د. سعيد الصارمي: أهمية تطوير أنظمة الإنذار المبكر وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة -

إبراهيم العجمي: تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية وحماية النظم البيئية والإيكولوجية -

تعدّ التغيّرات المناخية وما يصـاحبهـا من تداعيــات ومخاطر على النُظـم البيئيـة والإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية مشكلة عالمية، وأصبحـت تأثيراتها السلبية واضحـة، وتتعرّض دول العـالم إلى تقلبات في نظام المناخ العالمي من خلال ما نلحظه من زيـادة الجفـاف ونقص الأمطـار، وشـح في المـوارد المائيـة، بالإضافة إلى زيادة حدة وفترات تكرار الأعاصير المدارية والفيضـانات، وارتفاع غير مسبوق في متوسط درجـات الحـرارة العالمية.

وحول الاستراتيجية الوطنية للتكيّف والتخفيف من آثار تغيّر المناخ 2020-2040 قال الدكتور سعيد بن حمد الصارمي، خبير أرصاد جوية: «أُعِدت نماذج لمراقبة وتفتيش ورصد وتقييم الأنشطة، وتطوير قواعد البيانات الوطنية للتحقق من دقة بيانات انبعاثات غازات الدفيئة المقدمة من قبل المنشآت المختلفة، وبناء القدرات في مجال الشؤون المناخية، ونشر الوعي الثقافي والمعرفي حول قضايا تغيّر المناخ المختلفة»، موضحا أن الاستراتيجية تسعى إلى تحديد تأثيرات التغيرات المناخية على القطاعات الأساسية، والحد من الكوارث وإدارة المخاطر، ووضع خطط التكيّف المناسبة لكل قطاع بما يضمن حمايته من الآثار السلبية لتغير المناخ، ويقلل من الموارد المالية والاقتصادية التي قد تُستنزف نتيجة لإعادة ترميم تلك المناطق والقطاعات بعد تعرضها للتأثيرات المتوقعة، بالإضافة إلى جرد انبعاثات غازات الدفيئة في جميع القطاعات اعتمادا على بيانات البلاغ الوطني الأول لسلطنة عمان، وتحديد خيارات التخفيف في القطاعات الرئيسية التي تسهم بشكل كبير في انبعاثات غازات الدفيئة.

إجراءات مقترحة

وعرّج الدكتور سعيد في حديثه على أبرز الإجراءات الاستراتيجية المقترحة للتكيف مع التغيرات المناخية والمتمثلة في تطوير نظام الإنذار المبكر، وتحديث خرائط تحديد مخاطر الفيضانات وتطوير استراتيجيات إدارتها، وضرورة أن تُضمَّن دراسة التغيرات المناخية عند إنشاء مشروعات البنية الأساسية مثل الشوارع وغيرها، وتنفيذ دراسة عن أهم الكائنات البحرية المعرضة للخطر من التغيرات المناخية وأهم الأسماك المقاومة للتغيرات المناخية من أجل إكثارها، وتعزيز البحوث لتطوير أصناف محاصيل جديدة مقاومة للملوحة والحرارة ونقص المياه، وأهم الإجراءات الاستراتيجية المقترحة للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري هو تشجيع الطاقات المتجددة وإعداد برامج لحفظ وكفاءة الطاقة وتطوير مجال الدراسات والبحوث في مجال التخفيف من التغيرات المناخية وبناء وتعزيز القدرات الوطنية في مجال التخفيف من التغيرات المناخية.

وأكد الصارمي أنه يتعين على جميع مناطق العالم التعامل مع الظواهر المتطرفة «مثل موجات الحر والجفاف وهطول الأمطار الغزيرة» التي أصبحت بشكل عام أكثر حدة وتواترا، وأدى تغير المناخ الناتج عن الإنسان إلى زيادة فرص رؤية العديد من الظواهر الجوية المتطرفة، على سبيل المثال سيؤدي الجفاف مع الحرارة الشديدة إلى زيادة مخاطر حرائق الغابات أو موت الماشية أو تلف المحاصيل، وستؤدي العاصفة الشديدة إلى زيادة مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر الشديد المتزامن مع الأمطار الغزيرة، وبالتالي الفيضانات الساحلية.

مناخنا المستقبلي

وأضاف الصارمي: من أجل الاستعداد للمستقبل نحتاج إلى فهم كيف سيستمر المناخ في التغير، وحسب التقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2021م فإن المستقبل سيعتمد على العديد من الخيارات التي نتخذها الآن وفي السنوات القادمة سيستمر الاحتباس الحراري حتى عام 2050 على الأقل قبل أن تستقر درجات الحرارة وتظهر النماذج المناخية أنه ولو قللنا انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كبير الآن فلن يتوقف الاحترار حتى عام 2050 على الأقل، ويستغرق تنفيذ التدابير اللازمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة وقتا طويلا، وإن التخفيضات القوية في غازات الدفيئة الآن من شأنها أن تبطئ وتقلل من نسبة هذا الاحترار، وتظهر النماذج المناخية مستويات مختلفة جدا من الاحترار بعد عام 2050 اعتمادا على التدابير التي نتخذها في المستقبل القريب، كما أن تقليل انبعاثات غازات الدفيئة من شأنه أن يحسن جودة الهواء، حيث إن التغير المناخي وجودة الهواء ظاهرتان متصلتان اتصالا وثيقا وذلك لكون الأنشطة البشرية التي تسبب انبعاثات غازات الدفيئة تتسبب أيضا في إطلاق ملوثات الهواء.

جهود مكثفة

من جهته قال إبراهيم بن أحمد العجمي، المشرف على أعمال الشؤون المناخية بهيئة البيئة: كثّفت هيئة البيئة جهودها في مواجهة تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ والتنسيق مع القطاعات المعنية في هذا الشأن، حيث أُصدِرت لائحة إدارة الشؤون المناخية التي تتضمن مجموعة من الأهداف والغايات والإجراءات والاشتراطات البيئية لأبرز القطاعات التنموية منها إصدار تراخيص إدارة الشؤون المناخية لتلك القطاعات التي تقدم تقارير سنوية إلى الشؤون المناخية في هيئة البيئة وحساب كمية انبعاث الغازات الكربونية المنبعثة من تلك المشروعات والقطاعات وتحديد دورها في البصمة الكربونية، والإجراءات المتبعة في تخفيض هذه الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى تحديد إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية المناسبة مع مخاطر وتأثيرات التغيرات المناخية.

وأوضح العجمي أن هناك مجموعة من الدراسات والبحوث والتقارير التي توضح مخاطر وتأثيرات التغيرات المناخية على مختلف القطاعات التنموية في سلطنة عمان، على سبيل المثال التقارير الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التي تشير إلى أن الدول العربية ومن ضمنها سلطنة عمان ستكون عرضة لمخاطر وتأثيرات تغير المناخ مع قابلية تضرر القطاعات والأنظمة البيئية الاجتماعية والاقتصادية، وبعض الدراسات والبحوث وتقارير البلاغات الوطنية في سلطنة عمان بشأن التغيرات المناخية والانبعاثات الكربونية في القطاعات التنموية، والاستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من التغيرات المناخية في سلطنة عمان التي أوضحت جميعها تأثر السلطنة بالتغيرات المناخية كالتغير في نمط توزيع الأمطار وازدياد حدتها واختلاف متوسط درجات الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر، بالإضافة إلى رصد تغيرات في البيئة البحرية والساحلية والأنظمة البيئية والإيكولوجية وآثارها على البيئة والاقتصاد والمجتمع.

مبادرات ومشروعات

وقال المشرف على أعمال الشؤون المناخية بهيئة البيئة: نعمل على عدد من الإجراءات والمبادرات والمشروعات من أجل التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتقليل مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية في القطاعات التنموية في سلطنة عمان، منها على سبيل المثال تعزيز استخدام الطاقات المتجددة، وتطوير مشروعات للطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، وإعداد برامج ومشروعات لترشيد وتحسين استخدام الطاقة وتعزيز كفاءتها، وتطوير وتنفيذ مجموعة من الدراسات والبحوث في مجال التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية، وبناء وتعزيز القدرات الوطنية في مجال التخفيف والتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، وإدماج وتكامل مخاطر ودراسات ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية عند إنشاء مشروعات البنية الأساسية.

الاحتباس الحراري

وعرّج العجمي في حديثه على ظاهرة الاحتباس الحراري وقال: إن ظاهرة الاحتباس الحراري لها عدة آثار ونتائج مرصودة على التغيرات المناخية العالمية، منها على سبيل المثال ارتفاع في متوسط درجات الحرارة في العالم حيث يقدر متوسط ارتفاع درجات الحرارة السطحية في العالم بمقدار 0.84 درجة مئوية خلال الفترة من 1880 إلى 2012م، وارتفاع مستوى سطح البحر حيث ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بمقدار 0.19 متر، وتراجع معدّل الثلج والجليد في المرتفعات في نصفي الكرة الأرضية منذ سنوات حيث تناقصت الكتل الجليدية في المناطق القطبية بمتوسط 3.8% لكل عقد منذ عام 1970م، مؤكدا أنه يمكن التخفيف من حدة مخاطر وتأثيرات التغيرات المناخية عن طريق تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة من الأنشطة البشرية، والتغيير في أنماط استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، والمحافظة على مختلف الأنظمة البيئية والموارد الطبيعية، واتباع إجراءات التكيف المناسبة مع التغيرات المناخية في القطاعات المختلفة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ظاهرة الاحتباس الحراری الدراسات والبحوث على سبیل المثال درجات الحرارة فی سلطنة عمان بالإضافة إلى المناخیة فی فی القطاعات إلى زیادة سطح البحر فی مجال

إقرأ أيضاً:

التغيرات العالمية وتزعزع الهوية

#التغيرات_العالمية و #تزعزع_الهوية

بقلم د. #سعود_ساطي_السويهري

إن التغيرات العالمية بما تشتمل عليه من مظاهر تعد سريعة ومتلاحقة ومفاجئة، وتتسم بالحداثة والتغيير يوما بعد يوم، ويمر الأفراد بالعديد من فترات النمو، ويحدث فيها تغيرات انفعالية ونفسية واجتماعية مختلفة، ومن المهم تفهم هذه المراحل واستيعابها على نحو متسق، سواء من الفرد أو المجتمع حتى تمر بسلام وبالتالي نضمن الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد ليكونو أفرادا منتجين وفاعلين في المجتمع.
ومن ضمن التغيرات الأكثر شهرة تغيرات في النواحي التكنولوجية فأصبحنا نسمع اليوم مفاهيم كثيرة يطلق عليها البعض “التريند” وأن فلانا أصبح حديث الصحف والمجلات والأخبار، وأنه بين عشية وضحاها قد امتلك ربحا، وجنى مالا يقدر بكذا، وهو في الحقيقة قد قدم مضمونا بلا مضمون، ومحتوى بلا محتوى، والضحية هنا هم الشباب، الذين يقلدون بلا وعي، وينتقدون أسرهم بلا دليل، ويتمردون على العادات والتقاليد السليمة التي تشيع في مجتمعاتهم، وهو ولا شك تقليد أعمى بلا معنى.
وتتعرض المنظومة القيمية في شتى المجتمعات إلى التغير المستمر، وقد أدى هذا التغير إلى التذبذب في القيم الموروثة منها والمكتسبة؛ مما أدى إلى ضعف قدرة الأفراد على انتقاء ماهو صحيح مما هو خاطيء؛ مما دفع الكثير من الشباب إلى سلوكيات متمردة، بل والتمرد على المجتمع وقيمه ومعتقداته
وهو ولا شك ناقوس خطر يدق في آذان المجتمعات، وهذا ما يسمى بتزعزع الهوية.
ويتمثل تزعزع الهوية في الصراعات النفسية التي تنتاب الفرد، ولذلك فإن أصعب ما يواجهه الفرد هو تطوير هوية ذاتية مستقرة فهو يعيش بين حالتين: ما يمثل وجهات نظره الخاصة وما يمثل وجهات نظر الآخرين، إنه في حالة من التساؤل المستمر: أي وجهات النظر أصح؟ مع من أقدم؟ إنها حالة صراع نفسي مستمر، يمكن أن تؤدى في النهاية إلى الاستقرار وتحقيق الهوية، ويمكن أن تؤدى إلى عدم الاستقرار، وبالتالي تكون النتيجة عندئذٍ الضياع والوقوع في براثن الأمراض والاضطرابات المختلفة.
والأمر الأكثر خطورة أيضا هو انتقال الشباب العربي إلى المجتمعات الغربية، والتقلد بتقاليد غير مرغوبة وغير مقبولة في أوساطنا العربية والإسلامية، وتؤدي هذه التقاليد غير المرغوبة، والتي تغزو عقول الشباب إذا لم يكن لديهم من الثوابت والتقاليد نصيبا إلى تحقيق الصراعات التي تلعب على تغيير الأفكار؛ نتيجة تغيرات وتطورات معينة، وهي بمثابة رصاصة تنطلق نحو العقول فتصيبها فكرا وتفكيرا، وللأمن الفكري دور مهم في هذا الصدد، وتظهر الطامة الكبرى حينما يظهر دور الهيمنة الغربية الثقافية، وخصوصا في العديد من المفاهيم المحلية التي تمتلكها الدول التي تعانى من مشكلات اقتصادية تنعكس سلبًا على شعوبها وأفرادها، حتى إن العديد قد يتساءل إلى أي ثقافة ينتمي، وإلى أي هوية يختار، وتبدأ ويلات التزعزع وعدم الاستقرار، والتمرد.
ويظهر الفرق جليا بين من يشعر ومن لا يشعر بهوية مستقرة، فالنوع الأول من هؤلاء الأفراد يتسم بالوعي والثبات والشعور بالرضا والرسوخ والشموخ والثقة بالنفس، والقدرة علي إقامة علاقات جيدة مع الآخرين، ومستويات مرتفعة من التوافق وقدرة على اتخاذ القرار، كما تبدو عليهم مستويات عالية من الضبط الذاتي، وعلى النقيض مما سبق فيتسم النوع الثاني من هؤلاء الأفراد مضطربي الهوية بالعديد من الخصائص والسمات السلبية، حيث يتصفوا بمستوى منخفض من فاعلية الذات، والسخط وعدم الرضا، والتمرد وعدم القدرة على التماسك والثبات الانفعالي.
من هنا تتضح أهمية الهُوية لكل فرد ومجتمع وأمة، ذلك أن الهُوية هي التي تعطى للفرد قيمته وللمجتمع أصوله وكيانه وتماسكه، حيث تقوم الهوية بالعديد من الأدوار التي تعمل على تحقيق الانتماء لذلك المجتمع لدى أبنائه، فليس وجودهم ضمن هذا المجتمع وجودًا هامشيًا أو عشوائيًا بل هو وجود له معناه وقيمته، إذ تٌشعر الهوية الفرد بحقيقة الانتماء مما ينعكس على الأعمال والتصرفات التي يتضح من خلالها حرص الفرد على مجتمعه لأن الرابط الذى يربطه بمجتمعه له قيمته ومعناه مما يدفعه للمحافظة على ذلك المجتمع والذب عنه وحمايته.
كما أن حل مشكلة اضطراب الهوية يتم من خلال تشكيل هوية متماسكة، تشير إلى منظومة من القيم والمعتقدات والأهداف والاتجاهات التي تزود الفرد بإحساس مستقر ومقبول للذات، وبالتالي فإن الهوية تشير إلى منظومة من المعايير والقيم والقوانين الشخصية التي يكونها الفرد ويكتسبها من خلال تفاعله مع البيئة المحيطة به ويسعى للحفاظ عليها، والدفاع عنها، كما أن للأسرة دور مهم في متابعة الأبناء، وموازنة ومواكبة الأبناء للتغيرات الحادثة، ومسايرتها وفق الشريعة والعادات والتقاليد والأصول المجتمعية والاجتماعية، والثقافية، وتنمية روح الانتماء، والحفاظ على الهوية بما تتضمنه من نسق قيمي وفكري.

مقالات ذات صلة الاستشراق الرقمي: كيف تصنع وسائل الإعلام الغربية شرقاً جديداً؟ 2025/12/01

مقالات مشابهة

  • تدريب موظفي «وزارة الموارد المائية» لتعزيز قدراتهم بمجالات التغيّر المناخي
  • السعودية vs عُمان.. مواجهة خليجية مرتقبة ببداية كأس العرب 2025
  • التغيرات العالمية وتزعزع الهوية
  • قرعة نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين.. مواجهات مرتقبة
  • لمواجهة التغيرات المناخية.. الزراعة تنظم ورشة عمل بالتعاون مع منظمة سيكا
  • جفاف كبير لاحتياطيات المياه في أوروبا بسبب التغير المناخي
  • منال عوض: وزارة البيئة تفتح أبوابها لدعم مبادرات الشباب لمواجهة التحديات المناخية
  • محافظ القاهرة يشهد فعاليات ملتقى التغيرات المناخية بالمعهد العالي للفنون التطبيقية
  • محافظ القاهرة يشهد افتتاح ملتقى التغيرات المناخية ويؤكد: أزمة كبرى في العالم كله
  • محافظ القاهرة: التغيرات المناخية أزمة كبرى في العالم كله