن كنت مثلي أم لا. وأنا طفل صغير، كان يحدث خلاف بين أبي وعمّي، فأتجاوزه غير مكترثٍ، كما لو كان مشهدًا من مسلسل على التّلفاز، لأنّي تربيتُ على عدم التّدخل بين أخوين، هذا أبي وذاك عمّي بمقام أبي، الأنحياز إلى أحدهما ليس برًّا به، بل عقوقًا بكليهما، فكلاهما لن يرضى تدخلي، وكلاهما سيرى حاجتي إلى إعادة تربية تلزمني حدودي.
إذا حقّقت هذا الشّرط، وصرت صحابيًا، بقي شرطًا بسيطًا، وهو أن تعود بالزّمن إلى حيث اختلفا، لأنّ الله يقول «تلك أمّة قد خلت»، ومكارم الأخلاق تقول، ليس من المروءة حديث المرء عن غائب بما يكره، فما بال حديثه المكروه عن ميّت؟!
تعال هنا نتكلم بالعقل والحكمة اليمانية.
اقرأ أيضاً السعودية تعلن ضبط مقيمين يمنيين متلبسين بجريمة خطيرة صحيفة إماراتية تكشف عن تعرض اليمنيين لسياسة تجويع ممنهج انهيار جديد للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اختفاء امرأة في ظروف غامضة من أحد شوارع صنعاء.. وأسرتها تبحث عنها منذ شهر!! هزات أرضية تضرب ثالث دولة عربية بعد زلزال المغرب .. وإطلاق تحذيرات عاجلة درجات الحرارة المتوقعة في اليمن اليوم الإثنين عاجل .. بتوجيه ولي العهد السعودي.. وزير الدفاع السعودي يجري اتصال هام مع الرئيس رشاد العليمي وفاة فتاة بعد إلقاء نفسها من على باص حاول اختطافها وهي عائدة من دوامها الجامعي بصنعاء (تفاصيل) وفاة طفل وإصابة أمه بجروح خطيرة بعد الهجوم على منزلهم بالقنابل اليدوية في رداع بالبيضاء يمانيون في موكب ثورة 26 سبتمبر 1962م .. المناضل محمد عبد الله العلفي (9) قبائل اليمن تتوافد إلى صنعاء وتقيم حفلًا سبتمبريًا جمهوريًا رفقة الشيخ حمير الأحمر بعد تعرضه لتهديد حوثي ”فيديو” مجلس النواب اليمني يتخذ أول قرار بشأن صفقة بيع الاتصالات لشركة إمارتيةتخيل يا أخي أنّك طالب، تجد في المنهج فصلًا طويلًا في غاية الغموض والتّعقيد، ثمّ تسمع المعلم يقول لك: (لا تشغل بالك، هذا الفصل غير داخل في الامتحان البتّة)، حتمًا ستشعر بالسعادة والامتنان، لأنّ عبئًا ثقيلًا قد حلّ عن كاهلك.
هذا الشّعور لا يعدل شيئًا أمام شعوري بقول الله تعالى: «تلك أمّة قد خلت»!
نعم. إنّها من أعظم آيات القرآن التي أستشعر بها رحمة الله بعبده الضّعيف!
«قد خلت»، ما يعني أنت معفي من كلّ هذا العكّ المسبب للصّداع ووجع القلب، وهذه لعمرك راحة دنيوية.
«قد خلت»، ما يعني أنّك لن تلقى سؤلًا من التاريخ بعد موتك.
لا تقلق، لن يسألك منكر ونكير، أي الصّحابة كان أفضل؟ ولا أي الصّحابيين كان أحق بالولاية؟ ولا أي الطّائفتين المؤمنتين بغت على الأخرى؟
لن يسألك الله يوم القيامة حول موقفك من صفين وموقعة الجمل.
لن يضع الله على ميزانك يوم الحساب بكائك على الحسين.
فبالله عليك، ماذا أبقيت للحكمة اليمانية، وأنت تترك منهج الاختبار، وتفتّش في كتب التّاريخ عن أولياء تبكي عليهم، وخصوم تكيل لهم الشتائم؟!
لقد أورد الله قصّة فرعون في القرآن الكريم، فأنا أؤمن إيمانًا يقينيًا أنّه طاغية جبار متكبّر، ومع ذلك لا تجدني أسبّه، لأنّ الله لم يكلّفني بذلك، إنّما ذكر قصّته للاعتبار وكفى.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
في العمق
#في_العمق
د. #هاشم_غرايبه
في تقييم الأحداث الفاصلة في تاريخ أمتنا المعاصر، يبقى حدث السابع من اكتوبر عام 2023 هو الأهم، وقد يعتبره المؤرخون من المعارك الفاصلة في تاريخنا الحديث.
بطبيعة الحال، ولما كانت العلامة الفارقة لأمتنا من دون الأمم الأخرى، هو وجود فصيل المنافقين، والذي لم ينقطع تواصله مع أعداء الأمة منذ أنعم الله علينا بهديه، فقد ظهر على الدوام وفي كل العصوراصطفافان ثابتان لا يتغيران في كل الحالات من ضعف الأمة أو قوتها، هما فسطاط أهل الحق وفسطاط أهل الباطل.
المتغير الوحيد هو عندما يحني أهل الباطل رؤوسهم وينزووا في جحورهم مؤقتا، عندما تهب ريح الأمة وتنتصر في معركة من معارك الصراع الأزلي مع الباطل، لكنهم سرعان ما يعودوا لنشاطهم القديم كلما ذهبت ريح الأمة واستقوى عليها أعداؤها.
رأينا تطبيق ذلك عمليا في معركة الطوفان، فقد كان هجوم المقاومة الإسلامية المظفرصادما للغرب المستعمر، اذ كان اعتقد أنه نجح بفضل تعاون أنظمة (سايكس – بيكو) الكسيحة معه، بترسيخ تصور أن الكيان اللقيط لا قبل لهم به، فلا مفر من الرضوخ له والقبول بهيمنته تحت مسمى التطبيع، لكن معسكر أهل الباطل (المؤلف من منافقي الأمة أساسا)، كانت صدمته أعظم، إذ كشف سوء نيتهم في اصطناع العجز عن مقارعة هذا الكيان وعدم القدرة على الوقوف في وجهه، لتبرير الاستسلام له.
وذلك ربما قدره الله ليكشف نوايا هذا الفسطاط، الذي كاد أن يقنع البسطاء بانه يفعل ما بوسعه لإنقاذ الأمة، فجاء نصره للمقاومين رغم التفوق التقني للعدو، ليسقط الوهم المصنوع عن قوة العدو وعقلانية القبول به أمرا واقعا، وليثبت تخاذلهم، وأنهم لو صدعوا بواجبهم، فأعدوا للصراع عدته، وصدقت نيتهم في التصدي لهذا الكيان منذ البداية، ربما لكان زال قبل أن يوطد أركانه، لكنهم لأنهم مكن لهم المستعمر من الاستئثار بالقرار السياسي طوال الوقت منذ تأسسيسه، فقد ألغوا فكرة مناجزته ناهيك عن نية اقتلاعه من ارض الأمة.
من هذا التحليل نفهم مجريات الواقع، فنجد مختلف أركان هذا الفسطاط قد تكاتفت لأجل استعادة زمام المبادرة في إعادة الأمة لمرحلة ما قبل هذا الطوفان، لذلك انصبت جهودها بداية بشكل سري لتحريض العدو على عدم التوقف عن عدوانه ألا بعد اجتثاث فكرة المقاومة والتنظيم الذي نجح في جعلها معادلة صعبة أمامهم، ولما لم تنجح جهود العدو رغم أنه لم يدخر جهدا في ارتكاب أبشع المذابح، ولم يرعى ذمة لمواثيق دولية في استهدافه المباشر للمدنيين وللصحافيين ولفرق الإسعاف ولكافة المرافق المدنية بما فيها المستشفيات.. رغم كل ذلك صمدت المقاومة وحاضنتها الشعبية في القطاع، ولم يتمكن من كسر ارادتهم.
عندها لجأ أهل الباطل (منافقو الأمة) الى محاولات يائسة لاختراق الجبهة الداخلية في القطاع، بإيهام المواطنين أن الإجرام بالتدمير والقتل وقطع الامدادات الذي يتم بحقهم لن يتوقف إلا إن تخلوا عن المقاومين، وخرجوا من بينهم، فان تم ذلك ستفتح عليهم خزائن أموال السحت الخليجية لتعيد الإعمار.
هكذا لم يعد سرا هذا التنسيق بين قوى الاحتلال المجرمة، وداعموهم من الغرب المستعمر، ومؤيدوهم من من أنظمة عربية باعت قرارها السياسي بثمن بخس هو البقاء على الكرسي العفن.
والمعركة الآن هي معركة إرادة، فمن جهة هنالك فسطاط أهل الحق الذين يتمسكون بالحق الشرعي في العيش في وطنهم، الذي ورثوه عن آباء وأجداد أباة أحرار صانوه لهم ليعيشوا فيه حياة كريمة، مقابل فسطاط أهل الباطل الخانعين، يقبلون بالدنية ويرضون بحياة الذل: “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ” [البقرة:96]، أية حياة .. ولو كانت حياة خانعة كحياة الأنعام.
قد يتعرض أهل الحق للأذى وينال منهم العدو نيلا كبيرا، وينجو من ذلك أهل الباطل، لكن الله وعدهم إن صمدوا على مبدئهم الحق، وصبروا على ما أوذوا في سبيله، وصابروا مناجزين للعدو بما في أيديهم ولو كان قليلا، أن تكون العاقبة لهم، وعزاؤهم أن الله صادق وعده، وقد رأوا من كان قبلهم من أمتهم، كم نصرهم الله في مواطن كثيرة، وأتاهم الفرج بعد إذ كانت الأرض تضيق عليهم بما رحبت، وبلغت قلوبهم الحناجر.. عندها كان يأتيهم نصر الله، والذي ما كان يوما بكثرة عدد ولا عدة.